للأمة يومان، يوم سعادة ويوم شقاء، وللسعادة رجال تسعد الأمم على أيديهم وللشقاء كذلك فإن أذن الله تعالى لصبح سعادة أمة من الأمم أن يتنفس نهض من بينها على فترة نوابغ ينبهون الشعور الكافي ويدعون إلى سبيل ربهم بالحكمة والموعظة الحسنة فتلتف حولهم الجماهير ، ويكون لكلمتهم صدى استحسان وتحبيذ في القلوب والأفكار. أولئك هداة الأمم وقادة الأفكار، وأبطال التاريخ بل أولئك هم العلماء وهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ؟ جاء القران الكريم وفيه من الآيات البينات ما تدعو إلى الحث على طلب العلم والتقدم في المعارف ثم نهض حضرة الرسول (الأعظم صلى الله عليه وسلم) داعياً لتلك الغاية العظمى حيث يقول (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة) ذلك لأن العلم أساس المدنية والرقي فما من أمة استنارت بنوره إلا ورقت على أوج المجد والعظمة وفازت بيوم سعادتها وما من أمة باتت في دجى الجهل إلا وهبطت إلى حضيض الذل والانحطاط وأصبح عاليها سافلها بل ربما كان مصيرها الانقراض والعياذ بالله فأصبحت كأن لم تفن بالأمس وذلك يوم الشقاء ثم إن لكل أمة جيشان، جيش علم وجيش سلاح، وليس الجيش الثاني بأعظم من الأول بل ربما كان الجيش الأول أجل وأعظم ولا حامل السيف أكبر نفعاً من حامل القلم فربما فعل القلم بالنفوس ما لم تفعله الأسنة والصوارم، ورب موعظة أو نصيحة فعلت في عصابة ما لم تفعله القنابل والمدافع ولن يقوى جيش السلاح ما لم يقو جيش العلم من قبل ويكون في مقدمته سنة الله في كونه وآيته في خلقه.
الآن ونحن على باب طور سياسي حديث وفي مبدأ حياة جديدة يفرض علينا الواجب أن نشمر على ساعدنا ونسعى بتقوية جيش العلم والانضواء تحت لوائه إذ من المحال أن يقوى جيش سلاحنا وتمتد سلطتنا وتتزايد ثروتنا وندرك أيام سعادتنا ما لم نجعل نقطة العلم هدف أبصارنا وأبواب المدارس كعبة آمالنا وبمثل هذا يكون لنا جيش علم به يقوى جيش السلاح فيكون سياج وطننا راسخاً شامخاً في عنان سماء العز والمجد فنذود عن أوطاننا بأقلامنا وعلمنا وسلاحنا ونعز أنفسنا بأنفسنا ونعيد مجد أسلافنا العظام الذين كانوا غرة في جبين الزمان وجبهة التاريخ ونجاري الأمم الراقية في الحضارة والمدينة ونكون نعم خلق لأحسن سلف صالح.
سلام الله علينا
ويوم يعود ماضينا إلينا
فننشر في العوالم ما طوينا
ونبعث ذلك الشرف الرميما
وفي هذا كفاية لقوم يعقلون.
ـ نشرت في جريدة الموصل 467 يوم 28 كانون الأول 1921 م الموافق 22 ربيع الثاني 1340 هـ .