هو ليس كتاب الاغاني لابي الفرج الاصفهاني الذي مضى على نشره عدة قرون ومازال خالدا خلود روائع امهات الكتب العربية المعروفة، فهذا الكتاب كتاب الاغاني الذي اصدرته شركة استويدهات حكمت للانتاج التلفزيوني والاذاعي التي انجزت لحساب قناة الحرة عراق برنامج الاغاني الذي قدمته الاعلامية الناجحة داليا العقيدي خلال شهر رمضان المنصرم وتضمن اختيار(100 اغنية عراقية)، على مدى قرن من الزمان(1900-1990) فكانت خطوة موفقة بل واكثر من موفقة الاقدام على تقديم هذا البرنامج وتوثيق الاغاني المختارة التي تم اعتمادها عبر اسس ومباديء علمية وفنية غير اعتيادية..
وكما قال موفق حرب مدير قناة الحرة فأن(الاغاني شأن الفنون والاداب عموما مرايا عاكسة لتجارب الشعوب الروحية والاغاني خصوصا مقاربة حسية وجمالية لروح اية امة)، ثم ان هذا الكتاب يقف (عند تأريخ الاغنية العراقية هو نوع من مقاربة الشخصية العراقية كما انه يطمح ان يكون ثقة الى عوالم الغناء العراقي الجاد او الذي يملك مقومات تمثيل اسرار الروح العراقية)..
واذا كان موفق حرب قد اختار لكلمته الافتتاحية لهذا الكتاب الفريد من نوعه عنوان مجازفة؟ فأننا نعتقد كما رأى هو ان هذه المجازفة كانت في محلها لاسيما وان جميع الاغاني التي قدمت في برنامج الاغاني هي من افضل الاغاني العراقية في القرن العشرين وعليه فأن الاغاني التي جاءت في صفحات هذا الكتاب تعد من افضل الاغاني بعيدا عن التفضيل بين اغنية واخرى ذلك ان لكل اغنية زمنها وجوها وروحيتها وظرفها الذي ظهرت فيه)، بحيث بات هذا الكتاب معينا للمهتمين والمتذوقين للغناء العراقي وكان محاولة ناجحة في جمع تراثنا والمحافظة عليه مثلما كان برنامج الاغاني ذاته الذي عمل على انجازه في مجال اختيار الاغاني وتمحيصها: د. طارق حسون فريد ود. هيثم شعوبي والباحث موفق البياتي والناقد عادل الهاشمي والمايسترو عبد الرزاق العزاوي فضلا عن معد البرنامج شكر خلخال والفريق الضخم الذي هيئ لانجازه وقام بأخراجه الفنان بارع العزاوي.
ولعل الحسنة الاهم والاكبر في هذا المشروع البرنامج والكتاب انه كان من انتاج قناة اخبارية هي (الحرة) وغير العراقية ايضا ولكنها كانت تعرف صدى اهمية ومستوى هذا المشروع الحضاري الذي يحفظ للاجيال وللمهتمين تراثا متنوعا وشاملا لفضاء الاغاني العراقية وما يتصل به من موسيقى وفنون وحناجر وكلمات واشعار والحان وانغام ومقامات والوان واشكال ولزمات موسيقية وشخصيات من كل بيئات العراق اذ ان (فضاء فنون غناء العراق -كما اكد د. سيار الجميل في كلمته التي تم نشرها في هذا الكتاب تحت عنوان (اسطورة الاغاني العراقية: تأملات نقدية)- المتنوعة ارحب فضاء تشهده اي امة من الامم في منطقة الشرق الاوسط بكل موروثاته الفولكلورية ومدارسه الثقافية وتلوناته الحضاررية واشكاله البيئية وتقاليد مقاماته المتنوعة، ولا بد ان تعود الحياة لهذه القناة الابداعية بعد الجدب الذي شهدته في حقبة صدام الذي جعل الموسيقى والغناء كله لتمجيد بطولاته و الصراخ و(الدبك) من اجله لتختلف مرحلتنا الراهنة لاسيما وان القرائح لم تمت وان المواهب تنتظر زمنا آمنا ومناخا ملائما وظروفا مساعدة للانطلاق من جديد من اجل تكوين تاريخ اخر من نوع اخر لابداعات عراقية كما يرى- ونرى معه- د. سيار الجميل الذي فاجأ الجميع بعلمه وسعة اطلاعه في هذا الميدان الذي كنا نظن انه جديد عليه فخاب ظننا فما اسعدنا ونحن نخيب في ظننا.
كما اسعدنا السيد محمد حسين فضل الله وهو يدلو بدلوه في شرعية الغناء الاصيل والموسيقى الراقية..
كتابات
13/7/2006
شاهد أيضاً
حمّى رفع الشعارات: السياسي والأصولي والمثقف وصاحب المال
أطنب القدامى في الحديث عن علاقة المثقف بالسلطة في مختلف العصور وكشفوا النقاب عن الإكراهات …