نحيب الأقلام *

غير مجد في مثل تلك المنازل
أن تسيل الدماء من جفن ثاكل
قدر الله أن تصاب عباد
وبلاد بهول تلك الغوائل
وتمور الجبال موراً وقد كن
ن رواسٍ فصرن في شكل سائل
وتموج البحار حزناً وتضحى
من نجيع وتشمخر السواحل
……..

شبت النار بين تلك الضواحي
وغدت تجتاح القرى والمحافل
وبدأ أسطول الأتاليان صبحاً
يمطر النار من عظيم القنابل
فغدت ركعاً صروح المغاني
وبدت سجداً سطوح المنازل
وهوت أمنع القلاع وخرت
شاهقات الذرى فأمست زوائل
……..

فعويل من طرابلس الغرب يبدو
وضجيج دون التفاهم حائل
ونساءُ باتت وهن أرامل
ونساءُ ماتت وهن حوامل
وخليل ينعو بشجو خليلاً
وأناس يبكون فقد العقائل
وهمام يرثي المواطن حزناً
بنشيد تحنو إليه القبائل
وأناس تبغي المنايا فباتت
تحت ظل العجاج تلقى الذوابل
…….

عظمت هذه الخطوب فماذا
أنت يا دهر بالمصابين فاعل
كيف لا تلبس البلاد حداداً
لمصاب (بأدرنة) اليوم نازل
كيف لا تحزن القلوب لفقدا
ن مئات من الكرام الأفاضل
كيف لا تدمع العيون لخطب
هو خطب لسائر الناس شامل
………

رضي الله عن عصابة خير
هم بأفق الوغى نجوم أماثل
بعثوا الحرب عن عزائم صدق
وامتطوا للقتال أدهم ذابل
بايعوا الله أنفساً فاشتراها
بجنان لله تلك البواسل
فسلام على كرام أقاموا
تحت ظل السيوف بين المحافل
………

أيها الناس رحمة بيتيم
وجريح جودوا برفد ونائل
أيها الناس إنما المال يغني
وجميل الثواب ليس بزائل
إين أيد منكم تخفف كرباً
يا سراة الحمى كرام الشمائل
نسأل الله أن يصون ضواحي ال
أرض طراً من شر هذي المشاكل
فإليه الأمور ترجع طراً
ولكل أواخر وأوائل
…….

* نشرت في جريدة النجاح الموصلية عدد 62 تاريخ 15 صفر 1330 هـ ( 4 فبراير/ شباط 1912م ) لمناسبة احتلال ايطاليا ليبيا واندلاع الحرب الطرابلسية ضد الغزاة الطليان .