“أيها الناس اجتمعوا واسمعوا وعوا من عاش مات، ومن مات فات وكل ما هو آت آت …..آيات محكمات، مطر ونبات، وآباء وأمهات، وذاهب وآت. ضوء وظلام، وبر وآثام، ولباس ومركب، ومطعم ومشرب . ونجوم تمور، وبحور لا تغور، وسقف مرفوع، ومهاد موضوع، وليل داج، وسماء ذات أبراج. مالي أرى الناس يموتون ولا يرجعون. أرضوا فأقاموا أم حبسوا فناموا”.
قس بن ساعدة الأيادي نقلا عن الجاحظ في البيان والتبيين
لقد ازدادت مكابدات اي مثقف حقيقي هذه الايام في مجتمعاتنا التي ازدادت وتيرة سرعتها الى الوراء بشكل مضاد لعجلة التقدم في مجتمعات متمدنة أخرى . ولقد غدا المثقف الحقيقي يواجه واقعا مؤلما يمتلئ بالتناقضات المريرة سياسية واجتماعية وثقافية .. انه يعيش ازمة ذات وتناقضات مجتمع معا فضلا عن هزال مؤسسات في ما سمي بـ ” الدولة ” .. انه يعيش معضلة تمرد او تقّبل .. انه يعيش مشكلة ثقافة واحدة وتصادم ثقافات .. انه يكّبل فكره ومشاعرة بمعيار واحد ، ولكنه يعيش ازدواجية معايير .. انه يعيش عصر معرفي متقدم جدا في بيئات متخلفة ومنسحقة وخاوية .. انه يعيش الحلم ويألف سماع القيم الفاضلة ، ولكنه في حقيقة الامر يصارع في غابة شرسة من فوضى قيمية .. انه يعيش الحلم الحضاري بين اكوام من التناقضات .. انه يعيش تحولات فكر ازاء حزمة سياسات بائسة واجندة مصالح داعرة .. انه يعيش التزام مبادئ حرة ازاء قفل الابواب وتحجر العقل .. انه يعيش حلم الانطلاق كالطيور ، ولكنه مسجون الارادة مكبل التفكير .. انه يطمح للسلام والعدالة والتقدم وهو يعاني من ويلات الحروب وجحيم العصابات وتحجر المتكلسين .. انه يعيش شقاء الوعي بكل جوارحه . الانسان العادي لا يشقى شقاء الفكر والذات انه ينعم بعدم استخدامه عقله .. وفعلا فان ذا العقل يشقى بالنعيم بعقله..وأخو الجهالة بالشقاوة ينعم !! من يفكر ومن يقرأ ومن يتعلم ومن يمتلك الوعي بالتاريخ والواقع والمصير ، سيتحرر تفكيره من سجن هذا الواقع وسيخاف المصير .. ولعل من اسوأ ما يمكن عرضه من امثلة تتجسد امام الجميع والكل يؤمنون بالمسكوت عنها هي تلك الصور المتصادمة التي لا يمكن ان تبقى متخيلة وبعيدة عن التفكير باسم الواقع القائم .
المثقف واضداده المعاصرة
لقد شاع مصطلح ( المثقف ) واستهلك كثيرا كونه يطلق على كل من يقرأ ويكتب في مجتمعاتنا المنكودة ، فقد بات الناس يبحثون عن المثقف الحقيقي الذي يمتلك الوسيلة والاداة من اجل تقديم اي ابداع واي افكار او المساهمة باي مشروع ينأى فيه عن اي طوباوية او خيال او ادلجة .. ويقترن قوله بفعله لتجديد الواقع او اصلاحه او تحديث عناصره ناهيكم عن رسم ملامح للتقدم والابداع .. لكن مثل هذا المثقف المنتج سيشقى بوعيه ويعاني بتفكيره .. وسيصادف من المكابدات ما يجعله يصارع من اجل البقاء والتواصل وهو محاصر من سلطات شرسة لا حصر لها ، في مقدمتها سلطة انصاف المثقفين وسلطة رجال الدين وسلطة الامن والاعلاميين .. الخ فالامر ليس هينا ابدا في ان يجد الحياة في عالمه ليست واقفة حسب ، بل متراجعة وتمشي على رأسها بعد ان تقطعت رجليها وهو لا يستطيع ان يقدّم لها شيئا .. وليس من الهين على اي من امثاله ان يجد نفسه وقد حاصرته الافات الجديدة التي وفرتها التكنولوجيا المعاصرة وثورة الاتصالات والمرئيات التلفزيونية .. ومن اكبر جنايات هذا العصر ان تجد ثورة المعلومات المكتوبة والمرئية امامك وهي تشوه ليس القيم واساليب التعامل ، بل تجعل الناس يهرعون اليها وقد غدت كل المعلومات خاطئة او مزورة او مشوهة لأن من زرعها بالعربية لم يكن بصاحب اختصاص او معرفة او ببحث موضوعي .
الوعي Consciousness : بيان المعنى الاصطلاحي والفلسفي
ان بيان معنى الوعي لغويا أسعفنا به ابن فارس بقوله :”الواو والعين والياء: كلمة تدل على ضمَّ الشيء. ووعيتُ العلمَ أعيه وعياً . وأوعيت المتاع في الوعاء أُعيه..” (معجم مقاييس اللغة 6/ 124 ) وهذا ما نجده أيضاً في القرآن الكريم : “وتعيها أذن واعية” (سورة الحاقة 12) وقوله:”وجمع فأوعى” (سورة المعارج 18) وهي هنا بمعنى الجمع والحفظ . فالكلمة قديمة جدا ، ولكنها لم تستقر في استعمالاتها بالعربية الا في القرن العشرين . ولكن هل انغرس الوعي بالوعي نفسه في العقليات التي سادت المنطقة كلها وستسود الى زمن قادم ؟
ان معنى الوعي صعب ، اذ انه احساس مصاحب للحالة الحيوية الوظيفية التفاعلية للعقل الانساني في ما يمكن ادراكه تماما ، والعمل بكل تلك المدارك .. وان حالة الوعي ربما لا تتجسد ـ كما يقول مكدوكل ـ لدى صاحبها ، فالوعي ليس هو الذي تشعر به تجاه نفسك كواع ، ولكن ما تلاحظه من وعي غيرك ، وهناك فرق كبير بين ما يدركه الانسان وبين الذي يعيه ، فالادراك لابد ان يكون في حالة تبادل ولكن الوعي راسخ من اليقينيات بالاشياء والمعلومات والافكار . وعليه ، فثمة امور لا تعد ولا تحصى يدركها الانسان ويعيها ، اذ يدركها بشكل مباشر ولكن يعيها بشكل غير مباشر بفعل ما ترسخ في لا وعيه الباطن . ان حصيلة ما يترسخ لدى اي انسان لا يمكنه ان يقدره حق قدره الا الاخرون ، فثقافتك لا تستطيع تقدير حجمها بنفسك ، ولكن الاخرون هم الذين يقدرونها ، وصورتك نفسك لا تستطيع ان تراها دوما ، ولكن غيرك يراها ويميزها .
يتشكل الوعي من: 1 ـ الفهم، 2 ـ الإدراك ثم 3ـ القناعة بما فهمته وادركته . وكلها تحكمهما عناصر الوراثة البيولوجية، والتي تتشكل نتيجتها الوراثة السيكولوجية؟! وما يكتسبه الانسان من المكتسبات ابان 30 سنة من تكوينه .. ربما يعي الانسان الامور عند اكماله المراهقة ، ولكنه غير قادر على صنع القرار بقوة ..
ان نقيض الوعي ما اصطلح عليه بـ ( اللاوعي ) ، واعتقد انه تعبير غير موفق تم استعماله منذ عقود طوال من السنين ، فما يختفي في اللاوعي هو موجود ، اذ يعبّر عنه
بالحس الداخلي (Inner Sense). والتي سماها علم النفس العربي المعاصر خطأ باللا شعور وبما تحت الشعور ، باللا وعي ؟! علما بأن الافعال الانعكاسية كلها يحتفظ بها اللا وعي . ان الوعي هو بمثابة خزين المعلومات المكتنزة واللا وعي هو المعبّر عن ذاك الخزين ربما بطريقة غير مقصودة .
زهور في مزبلة
وعليه ، يستوجب أولاً أن نفهم معنى الوعي الذاتي ( اي : ما يمكنك ان تعرفه عن نفسك وما يمكن لك ان تساهم به وحجم تلك المساهمة وتأثيرها ) وهو وعي المرء بانفعالاته الشخصية وحالته المزاجية كما تحدث في مجتمع باستطاعته ان يثمن مدى ما يقدمّه اللا وعي ، وهنا يتطلب الامر ان يكون المجتمع على قدر المسؤولية التي يعتني فيها بافكار وابداعات ونصوص ومنتجات ابنائه ، فان لم يكن فان الشقاء سيلحق بكل ابناء النخبة الواعية ، اي كأنك ترى بأم عينك زهورا في مزبلة ، واعتذر عن هذا التشبيه الذي استخدمه كولن ولسن قبل اربعين سنة .. ان المشكلة اصلا في المجتمع الذي تتنوع فيها البشر ، فان كان المجتمع له سيرورة طبيعية في التحولات ، فهو الذي يسعد فيه كل الوعاة وتتلاحم فيه كل النخب وتتصارع فيه كل الطبقات وينمو فيه كل المثقفين وتتطور فيه كل الاليات والاساليب ، اما ان كان المجتمع منكسر ومتراجع وتسيطر عليه الفوضى ومزروع بالكراهية والاحقاد والانقسامات والصراعات ، فسيشقى فيه الوعي شقاء لا حدود له .. ، حيث يعتمد الوعي ليس فقط على المشاعر والانفعالات في حد ذاته ، بل بالواقع وما يترسخ فيه من ادران واختلال في حجم العدالة في تقييم الانسان على قدر حجمه ووزنه من ناحية الكفاءة والخبرة والثقافة .. ومما يزيد في الامر شقاء انتقاص من الانسان نفسه لرأي يحمله او فكر يؤمن به او جهة ينتمي اليها .. واجهاض فظيع لحقوقه وسيطرة الاغبياء والاشرار على مقدراته .. بل والشعور بضياع المعاني والرموز عندما تجد اشباه المثقفين هم الذين يصنعون القرار ويتنفذون بالشأن الثقافي والاجتماعي معا .. ان ذلك يزيد من الاضداد وتراكم حجم الشقاء .
احادية الوعي الواعي بنفسه : من يعرف نفسه يعرف مجتمعه
ان شقاء الوعي ، اي وعي بالمجتمع وبالنفس ( اي بالذات الجمعية والفردية ) سيزيد من حالات الاحباط والنفرة والنزوح والهجرة والتشرد .. وان عدم راحة البال نتاج شقاء الوعي وازدياد ما يكمن وراء هذه المشاعر وتفاقم حجم القلق والمخاوف والغضب والحزن ، وهذا ما يؤكد قول سقراط ” أعرف نفسك ” ، او قول جان جينيه ” الخلاص بالعبث ” او قول توينبي ” الاعتكاف والعزلة ” وكأن المعرفة هي مفتاح الشفاء ، فالانسان الذي لديه قدرة على الوعي بمشاعره وفهمها والوعي بأفكاره عنها سيكون له بالضرورة وازع من ضمير اجتماعي حي على تقديم الاحسن لمجتمعه ولا يريد من مجتمعه الا تثمين عمله ، وهذا هو حال كل المجتمعات التي تعرف قدر نفسها ، اما ان اختلطت الامور بحيث حل الواطئون محل الاعلون فستنقلب الامور عاليها اسفلها .. وعند ذاك تنسحق المشاعر الجمعية وتتراخى قضايا المجتمع وتتحكم السلطات الشريرة والغبية والساذجة في هدم المستقبل . ولعل اسوأ تجارب الحكم في دول عدة منه في الشرق الاوسط ، ان اصحابها حكموا سنوات وعقود طوال بلا وعي لا بانفسهم ولا بمجتمعاتهم .. حكموها بالحديد والنار وباحادية ودكتاتورية بغيضة لأنهم وجدوا انفسهم اكبر من الاخرين .. حكموها بالشعارات الكاذبة والوعود البراقة بعد ان خانوا الامانة لأنهم لم يعوا حجم المسؤولية لا المحلاية ولا الاقليمية ولا الدولية .. بل والانكى من كل هذا وذاك فانهم قاموا بتخريب عقول الناس واوهموهم ولم تزل الاجيال متعلقة بهم وباكاذيبهم واوهامهم !!
ماذا انتجت تصانيف الوعي ؟
لقد ازدحمت ثقافتنا في النصف الثاني من القرن العشرين بمصطلح ” الوعي ” من دون العمل به ، بل ووجدنا ان استخدامه طال الجميع ، كل حسب غايته وهدفه ، فقرأنا وسمعنا ـ على سبيل المثال لا الحصر بـ ” الوعي الذاتي ” و ” الوعي الصحي ” و ” الوعي الجنسي ” و ” الوعي القومي ” و ” الوعي السياسي ” و ” الوعي الحضاري ” و ” الوعي الديني ” و ” الوعي المادي ” و ” الوعي الطبقي ” .. الخ ولكن ما الذي انتجه كل هذا التصنيف في حياتنا ؟ وهل تحقق ” الوعي ” نفسه لدى اصحابه اذا كان المجتمع تغلب عليه نسبة الجهل والامية ؟ هل استطاع المصطلح ان يحرر نفسه من ربقة الايديولوجيات ؟ لقد شاع استعماله من دون ان ينغرس فعلا لدى الجميع وخصوصا عند المتعلمين في المجتمع ، خصوصا اذا علمنا بأن ضبط تطبيقه يأتي كونه الادراك العقلي الواضح بمتطلبات الاشياء الجميلة والاعمال الناجحة والتحليلات الرصينة .. الخ وعليه ، فان اي مشروع او فكرة او برنامج لا يمكن ان يحقق النجاح ما لم يسبقه فكر موضوعي وتوازن فكري وادراك متبادل .. الخ
الشفاء والشقاء : المثقف ومهمة الدور السياسي والاعلامي
ليس باستطاعة المثقفين في عموم مجتمعاتنا العربية ان يقفوا مكتوفي الايدي ازاء واقع مزري يصنعه الساسة ، ويشكّل المثقف الحقيقي عبئا ثقيلا على السياسي اليوم ، خصوصا عندما يتجاوزه في المؤهلات والمعرفة والخبرة .. وهذا ما نلمحه تماما في الصحف العربية او في اللقاءات التلفزيونية .. ولا يمكن ان يغدو المثقف العربي الحقيقي اداة طيعة بيد من يمارس عليه القرارات ويملي عليه الاسئلة البليدة في ما نشهده من الحوارات العقيمة المهيجة للمشاعر العربية حتى وان برع وكان من امهر السياسيين في حين لا يمكن لأي سياسي ان يكون مثقفا وعلى مستوى عال من الرؤية ! وحين يتحقق ذلك، سيتغير وجه التاريخ في منطقتنا بالذات وبصورة مؤكدة ، وتتحقق اخيرا جمهورية الحكماء الافلاطونية او دولة مدينة العدل الفاضلة على الارض، ان الناس متى تملكها الوعي ونجحت باختيار من يمثلها .. فالحياة ستعتدل شيئا فشيئا من دون مناهج غير صالحة لواقع بائس ، وبلا محللين استراتيجيين عرب مشاغبين ليس لهم الا مديح هذا وشتم ذاك من اجل لقمة سائغة او اعطيات مالية . لكن للمثقفين، ونقصد اولئك الذين لهم قوتهم الحقيقية ، اذ لابد ان تكون لهم اصواتهم عالية قد تعلو على اصوات السياسيين، وقد تغير كلماتهم اتجاهات الرأي العام الى هذه الدرجة او تلك. فصرخة اميل زولا الشهيرة «اني اتهم» في القرن التاسع عشر، هي التي حركت الامة الفرنسية واجبرت الحكومة آنذاك على التراجع عن قرارها الظالم بادانة اليهودي دريفوس، بالخيانة العظمى.
نماذج من الافتراقات
وهو السؤال نفسه الذي يثيره المثقفون العراقيون بوجه اصدقائهم واخوتهم العرب الذين سكتوا سكوت ابو الهول وسكنوا وصمتوا على اضطهاد اخوتهم العراقيين في الدواخل والشتات اثناء حكومات الاستبداد وحتى يومنا هذا ؟ بل ويفترق اغلب المثقفين العرب ازاء ظواهر لا يمكن الاتفاق عليها ، اذ كتب محمد حسنين هيكل كراسه ” ازمة المثقفين ” ، ولكن من دون اي ادراك من كان سببا في تلك الازمة ، وكأن المسألة مرحلية ، وكأن لم يساهم الزعماء في ضرب النخب المثقفة وتشويه صورها عند الجماهير .. وقد انتقلت الازمة الى معضلة . وقد كتب توفيق الحكيم كتابه ( عودة الوعي ) بعد رحيل الرئيس جمال عبد الناصر . وكأن الوعي عاد فعلا .. ولكن هل امتلك اي مثقف عربي وعيه منذ رحيل عبد الناصر حتى اليوم ؟ واذا كان المثقفون الغربيون قد اثارتهم واحزنتهم مجازر ستالين حتى الاعماق مما جعلهم يدينون سياساته وهو الذي تحالف مع الحلفاء ضد هتلر ، فان المثقفين العرب لم يكتفوا بصمتهم وسكوتهم ازاء حكامهم المستبدين ، بل راحوا يقدسون طواغيتهم ويجعلون منهم رموزا للبطولة والريادة والقيادة والزعامة والابوة والمجد والتفاخر .. الخ سواء كان ذلك على ايام عهودهم ام حتى بعد سقوطهم او من بعد رحيلهم . كان الوعي متخاذل تماما امام هيمنة اي متسلط او دكتاتور ولم يزل الامر كذلك .. وخذلان الوعي ان تحس بكل الفجائع وانت لا تتكلم .. مثقفون يصفقون للبطل .. مطربون يمجدون بالريّس .. اكاديميون يسيرون وهم يصفقون في الشوارع .. اعلاميون يؤلهون السلطة .. كّتاب يزدحمون عند ابواب الحكام .. ومن المؤسف ان هؤلاء جميعا يمرون بازمة حادة من تناقضات يحملونها وهم يكذبون على العالم من خلال اقنعتهم التي يلبسونها في كل تهريجاتهم باسم المبادىء والدين والقيم !
واخيرا : متى يعود الوعي الحقيقي ؟
لم اقل ينبث ، ولم اقل ينبعث ولم اقل يتجدد .. بل قلت متى يعود .. ان الوعي مختبئ لابد ان يعود ، ، والوعي لا يتجدد فهو اكبر من التجديد .. وعليه ، فلابد من عودة الوعي الواعي بنفسه ، اي عودة الوعي الحقيقي ، فان زاد الوعاة ، سيتمكن المثقف الحقيقي من اخذ دوره في الحياة ، وسيسهم في التقدم ، بل سيقود بنفسه عملية التغيير والتحولات ، وهو البديل الحقيقي عن اي ساسة طفيليين وعن اي ضباط عسكريين فوضويين وعن اي رجال دين مارقين معممين منافقين وعن اي انصاف مثقفين لا يعرفون الا السماجة الاعلامية واستعراض العضلات والنفخة الكاذبة .. وايضا عن اي جهلة جامدين واكاديميين متكلسين وعن اي مؤدلجين مضللين باسم اي عمال وفلاحين وكادحين وعن اي ادعياء مناضلين مؤدلجين ليس لهم اي وعي بتحمّل المسؤولية لا السياسية فحسب ، بل الحضارية اساسا ، ان حياتنا تعج اليوم بانصاف المثقفين الذين لا يتمتعون بأي صفة تذكر من صفات المثقف الحقيقي .. دعوني اطّل عليكم ثانية في حلقة قادمة عنوانها : انصاف المثقفين مجرد مدرسة مشاغبين راجيا الانتظار.
www.sayyaraljamil.com
ايلاف ، 29 اكتوبر 2007