د. سيّار الجميل الموقع الرسمي لـ (د. سيّار الجميل)
المفكر والأديب والشاعر الأستاذ علي الجميل يعد من أبرز المثقفين الذين واكبوا حركة التحرر من نير الاستعمار العثماني الذي امتد لأكثر من أربعة قرون من التخلف والانحطاط، ومحاولة طمس القومية العربية، و سياسة التتريك التي اتبعها السلاطين العثمانيين.
فقد كان التصدي لهذا الاستعمار البغيض الجاثم على صدور العراقيين والعرب أجمعين، وحمل راية التحرر والانعتاق من الهيمنة الأجنبية أمر في غاية الصعوبة والخطورة بالنسبة للمفكرين والمثقفين ذلك الزمان ، ومع ذلك فقد ظهر في العراق، وبوجه خاص في الموصل حركة ثقافية تدعو إلى التحرر قادها عناصر وطنية أفذاذ نذروا حياتهم من أجل حرية واستقلال العراق. وكان في المقدمة من هؤلاء النخبة المفكر والأديب والشاعر المبدع الأستاذ علي الجميل، جد الدكتور الكاتب والمفكر المبدع سيار الجميل، والذي حمل مشعل الحرية في تلك الظروف التي كانت تتسم بسيادة الجهل والأمية والتخلف في المجتمع العراقي، وطغيان السلطة العثمانية الحاكمة. . ولد المفكر علي الجميل في عام 1889 ، وهو الابن البكر للسيد حسين جلبي آل الجميل، واشتهر بثقافته النيرة وشعره الجميل، وأدبه الجم. درس في المدرسة الرشيدية، وأتقن اللغة التركية والفارسية والفرنسية إلى جانب اللغة العربية، وبرع في الكتابة في الشؤون السياسية والثقافية والأدبية، وعمل في الصحافة محرراً في صحيفة الموصل الرسمية، كما عمل كذلك مترجماً في مطبعة الولاية، وإثر الانقلاب العثماني المعروف عام 1908سافر إلى اسطنبول، وانخرط في الكلية الشاهانية، وهناك اشترك في تأسيس جمعية المنتدى الأدبي التي ضمت برفقته الأساتذة [ عبد الكريم الخليل ] و[ احمد عزت ألأعظمي ]، وحرر في مجلتي [لسان العرب ] و[ المنتدى العربي ].
.
كانت أولى مؤلفات الأستاذ علي الجميل رسالته المعنونة[ التحفة السنية في المشايخ السنوسية ] معلناً لأول مرة عن أفكاره القومية بعد نشرها في الموصل عام 1912، وكان أول من استخدم مصطلح [ الأمة العربية ] داعياً على استقلال البلاد العربية ووحدتها من المشرق العربي إلى مغربه، وقد لاحقته السلطات العثمانية إثر تلك الرسالة والبيانات التي كان يصدرها المنتدى الأدبي، وانتقاده لحكم العثمانيين، ومهاجمة سياسة التتريك واضطهاد العرب، واضطر علي الجميل للهرب من الملاحقة والاحتماء بأبناء عمومته في مضارب البادية، وكان الاتحاديون يبحثون عنه في كل مكان، ولاقى أهله المضايقات والمتاعب والمصاعب والتفتيش، واضطروا لإحراق أوراقه وكتبه ونشراته خوفاً من وقوعها بأيديهم ، وكان ذلك يشكل خسارة كبير له وللتاريخ. .
بقي الأستاذ علي الجميل بعيداً عن أهله حتى دخول الانكليز العراق سنة 1914 إثر إسقاط أوامر الملاحقة ضده.عاد وأسس الأستاذ علي الجميل النادي العلمي عام 1919، وكان برفقته العديد من الرجالات الموصلية، وقد أصدر النادي مجلته التي سميت باسمه، وتولى رئاسة تحريرها علي الجميل، وكانت المجلة تتناول مختلف الكتابات الأدبية والشعرية والعلمية للعديد من الكتاب والأدباء الموصليين. لكن قوات الاحتلال البريطاني أقدمت على إغلاقها بعد أن شعرت بما تكتبه المجلة من فكر نير يدعو على التحرر من الاستعمار، والنهوض بالبلاد وإنقاذها من الجهل والتخلف.
وبعد تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921 انضم الأستاذ علي الجميل إلى الحزب الوطني بزعامة الشخصية الوطنية البارزة السيد [ جعفر أبو ألتمن]، وركز كل جهده للحفاظ على عراقية ولاية الموصل التي كانت تركيا تنازع العراق عليها. في عام 1927 أصدر الأستاذ علي الجميل صحيفة [ صدى الجمهور] وترأس تحريرها، وقد حملت تلك الصحيفة راية الإصلاح الاجتماعي والثقافي والسياسي والاقتصادي للمجتمع العراقي، وكانت له علاقات واسعة مع العديد من الشخصيات الوطنية المعروفة آنذاك في هذا المجال. .
ومن المؤسف أن الأستاذ علي الجميل لم يمتد به العمر حيث رحل وهو في ريعان الشباب إثر عملية جراحية في الكلى أجراها في حلب في عام 1928 عن عمر لم يتجاوز التاسعة والثلاثين عاماً وهو في قمة عطائه، وكانت وفاته خسارة كبرى للثقافة والمثقفين وسائر الوطنيين، تاركاً أنجاله الأربعة وهم كل من القاضي المعروف [ كوكب ]والد الدكتور سيار الجميل، والأستاذ[طالب الجميل]أستاذ الفلسفة، والسيد [فرقد الجميل] الرياضي المعروف، والسيد[سعد الجميل]الذي عمل لسنوات طويلة مديراً لشركة نفط الموصل. .
رحل الأستاذ علي الجميل بعد أن ترك لأبناء شعبه وأمته المؤلفات التالية:
1 ـ ديوان علي الجميل ومراسلاته
2 ـ حديث الليل [ في النقد الاجتماعي ].
3 ـ نوابنا في الميزان [ في النقد السياسي ] .
4 ـ أوراق علي الجميل [ المقالات والخطب القومية والوطنية].
5 ـ همسة في الأذان [ آراء وأفكار].
6 ـ شهقات ودموع [ رواية ].
7 ـ بين الزمهرير والسعير [ قصة].
8 ـ التحفة السنية في المشايخ السنوسية .
إن من حق الأستاذ الدكتور سيار الجميل أن يفخر بجده الكبير علي الجميل الذي قدم ما قدم في ذلك الزمان الذي قل فيه أمثاله، وعمل في ظل تلك الظروف البالغة القسوة بكل جد ونشاط ، وستبقى ذكراه خالدة في قلوب أهله ومحبيه.
10 /9 /2008
