ملاحظات حول الدراسات التاريخية للشخصية العراقية محاولات د. سيار الجميل لتفسير الاحداث الاخيرة في العراق نشرت جريدة المشرق محاولة د. سيار الجميل لدراسة المجتمع العراقي الرائعة حيث تهدف الى رفع الاغطية السميكة عن معلومات مسكوت عنها وخفية عن الاعين ولم يحدد سببا لهذا السكوت الا انه اشار الى ان حكم البعثيين في العراق قد ساعد على كتم الاشياء من دون التعريف بها اما استخفافا بها او عدوانا عليها او تجاهلا لها. ويؤكد الجميل بان العديد من الكتبة والمثقفين البارعين لم يعرفوا العراق الا بعد 2003 وانه قد تفاجا بالعراق حيث ظهر مزيفا وكأنه خارج للتو من الف ليلة وليلة. ويشير الى تقصير واضح لجامعة بغداد في دراسة المجتمع العراقي فقد وجد رسائل واطروحات عن مجتمع العراق في جامعات غير عراقية اقوى مادة وتحليلات من التي انجزت في جامعات عراقية. ان غياب دور الجامعة عن الاصلاح والتغيير قد رافق ظهور الاساتذة الاميين حيث تقلص دور الاستاذ الجامعي للمحاضرة فقط بل واستنساخها سنويا ودعمت عمادات الكليات هذا النهج وعززته ابان الحكم البعثي للعراق وتناولت ذلك مفصلا في في جريدة صوت الاهالي في 12 / 7 و 23 / 8 و 30 / 9 / 2005 ناقشت فيها واقع التعليم العالي ونشاط البحث العلمي والترقيات العلمية بعد سيطرة البلداء والمتعصبون والمتطرفون والطفيليون وابدعت د. حياة شرارة في قصتها اذا الايام اغسقت (نشرت بعد اغتيالها من قبل النظام السابق) في وصف هذا الواقع في جامعة بغداد. وعاد هولاء لادوارهم السابقة باعتبار ان التخريب بالجامعة لا يشير الى تلطيخ الايادي بالدم. واشرت الى الاداء الضعيف للكوادر العراقية العلمية في مؤتمر علمي في عمان مؤخرا عقدته جامعة ستوني بروك في جريدة صوت الاهالي في 4 / 10 / 2005 ونامل ان تكون الاجيال القادمة اكثر قدرة واستيعاب تلك القيود والاغلال التي حكمت عقول العراقيين ردحا من الزمن فيكون هناك نوعا اخر من التفكير والتصرف والسايكولوجية المنفتحة. وبعد 9 / 4 / 2003 سقطت كل الالهة والرموز التي جعلت من نفسها وصية على المجتمع وتحرر العراقي من الخوف وحصلت هزات اجتماعية مرعبة واعمال بدائية متوحشة فانتاب العراقيين الخوف من المجتمع هذه المرة. وانقسم المجتمع الى مؤيد ورافض ودخل رجال الدين حلبة السياسة فتعزز الانقسام في المجتمع العراقي. وبعد ان يعدد الجميل اشكاليات المجتمع العراقي مثل وجود مجتمع محافظ واخر مهترىْ ومجتمع تجار ومجتمع مهن ومجتمع احياء حديثة وازقة … الخ والثقافات (ادب عربي واخر شعبي) والزعامات ورغم وجود مثل هذه الامور في كل المجتمعات والبلدان يصل الجميل الى تطوير نظرية د. علي الوردي حول ازدواجية الشخصية للفرد العراقي نتيجة صراع البداوة والحضارة فيطرح ثلاثيته (المدينة والريف والبادية) ليؤكد بذلك ان الشخصية العراقية فريدة من نوعها كما اكد الوردي سابقا. لقد تناولت في مقالات سابقة اشكاليات نظرية الوردي حول الشخصية العراقية في صوت الاهالي في 13 / 9 / 2005 وكان اخفاقا في ترجمة كلمة ambivalence الى اللغة العربية كمصطلح علمي سببا في هذا الاشكال (ازدواجية الشخصية) حيث يتصرف الانسان كذلك نتيجة النكوص (من اليات الدفاع العقلي) اي العودة الى مرحلة سابقة من النمو النفسي او تغلب الشخصية الرحامية او الغير ناضجة وقد اوردت امثلة عديدة على ذلك. لقد تم اهمال النمو النفسي للانسان في العراق دراسة او تنفيذا (مراقبة النمو والتدخل للتصحيح) وكذلك دراسة طرق التاقلم مع الاحداث وتجاهد وزارة الصحة في مراقبة النمو الجسمي للطفل رغم الاخفاقات التي رافقت ذلك (تناولت هذا في صوت الاهالي في 14 / 6 و 5 / 7 / 2005 ) وتم اهمال الصحة النفسية تماما وناقشت ذلك في صوت الاهالي في 6 / 9 و 27 / 9 / 2005 بعد ان تناول برنامج حديث النهرين في قناة الحرة الفضائية انجازات وزارة الصحة في تعيين طبيبا امريكيا من اصل عراقي يزور الوزارة كل شهرين لتنظيم نشاطات الصحة النفسية! ان الكم الهائل من التوتر الذي عانى منه العراقي جعله يتصرف باليات الدفاع العقلي (تصرف عفوي) للتخلص من التوتر او الوضع الذي هو فيه وقد ناقشت الامر مفصلا في دراسة تاثير الحصار على الشخصية العراقية في صوت الاهالي في 19 / 8 /2005 وقد اهمل الجميل في دراسته مشكلة الحصار الاقتصادي الذي استمر لاكثر من عقد من السنوات وتاثير ذلك على الشخصية العراقية. لم يرسم الجميل ملامح الشخصية العراقية الفريدة بشكل واضح سوى الاشارة الخفية كونها مسؤولة عن الاضطراب والعنف الذي يشهده العراق. ان الشخصية مصطلح علمي يشير الى الجمع الغير كمي للسلوك والعاطفة والفكر لدى الانسان وتشير العلوم الى انواع محددة من الشخصيات في المفهوم الطبيعي والمرضي مثل الشخصية الرحامية والوسواسية والفصامية والكاملة والغير ناضجة … الخ والشخصية الاعتدائية (الاجرامية) واعتاد البعض استخدام الشخصية الامريكية في اشارة الى تصرفات محددة في العالم المتقدم كما هي الاشارة الى الحلم الامريكي. ويجزم الجميل بان تشوهات اجتماعية عاش فيها المجتمع العراقي وشراسة السلطات التي حكمت العراق ومصادرتها للحريات العامة من اسباب ظهور الشخصية العراقية الفريدة من نوعها. ان شراسة السلطات في سجن صديق واعدام قريب ومتابعة امنية من استمارات وغيرها هي اسباب للتوتر العالي الذي تعرض له العراقي وكذلك التشوهات الاجتماعية من الاختلافات المذهبية والاقتصادية والفوارق بين المدينة والريف والبادية وامتيازات قادة الحزب الواحد وقادة الجيش ذا الانتصارات الوهمية من التوترات العالية التي عاشها العراقي في تلك الفترة. ان اليات التعامل مع التوتر هي الاشكالية في الشخصية العراقية. وتتحدد اليات التعامل مع التوتر في طلب المساعدة من المجتمع (ضيق ذلك صدام حسين في اوامره بالتكتم وعدم اقامة مجالس العزاء للمعدومين او اعدام في المحلات امام العامة بامر من قادة الحزب للهاربين من الجيش او التشويه العلني والحكم بالاعدام وغيرها) او السيطرة على التوتر من خلال استراتيجيات المعرفة (تراجعت ابان الحكم البعثي بتراجع الانتاج الادبي والفني والعلمي) او اليات الدفاع العقلي وهي تضليل للصراع النفسي والاضطراب الفكري خلال التغيير المفاجيْ فمثلا النكران لمشكلة ما هو تغيير للحقيقة والكبت والتعود وتكوين رد الفعل (التصرف عكس ما بؤمن به الفرد) والتسامي والمحاكاة وغيرها تؤدي الى اضطراب السلوك مع استمرارها سنوات. وتم اهمال تناول مثل هذه الظاهرة في الجامعات بالدراسة (اقسام علم النفس وعلم الاجتماع والطب النفسي) في الدراسات العليا وقد تصور استاذ من قسم علم الاجتماع / جامعة بغداد حصوله على جائزة نوبل لكتبه العديدة عن القائد الرمز في العراق وقدمه تلفزيون العراق مع احد الممثلين المشهورين يزفوا البشرى! (لم يتم ترجمة نظريات هذا الاستاذ ولا يعرفه احد في العالم) وقد تهالك العديد لاهداء رسائل الدكتوراة والماجستير لباني مجد وتاريخ العراق (وكلهم يعلمون بانه من شقاوات العراق الجهلة). لقد اشار الاستاذ الجميل الى تقصير الجامعة في الدراسة الا انه اغفل كونها سببا من اسباب الاضطراب في العراق. ومحاولات الجميل الرائعة تفتح المجال لدراسات حول الشخصية العراقية والعنف والاضطرابات التي عمت العراق .
الرئيسية / كتابات عن / ملاحظات حول الدراسات التاريخية للشخصية العراقية ..محاولات د. سيار الجميل لتفسير الاحداث الاخيرة في العراق
شاهد أيضاً
مسامير.. عتاب إلى الحكومة العراقية شديد الخصوصية شديد العمومية !
قرأتُ الخبر التالي وأسعدني : ( ناشنال بوست ، تورنتو ، يو بي اف ، …