جنّة أم الربيعين في فيديو رائع عن لوحة ” انا والنوى ونينوى”
سيّار الجميل
لقد ترجمت الفنانة الخطاطة الكبيرة السيدة جنة عدنان احمد عزت ( التي اسميتها بجنة ام الربيعين ) بعض ابيات القصيدة الشهيرة ” انا والنوى ونينوى ” الى لوحة ترقى بقوتها ، وجماليات الوانها الربيعية ، ودقة عملها الى مصاف اقوى اعمالها الفنية التي اشتهرت بها في كل العالم .. ولقد قامت باهدائها لي مرسلة اياها بالبريد السريع من نيوزيلندا حيث تقيم الى كندا حيث أقيم ، وقالت انها بصدد اخراج فيديو خاص بهذه اللوحة ، كما وطلبت جنة من الفنان الصديق المطرب الموصلي القدير الاستاذ عامر يونس ان يغني تلك الابيات المرسومة بالوان ام الربيعين ، وقد اجاد الرجل في شدوها اسوة بغيره من الفنانين الموصليين السابقين الذين غنوا هذه الابيات الرائعة على امتداد القرن العشرين ..
ولا اغالي ان قلت ان جنة التي تخط بيديها الاثنتين في آن واحد هي الوحيدة في هذا العالم التي احترفت هذا الفن الصعب ، واجادت فيه بعد ان تتلمذت على اعظم خطاطي القرن العشرين سواء الامدي في تركيا ، او السيد سابق في مصر ، او يوسف ذنون في العراق وغيرهم . بهذه المناسبة ، لا يسعني الا ان اشكر الاخت الفاضلة السيدة جنة على مبادرتها الرائعة هذه ، واهدائها لوحتها الرائعة لي والتي اخذت مكانها في صالة الاستقبال ببيتي في مدينة مسيساغا بكندا ، متمنيا ان تكون هذه القصيدة الخالدة رسالة حب وانتصار لام الربيعين في معاناتها اليوم وهي تتحدى اشرس الاعداء الذين دمروا كل الاشياء الجميلة والحضارية فيها ، وهي تمر بزمنها الخؤون .. ان الموصل هي التي تستحق مثل هذا العمل المبدع ، وادعو الله ان يحتفل العالم كله بانتصار أم الربيعين ..
مرة اخرى ، احي المبدعة جنة ام الربيعين ، واشكرها شكرا جزيلا على مبادرتها الحضارية والوطنية .. حيوا معي ايها الاصدقاء هذه الفنانة المبدعة الوفية لمدينتها ووطنها واهلها وهي في اقصى العالم . دوما اقول بأن جنة واحدة من أندر نسوة العراق المبدعات ، نظرا لما قدمته من ابداعات لها قيمتها الفنية العالية .
ودعوني اقدم تعريفا لصاحب القصيدة جدّنا المغفور له الاستاذ علي الجميل ، وانقل لكم بعض الابيات الاخرى من القصيدة ، وتاريخها وانطلاقها على الافواه منذ قرن من الزمن :
الشاعر علي الجميل
اما جدنّا صاحب القصيدة الاستاذ علي الجميل 1889- 1928 م ، فانني اعمل اليوم على تحقيق ديوان شعره لاقوم بنشره في طبعة جديدة ، وقد عثرت على قصائد رائعة له مع كتابة سيرته وابداعاته وكتبه التي كتبها قبل ان يرحل في عز الشباب عن عمر قصير ( 39 عاما ) اثر عملية جراحية اجريت له في مدينة حلب التي زارها للاستشفاء رفقة اصدقائه ، وقد دفن في الموصل عام 1928 ، وكان كل من المطربين الحلبيين الشهيرين صباح فخري ومحمد خيري قد تغنوا بقصائد اخرى للشاعر علي الجميل ، ومن اشهر ما شدو به له :
قالوا حبيبك محموم ، فقلت لهم اني امرؤ صادق لا اعرف الكذبا
استغفر الله عن ذنب شقيت به انا الذي كنت في حمائه سببا
قبلته ولهيب النار في كبدي علي اداوي به الجرح الذي غلبا
رائعة : أنا والنوى ونينوى
هي قصيدة للمرحوم علي الجميل ، قالها وهو في منتهى الحنين لمدينته الموصل عندما كان طالبا بالكلية الشاهانية في الاستانة . وكان للجميل نشاطه النهضوي القومي العربي الفعّال في تأسيس جمعية المنتدى الادبي فيها عام 1909 رفقة كل من اصدقائه : شكري القوتلي رئيس الجمهورية السورية الاسبق ، والوزير السوري الاسبق زكي الخطيب واحمد عزّت الاعظمي والشهيد عبد الكريم الخليل وغيرهم . كتب علي الجميل هذه القصيدة شتاء عام 1908 ـ 1909 ونشرها عام 1911 وقد غّناها من مقام النوى كل من الفنانين الموصليين : سيد احمد عبد القادر والاستاذ عبد العزيز الخياط وسيد اسماعيل الفحام ويونس ابن الكني والملا عزيز الموصلي وآخرهم الفنان عامر يونس .. وها نحن هنا الان نعيد نشر بعض ابياتها لمناسبة مرور قرابة 110 سنوات على ولادتها ، ومرور قرابة تسعين سنة على رحيل صاحبها ، وهذا مقطع منها .. وكان العديد من الاصدقاء قد طالبوا باعادة نشرها اليوم ..
هَـلْ أَنْتَ مِثلي قَدْ شَجَتكَ يـدُ النَّـوى أَمْ سـالَمتْـكَ فَقُمتَ تُلْحِن بالنَّـــوى
إنّـِي وَمــَنْ فَلـَقَ النّـَوى أبداً فَلا قَلبـي لِغيـرِ وِدادِكُـم يومـاً نَوى
ياأهلَ مَوصِلَ مـا قطعـتُ مَـدامِعي عَنكُـم ومازالَ الهُيامُ بنينــــوى
قدْ خُضْتُ فـي لُجَجِ الغرام ببُعدِكُـم وَشَقيتُ لكنَّ غُصنَ شوقـي ما ذَوى
ألَحّني دَهْري الخَـــؤونُ لأنْثنـي عنكُم فما ضَـلَّ الفُــؤادُ وَما غَــوى
آهٍ علــى أوقـاتِ لَهوٍ بَـيـنــــــكُم مَرَّتْ وما أحْلـى المـودَّةَ والهَــوى
ياصاحِ هــلْ يصْفو الزمـانُ ونلتقـي وَيَعودُ سَعدي للأثيــرِ كَما هَـــوى
وَأرى الـدِّيـارَ كمـا عَهِدْتُ وأَهْلَـها وَأشُمُّ رَيَّاهــــا وَأنْتَشِــقُ الهـوا
ياليتني واليومَ مَوْصِـلُ موصـــلاً فَأرى البَشائِــرَ والهَنـاء بنينــوى
وَأَهيمُ في مَعنــى الغــرامِ حَقيقـةً وَأُهَنِّي قَوميَ بالشِّفــاءِ وبالـــدَّوا
( اسطنبول 1329هجرية, 1911 ميلادية )