الرئيسية / الشأن العراقي / واللي شبكنا يخلصنّا .. !!

واللي شبكنا يخلصنّا .. !!

هذا العنوان لم يكن من وحي افكاري ، بل نقله لي الاخ السيد حميد الكفائي في آخر لقاء لي معه نقلا عن تعبير دوما ما يردده الاخ الدكتور حسن البزاز .. واعتقد ان له معاني مستترة عديدة .. فكل يوم يمضي على العراق والعراقيين ومشكلاتهم تتعّقد ومعضلاتهم لا تجد لها حّلا او تسويّة .. بل وان كل الحلول والمشروعات ان وجدت ، فهي لا تنفع ابدا في اخراج العراق واهله اجمعين من هذا النفق المظلم الذي وجدوا انفسهم يلوذون في الوحل والطين ..
والكّل يتساءل حقا : هل كان حلمنا هكذا ؟ هل ما رسمناه في تفكيرنا عن بلاد عريقة زاخرة بكل الامكانات تنتهي متمزقة على مثل هذا النحو المؤلم ؟ هل كّنا نتصّور ان العراق كان خزينا لاحقاد واوبئة وامراض لا اول لها ولا آخر ؟ هل كانت أمانينا وآمالنا العريضة .. مجرد احلام او اضغاث احلام ؟ هل وصل الامر بالعراقيين ان يتخلوا هكذا بسرعة عن تاريخهم الوطني الذي دفعوا من اجله زهرة شبابهم .. وذبح الاطفال حناجرهم وهم يرددون اناشيدهم من اجل ترابه ؟ هل يمكننا بهذه السرعة ان نعلن رحيل العراق ؟ كما يريد ذلك كل المستهترين .
هل يمكن ان اجد العراقيين يزايد احدهم على الاخر بوطنيته وهو ينتظر اللحظة التاريخية التي يجد نفسه حرا ينقّض على اخوته العراقيين ؟ هل اصبح العراقي ندا او خصما .. بل عدّوا للعراقي ويذبح احدهما الاخر بدم بارد ؟ هل ماتت وطنية العراقيين كي يعلن كل طرف عن شعارات محاصصات وتيارات وقوى .. والكل يتمترس في خندق ضد العراقيين الاخرين ؟ هل وصل الغباء بالبعض من العراقيين الذين باتوا يكرهون كل العراق ان يؤمنوا بما يأتيهم به هذا او ذاك ليبشرهم باقتراب اجل العراق .. ورحيله الى السماء اذ سيتقّطع الى اوصال ؟
هل بات كل العراقيين اضعف من أي يوم مضى في حياتهم حتى تجتمع الدول المجاورة له لتدعو اهله ان يحموا حدودهم ؟ هل وصلت البلادة بالبعض الاخر ليجد فرصته ويقارن من دون علم ولا خبر بين العراق ويوغسلافيا ؟ هل اصبح العراق بكل ثقله وكل معضلاته وتعقيداته بأيدي اناس لا يفقهون كيف يسيطرون على بيوتهم حتى يجدوا انفسهم وجها لوجه مع اصعب صناعة للقرارات ؟ هل انتهت بمثل هذه العجالة الاحزاب الوطنية وذاب روادها وتبددت مبادئها لتحّل بدلها الاحزاب الدينية التي لا تعرف الا التخبط والتيه وحشو الكلام ؟؟
وكيف يأتي كل هؤلاء النواب ورجال الحكومة بمثل هذه النسبة العالية من ارادة العراقيين .. وهم ليس باستطاعتهم ان يمشوا طلقاء لخمس دقائق في شوارع بغداد ؟ هل يمكننا ان نتخيل فقدان العراق من رجاله الاكفاء ونسوته اللامعات والعراق اليوم بأمس الحاجة اليهم .. وقد همشوا واقصوا بل وهجرّوا بالتهديد والوعيد .. في حين يعبث بالعراق ، ويعبث بالعراق كل الجهلاء ورهط من المتخلفين وحشر من الطائفيين وعصابات من السارقين والمهربين والارهابيين ؟؟
كيف يمكننا ان نتخيل العراق بهذا الوضع وهو يسير نحو حتفه والعالم كله ينتظره كيف سيلفظ انفاسه الاخيرة ؟ هل لنا ان نتصّور حكومة لا تعرف ماذا تفعل وهي عاجزة عن اداء اهم وظيفة لها والمتمثّلة بحماية الناس ؟ والناس من العراقيين يقتلون يوميا بالمئات ؟ كيف لاناس تسلّموا السلطة في العراق سواء كانوا من العراقيين او الامريكيين او غيرهم .. وهم لا يفقهون ردود الفعل التي تشعلها تصريحاتهم واعلامياتهم ومواقفهم ؟ كيف يمكن للعراقيين ان ينسجموا بعد اليوم وقد غابت الثقة من بعضهم البعض الاخر ؟
كيف يمكننا ان نتحّمل هذه الكارثة التي سوف لن تكتفي بالعراق ، بل انها ستمتد الى دول الجوار قاطبة ؟ كيف باستطاعتي ان اتخّيل بقاء العراقيين يدورون في دائرة النار المفرغة من كل الحياة من دون ان يجدوا طريقا معينا نحو المستقبل ؟؟ كيف يمكننا ان نرى العراق يسير نحو الهاوية ونحن ندرك بأن صوتنا واصوات الاخرين قد بحّت منذ ثلاث سنوات كي لا يسير هذه المسيرة الخطرة ؟
كم دعوناكم الى ترسيخ الثقة بين العراقيين ؟ كم دعوناكم الى تأسيس حكومة طوارئ والمرور بفترة نقاهة تاريخية ؟ كم دعوناكم الى التخّلي عن اجندتكم الحزبية التي لا تجد العراق الا في اسفل مبادئها ؟ كم طلبنا منكم ان تبدأ العملية السياسية والعراق بلد آمن ؟ كم قلنا لكم ان طبخة الدستور سوف لا تعمل الا بتفكيك العراق ؟ كم قلنا لكم ان العراق بحاجة الى مرحلة انتقالية تضبط خلالها حدوده ، وتوّثق علاقاته الاقليمية ويفرغ من كل الاسلحة وتحل كل الميليشيات والقوى الاوليغارية ويقبض على كل عصابات المرتزقة والحرامية واللوتية والقتلة ؟
كم طلبنا منكم ان يكون الاعلام العراقي وطنيا من دون أي شعارات طائفية او مواقف شوفينية ؟ كم اصرت بعض الاطراف على ان تكون وزارات معينة بايديها ؟ وملايين العراقيين لا يدركون تأثير هذه المساومات على مستقبله ؟ ولماذا الاصرار على وزارات معينة ؟ وملايين العراقيين اليوم باتت وقد افتقدت كل الامل بسلطة تشريعية انتخبوها بأي شكل من الاشكال ! وما هذا الانقسام عند العراقيين بين من يصّر على انسحاب المحتل من ارض العراق وبين من يصّر على بقاء القوات الاجنبية من اجل حماية السلطة !
واخيرا ، هل لنا ان نسأل : من الذي شبكنا بمثل هذه الشبكة العصّية وتركنا رهان الانتحار ؟ من الذي دفعنا نحو هذه البئر العميقة ، ولم نعرف كيفية الخلاص ؟ الى متى سينحر ابناء العراق انفسهم لاسباب واهية ؟ متى سيدرك اشرار العراق بأن اهدافهم سوف لن تتحقق ابدا ؟ متى سيختفي الارهاب من العراق ؟ متى سيأتي من شبكنا ليعترف بجريمته ويسعى كي ينقذ ما يمكن انقاذه ! متى سيسمع القادة الجدد لاصواتنا لا من اجل انفسهم ومصالحهم واحزابهم وطوائفهم وعشائرهم .. بل من اجل العراق ؟ انني لم اعد السكوت امام خدعة الشعب العراقي كي نخّدره بالاوهام والاماني العريضة .. ولا نحذره من فجائع الايام القادمة .. فهل سيخلصنا ذاك الذي شبكنا ؟ انني اشك في ذلك !

www.sayyaraljamil.com

الصباح
البغدادية
15 /7/2006

شاهد أيضاً

نقطة نظام ضد الفساد والمفسدين والفاسدين

ملاحظة : طلب مني عدد من الاصدقاء العراقيين ان اعيد نشر هذا ” المقال ” …