أفزعتني رسالة الدكتور سيار الجميل , المفكر الذي لا يكل ولا يمل عن البحث والكتابة والعمل بنشاط ومثابرة من أجل خدمة وطنية و إنسانية يقدمها للبشرية , هذا المؤرخ والكاتب الفذ , والمحاضر المبدع في إيصال الفكرة والتأثير على الجمهور وبذكاء حاد, هذا الإنسان أولا, والذي تعلم ورضع حب العراقيين جميعا على اختلاف أطيافهم في كنف عائلة وطنية نبيلة , نقرأ له اليوم انه سيصمت عن الكتابة بالشأن العراقي
..
يا لخسارتنا ..ويا لعجزنا ونحن نرى ما يحصل دونما فعل حقيقي نسترد به كرامتنا التي تهدر.
خسارتنا في قلم الدكتور سيار في يومنا هذا كبيرة جدا إذ تعصف بنا رياح الطائفية البغيضة والتكفيرية التي تريد خلق الفتن بين أبناء الوطن الواحد , وقد كانت كتابات الدكتور سيار إحدى الرواسي التي نحتاجها كي لا تميد الأرض بنا وتستخف بعض العقول صوب التعصب والأحقاد
..
خسارة أخرى تضاف لخسائر أهل العراق اليومية , وجريمة يكتنفها الغموض والوضوح معا بعد أن خبرنا ما يحدث على ارض واقعنا الأليم
.
جريمة اغتيال قلم , جناية لابد لها من عقوبة تتناسب وضررها علينا .
جريمة لا نخرجها خارج دائرة الإرهاب , نعم , انهم يستكثرون علينا هذا الصوت الواعد والعقل المفكر, صاحب الضمير الحي الذي يرسل إشعاع فكره عبر الأثير لتتفتح عيون كثيرة عميت عن رؤية الحقائق, ولينير قلوب ظلماء , بعتمتها تتعثر ..
بالأمس كان الدكتور السيد القمني , واليوم الدكتور سيار الجميل , وما بينهما كثيرون صمتوا دونما وداع, ومن سيكون غدا ؟
أين مقررات مؤتمر حكوماتنا العربية الذي عُقد ضد الإرهاب ؟ وأين هي نتائجه؟
أين دعوات قواتهم المسلحة بالقضاء عليه ؟
أين خططهم العسكرية التي تزرع الرعب في قلوب الإرهابيين كما قالوا ؟
ها نحن نرى قناة الجزيرة تروج لرسائل بن لادن والزرقاوي والظواهري الذي يهدد ويتوعد وكأنما قناة الجزيرة الناطق بلسانهم , فلماذا كل من يطارد الإرهاب أو يدعي انه يطارده لا يرى ولا يسمع شركاءهم في الجريمة ؟
هاهم يتمادون دونما عقاب ليغسلوا أدمغة الشباب ويملئونها بظلمة كل القرون الغابرة ..
من سيـُصمت هؤلاء قبل أن يصمتوا كل الأقلام الشريفة ؟
وهل نبقى في حسراتنا ويمعنون هم في إرهابهم ؟
منذ فترة صرخنا أن بلغ السيل الزبى, ولا من مجيب , وها هو زمن الانحطاط يهدّ أقلامنا قلما قلما , وهاهم المفكرون والكتاب ينادون ويبلغون رسالة الرعب ونحن صامتون إلا من كلمة أو حملة توقيعات لم تستطع الوقوف بوجه نيران جهلهم الطائشة, إذ نحن لا نملك سوى ما نستطيع , وقد أتى زمن الإرهاب على وسائلنا بالتصدي, فالإرهاب لا يخشى من قوة رأي مجموعات مفكرة عزلاء ولا يخشى من تظاهرة واعتصام , انه قوة مجنونة لابد من إيقافها بما يناسب أسلوبها ,الإرهاب لا يواجهنا وجها لوجه إنما يغدر, يهدد ويختطف , الإرهاب وحش لا مشاعر له لا يلوي لصرخات طفل ولا يحترم العلم والأدب,لا تردعه قصيدة شعر أو مقالة أو حملة توقيعات , إنما تردعه مجموعات مسلحة وخطط عسكرية متقنة ..
إذن هل سننتظر كثيرا ؟
وهل نصمت ونلعق عبراتنا ونندب الحظ ونحن نرى خسائرنا تترى, ونرى البناء ينهار حجرا حجرا؟
اوجه سؤالي هذا لكل صاحب سلطة ونفوذ وكرسي أو شأن بالحفاظ على حرية الكلمة وحرية الرأي والمعتقد في عالمنا العربي:
ما أنتم فاعلون؟
لقد هاجت وماجت بنا الغوغاء من الإرهابيين القتلة , حتى غدا المثقفون من الكتّاب والمفكرين والأدباء تحت رحمة سلاح غبي جاهل , وغدا الإرهاب سلطة تصارع السلطة الرابعة لتحل محلها وتقض مضجع الحضارة, قديمها وحديثها , فما أنتم فاعلون ؟
الشاعرة بلقيس حميد حسن
31-1-2006
شاهد أيضاً
مسامير.. عتاب إلى الحكومة العراقية شديد الخصوصية شديد العمومية !
قرأتُ الخبر التالي وأسعدني : ( ناشنال بوست ، تورنتو ، يو بي اف ، …