الجميل لا يستطيع الصمت، لأن قلبه أبدا ينبض بحب العراق.
يتسائل أحد الكتاب باستغراب أن لماذا يستهدف كاتبنا الجميل الدكتور سيار في حين “أن كتاباته وتحليلاته السياسية والاجتماعية والفكرية، لا تنحو منحا طائفيا أو فئويا، ودون أن تحمل أي طابع للانحياز، لا لهذه الجهة السياسية والطائفية والأقلية، ولا إلى تلك، وإنما تدور حول أوضاع المجتمع العراقي بمجمل مكوناته، ودون أن يسئ أو يحط من شأن وقيمة واحدة منها، مع دعوة دائمة إلى الوحدة الوطنية والتماسك العراقي ونبذ الطائفية، ولكن مع ذلك….”
بالرغم من أن التساؤل فيه الكثير من المرارة والحيرة، إلا أنه قد بين السبب بمنتهى الوضوح، لأن الذي استهدف الدكتور سيار لا يرغب بمن يؤلف القلوب ويدعوا للمحبة والتسامح، فهم يعلنون ويعملون ليل نهار من أجل إيجاد الأسباب لحرب طائفية من خلال قتل الأبرياء على أساس من الهوية. إن من يحمل مشروعا بغيضا كهذا بالتأكيد سوف يجد بالدكتور سيار عدوا لدودا لمشروعه السياسي، وبالتالي هو المستهدف وليس المنحاز لطرف من الأطراف، ذلك لأن الانحياز أمرا طبيعيا لدى الإنسان وهم يريدون أن يستثمروا هذا البعد الإنساني بالانحياز، لكن نكران الذات من قبل العديد من مفكرينا هو الذي خلق حالة التوازن وفضح أبعاد المؤامرة على الشعب العراقي، حتى أصبح نكران الذات هوية للعديد من مفكرينا والكثير من الفئات السياسية ومراجعنا الدينية الرشيدة التي اكتشفت أبعاد هذه المؤامرة القذرة حتى من قبل أن تبدأ عملياتها الخبيثة.
إن هذا النمط من الكبار الذين ينتمي لهم الدكتور سيار يفسدون عليهم مخططاتهم ويقدمون الفهم الحقيقي إلى كيفية التعاطي مع مؤامرة معلنة من هذا النوع، حيث أن الإعلان عن طبيعة مؤامرتهم يعتبر جزءا من آلياتها، لهذا إن من يقرأ استخفاف الجميل بهم وبكل عابث ويكشف عن أسباب الوحدة من خلال العلم ومعرفته الواسعة بالمجتمع العراقي وتاريخه، بلا أدنى شك سوف يجد أكثر من سبب أن يكون مستهدفا منهم.
إن الدكتور سيار الجميل قد تعرض في السابق لأكثر من تهديد لكنه لم يكترث أبدا، لكن الإرهاب لم يستكين أبدا ولم يعرف معنى اليأس لأنه أساسا مأجور، فلا يأس مع الأجر لمتشردين من سقط المتاع والسفلة وأبناء الشوارع والشاذين، حيث أن اليأس يتسرب في العادة للنفوس البريئة والتي تعمل تطوعا، لكن المقاومة اللقيطة التي نعرفها أجيرة بالكامل وعاهرة بكل معاني العهر، ولا تعرف غير الدم وهذا ما تفعله مع الأبرياء، فما الذي نتوقع أن يفعله هؤلاء السفلة مع من يعيق مشاريعهم؟ ويبدد آمالهم ويسقط بنفوسهم كل معاني اليأس ويجعلهم يتلمسون الخسة في نفوسهم؟ أنا لا أعطيهم الحق بتهديد كاتبنا المبدع بقدر ما أحاول أن أفهم حقيقة ما أقدموا عليه لكي يسكتوا هذا الصوت الشجاع، الصوت الذي عرفته عن كثب لا يكترث لأي نازلة مهما كانت، لكن هؤلاء الأشرار لا بد يجدون موطن ألم يمسكون منه بالضحية، ويبدوا أنهم وجدوا ضالتهم. لكن وإن سكت بعض الوقت صوت من الشرفاء، سوف تبقى الأصوات الأخرى عالية ولن تصمت مهما كانت التضحيات من أجل العراق الحبيب. مع ذلك فإن الجميل لم ولن يسكت، فكما أعلن هو بنفسه من أنه سوف يتفرغ لبحوثه ودراساته التي لم ولن تكون يوما عن شعب المايا أو الفايكنج بأي حال من الأحوال، ولن تكون دراساته عن الأزياء، فهو مؤرخ وعالم اجتماع لامع، لذا فإن دراساته سوف تبقى عن العراق وشعبه وسوف يبلي بلاءا حسنا في مجاله هذا، وأنا على ثقة من أنها سوف توفر الأدوات المتطورة للآخرين في حربهم مع الأشرار، ومع كل من يريد أن ينزل السوء بالعراق وشعبه.
نشرت في مواقع وصحف عديدة
3/2/2006
شاهد أيضاً
مسامير.. عتاب إلى الحكومة العراقية شديد الخصوصية شديد العمومية !
قرأتُ الخبر التالي وأسعدني : ( ناشنال بوست ، تورنتو ، يو بي اف ، …