Home / الشأن العراقي / مكاشفات.. العراق الجديد .. بأيدي من سيكون ؟؟!

مكاشفات.. العراق الجديد .. بأيدي من سيكون ؟؟!

هذه ليست معركة انتخابية يتنافس فيها المتنافسون بمهارة وشفافية .. هذه فوضى دموية غير لائقة يتبارى فيها المرشحون وقد غدا بعضهم كالوحوش الكاسرة من اجل الفوز بالسلطة او من اجل الاساءة اليها !! هذه ليست ديمقراطية مسالمة وجدلية سياسية حقيقية بين برامج سياسية عراقية متنافسة تعرض على الناس ، بل هي اشبه ما تكون بمعركة حياة او موت من اجل السلطة والجاه والملايين لا من اجل خدمة العراق والعراقيين !
هذه ليست انتخابات حقيقية يمكنها ان تكون وسيلة صادقة لما يريده الشعب العراقي .. بل انها أشبه بحفلة صراع لديكة متصارعين تعقبها كومة اشلاء مضمخة بدماء المواطنين .. البلاد بلا ارادة .. بغداد وكل المدن بلا كهرباء ولا ماء ولا كاز ولا غاز ولا بنزين .. بلاد تملؤها المزابل والاوساخ وتنتشر فيها المياة الاسنة ؟؟ المياه ملوثة .. الطاقة معدومة وبضعة اناس غير كفوئين ترّشح للانتخابات وقد رفعت الحياء عن وجوهها تستجدي الناخبين .. بحيث لم تستطع المفوضية الدائمة من ضبط الاوضاع وحل المشكلات .
لقد خبر الشعب بعضها وعرف كم هو هزيل ضعيف فاسد البعض الاخر .. وثمة من لا تتمتع بأي ضوابط اخلاقية ولا اي قيم حضارية .. جحافل من قوى سياسية وهي لا تعرف ما (السياسة ) لكنها لا تبغي الا السلطة برغم انف العراقيين .. انها تدرك معنى السلطة على العراق والتسّيد على العراقيين .. لم اجد واحدا منهم قط في معركته الانتخابية وقد خرج على العالم ليعلن اعتصامه على اثر اختطاف عالمة المانية وثلة من خبراء غربيين ليس لاولئك الخبراء المساكين الا تقديم المساعدات للجرحى والمطعونين ! لم اجد برنامجا سياسيا واحدا قد كتب بمعزل عن الاخر .. كلها منقولة احدها عن الاخر .. ماراثون مضحك في كارنفال يتحرك فيه مناضلون واقزام وقد اختلط النزهاء الاذكياء مع الملوثين المهرجين .. الهرج والمرج يلف كل مكان من بلاد ما بين النهرين .. ويا ريت يقرأ كل العراقيين التاريخ الشخصي لكل مرشح من المرشّحين وكفاءته وتخصصه وشهاداته ويدرك ثقافته ليمّيز الغث من السمين!!؟؟
ما الذي جعل العديد من المرشحين يستجدون الناخبين العراقيين باشكال مقززة ؟ ما هذه الوعود التي يسمعها العراقيون كل ليلة وكل يوم ؟؟ متى سيحققها المرشحون ؟ الا يخشون ان يكونوا من المارقين الكاذبين ؟ الاحقاد العراقية لا تصنع الا الدم كي يجري سواقيا نحو نهر دجلة عبر البساتين .. الابتزازات لم تنته .. الدعايات كاذبة فدعاتهم يعلنون عن مبادئهم البائسة وكأنهم حقا رجال يمتلكون الكفاءة ليصنعوا دولة حقيقية في العراق وليس بمقدورهم اعلاء شأن العراق والعراقيين .. الميزانية خاوية وثروات العراق تبعثر على الدعايات والاعلانات والفضائيات والسفرات والصور والجداريات والولائم والدعوات والهدايا وعقد الصفقات .. والعراقيون جوعى وغرثى في بيوتهم تؤلفهم جماهير من فقراء ومساكين .. عجائز وثكالى وارامل واطفال وعراة وصبية ومرضى وايتام ومعاقين يعّدون بالملايين ..
احزاب وقوى لا ندري من يموّلها ابدا ووزراء ورجال حكم وحكومة سابقين ولاحقين بائسين لا يعرفون هل سيتولون المناصب ام انهم سيرحلون ! سجون كالباستيل وقلاع بائسة واراض قاحلة والاقنعة لم تزل على الوجوه .. شعب تمزّقه قوى التوحّش والارهاب والتكفيريين وتشيع في اوساطه ثقافة الموت الزؤام .. التفجيرات تطال كل مكان من هذا الشارع الى آخر .. الشوارع كئيبة والقلوب غير مؤتلفة .. الكراهية والاحقاد تأكل تلك القلوب .. فهل اجد من العراقيين من يخفف من غلوائه ويقلل من تعصباته ؟ هل باستطاعة العراق ان ينهض من جديد من دون بناة اوفياء مخلصين مع تغييب متعمّد لكل المبدعين والمتخصصّين والمثقفين ؟؟
دعهم انهم فرحون بدعاياتهم الانتخابية فمنهم من لم يعرف يرّكب جملة مفيدة ، ومنهم لا يدرك اولويات جغرافية العراق ولا حتى تواريخه العامة ! ثمة اناس رائعين وثمة قادة ومرشحين انا واثق بأنهم لم يقرأوا كتابا واحدا عن العراق ! والمصيبة ان بعضهم لا يعرفون استخدام حروف الجر لغويا ، فهل باستطاعتهم ان يجّروا العراق من خرابه؟؟ اذ اخشى ان يجرجرونه من خراب الى اسفل سافلين !!؟؟ هل هناك اناس يعشقون العراق ولا انتماء لهم غير العراق ؟ لقد سمعنا ان هناك من يحب ( المدن الجهادية ) وهناك من كره مواطنته العراقية واستبدلها بمواطنة كردستان بعد ان كره العرب ومقت كل ما يمّت الى اللغة العربية بصلة من دون التفكير بتعايش الاجيال في المستقبل ؟
هناك من يمتد ولاءه الى هذا الطرف العربي وذاك الى الطرف الايراني .. هذا يمّجد باقليمه وذاك يهللّ لعشيرته وهذا يتعّبد في مدينته وذاك يتمسّح بضريح يتباكى عليه .. تلك تنوح باكية وهذي تولول في كل حين ! مدن كاملة يمزق ابناؤها ملصقات دعايات واعلانات لكتل واحزاب لكي يعلن عن احزاب معينة ! ما هذه اللغة الركيكة والفجّة التي اسمعها من هذا الزعيم السياسي الى هذا المرشّح الجديد ؟ مرشّحون عراقيون ؟ هل من حقّهم ان يلعبوا بالعراق ويجعلونه كرة يتقاذفونها بارجلهم .. كما يلعب الاخرون بعواطف العراقيين ..
وأنني أسأل : هل سمعنا باسماء من بعض هؤلاء المرشحين قبل سقوط النظام السابق ولم نقرأ لهم اي مقال او نتذكر لهم اي موقف حتى وان لم يكن في السياسة ؟ اين ذهب اولئك المناضلون والمناضلات من العراقيين والعراقيات .. الذين كانوا قد وضعوا دماءهم فوق اكفهم على عهد الجلاد ؟ هل هناك من مرشّحين عراقيين نزهاء انقياء واذكياء وظرفاء يقبلون ان يخدموا العراق كاعضاء في مجلس للنواب بلا مقابل اي بمعنى بلا رواتب خصوصا ان كانوا متمكنين ينفقون الملايين على الدعايات والتلفزيونات والرواتب والحمايات ؟ هل نجد ثمة مرشحين يتبرعون برواتبهم ومكافأتهم الى الفقراء والمحتاجين العراقيين ام ان هذا يعدّ من ضرب الخيال ؟ كم تمنيت على هذا التبذير للمال العراقي العام والخاص ان يخصص لبناء المساكن والمصانع والمزارع وتشغيل العباد من اجل ازدهار البلاد وبسرعة خارقة ؟ كم اعرف من عراقيين مخلصين وانقياء لم يتلوثوا ابدا وهم يعيشون الكفاف سواء في الدواخل المنهوبة ام في شتات المهاجر ؟؟ لو اشبعتم العراقيين ايها المرشحون وابعدتم مطامعكم وتخليتم عن انتماءاتكم واساليبكم ولم يبق الا العراق في ضمائركم وخدمته امانة في اعناقكم .. فسوف تسجلون نقطة لامعة في تاريخ العراق وسوف يعشقكم كل العراقيين . فهل انتم فاعلون ؟ انني اشك في ذلك !
الصباح البغدادية 21 يناير 2006


Check Also

نقطة نظام ضد الفساد والمفسدين والفاسدين

ملاحظة : طلب مني عدد من الاصدقاء العراقيين ان اعيد نشر هذا ” المقال ” …