الرئيسية / مقالات / زعيم الصين الجديد ضدّ التثاؤب !

زعيم الصين الجديد ضدّ التثاؤب !

حظيت الصين في خضم تحولاتها الكبرى عند مطلع القرن الحادي والعشرين ، برجل جديد اسمه : هو جين تاو (Hu Jinta ) الذي انتخب رئيسا عام 2003 وهو الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصينى ورئيس جمهورية الصين الشعبية . وهو الرجل القوي في الصين اليوم ويمتلك تطلعات كبرى ورؤية واسعة الأبعاد للعالم .. ولقد أثارت انتباه العالم إليه تصريحاته الأخيرة حول متغيرات العالم والأزمة الاقتصادية التي يمر بها ، ناهيكم عن مقدرة الرجل ومن يعمل معه في قيادة اكبر بلد في العالم يحمل ثقلا سكانيا هائلا .
دعونا نتوقف قليلا عند تكوين الرجل ، قبل معالجتنا لأفكاره .. انه من قومية هان ، ولد عام 1942 ، وأصبح شيوعيا عام 1964 ، تخرج مهندسا للطاقة الكهرومائية ، وأكمل دراسته العليا ليغدو الموجه السياسي في الحفاظ على المياه مشاركا في البحث والتطوير ، وكان موجها سياسيا قبل بدء الثورة الثقافية على عهد مؤسس الصين الشيوعية الجديدة ماوتسي تونغ ، وعمل في لجان عمل عديدة في البناء والتصاميم ، وفي العام 1982 ، أصبح عضو أمانة اللجنة المركزية لعصبة الشبيبة الشيوعية الصينية ، ورئيس مجلس الشباب لعموم الصين .
ارتقى هذا الرجل بين عامي 1988 – 2003 في مناصب الحزب والدولة العليا ، لينتخب في العام 2003 زعيما للحزب والدولة ، ومنحت له صلاحيات واسعة عام 2005 بإشرافه على الجيش والإدارة . لقد نجح في بناء نفوذه حتى بعد وصوله للسلطة العليا من خلال اعتزازه بكل من عمل برفقته أو بكل الذين اشتغل تحت قيادتهم ، وانه من جيل الثورة الثقافية الذي تربى على الصرامة في العمل والبراعة في التفكير من اجل إعلاء شأن الصين .. انه من جيل تربّى على جملة مبادئ وجد أن تجاربها على الأرض لا يمكن لها أن تنمو ، فآثر التحولات وعمل من اجلها .. انه من جيل تربى على النزاهة والاستقامة والصبر وتقديس الإنتاج .
دعونا نتأمل في جملة من أفكاره الأخيرة في القمة الاقتصادية ، وخصوصا تلك التي حضرها لمجموعة الـ 20 المالية التي انعقدت في بيتسبرغ في الولايات المتحدة الأمريكية يوم 25 سبتمبر ، 2009 ، وما الحق بها من تعقيبات خلال أكتوبر المنصرم.
لقد دعا الرجل قادة العالم إلى بذل كل جهد لتعزيز النمو الاقتصادي العالمي ، وتحقيق التنمية الشاملة والمتوازنة والمستدامة الاقتصادية والاجتماعية ، وأضاف : “إن المجتمع الدولي قد عزز الثقة بنفسه ، وتحركت الأسواق المالية في اتجاه الاستقرار ، فهي بوادر ايجابية ” . لكنه حذر من بطء الانتعاش الاقتصادي ، وأن شكوكا كثيرة لا تزال قائمة .. وانه لا يمكن مواجهة تحديات الأزمة المالية الدولية ، إلا بالترويج لعالم صحي يسوده الانتعاش الاقتصادي كمهمة أساسية. وهذا لا يتم إلا بجهود عالية المستوى في المجالات الثلاثة التالية :
أولا : الوقوف بحزم والتزام لكل تحفيزات النمو الاقتصادي ، بأن يحافظ جميع البلدان على تكثيف خطط الحوافز الاقتصادية ، ذلك أن كل البلدان المتقدمة والبلدان النامية ، ينبغي أن تكون أكثر صلابة في اتخاذ تدابير فعالة وبذل المزيد من الجهود لتعزيز الاستهلاك وتوسيع الطلب المحلى ، وان يأخذ احتياطي العملة الرئيسية للبلدان المصدرة ، في الاعتبار ، التوازن والآثار المترتبة على السياسات النقدية لكل من اقتصادات بلدانهم والعالم .
ثانيا : المضي قدما بحزم والتزام في إصلاح النظام المالي الدولي ، إذ ينبغي أن تتبع من خلال جدول زمني وعلى خريطة طريق متفق عليها ، زيادة تمثيل وصوت البلدان النامية والضغط من أجل إحراز تقدم ملموس في عملية الإصلاح . وحث زعماء العالم من أجل تحسين القائمة باتخاذ قرارات إجرائية في المؤسسات المالية الدولية ، وتشجيع المزيد من المشاركة الواسعة والفعالة من جميع الأطراف ، والمضي قدما بالإشراف والتنظيم لاصلاح النظام المالي الدولي .
ثالثا : الوقوف بحزم والتزام لتعزيز النمو المتوازن للاقتصاد العالمي ، وخصوصا الاختلالات الاقتصادية العالمية وتشمل الفجوة بين الادخار والاستهلاك والصادرات والواردات في بعض البلدان، ولكن الأهم من ذلك ، قال : أن يتجلى في عدم التوازن في توزيع الثروة على الصعيد العالمي ، وتوافر الموارد والاستهلاك والنظام النقدي الدولي. وان السبب الجذري ـ كما يعتقد ـ هو التثاؤب ، كما عبرت فلسفته عن فجوة التنمية بين الشمال والجنوب !
لقد دعا رجل الصين الجديد زعماء العالم لبناء المؤسسات الدولية التي تشجع على التنمية المتوازنة ، وأضاف بأن “علينا رفع مستوى المدخلات في عملية التنمية بأشكال متنوعة… علينا أن نثمّن الدور الهام للتعاون التكنولوجي في مجال تعزيز التنمية المتوازنة ، والحد من صنع الإنسان للحواجز التي تحول دون نقل التكنولوجيا ، وخلق بيئة مواتية للبلدان النامية لتضييق الفجوة في التنمية ” وأن بلاده تعلق أهمية كبيرة على التنمية الشاملة والمتوازنة والمستدامة لنمو المجتمعات ، بدل البقاء تتثاءب ، وان الاعتماد الرئيسي لابد أن يكون على توسيع الطلب المحلى ، في التخفيف من آثار الأزمة المالية الدولية.
وأضاف : “في النصف الأول من 2009 ، على الرغم من الانكماش الحاد في الطلب في الخارج ، تمكنت الصين من تحقيق نمو نسبته 7% من الناتج المحلي الإجمالي ، وللصين دور نشط في التعاون الدولي في مجال التنمية ، وتشارك بنشاط فى التعاون الدولى لمعالجة الأزمة منذ اندلاعها. إنها ستتبع طريق المساعدة على تعهداتها والتدابير اللازمة لذلك بطريقة مسؤولة في حدود قدراتها ، وتقديم المزيد من المساعدة للبلدان النامية ، ولاسيما الدول الأقل نموا في أفريقيا.
انه واثق بان الجهود المتسارعة والمتلازمة للمجتمع الدولي بأسره ، ستتغلب على الأزمة ، ” لكي نعمل معا على صناعة مستقبل مشرق للإنسانية ” .

نشرت في البيان الاماراتية في 2 نوفمبر 2009 ، ويعاد نشرها على موقع الدكتور سيار الجميل
www.sayyaraljamil.com

شاهد أيضاً

زعامات ورزايا .. ورئاسات بلا مزايا

 الزعامة غير الرئاسة، والرئاسة غير الإدارة، والإدارة غير القضاء. لقد مضى زمن الزعامات الحقيقية، وماتت …