” إذا بقيت آسيا على أوضاعها المحتدمة وشيخوختها الحضارية وثقافاتها المتخلخلة وأثقالها من المشكلات الصعبة وأحمالها من الأزمات القوية فسوف تصطادها أمريكا من قريب أو بعيد بإجراء ولادات قيصرية للعديد من مناطقها الجيوستراتيجية عند بدايات القرن الآتي اثر تحييد كل من الاتحاد السوفييتي والصين “.
(الاستاذ المستشرق الراحل البرت حوراني في حديث مع سّيار الجميل/ بكلية سانت انتوني / جامعة اكسفورد، صيف عام 1985)
الاصدقاء الاعزاء
اسعدتم صباحا وانها فرصة ثمينة ان نلتقي في منتدى دراسات المستقبل كي نتبادل الشأن العام والخاص لمناسبة توديعنا سنة 2005 واستقبالنا سنة 2006.. دعوني اقدم لكم بعض التحليلات وما اراه من توقعات ازعم انها مهمة كونها حصيلة تأمل في المنهج ودرس مقارن للاحداث.. دعوني اقول بأن ولادة 2006 ما هي الا عملية قيصرية لما عشناه من حالات معقّدة جدا من الاحداث التاريخية على العام 2005، واعيد واكرر بأن سيرورة هذه الحزمة من الاحداث ستقفل في العام 2009، اي بعد اربع سنوات من اليوم ونحن نوّدع العام 2005. اشكر الصديق القديم بروفيسور توماس لنك على تقديمه لي وملاحظاته الثمينة في تحليل فلسفتي للزمن وتجربتي المتواضعة في التكوين التاريخي. انها مناسبة مهمّة جدا ان اشارككم اجتماعكم الذي طرحت فيه دراسات ورؤى مستقبلية غاية في الاهمية، وخصوصا تلك التي تناولت تطور دور الاعلام العالمي وتأثيره في سيرورة الحدث والنقلة النوعية في العلوم والتكنولوجيا والمعلومات للعام 2005. فما الذي وجدته؟ انني اجد ولادة قيصرية للعام 2006 عن مخاض صعب مر به العالم في 2005.
مقدمة:
لقد سجل التاريخ العالمي للبشرية أن سنة 2005 هي حلقة قوية من سلسلة أحداث كارثية مهمة جدا في التقدم باتجاه صناعة عصر تاريخي جديد ستبدأ فيه أولى محاولات تأسيس عولمي واضح لنظام عالمي اقتصادي جديد تشترك فيه كل الكتل الاقتصادية الكبرى في العالم ويتوضّح فيه ضمن اقتسام ليس الدول حسب، بل المصالح في القارات ذات المجالات الحيوية في العالم وخصوصا في قارة آسيا التي بدأت الاختراقات الأمريكية فيها بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 ضمن مسألتين أساسيتين، هما: المسألة الأفغانية والمسألة العراقية. فإذا كانت الولايات المتحدة قد بدأت الحرب ضد ما أسمته بـظاهرة ” الإرهاب ” العام 2002، فان اندراج المسألة العراقية قد استعدت لها في العام 2002 وقد شغلت قرابة ثلاث سنوات 2003-2005 وربما ستشغل العام 2006 وما يتلوه من العام 2007 وبكل تداعيات الحرب التي ربما لم تكن حاسمة لمصالح الولايات المتحدة الأمريكية في المباشرة بترتيب أوضاع الشرق الأوسط وخريطته الجيو بوليتيكية على نحو جديد لا يمكن تصوره. ولكن لا يمكن ان يغرق العرب ومن يحيطهم في التفاؤل، فان ما تخطط له الولايات المتحدة الامريكية شيئ وما تعلنه للعالم شيئ آخر! لقد كانت سنة 2005 مثقلة بالمكاره والضغوطات والمعاناة والتوحش التي رافقت كل الاحداث في اجزاء عالمنا العربي وخصوصا في منطقتنا المشبّعة بالمتغّيرات السياسية سواء في العراق ام سوريا ولبنان ام فلسطين ام مصر والسودان ومناطق حيوية اخرى!
تغيير منظومة الشرق الاوسط
واعتقد أن العملية من التغيير لمنظومة الشرق الاوسط ستستغرق سنوات هذا العقد الأول من القرن الواحد والعشرين. وتفيدنا مراجعة دقيقة ومركزة لأحداث السنة 2005 بأن كل التطورات الساخنة والمهمة الطبيعية والسياسية والعسكرية قد حدث اغلبها في قارة آسيا. وان ما شهده العالم كله في سنة 2005 من كوارث طبيعية كبرى قد أضّر بحالة الاقتصاد العالمي ضررا كبيرا.. ان مجموعة الزلازل التي ضربت قارة آسيا في المحيطين: الباسيفيك والهندي قبل ايام من بدء 2005، فضلا عن موجة الزلازل التي ضربت كشمير بين الباكستان والهند قد اضّر جدا بعدد من المجتمعات الاسيوية ناهيكم ما اجتاح الولايات المتحدة من اعاصير طبيعية. فقد قابل هذا كله تحّول تاريخي واسع النطاق في البنية السياسية لمنظومة الارهاب التي يقف العالم منها موقف الضد وما سببّته هذه الظاهرة من عمليات في اماكن حساسة في العالم وخصوصا بعد ان وجدت في العراق بيئة صالحة للتغلغل والتأثير على العالم.. لم تجد أفغانستان نفسها مؤهلة لاستقطاب الارهاب كما حدث في العراق وبالرغم من سيرورة العملية السياسية في كل من افغانستان والعراق وقد تشهد افغانستان انتخابات رئاسية وتشريعية وسط تصاعد هجمات عناصر طالبان كما حدث في العراق، الا ان الثقل التاريخي واضح للمؤرخ الجاد تماما في سيرورة ما يحدث في العراق مقارنة بافغانستان ويعود ذلك كله الى استراتيجية المجال الحيوي التي يتمتع بها العراق حتى نهاية القرن الواحد والعشرين ان بقي العراق بلدا موحّدا اذ بدت عدة مشروعات في العراق عبر سنة 2005 ومن قبل بعض العراقيين الانقساميين الذين لا يريدون ابقاء العراق وحدة جغرافية موحدة.
ان من ابرز ما حدث في العام 2005 بالنسبة للمنطقة يؤكد بأن الاحداث كان لها وزنها المؤّثر في المحيط الاقليمي، فلقد سحبت إسرائيل قواتها من قطاع غزة بعد احتلال دام 38 عاما. اما في السودان، فكان 2005 قد بدأ محتفلا بتوقيع اتفاق سلام بشأن ملف الجنوب السوداني بعد 20 عاما من المواجهات المسلحة الصعبة في الاتفاق يوم 9 يناير/كانون الثاني لينهي أطول صراع في تاريخ القارة السمراء. ولكن لم تمر سوى ثلاثة أسابيع على تسلم قرنق منصبه نائبا أول للرئيس حتى قتل في حادث تحطم طائرة وقع في غرة أغسطس/آب 2005 ليعيش جنوب السودان في حالة حداد. وقد استمرت المواجهات خلال العام في إقليم دارفور بغرب السودان، وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية. ويبدو لي ان 2006 سيخرج من رحم 2005 اكثر قوة في تصفية المزيد من حسابات الماضي الموروث في القرن العشرين.
متغّيرات العالم مع صدام الحضارات / الثقافات
اولا: ما المعنى؟
كثيرا ما رفض العرب نظرية ” صدام الحضارات “، ولكنهم لم يقنعوا العالم بتأويلاتهم الساذجة. وربما كان صدام الثقافات اقوى بكثير من صدام الحضارات لاختلاف التعايشات الثقافية في مجتمعات غربية عديدة بدأت نتائجها تطفو على السطح عام 2005. ان صدام الحضارات / الثقافات قد اخذ يتقدم شيئا فشيئا باتجاه انقسام العالم، ولم يعد هناك من يتغّنى بمسألة وهمية اسموها بـ ” حوار الحضارات ” وخصوصا من قبل البعض من المفكرين والكتاب الطوباويين العرب والايرانيين، ذلك لأن العالم في اماكن عدة لم يعد يأمن على نفسه اذ يخشى تفاقم حدة الصراع المختفي بين حضارتين.. ولقد ترجمت الاحداث والاضطرابات الساخنة وموجة حرق السيارات التي شهدتها فرنسا قبل ايام عن تفسيرات واضحة لمثل ذلك ” الصراع ” الذي لا اعتقد ابدا أنه صراع من اجل المعيشة والمصالح بقدر ما هو صراع بين ثقافات تتباعد شقة الخلاف بينها!! واتمنى الاهتمام بهذه النقطة واشباعها درسا، فالمسألة ستكبر لا محالة مع توالي الايام. ولابد من اتخاذ ما حصل في فرنسا في نهايات العام 2005 مذ شهدت اضطرابات في العديد من الضواحي الباريسية الفقيرة.. فما معنى ذلك؟ واعتقد ان مرحلة جديدة ستبدأ مع العام 2006 تتصادم فيها القوى المهاجرة مع السكان الاصليين بعد مرحلة صراع التقاليد وهذا ما لمسناه في كل من هولندا وفرنسا والمانيا واستراليا وغيرها.
ثانيا: متغيرات الغرب
ان الولايات المتحدة تتعرض لانتقادات بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان شملت أعمال تعذيب ضد معتقلين. رئيس الوزراء البريطاني توني بلير يفوز بولاية ثالثة، وأنجيلا ميركل تصبح أول امرأة تشغل منصب المستشارية في ألمانيا. الناخبون الفرنسيون والهولنديون يعارضون الدستور الأوروبي الجديد، والاتحاد الأوروبي يفتح محادثات لانضمام تركيا لعضويته. الرئيس الأميركي جورج بوش يبدأ ولايته الثانية، وانتخابات في بوليفيا تؤكد صعود اليساريين إلى دفة الحكم في أميركا اللاتينية. رئيس الوزراء الياباني جونشيرو كويزومي يجازف بإجراء انتخابات مبكرة، لكن حزبه يفوز فيها بأغلبية كبيرة. ولقد كانت وفاة البابا يوحنا بولص الثاني بعد صراع طويل مع المرض، واختيار الكاردينال الألماني جوزيف راتسينغر خلفا له في العام 2005 بداية لعهد بابوي جديد لا اعتقد ان له اي تأثير سياسي فعّال في العالم، بقدر ما سيكون للكاثوليكية من تأثير اجتماعي اذا ما كان للبابا الجديد شخصية كاريزمية مؤّثرة في انجذاب ملايين الناس اليه. اما روسيا، فهي منشغلة بمشكلاتها الداخلية ولعّل اخطر ما يواجهها احداث التمرد واسع النطاق في الشيشان باستمرار المواجهات في الشيشان وباقي مناطق القوقاز الروسي. ولابد من معرفة ان الصين قد اصدرت وثيقة سياسية لطمأنة العالم إلى أن نموها الاقتصادي السريع لا يمثل تهديدا بعد إعلانها أن اقتصادها يزيد بنسبة السدس عما كان يعتقد سابقا. منظمة التجارة العالمية تتوصل في هونغ كونغ إلى اتفاق تاريخي لإحياء محادثات معاهدة التجارة الحرة، ومناهضو العولمة يتظاهرون احتجاجا على ذلك. اليورو يسجل مزيدا من الانخفاض أمام الدولار، وأسعار النفط تتجاوز 70 دولارا لكل برميل. ولم تخل آسيا من مشكلات سياسية في العام 2005، ويمكن الوقوف ازاء ما حدث في آسيا الوسطى اذ بدأت قوات أوزبكية تطلق النار على محتجين وتقتل المئات وفقا لإحصائيات جماعات حقوق الإنسان.
الكوارث والبيئة
بدأت الدول المطلة على المحيط الهندي منذ الايام الاولى للعام 2005 بلملمة جراحها بعد الإعصار تسونامي الذي عصف بها في ديسمبر/ كانون الأول 2004 وخلف نحو 217 ألف قتيل. هزة أرضية تضرب ولاية كشمير المتنازع عليها بين الهند وباكستان وتخلف أكثر من 73 ألف قتيل ونحو 3.5 ملايين مشرد. الإعصار كاترينا يضرب مدينة نيو أورليانز الأميركية المطلة على خليج المكسيك ويقتل أكثر من ألف شخص. واجتاحت المجاعة خلال العام 2005 كلا من النيجر وزامبيا وأجزاء من دول غرب أفريقيا. وهدد انتشار وباء الكوليرا حياة الملايين في كل من غينيا بيساو والسنغال وأنغولا. وان الأوضاع الاقتصادية السيئة دفعت إلى موجات هجرة نحو الشمال باتجاه إسبانيا عبر الأراضي المغربية, حيث قضى العديد من المهاجرين قبل الوصول إلى هدفهم المطلوب.
من جهة أخرى شهد عام 2005 تضاعفا لمأساة انتشار مرض الإيدز الذي. ان الأمم المتحدة تحذر من أن نحو 40 مليون شخص في جميع أنحاء العالم مصابون بمرض الإيدز أو الفيروس المسبب له، في حين قدر عدد ضحايا الإيدز في القارة السمراء وحدها بنحو 24 مليونا.. دول العالم لاسيما في آسيا وأوروبا تصعد جهودها لمكافحة مرض إنفلونزا الطيور وسط مخاوف من تحوله إلى وباء يصيب البشر. ومن حوادث المناجم في الصين تواصل حصد المزيد من أرواح العمال المحليين. ثمة سلسلة من حوادث تحطم الطائرات توقع مئات القتلى في نيجيريا وإندونيسيا وإيران واليونان وفنزويلا ودول أخرى. اما بشأن البيئة فلقد كان هناك البدء في تنفيذ معاهدة كيوتو الهادفة إلى التقليل من آثار ارتفاع حرارة الأرض، بعد ثماني سنوات من إقراره، واستمرار معارضة الولايات المتحدة والصين للمصادقة على المعاهدة. العلماء يقدمون أدلة جديدة تثبت أن الاحتباس الحراري ناجم عن النشاطات البشرية.
عملية التغيير في العراق
من طرف آخر، وفرت عمليات التغيير في العراق والتي آذت العراق والعراقيين في الصميم على المنطقة جملة هائلة من المتغيرات سواء على مستوى الهجمات من التفجيرات وقتل بعض المسؤولين والمثقفين والاعلاميين في لبنان باساليب تفجير وعمليات تفخيخ ارهابية تقف وراءها اجهزة كبيرة منظمّة جدا.. او ما يحدث من ضربات ارهابية منظمة ايضا في المملكة العربية السعودية او ما حدث مؤخرا في تفجير بعض الفنادق بالاردن مما استدعى التغيير ليس على المستوى الرسمي، بل على المستوى الشعبي ازاء ظاهرة لم يزل العرب يعتقدون بضرورتها من خلال كراهيتهم ومقتهم للسياسات الامريكية! كما ولا استثني حتى المتغيرات في السياسة الاسرائيلية من جملة تلك التداعيات التي افرزتها احداث ساخنة عاشتها العالم في الاعوام: 2001 و 2002 و 2003 و 2004 و2005.. واعتقد ان سلسلة المتغيرات ستأخذ لها مسارات من نوع جديد على امتداد السنوات: 2006 و 2007 و 2008 و 2009. وهي مرحلة زمنية تستغرق اربع سنوات كاملة، ولكن ان كانت متغيرات مصر قد أتت من الداخل مصر، اذ انها شهدت أول انتخابات رئاسية متعددة والرئيس حسني مبارك يفوز بولاية جديدة.. فلابد ان نتوقّع حدوث متغيرات جديدة في كل من سوريا وايران نظرا لعدم استيعابهما او فهمهما سيرورة المتغيرات التي اعتقد ان الولايات المتحدة تقودها، ولكن هناك مجتمعا دوليا يسير وفق ارادتها.. وهذا هو مكمن الخطر الذي لمن يكتشفه من هو باق حتى اليوم على افكاره القديمة والتي لم يتزحزح عنها ليس من بعض القادة وصناع القرار في منطقتنا، بل حتى من قبل اعداد ضخمة من الساسة والمثقفين والاعلاميين في المنطقة. ولقد كان على ايران ان تطّور متغيراتها الاصلاحية التي اراد ان ينهجها الرئيس السابق محمد خاتمي، ولكنها اختارت الطريق الاخر، وأتت برئيس شاب غير ناضج سياسيا سّببت تصريحاته مشكلات عدة مع العالم كله. وهذا ما سيعكس عدة مخاطر ازاء ايران في العام 2006. واعتقد ان الدول الغربية ستصعد ضغوطاتها على إيران بشأن برنامجها النووي، في وقت تتحدى فيه كوريا الشمالية الولايات المتحدة وتقر بامتلاكها أسلحة نووية. وهنا لابد ان نفّرق في الرؤية الامريكية والعالم كله بين كل من ايران وكوريا. ان ثمة ازمات تتعّرض لها بعض الدول في المنطقة نتيجة سياسات حمقاء يتبعها رؤساء شباب ليس لهم من الحكمة وضبط النفس والحلم مقارنة بما يتمتع به غيرهم من القادة، وهذا ما وجدناه بشكل مفضوح في العام 2005 وسينعكس لا محالة على الوضع العام للعام 2006.
المتغيّرات الافريقية
في أغسطس/آب 2005، صوّت البورونديون المنهكون من طول القتال لصالح زعيم متمردي قبائل الهوتو، ليصير أول رئيس لبوروندي يتم انتخابه بصورة ديمقراطية بعد 13 عاما من الصراع العرقي الذي شهد مواجهات بين قبائل الهوتو ذات الأغلبية وقبائل أقلية التوتسي الحاكمة. فهل حسم الصراع القديم الذي تأجج في نهايات القرن العشرين؟ هذا ما ستوضحه 2006.وفي ساحل العاج تجاهل الرئيس لوران غباغبو كل النصائح التي وجهت إليه وانتهك دستور البلاد من أجل البقاء في السلطة، بعد مهلة كانت محددة لإجراء الانتخابات إثر انتهاء مدة ولايته في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وبعد صدامات مع المعارضة المسلحة والسياسية أصبح لرئيس الوزراء الجديد السلطة في إدارة الحكومة وتنظيم الانتخابات خلال العام 2006. ولا تزال القوات الفرنسية وقوات الاتحاد الأفريقي تواجه صعوبة بالغة في استعادة الهدوء والاستقرار بساحل العاج التي تشهد أيضا جهود وساطة مكثفة تقوم بها جنوب أفريقيا. وفي ليبيريا صوت الناخبون لصالح إيلين جونسون سيرليف أول رئيسة منتخبة في القارة الأفريقية. كما شهدت إثيوبيا وتنزانيا انتخابات برلمانية أعقبتها موجة من العنف وسط اتهامات بتزوير النتائج. وفي زيمبابوي رفض المجتمع الدولي الاعتراف بنتائج الانتخابات البرلمانية التي كرست حكم روبرت موغابي الذي يعد قديما يرجع تاريخه الى ربع قرن مضى، واعتقد ان ثمة مفاجئات درامية ستحدث في العام 2006 ليس في زيمبابوي حسب، بل في مناطق عدة من افريقيا.. ويبدو ان رياح التغيير ستهب عليها كما هّبت عند نهاية 2005 في موريتانيا، اذ استولى على الحكم مجلس عسكري برئاسة اعلي ولد محمد فال الذي وعد بالتخلي عن السلطة وتنظيم انتخابات حرة.
ظاهرة الارهاب: هل ستنحسر؟
شهدت 2005 سلسلة تراجيدية من حرب ارهابية متفاقمة كان من ابرزها دوليا ما حدث في لندن اذ شهدت في يوليو/ تموز 2005 من تفجيرات بالقنابل في ثلاثة محطات للمترو وحافلة نقل تخلف 56 قتيلا ومئات الجرحى. وكانت عمليات ارهابية اخرى قد سبقتها ثم عمليات اخرى قد اعقبتها مما زاد من قناعة العالم كله بمخاطر الارهاب واعطى للولايات المتحدة دفعة جديدة في تأييدها للحرب ضد الارهاب. ان ظاهرة الارهاب سوف لن تنتهي بسهولة ابدا، اذ سيبقى العراق وحده هو الذي يعاني منها بشكل يومي ويعاني منها حتى بعد انبثاق حكومة دستورية، فما دامت قوات التحالف الدولية موجودة على ترابه الوطني، وان حدوده قد فتحت منذ زمن طويل لكل من يريد تصفية حساباته مع امريكا وباعتراف الرئيس الامريكي بأن العراق اليوم بؤرة للارهاب في العالم وكما شبهته بجرة من العسل انكسرت فاجتمع عليها كل ذباب العالم وحشراته.. وما دام ثمة ضعف في مؤسسات العراق العسكرية والمدنية فسيبقى يعاني لمرحلة زمنية قادمة.. ولابد ان اشير بأن ما جرى في العراق عبر 2005 من حصيلة انتخابات تشريعية لمرتين واستفتاء على الدستور، وسيمّر العراقيون في العام 2006 بجولة صعاب من اجل الاتفاق على حكومة دائمة ولكن الانقسامات ستأخذ لها ابعادا اجتماعية اكثر منها سياسية بفعل عوامل داخلية واقليمية ودولية.. كما واعتقد ان الاحزاب والقوى الاسلامية في المنطقة العربية سيبرز دورها من خلال صناديق الانتخابات وبتشجيع من الولايات المتحدة الامريكية لكشف ما الذي ستفعله وهي في موقع القرار.. اذ ان سياسات الولايات المتحدة ترنو اليوم الى كشف المستور للقوى السياسية (وخصوصا الدينية) التي ناضلت من اجل السلطة. وعليه، فان السلطة ستكشف قدرات كل القوى السياسية (الدينية بوجه خاص) التي تتقلدّها في المنطقة. واعتقد ايضا بأن الاوربيين من جانبهم يحاولون كشف ما يريده هؤلاء العرب والمسلمين الذين يعيشون معهم ومدى سطوتهم في المجتمعات الغربية التي يكرهونها اشد الكراهية لأسباب ايديولوجية، ولكنهم لا يريدون الانفصام عنها لأسباب واقعية. اما كل الحلول والمقترحات البليدة التي لم تزل تنسج اوهامها على موروثات القرن العشرين، فسوف لن تفلح ابدا في بلورة علاجات حقيقية لما تعانيه السياسات في المنطقة.. ومن تلك الحلول ما تقدّمه جامعة الدول العربية من شعارات ومشروعات ومنها مشروع البرلمان العربي الذي سيخلق مشكلات ولا يمكنه ان يساهم في اي مبادرات.
منطقتنا تتغير ولكن بشكل بطئ
أما مضامين ما تبلور من أحداث ووقائع مؤثرة، فلقد شغله الشرق الأوسط بكل ثقله استعدادا تاريخيا لما سيحصل – كما أتوقع – من أحداث ثقيلة ومؤثرة في العام 2006 وخصوصا ونحن نراقب ما حدث من تسارع الإدارة الأمريكية لتغيير الاوضاع في كل من سوريا وايران ومن يتبعهما، او على الاقل لاحتواء سياساتهما، واذا كانت قد انهت ” الغطرسة السورية ” – كما تقول -، فانها تدفع بالمجتمع الدولي لانهاء تأثير ايران السياسي وكبح جماحها – على حد وصف كوندليزا رايس -!! ان ضعفا واضحا قد لحق بسوريا بشكل خاص، واعتقد ان سورية لم تستطع ابدا ان ترجع الى ما كانت عليه لما قبل 2005. ويبقى العراق هو الشغل الشاغل للعالم اليوم، اذ اكتشف العالم كله بأن العراق هو غير افغانستان كما كان العراقيون يقولون دوما، وهذا ما اعترف به وزير الدفاع الامريكي، وبقدر ما كان العراقيون يقولون بأن العراق يتقّدم على افغانستان بمائة سنة، يأتي هذا الوزير ليقول العكس اذ يرى ان افغانستان متقدمة على العراق بمائة سنة!! وهو لا يدري بأن العراق يشكّل قلب العالم من الناحية الاستراتيجية.. كما انه بحاجة ماسة الى قراءة تاريخ العراقيين بامعان، ليعرف ما طبيعة المجتمع العراقي.. لقد ارتفعت خسائر القوات الأميركية في العراق إلى 2000 قتيل في أكتوبر/ تشرين الأول 2005، والرئيس الأميركي جورج بوش يقول إن 30 ألف عراقي قتلوا منذ غزو بلادهم في مارس/ آذار عام 2003. وان العراق يشهد انتخابات تشريعية مطلع عام 2005 واستفتاء على الدستور منتصف أكتوبر/ تشرين الأول وانتخابات تشريعية أخرى لاختيار حكومة وبرلمان غير مؤقتين في منتصف ديسمبر/ كانون الأول / ديسمبر 2005 وسط استمرار الهجمات والتفجيرات. كما شهد العراق بدء محاكمة الرئيس المخلوع صدام حسين. ووفاة نحو ألف شيعي عراقي في حادث تدافع على جسر الأئمة في العاصمة بغداد. ان من ابرز ما حدث في العام 2005 اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في تفجير سيارة مفخخة في بيروت، وأصابع الاتهام توجه إلى سوريا بالوقوف وراء العملية الأمر الذي يدفعها لسحب قواتها من لبنان بعد وجود دام 27 عاما. وتوالي سلسلة تفجيرات طالت رموزا سياسية ونيابية واعلامية لبنانية.. وحدوث تفجيرات في منتجع شرم الشيخ المصري توقع 88 قتيلا، وأخرى في فنادق بالعاصمة الأردنية عمان توقع 57 قتيلا. ناهيكم عما حدث من ارهاب في السعودية بشكل خاص.
ثلاث مسائل تاريخية
ان العالم لم يعد يخشى اندلاع اي حرب نووية عالمية، بل يخشى امتلاك قوى اقليمية لاسلحة نووية يمكنها ان تصل بسهولة الى جماعات ارهابية يستخدموها من دون اي رادع:
1/ المسألة الفلسطينية:
اما المسألة الفلسطينية، فهي تسير على غير ما كانت عليه ايام عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات، وان تخلخلا قد حدث لدى قوى الصراع حتى على مستوى اختراق الدبابات الإسرائيلية للأراضي والمدن الفلسطينية، اذ لم تكن كما كانت عليه.. بإعادة احتلالها ابتداء بالضفة الغربية وان تحجيم حركة القيادة الفلسطينية لم يكن كما كان ايام عرفات والضغط على هذا المفصل اثر كل موجة من الهجمات الفلسطينية التي لم تشهدها 2005 مقارنة بما كان قد حدث في 2004..
2/ ملف العراق
واعتقد أن هذا كله سيؤثر في ان تضع جملة من الملفّات الساخنة حملها في العام 2006، ومنها: ملف العراق الذي سيغدو اكثر هدوءا بعد هبوب العاصفة، ولكن مشكلاته سوف لن تحل بسرعة ابدا وخصوصا تلك التي خلقتها طروحات 2005 وتمريرها وخصوصا ما تضمّنه الدستور العراقي من مواد ومضامين لم تلق تأييد كل ابناء الشعب العراقي، وهذه اعتبرها ” مشكلة ” حقيقية لأن المسألة ليس باصدار بيان سياسي يختلف حوله الناس، بل المسألة اخطر اذ تتعلّق بدستور دولة اي قانون عام للبلاد لابد ان يجتمع ولاء كل الشعب عليه ليكون عقدا حقيقيا بين الدولة والمجتمع.
3/ الخليج العربي:
أما بالنسبة لمنطقة الخليج العربي، فاعتقد انها ستطّور من فاعليتها الاقتصادية مع وجوب احداث بعض التغييرات السياسية التي تتلاءم وحركة التغيير في العالم كله، اذ ستبقى منطقة الخليج بوابة مفتوحة للعالم بمختلف الاتجاهات برا وبحرا من خلال مركزيتها اليوم لحجم هائل من الاستثمارات خصوصا وان السعودية دخلت عضوا في منظمة الغات، ومن المنتظر ان ينضم العراق بشكل رسمي الى الغات بعد استقراره، ولكنه ينتظر من العالم اطفاء ديونه ومساعدته للخروج من المأزق الذي يعيشه منذ زمن طويل، وبعد ان خرج جريحا من سلسلة الحروب الخليجية الاقليمية والدولية، والذي كنت قد وصفته في توقعاتي للعام 2003 في مقال نشرته في العام 2002 بأن ” العراق وليد حرب الخليج الأولى وهو نفسه حرب الخليج الثانية التي ستلد حرب الخليج الثالثة! “.
ماذا نستنتج؟
لقد قلت بالحرف الواحد في مقالة لي بتحليل احداث 2002 عند نهايتها ما نصّه: ” إن أهم ما سجلته في مفكرتي من وقائع وأحداث تاريخية في العام 2002 ينتمي في اجمعه تقريبا إلى قارة آسيا، وخصوصا آسيا الغربية وسخونة الأوضاع في الشرق الأوسط بعد فشل سياسة ” الاحتواء المزدوج ” التي أرادت الولايات المتحدة تطبيقها منذ أكثر من عشر سنوات. لقد وصلت صيغتها النهائية إلى درجة من النضوج حتى يعلن كولن باول مبادرته ومشروعه في الذي أسماه بـ ” الشراكة الأمريكية – الشرق اوسطية “، والذي لا يمكن البدء بتنفيذه من دون تغيير النظام السياسي الصعب الذي يقبع في قلب مربع الازمات، اقصد: النظام العراقي. ولكن: لماذا؟؟ “.
العام 2005 يقفل نفسه حتى يلد العام 2006!
والحقيقة التي أريد مقاربتها في هذه المداخلة المتواضعة تتمثل بالقول أن هناك ناحية حيوية لابد من التشديد عليها عندنا أبناء هذه المنطقة وخصوصا ونحن عند نهايات العام 2005 وبوابة العام 2006 مؤكدا على أن هناك نقص في فهم جملة ما يحدث من متغيرات، إذ أقول واردد دوما بأن الساسة والمثقفين والمحللين العرب – ويا للأسف – لا يبحثون ولا ينبشون في الأسباب والعلل من اجل معالجة أوضاعهم، بل يتوقفون فقط عند نتائج الأمور ليتفرجوا عليها فيبكون عليها أو يضحكون ويتشفون بها. وعليه، فليست لديهم الرؤية الحقيقية لما يجري ولا يعرفون بأن الأحداث التاريخية لا تولد اعتباطا من فراغ، بل أن هناك جملة متحركات قوية من ورائها.. لقد عاشت المنطقة انقلابات وحروبا وفوضى وحتى يومنا هذا لم يعرف العرب ما هي الأسباب الجوهرية وراء تلك الاحداث!! انهم يعيشون مأساة نتائجها وهم اليوم لا يدركون إدراكا حقيقيا طبيعة المرحلة المصيرية الحرجة التي ستحدد نتائجها أفق المستقبل المنظور لدول المنطقة والمستقبل البعيد للشعوب والمجتمعات فيها.
والمعروف أن كل آلياتهم ودوبلوماسياتهم ومنظماتهم وعلى رأسها جامعة الدول العربية قد شاخت وتعطلت كل فعالياتها عن إحداث ما يمكن عمله خلال هذه المرحلة الصعبة التي لم يكن أحد يتوقع حدوثها إلا البعض القليل من الخبراء والمفكرين والمحللين الاستراتيجيين.. والذين نادوا بأعلى صوتهم أن جملة متغيرات ستحدث وان ثمة مخاطر في طريقها إلينا، ونحن ندرك إدراكا كبيرا بأن لا العرب ولا غيرهم من جيرانهم بقادرين على درء تلك المخاطر وإيقاف عجلة تلك الأحداث، ولكن كان لابد من أن يبدأ العرب وبسرعة من اخذ زمام المبادرة وإجراء تغييرات حقيقية تتصل بواقعهم وكل مستلزمات حياتهم السياسية والاجتماعية والثقافية والإعلامية وحتى التربوية والتعليمية بدءا بزعاماتهم ودساتير بلدانهم وانتهاء بما يمكن عمله لمجتمعاتهم من اجل إرجاع صباهم إليهم فهم في شيخوخة تاريخية لا تقوى المشي لوحدها من دون عكازات.
وعليه، لابد من الكشف عن تجسيد الفشل ألاساسي في النظام العربي!! لقد غدا هذا ” النظام ” هو الرجل المريض وهي صورة مشابهة إلى حد كبير لما حدث في بدايات القرن العشرين إبان العهد الفيكتوري وقبل اشتعال الحرب العالمية الأولى والضعة والهوان التي عاشها النظام العثماني الذي بقي يحتضر حتى بدأ النظام الأوربي العالمي وقت ذاك يشرّحه ويفككه بعد حرب إعلامية واسعة النطاق ضده كي يخطط للمنطقة ويقسمها قبل أن يسقط النظام العثماني نفسه!
وأخيرا: دعونا نتفاءل خيرا!!
ان العرب وجيرانهم ليس باستطاعتهم كما يبدو من ملئ الفراغات الهائلة التي أحدثتها متغيرات 11 سبتمبر 2001، فكيف باستطاعتهم إذن من إيقاف الخطط والأحداث؟؟ وإذا علمنا بأنهم لم ينجحوا في تشكيل أية منظومة قوية سياسية واقتصادية وإعلامية تحمي مكتسباتهم التاريخية في الداخل والخارج وتعالج مشكلاتهم.. فكيف يريدهم العالم أن يقوموا أنفسهم بتغيير ما يمكن تغييره بأنفسهم؟! هذا سؤال خطير جدا، فمن يقلب صفحات التاريخ الحديث سيدرك بأن الدول العربية المعاصرة جميعها هي التي رسمها الغرب نفسه، أي بمعنى: أن الغرب كان وراء التشكيل التاريخي المعاصر للعرب بالذات، فهل نجح العرب في كسب تجارب وخبرات سياسية غاية في العمق في القرن العشرين ليتمكنوا من تغيير تاريخهم والبدء بعصر جديد؟؟ إن كل أمة تجدد تاريخها من عصر إلى آخر، فهل تأهل العرب خلال القرن العشرين من اجل التوصل إلى الأهداف النهائية التي أذاعوها عند بدايات القرن العشرين! لقد ذكر الفيلسوف الألماني كانط بان التاريخ ستكون له نهاية، أي هدف نهائي توحي به الإمكانيات الراهنة عند الإنسان. فهل نجح العرب في تحقيق ذلك الهدف؟ طبيعي انهم لم ينجحوا بدليل تعرضهم اليوم للمواجهة التي ربما ستطول وتكلف كثيرا وقد أعطينا نحن أنفسنا المبررات للآخرين كي يغيروا تاريخنا على طريقتهم! انني أسأل: لماذا تتقبّل الولايات المتحدة برحابة صدر صعود اسلاميين وحركات واحزاب اسلامية الى السلطة عبر انتخابات سريعة وهي تدرك حق الادراك الشعبية التي تلقاها تلك الحركات والقوى والاحزاب.. ولنا في تجارب تركيا ومصر والعراق وفلسطين وايران وغيرها، فأما ان الولايات المتحدة تطمح من وراء ذلك احراق اوراق تطّرف السياسات الدينية في المنطقة، أي بمعنى: كيفية صناعة هذه القوى لفشلها التاريخي على ايديها بعد ان تغّنت بالدين حّلا لكل مشكلات الحياة.. او انها تطمح بتغيير هذه القوى والاحزاب والحركات اهواءها وشعاراتها الى برامج سياسية مدنية من خلال مواجهتها للمشكلات المعاصرة.. او انها تطمح من خلال وصول الاسلاميين الى السلطة الحد من استشراء ظاهرة الارهاب دوليا.. وفي كل الحالات، فان مصالح الولايات المتحدة الامريكية لن تضطرب ابدا.. وعليه، فما الذي يمكن ان نشهده في العام 2006؟ سنشهد جزءا من مسلسل بدأ في العام 2001، واعتقد انه سيضع اثقاله كلها في العام 2009 القادم.. دعونا ننتظر متمنيا على العالم اجمع وعلى منطقتنا كلها المزيد من التقدّم والرخاء والاستقرار والخلاص من الجوع والقهر والعري والامراض وان تتمتع كل البشرية بحقوق الانسان وبضمانات العيش الكريم.. وان تكون سنة 2006 مليئة بالمتغيرات الصائبة لما فيه مصالحنا العليا وتحقيق الاستقرار والتقدم لما فيه مصلحة كافة مجتمعاتنا في الشرق الاوسط وعالمنا العربي والتي تنتظر تحقيق ما تطمح اليه منذ قرن من الزمان. دعونا نتفاءل خيرا وشكرا جزيلا
الرئيسية / محاضرات / مترجم لمحاضرة الاستاذ الدكتور سّيار الجميل في اجتماع الهيئة الدولية (منتدى دراسات المستقبل – بوردو)
شاهد أيضاً
انقسام العالم الإسلامي والتصدعات الاجتماعية في الشرق الاوسط… 2007 جواز مرور صعب
مختصر مترجم للمحاضرة التي القاها الاستاذ الدكتور سّيار الجميل في منتدى دراسات المستقبل المنعقد في …