راجعه : خالد الايوبي
نشرت في جريدة الحياة ، العدد (12542) 2 يوليو 1997
الكتاب : النسر الاحمر صلاح الدين الايوبي
المؤلف : سيّار الجميل
الناشر : الاهلية للنشر والتوزيع ، 1997
يشكّل هذا الكتاب نصّا لسيناريو تاريخي عن صلاح الدين ويتضمن ثمانين مشهدا روائيا تؤلف في مجملها عملا تاريخيا لأحد ابرز عظماء العرب المسلمين في مواجهة الصليبيين ابان القرن الثاني عشر الميلادي . الكتاب كما يقول مؤلفه الدكتور سّيار الجميل نص اختزل فيه عنصر الزمن ودار اغلب مشاهده حول البطل مع ازدحام الشخوص غير المنظورة .. تحركت الاحداث على ارضية عربية تشكّلها قسمات بيئية عربية اسلامية ( مصر وبلاد الشام والعراق ) فضلا عن مشهدين اوربيين في روما ولقطات دارت في البحر المتوسط ، وتصل عقدة النص اوج قوتها في فتح صلاح الدين الايوبي لمدينة القدس التاريخية بعد تسلسل التراكيب التراكمية في الاحداث وعناصرها ، وبعد الفتح تبدأ الحركة والفعل التاريخيان في التراضي حتى انطفاء حياة صلاح الدين .
يبدأ المؤلف كتابه بالتحدث عن القاهرة في زمن ذاع صيت صلاح الدين يوسف بن نجم الدين ايوب في كل مكان ، ووصلت مشاعر الجميع الى اعلى ذروتها وهم يتطلعون الى بزوغ فجر جديد بولادة تاريخية جديدة وتبلور شعور جديد بخطورة التحديات التي تجابه الامة والتاريخ والمصير في المشارق والمغارب الاسلامية .
يقول المؤلف : ” هذا الزمن الجديد سيبدأ من القاهرة ، هذا ما اعلنه صلاح الدين بعدما وقف في قصره يرسم على لوح مثّلث غير متوازي الاضلاع رأسه في القاهرة وقاعدته تمتد بين دمشق وبغداد ، فقال معّلقا : هذا هو المثلث العربي الذي كان ولم يزل وسيبقى قلب العالم الاسلامي وقلب الامة العربية ، ولكنه منقسم على نفسه في ايامنا هذه بين ثلاث قوى اساسية اخترقها الاعداء هي خلافة عباسية ( عراقية ) ضعيفة في بغداد ، ودولة زنكية ( شامية ) مفككة في دمشق ، وخلافة فاطمية (خائرة ) في القاهرة ” . وينتقل السيناريو الى معركة حطين وسقوط القدس الشريف بأيدي صلاح الدين ، فيبرز المؤلف في هذا المشهد سماحة هذا القائد مع اسراه من الملوك والزعماء الصليبيين الذين اطلق سراحهم بعدما احسن معاملتهم ” جماعة كبيرة من النسوة الفرنجيات اخذن يسترقن النظر اليه ( صلاح الدين ) خلسة كي يتحققن انه ليس بوحش كاسر كالذي صورته لهم دعاية الصليبيين ، تشفعن عنده في ازواجهن واخوانهم الاسرى فاستجاب لهن صلاح الدين ( …. ) وقفت فجأة امامه امرأة فرنجية تبكي حرقة على رضيعها الذي ضاع منها وهي تستنجده كونه اشرف قائد محارب عرفه التاريخ ، ولما أمر بالبحث عنه قالت له :
سيدي ، لقد سجلت تاريخك بأحرف من نور نظير عفوك وسماحتك ورأفتك وأنت تسترجع القدس . لقد سمعنا من آبائنا الفرنج لما استولوا عليها قبل ثمانية وثمانين عاما انهم خاضوا في دماء ضحاياهم العرب المسلمين ” .
ويتابع السيناريو دخول صلاح الدين دمشق لتصبح العاصمة الثانية للايوبيين ، ثم سقوط قلعة الكرك . وتسلسل المشاهد : من الحملة الصليبية الجديدة وحصار عكا ، الى الحرب المضادة عند السواحل بين المعسكرين والتي ظهرت خلالها اسلحة جديدة جلبها الانكليز والفرنسيون ولعبت دورا مهما في قلب موازين المعركة لصالح الافرنج لتسقط عكا بأيدي الصليبيين الذين دخلوها كالوحوش في الثاني عشر من تموز / يوليو العام 1180 م .
ومن المشاهد الاخيرة رحيل ريتشارد قلب الاسد ومصرعه في العام 1199م ثم الجولة الاخيرة التي قام بها صلاح الدين في ربوع بلاد الشام العام 1192م وكأنه على موعد مع وداع بلاد الشام … الى ” ان ينطفئ سراج صلاح الدين في ليلة حزينة باكية داجية ” ليلة الرابع من آذار / مارس 1193 م.
الكتاب ربما قّدم الجديد في مسيرة صلاح الدين ومآثره البطولية في كفاحه ضد الصليبيين ونشأة الدولة الايوبية ، لكنه ابرز عنصرا شكّل عنوان الكتاب ، وهو مرافقة نسر احمر لصلاح الدين في جولاته وصولاته وتحليقه دائما في سماء الامكنة التي تواجد فيها القائد صلاح الدين ما عدا مرة واحدة عند سقوط مدينة عكا . ولعل ما اراد الاستاذ الجميل ابرازه هو ان ان النسر الاحمر كان الرمز المحبب للسلطان صلاح الدين فاتخذه شعارا لدولته القوية .
Check Also
مسامير.. عتاب إلى الحكومة العراقية شديد الخصوصية شديد العمومية !
قرأتُ الخبر التالي وأسعدني : ( ناشنال بوست ، تورنتو ، يو بي اف ، …