الرئيسية / كتابات عن / (أيها العراقيون كونوا بحجم وطنكم !!)

(أيها العراقيون كونوا بحجم وطنكم !!)

في مقالة رائعة كتبها المفكر العربي الدكتور سيار كوكب الجميل في الصفحة التاسعة من جريدة الزمان الصادرة صباح هذا اليوم 3/ 3 / 2003 تحت عنوان ( أيها العراقيون كونوا بحجم وطنكم أولا ) ، أتمنى من الجميع قراءتها و تدقيق تفاصيلها والتمعن في عمق كلماتها التي تعبر عن ضمير عراقي مخلص وأصيل يناشد به جميع فصائل شعبنا خارج وداخل الوطن الذين هم بحاجة ماسة لنزع كل العباءات السوداء وأن نتحرر من ممنوعاتنا ومن نوازعنا الطائفية وأن نرمي بالسلبيات التي حملناها معنا في سلال المهملات ، ونبدء صفحة جديدة تقوم على أسس المحبة والأحترام والشفافية .

وأقول أن الأختلاف في الرأي لايلغي الاحترام والعلاقة الإنسانية ، ومن حق كل عراقي أن يفكر بالطريقة التي يعتقد أنها الصحيحة في بناء الوطن ومستقبله ويختلف مع الآخر في سلوك الطريق لبناء الوطن ، والطرق التي يبني بها الناس أوطانهم متعددة ، ومهما كان الخلاف والتعارض والتقاطع بيننا ينبغي أن لاننجر لنشر غسيلنا على الناس من غير أهلنا مادمنا أخوة وبيت واحد وعائلة عراقية حميمة وخاصة ونحن في غربتنا .

وأقول أن الأختلاف في الأراء والعقائد لايلغي صفتنا العراقية ولا يفرق أرواحنا ولاأصالتنا النابعة من بلد النهرين الذي أنتشرت منه القوانين وتعلم فيه الأنسان الكتابة وظهرت الحضارة وبنت فيه الناس قيمها وأعرافها وأخلاقها الطيبة والجميلة ، الواجب العراقي يناديكم أن تترفعوا عن لغة الشتائم والانتقاص بعضكم من بعض ، فكلكم صوت عراقي وطني مؤثر مهما كانت عقائدكم واعتقاداتكم ويجب عليكم توظيف طاقتكم وقدرتكم في الكتابة والنقد والتحليل والاستذكار والدراسة من أجل البناء وليس الهدم ، فقد هدم الطاغية الكثير من قيمنا وأعرافنا وألغى الكثير من أحلامنا .

أيها الأخوة لم تزل الفرصة سانحة لنا جميعاً للابتعاد عن هذه اللغة ونبدلها بلغة يغلفها الاحترام والتقدير والاعتزاز لكل الأسماء العراقية ولكل المبادرات العراقية ولكل الأحزاب العراقية ولكل التيارات والفصائل والحركات .

أهيب بالأخوة المشرفين على مواقع الانترنيت والصحف العراقية أن يمتنعوا عن نشر مثل هذه الكتابات مهما كان تبرير كاتبها .

لتكن دعوتي هذه من القلب للجميع للتوقف عن طرق لم نألفها ودخيلة على عراقيتنا ، حيث أن الأخوة يختلفون لكنهم يبقون في بيت واحد وأم واحدة وصوت واحد ووجع واحد وأمنية واحدة .

أيها العراقيون كونوا بحجم وطنكم .

تحية لكم جميعا وتحية للمفكر العربي الدكتور سيار كوكب الجميل الذي أثار شجوني في مقالته الجميلة وفقه الله لخدمة العراق
Iraqcenter
03-03-2003,


ملاحظة : يوّد محرر الموقع ان يضّمن مقال الدكتور سيّار الجميل : ايها العراقيون : كونوا بحجم وطنكم !! لآهميته التاريخية خصوصا وانه نشر في الثالث من شهر مارس / آذار 2003 :

أيها العراقيون : كونوا بحجم وطنكم اولا !!

د. سّيار الجميل

العنقاء : تنسحق وتتخلق من جديد
اعتقد ان كل عراقي يهتز من جذور اعماقه كالشجرة هذه الايام وهو يسمع ويرى العالم قد انشغل بكل ثقله بالعراق ، ذلك ان التاريخ بطوله وعرضه يختزل اليوم عصارة من المكونات اللامتناهية التي بدأها العراق. ان تاريخ العالم يسجل اليوم من خلال المسألة العراقية بداية عصر جديد يختلف كاملا عما كان مألوفا في الايام الخوالي .. العراق ، انه العنقاء التي ما ان تسحق حتى تتخلق من جديد برغم كل المخاطر والتحديات ، وانني مؤمن بأن الله سيحفظ لنا وطننا في هجمة ربما لم ينلها أحد منذ الاف السنين في هذا الوجود.. وهو بجغرافيته المركزية لا يمكن ان تجد فيه الا عبقرية مكان لا حدود لها وقد أغالي ان قلت انه يمكنه ان يغدو مشروعا للوجود بأسره برغم كل العاديات ! قلت في يوم ما وانا افكك ما اشاعه عنه احد خصومه اللئام : ان العراق ضحية أخوته ! فهاجمني بعض الجهلاء من اولئك الذين يحاربوننا في كل رزقنا ووجودنا منذ عشرات السنين ! وقلت ان مصيبتنا فينا انفسنا نحن الذين نثق بكل طيبة وسذاجة بالاخرين ونقدمهم حتى على انفسنا ! ولا اعتقد بأن اي عراقي قد افتقد عاطفته المتوقده واحاسيسه الجامحة حتى وان ولد بعيدا عنه ولم يره ابدا .. لكنه يحمله في جينات موروثاته منذ الازل حتى عند الاف المهاجرين من يهود ومسلمين ومسيحيين غادروا وطنهم قبل عشرات السنين نتيجة لاوضاعه السياسية والاجتماعية الصعبة . ودوما اقول بأن العراقي هو ابن جماعة ذكية جدا توطنت قبل الاف السنين في واد كله زرع وضرع وخيرات لا حدود لها ولكنها دوما من نصيب الاخرين ليبقى صاحبها كادحا وجائعا وحزينا وصلدا ومقهورا وصريعا في مواجهة اعتى الطغاة والطامعين .. اكتسب العراقي الوان بيئته المتنوعة واثرت فيه عواملها الجيوتاريخية الصعبة والقارية وتتنازعه بدائل الزمان وتوحده فضائل المكان وبرغم كل الغلظة والقساوة والعنف والتوحشات تستكشف من طرف آخر عالما انسانيا جميلا يترع بالعواطف والحنين والرهفة وكل الموجدات !
اخي ، لقد وصفوك باروع الكلمات وشتموك بأسوأ انواع الكلام مذ تجاذبتك اهوال التاريخ ومذ اسهمت في صناعة امم شتى قبل مئات السنين . وتعلم ان وطنك العراق يتسع لكل الاعماق اذ كان مهدا للبشرية البكر منذ عصور ما قبل التاريخ ! على ضفاف نهريك الازليين استقر الانسان وعرف العالم بكل الاولويات : الزراعة والعائلة والجماعة والقرية واول مدينة وأول تنظيم وأول دولة وأول جيش .. انه مؤسس الكتابة والحروف والعجلات والزوارق والسفن من القصب عابرة للقارات ! انه مؤسس امبراطوريات العالم القديم ! انه مصدر القانون والتشريعات البشرية وفكرة العدل المدنية والعسكرية ! انه منطلق كلكامش والاساطير والملاحم والغرائب والقصص الاولى في الثقافة العريقة للبشرية قاطبة ! انه صاحب اولى الجنائن المعلقة والثيران المجنحة والحدائق الغناء واول من اعتنى بالالهة وبالمعابد وبالشمس والاشعار .. بالشجرة والنخلة والازهار ورمز عشتار !
انه بيت الاديان السماوية ومبعث ابو الانبياء ابراهيم ( ع) ! انه ملتقى العالم ومنتدى البشرية ومجمع القارات ومركز التجارة العالمية بمسالكه البرية والنهرية نحو البحار المركزية عند البصرة فينيسيا الشرق ! انه دار الخلافة الاسلامية وموطن الفقهاء ومدارس العلماء والنحويين ومهوى الشعراء ومذاهب المسلمين ومجمع الرحالة والجغرافيين والفلكيين .. الخ ومرت عليه القرون العجاف ليغدو ساحة صراع دموي مزمن بين القوى وصولا الى القرن العشرين لكي ينفض عنه كل غبار الماضي ويبدأ حياته دولة ومجتمعا جديدين ، وشارك بنفسه في الحربين العالميتين الاولى والثانية ! وعند منتصف القرن العشرين سجلت نخبه اروع المنتجات في الثقافة والتشكيلات والابداعات والمعمار ، وغدا مدرسة سياسية معلمنة متنوعة ولدت فيه مختلف التيارات والاحزاب على ايدي نسوة ورجالات لهم قيمتهم وسمعتهم في العالم كله .. ودخل العراق مرحلة تاريخية جديدة عندما تزعمت بغداد حلفا اقليميا ليغدو دوليا استعماريا ، ثم تحدث انعطافة تاريخية مهمة وتبدأ مرحلة الدكتاتوريات التي كثرت فيها الانقلابات والانقسامات والانشقاقات والتمردات والانسحاقات والحروب والحصارات .. فهل يسجل اليوم عند فاتحة القرن الواحد والعشرين منعطفا جديدا في التاريخ ، ليس في الشرق الاوسط وحده بل في العالم اجمع ! لقد استقطب انظار العالم كله خوفا عليه او شماتة فيه او استفادة من خيراته وثرواته ! انه يتعرض اليوم لأصعب مخاض جديد من التحديات في حياته الطويلة .. فهل سيشهد متغيرات حاسمة يكون ثمنها غاليا جدا – لا سمح الله – ام انها تحولات ستجري بمنتهى الهدوء وهذا ما لم نألفه أبدا عند العراقيين الذين سحقتهم السنوات العجاف وكلهم يتطلعون الى ولادة جديدة ولكن من دون اي حرب يكون وقودها جمر وهام !
صرخة من الاعماق :
هنا .. دعوني انادي باعلى صوتي : ان ضميرنا الحي يطالبنا نحن العراقيين ان يكون عقلنا كبيرا وصدرنا واسعا وصبرنا لا حدود له .. انني اخاطب أخوتي وبني جلدتي منهم نظرا لأنني وجدتهم بحاجة الى اكثر من خطاب ونصيحة في هذه الايام المصيرية ! اليوم نحن عند مفترق طرق صعب جدا في تاريخنا كعراقيين .. من يدري ؟ ربما ستنقلب الموازين من عاليها سافلها او من سافلها الى عاليها .. ربما ستخرج العنقاء سالمة متعافية بعد ان تتغير كل الالوان والعناصر والمكونات التي افسدت علينا وجودنا .. وربما ستبقى ضحية هامدة سنوات طوال وقد نزفت دما ونضحت دموعا لا يمكن تخيلها بعد الخراب ! ان غدا لناظره قريب ، ولكن عليكم ان تتذكروا أخوتي كل ما مر بكم من الاحن القاسية. عليكم ان تذكروا من وقف معكم ومن وقف ضدكم في الايام الصعبة واعلموا ايها العراقيون انكم مهما اختلفتم في ما بينكم فبيتكم واحد ومصيركم واحد ووجودكم واحد . ولا اعتقد ان صدمة اليوم سوف لن تعلّمكم شيئا بعد ان تغسل كل الاشياء وترجع المياه الى كل اوانيها المستطرقة وتتطهر كل ذرات التراب . لقد مرت بكم صدمات لا تعد ولا تحصى على امتداد القرن العشرين ولكنها لم تعلمكم الا النزر اليسير .. كنتم في قلب الدنيا وتوالت عليكم كل المآسي والالام وبشاعات اولئك الذين يتلذذون بمرآنا وتشتتنا او يتندرون بسماع اخبارنا وحروبنا .. كفاكم تنقسمون على انفسكم في مزيد من التشتتات السياسية وعليكم ان تكونوا بحجم بلادكم القارية .. وابتعدوا عن النزوعات الطائفية .. عليكم ان تتعلموا بأن تنوعاتكم الخصبة هي اشياء جميلة لا يمتلكها الاخرون ! عليكم ان يكون العراق عندكم اولا واخيرا !
انني أدعو صادقا ان يختزل العراقيون زمنهم ويقفزون فوق كل الذي خسروه من تاريخهم الحديث وشغل بالحرائق الكبرى وسحل البشر والانقلابات والصراعات والانشقاقات والمؤامرات والحروب السياسية الاذاعية الباردة والساخنة والحصارات وسياسات العنف والاغتيالات وزراعة الطائفيات والعشائريات والممنوعات والفناء البطيىء .. انهم بحاجة ماسة الى الاستقلالية الحقة وترجمة عشق العراق الى فعل حقيقي على ارض الواقع بالتلاحم والتآزر .. انهم بحاجة الى الاستقرار والهدوء والعمل والقيم الجديدة واعلاء شأن النخب وتكافؤ الفرص وتوفير الحريات وتأمين حقوق الانسان من اجل بناء تاريخ جديد تنتفي فيه كل نوازع الرعب والاستلابات والانقسامات .. حياة جديدة تختلف جملة وتفصيلا عن كل مستنسخات الماضي بكل الامه واحزانه وبكل قساوته وفظاظته وبكل رداءته وبشاعته ! عليهم ان يفقهوا خطورة اولئك الذين يقفون ضد مصالحهم مهما كانوا ومن اي منبت وجدوا .. وليعلم كل العراقيين بأن العالم كله يتكالب عليهم من اجل مركزيتهم وجيوستراتيجيتهم اولا ومن اجل خيراتهم وثرواتهم ثانيا .. وكأننا في سوق داعرة للمزايدات بين الدول كافة ، ولا استثني منها احدا ! لابد من تصفية مخلفات ما مضى واطفاء الحصار وكل التعقيدات واطفاء المديونيات وآثار العدوان وكيفية التعامل مع الاخرين .
ان العراقيين بحاجة ماسة الى ان ينزعوا عنهم كل العباءات السوداء ، وان تنهدم امامهم كل الجدران السامقة الفاحمة وان تذوى كل الرموز القاتمة ولابد ان يتحرروا من كل الممنوعات والمسكوتات وتموت كل العناصر التي صبغت حياتهم بالخوف حتى من نسمات الهواء ! عليهم ان يتحرروا من ازدواجية التصرفات والاقاويل وثنائية الظنون وشيزوفرينيات التفكير نفسه .. لقد سحقت النفوس نتيجة الخوف والكبت والرعب القاتل .. ما يقولونه سرا في ما بينهم ليلا يمحونه جهارا امام الاخرين نهارا !! عليهم ان يتحرروا من اي وازع طائفي مقيت . ان افجع ما يمكنني تخيله ان يبقى العراقيون يسمون انفسهم على اجندة طائفية ! ولو كان بيدي لمحوت من قاموسهم كلمتين لا احب سماعهما ابدا ستجعلهم كالهراطقة منقسمين الى ابد الابدين ، والمصيبة انهم ما كانوا هكذا قبل سنين ! عليهم ان يحترموا فقط تنوعهم ويكونوا عقلاء في توزيع فسيفسائهم الرائعة في اسمى تصنيف لتكافؤ الفرص على نحو حضاري وسياسي معا . عليهم ان يتقبل احدهم الاخر ويقبله مهما كانت افكاره ويصنفه على اساس العراق اولا واخيرا. عليهم في الشتات ان يفكروا قليلا باخوتهم في الدواخل بعيدا عن كل الانوية والنرجسية والمكابرة والتشظيات العقيمة . ان اولئك في دواخل الوطن الحبيب بحاجة ماسة اليوم الى الرخاء ورقي العيش والانفتاح على العالم والى المعرفة الجديدة وكل مستحدثات العصر وان يتآزروا بكل تنوعاتهم وتعددياتهم وان يجتمع ولاؤهم على رمز معين من اجل المستقبل !
انني المح على غرار غيري من العراقيين المثقفين المستقلين ان كتابات وحوارات ومواقع على شبكة الانترنيت وتجمعات ومنتديات عراقية في الخارج قد اتخذت لها مسحات طائفية وسياسية وهي تبشر بالانقسام ! لا والف لا ، ما اروع الشفافية العراقية في التعايش ان تحققت باحترام كل الطوائف والملل والاديان والنحل والاحزاب ، ولنعلم بأن ليس هناك طائفة أحسن من اخرى ، وليس هناك قومية اكبر من أخرى ! وليس هناك اقلية تافهة واكثرية عاتية ! هناك مواطنة واحدة وانتماء واحد وهوية واحدة وتراب واحد لشعب ذكي وطيب ومتنوع غاية في التنوع والخصب. اعلموا ايها العراقيون بأن لم تنفعكم واجيالكم من بعدكم الا مصالحكم وترابكم وبني جلدتكم واساليبكم الحضارية ! ان كانت لديكم في ما بينكم مشاكل ومعضلات واختلافات وصراعات .. فلا تنشروا غسليكم امام العالم على شاشات الفضائيات لتكونوا اشبه بمسرحية هزلية لهذا وذاك مهما كان نوعه او جنسه او لونه.. حلوا مشاكل بيتكم الكبير في ما بينكم ! ان شعوبا ومجتمعات قريبة منا لم تفعل ما تفعلونه ابدا ، فقد يختلفون ويتصارعون ولكنهم لا يسمحوا للاخرين ابدا مهما كانت صلتهم بهم ان يتدخلوا في شؤونهم ! ان هناك من ينتظر كيف ستكون تصفية الحسابات البشعة على الطريقة العراقية المعهودة ليتشفى بمرآها العصيب فوطننا لا يحتمل اي حرب اهلية دموية يذكيها من له مصلحة فيها ستأتي على الاخضر واليابس معا – لا سمح الله – .
أكرر مرة أخرى ، ان العراقيين في الدواخل بحاجة ماسة الى ما افتقدوه طويلا ، فهم بحاجة الى القانون والامن والاستقرار والى الرخاء والحريات والعيش الهنيء وهم بحاجة الى مستحدثات العصر كاملة وبنية تحتية ومشروعات حضرية جديدة واعلى مستوى معيشي في الحياة.. الى مصانع ومدارس ومستشفيات ومختبرات وجامعات ومكتبات وجمعيات ومنتديات ومنتجات وسياحات .. الى قراءة كل ما يصدره العالم .. الى اسواق وموانىء وسفن وطائرات وسيارات .. الى مساكن رائعة وطرقات واوسترادارات والى حدائق وجنائن معلقات .. الى قنوات ومجاري للصرف الصحي وتخطيط حضري للمدن والقرى العراقية كافة انهم بحاجة الى ان تعاد اليهم كرامتهم اولا وكل حقوقهم في المواطنة والاستقرار والهدوء واعادة دورتهم الانتاجية من خلال منحهم ما يستحقونه من كل الحاجات .. يكفيهم الاما واحزانا وانقسامات .. يكفيهم تشتتا وفقرا وهجرة واستلابات وحصارات ! ان خيراتهم ومواردهم كافية لكي تجعلهم من اعز خلق الله ! يكفيهم ان يشغلوا انفسهم في مستنقعات السياسات القذرة تحت واجهات وايديولوجيات ودكاكين ومسميات ونزعات واكذوبات وشعارات ! عليهم ان يلتفتوا الى انفسهم والى بلادهم والى البناء والثقافة والشعر والغناء والمعرفة والحريات ومحبة بعضهم للبعض وبناء اسمى العلاقات وان يجعلوا ذاكرتهم التاريخية مدرسة حقيقية لهم في المستقبل ! عليهم ان يختلفوا نعم ، فالاختلاف رحمة ولكن ضمن سيادة القانون والاخلاق وان يبنوا مشروعا ديمقراطيا جديدا لهم في الحياة .. فهل سيتحقق ذلك بسهولة ؟ انني اشك في ذلك !

الزمان اللندنية  3/3/ 2003


القاضي زهير كاظم عبود

شاهد أيضاً

مسامير.. عتاب إلى الحكومة العراقية شديد الخصوصية شديد العمومية !

قرأتُ الخبر التالي وأسعدني : ( ناشنال بوست ، تورنتو ، يو بي اف ، …