الرئيسية / الشأن العراقي / مكاشفات… عراقيــون أم غــير عراقيــين؟!

مكاشفات… عراقيــون أم غــير عراقيــين؟!

تسلمت قبل يومين من خلال بريدي الالكتروني رسالة طويلة جدا من مواطن عراقي قدير لا اعرفه ابدا، عمره قرابة الستين من السنين ارسلها بعد قراءته مقالتي الاخيرة في الصباح الاغر.. ولما كنت ارغب في ان يطّلع كل العراقيين على بعض مضامين ” الرسالة ” وابعادها ، فقد آليت أن أدبج اهم نصوصها في هذا (المقال) الذي أسميته بـ (عراقيون ام غير عراقيين)، وقمت بتهذيبها إملائيا ونحويا .. راجيا من القراء الأعزاء التأمل في ما كتبه صاحبها ، والذي يبدو لي انه يحمل فكرا يتحّيز فيه للعراق وهو يتعّلق بالعراق وأهل العراق طالبا العمل من اجل بلورة هوية عراقية صميمية ، ولم أزل لا اعرفه ولا اعرف من يكون .. وها هو بعض نصوص الرسالة:
الاستاذ الفاضل الدكتور سيار الجميل المحترم..
تحية طيبة
أنا من المتابعين لكتاباتك وأحس بحرقتك وغيرتك على العراق، برغم إنني بت لا أعرف معنى هذه الكلمة: هل هي تسمية للأرض التي اسكنها، أم هي تسمية لمجموع الناس الذين يعيشون عليها؟ أنا ابلغ من العمر قرابة الستين عاما واحمل شهادتين في الهندسة.. قرأت وقرأت وناقشت ثم ناقشت ولم أجد جوابا لسؤال يقول: هل أن ارض العراق ارض بلا شعب؟ وهل هؤلاء الناس هم أهل هذه الأرض؟ وإذا كانوا كذلك فلماذا لا يحسّون بالانتماء إليها؟ لقد فتحت عينيّ في هذه الأرض وأبي يقول : نحن زبيد من اليمن.. والربيعي يقول: نحن من طيء من الجزيرة العربية.. وقبل أيام خرج شيخ العساف الدليمي على شاشة التلفاز ليقول: إن دليم هي من زبيد، وان زبيد من الجزيرة العربية، وبما أن التاريخ يقسم العرب إلى زبيد وطيء وتحت ظل هاتين العشيرتين تنضوي كل عشائر العراق…. إذن ليس هناك من العراقيين الاقحاح على هذه الأرض.. إذن ليست هناك رابطة بين هذا الإنسان وهذه الأرض. إذن لا غرابة عندما يهبون لسرقتها وتدمير بنيتها التحتية، أم أن ذلك تم بدافع البداوة والغزو أم هناك شيء آخر؟، ذلك أن أكثر من 1400 سنة، والإسلام ورجال الدين يقرؤوننا القرآن والتعليمات ونسمع الفقه والوعظ والإرشاد وفي يوم واحد غابت الحكومة، تحولنا إلى سرّاق ومخربين وقتلة.. ” .
ويستطرد قائلا : ” لا زلت اذكر مقولة ترنّ في أذني : ” العراق خيره للأجنبي وشره على ولده! لماذا ؟ هل هذه الأرض ملعونة ؟ وهي قد قتلت كل إنسان شريف وخيّر أراد لها الخير..
عزيزي الدكتور سّيار ليس هنالك للعراقيين ما يجتمعون عليه، وهم على استعداد لأن يخونوا بكل خسة مقابل المال! والدليل إنهم آووا الأجنبي في بيوتهم وبين أعراضهم لكي يقتلوا أخاهم العراقي مقابل المال وهذه قمة الخسة والدناءة !! ويجب أن تطرح هذه القضايا والمظاهر التي حدثت على الملأ للمناقشة وكفانا طمس الرؤوس في الرمال!! لنطرح كل شيء.. كل المساوئ .. كل النفاق .. كل الغش .. كل اللصوصية… كل الأذى الذي لحق في المجتمع . نبدأ بدراسته اجتماعيا ونفسيا وتاريخيا على صفحات الجرائد والمجلات بأسلوب علمي أكاديمي عميق غايته إيجاد مكامن الخلل والمعالجة. لقد قرأت أخيرا نداءك ” أيها العراقيون … كونوا بحجم وطنكم أولا” وأنت تخاطب أناساً ماتوا قبل أكثر من ألفي عام. أوجدوا لنا يا أستاذنا ما نجتمع عليه ، نريد ” فكرة ” يجتمع عليها كل العراقيين بكل طوائفهم ومللهم ونحلهم ، ولتكن فكرة ” الأمة العراقية ” ، ولنضع لهذه الأمة تاريخا مشرفا وقواعد وأسسا يجتمع عليها سكنة هذه الأرض ولنسميهم (العراقيون)…. نحن لا نجد ما يربطنا بالمجتمعات المجاورة. ثقافتنا وتصرفاتنا غريبة عن هذه المجتمعات. لا يمكننا الانسجام معها.. هي تكرهنا وتتمنى لنا الشر بكل ما أوتيت من قوة والكل يحس ذلك اذن فنحن لا نمت لها بصلة..
اذن لماذا لا نجد لنا خصوصية لوحدنا ؟ أليس المصري يعتز بمصريته أكثر من كل شيء ويعتبرها أم الدنيا وكذلك المغاربة والخليجيون وباقي شعوب الأرض ؟؟ لماذا لا نحترم خصوصيتنا ونترّفع عن أن نكون تبعية لمن هم أوطأ منا وهم يتعالون علينا …. العراقي يهان في كل أصقاع الأرض … وفي العراق يفضل الأجنبي على العراقي ..والله لو وقفت أنت وعامل هندي تعبان في مكتب رئيس الوزراء لاستقبله بالحفاوة وأجلك ليوم غد.. أخي العزيز الاستاذ سّيار ، ليس لدينا انتماء للعراق ، وكلنا يتمنى أن يمنح إقامة في أي بلد ! وطنك هو حيثما تجد صون لكرامتك. لقد اثبت العراقيون بأنهم على استعداد لقتل بعضهم بعضا، وان عمليات القتل والتشويه لا يمكن لأسوأ شياطين الأرض أن يقوم بها…. لا بل إن الشيطان تبرأ إلى الله من أعمال العراقيين . وإلا ما قولك فيمن يقتل أبرياء ويقوم بقطع رؤوسهم، ثم يأتي برؤوس كلاب ليثبتها بالبراغي على أجسام الضحايا .. كما حدث في ديالى ! قل لي بربك هل يتمكن مصاصو الدماء والحيوانات الكاسرة بل أبشع الشياطين من القيام بذلك وغيرها من البشاعات…
نحن بحاجة إلى نبي عراقي يلم العراقيين على فكرة بسيطة تجمع العراقيين….. على الكتّاب والمثقفين القيام بحملة لتجميع العراقيين على أساس “الأمة العراقية” ، وهذه الأمة يجب أن تكون مقدسة وعلى المثقفين إيجاد أسسها وقواعدها والطرق التي تجعل الشعب بكل طوائفه يجتمع حولها. راجيا ان لا ينساق الكتاب والمفكرون العراقيون وراء كتابات لا تستحق عناء قراءتها…
أستاذي العزيز … إني اشعر بلوعتك وآلامك على العراق وشعبه … يا أخي اعلم إن كل الشرفاء والكفاءات تجلس في بيوتها وهي لا تجد لها مكاناً في بلدها أو لا تريد أن تجلس مع اللصوص والوصولية … الذين كانوا في مقدمة مسيرة صدام وهم نفسهم اليوم في مقدمة المسيرة!! يجب دخول بيوت الشرفاء لغرض إخراجهم وتسليمهم مسؤولية البلد. ان جميع الأحزاب الموجودة على سدة الحكم ليست لها قاعدة شعبية من قبل … بل إن نفس قاعدة حزب البعث توزعت على هذه الأحزاب …والدليل أعضاء البرلمان ومعركتهم حول مخصصاتهم وامتيازاتهم ورعبهم عندما حدث التفجير…. ومن الكفر أن يقولوا أنهم يمثلون الشعب … فالشعب لم ينتخبهم ، وما هم سوى ممثلين إلى كتلهم السياسية . مطلوب تكتلات للشرفاء العراقيين .. للكفاءات المستقلة الغيورة. مطلوب اجتماعكم كمثقفين لهذه الأمة العراقية على النهوض بها مهما كانت التضحيات.. يجب أن يكون للعراقيين خطر خارجي يجمعهم في الداخل… وان عليهم أن يحتموا ببعضهم البعض وإلا هلكوا !! الحديث طويل والهم كثير
تحياتي وتقديري
.(التوقيع)
ـ انتهت الرسالة ـ

ولا أريد أن اعلّق على النص في أعلاه ، ولكن عذرا لصاحب الرسالة المطولة الذي استوجب مني التركيز على المضمون من دون التفاصيل .. ولا اعتقد أن كل العراقيين كما وصفتهم الرسالة ، فلم يزل هناك من يحمل قيمه وأخلاقه وممارساته العالية في بيئة مكتظة بالسلبيات ، كما أن هذا ” النداء ” هو صرخة مواطن ينسحق كل يوم جراء ما يشهده من فواجع . ولا اعتقد ان العراقيين قد ماتوا منذ الف عام ! ان العراق اليوم بأمس الحاجة إلى تشكيل تكتّل عراقي سياسي حضاري نظيف حّر يقف بالمرصاد إزاء كل التكتلات الموبوءة .. تشكيل يجمع كل اللامعين المستنيرين والفنانين والمثقفين والمبدعين والساسة الصادقين النزيهين الذين ليس لهم إلا العراق وأنشودة العراق.. بعيدا عن الاختلافات وتباين الاتجاهات والتيارات والإيديولوجيات.. تكتل يناضل من اجل أهداف سامية من اجل العراق وخدمة العراقيين . فهل يمكننا أن نبدأ مسيرة جديدة من بداية الطريق ؟ أتمنى أن نجمع على هذا التشكيل.
الصباح البغدادية ، 7 مايو 2007

شاهد أيضاً

نقطة نظام ضد الفساد والمفسدين والفاسدين

ملاحظة : طلب مني عدد من الاصدقاء العراقيين ان اعيد نشر هذا ” المقال ” …