الرئيسية / مقالات / شركات عملاقة أقوى من دول كبرى !

شركات عملاقة أقوى من دول كبرى !

من السذاجة القول ، ان الاقتصاد الامريكي اليوم في ازمة ، وستنهار امريكا اقتصاديا من دون ادراك طبيعة الصراع الاقتصادي اليوم ليس على الثروات ، بل على المصادر ، وليس على الاستهلاك بل على الانتاج . ان الهيمنة على مقدرات العالم ومصادر ثرواته هو الهدف الاساسي الذي قفلت عليه الولايات المتحدة ضمن خططها الاستراتيجية بالغة السرية .. ان صراعها اليوم ينصّب اساسا ضد الصين التي تسابق الزمن لتصبح اكبر قوة منتجة في العالم بعد سنوات .. وان لا قوة انتاجية بلا طاقة ، وان لا حضارة مهيمنة من دون قوة ، وان لا تنازل مطلقا عن ارادة الاستقطاب ، فالحرب ، هنا او هناك ، كلها تجتمع في سلة الحرب الاقتصادية الكبرى التي تشنّها امريكا اليوم .. وما وجودها في افغانستان والعراق الا ضمن سياقات ساخنة في تلك ” الحرب ” . ان امريكا لا تريد منافسة غيرها ابدا في الاستحواذ على الثروات مهما كان نوعها ، او على الانتاج الصناعي والزراعي ، او على النشاط التجاري مهما كانت الاسباب .. انها لا تقبل ابدا اي منافس لها في الهيمنة ، ولكنها تقبل بشراكة الاخر في اطار العولمة .. وبالرغم مما صرّح به وزير الخزانة الأمريكي، جون سنو من ” إن تقوية نمو الاقتصاد العالمي يأتي على رأس اهتمامات مجموعة الدول السبع الغنية، مشيرا في نفس الوقت إلى ان بلاده ليست وحدها المسؤولة عن إنعاش الاقتصاد العالمي، وان على دول اخرى إتخاذ خطوات جريئة بهذا الشأن “. الا ان الخطط الامريكية التي افردتها منذ نهايات القرن العشرين ولخمسين سنة قادمة تقول بأن الولايات المتحدة تسعى من اجل مصالحها الحقيقية في البقاء والهيمنة على العالم .
صحيح ان الامريكيين يطالبون بعض دول اوربا وآسيا بضرورة إتخاذ “إجراءات جريئة وإصلاحات هيكلية لتحفيز النمو الداخلي وخلق المزيد من فرص العمل للمساهمة في الانتعاش العالمي.” وانهم يعلنون ” بشكل جلي أن الولايات المتحدة ليست المحرك الوحيد للنمو العالمي.” ان لفظ الدول الكبرى ، يعني كونها أعظم قوى اقتصادية وصناعية في العالم ، ولكن هناك قوى أكبر منها دون مساحة ارض وعدد سكان ، متمثلة بآلاف الشركات والهيئات الموزعة في العالم واعدادها ليست ثابتة بل قابلة للنمو ! ان هناك اكثر من عشرين ألف شركة رئيسية لها اكثر من تسعين ألف هيئة موزعة عالميا وهي في تزايد سنوي بمعدل ٢٠٪ . وكان توسع الشركات اليابانية بمعدل اسرع من معدل نمو الامريكية والانكليزية والألمانية.. انها شركات متعددة الجنسيات متجاوزة الحدود القومية ، وهي عملاقة ، تأثيرها اكبر من دول كبرى في سيطرتها على التجارة الدولية واقتصاديات العالم ، واحتكارها للتكنولوجيا مما يجعل دولنا الصغرى خاضعة لها كلياً. أن مشاركة الدول المختلفة في اجمالي الاستثمار المتراكم في العالم في انخفاض مطرد، فضلاً عن أنه بقدر زيادة التدفق لاستثمارات الشركات على الدول النامية ،تزيد قيمة الفوائد المحولة منها الى الدول المستثمرة ، وقد بلغت ارباح الشركات متعددة الجنسيات في عشر سنوات ماضية من استثمارات في دول نامية حوالي ١٧٦ مليار دولار ! وبسبب ماتدره هذه الدول على الدول الغنية من ارباح هائلة هي الاكثر قبولاً وتعرضاً للاستغلال،وبذلك تزداد الدول الغنية بواسطة شركاتها في استقرار مشروعاتها وتوسعها في الدول الفقيرة ،والتحويل الصافي للموارد نحوها ، وبعبارة ادق هو هروب مستمر لرؤوس الأموال من الدول النامية..
www.sayyaraljamil.com

مجلة الاسبوعية البغدادية ، العدد 33 ، 37 / 7/2008

شاهد أيضاً

زعامات ورزايا .. ورئاسات بلا مزايا

 الزعامة غير الرئاسة، والرئاسة غير الإدارة، والإدارة غير القضاء. لقد مضى زمن الزعامات الحقيقية، وماتت …