Home / تراث آل الجميل / 80 سنة على رحيله.. تقرير ثقافي مجلة الاسبوعية ، 28 سبتمبر / ايلول 2008 علي الجميل:هل أنت مثلي قد شجتك يد النوى؟

80 سنة على رحيله.. تقرير ثقافي مجلة الاسبوعية ، 28 سبتمبر / ايلول 2008 علي الجميل:هل أنت مثلي قد شجتك يد النوى؟

تقول الوثائق المكتشفة والمعاد اكتشافها والتي تنشر للمرة الاولى، أن الاستاذ علي الجميل كان أديبا وسياسيا ومفكرا نهضويا مستنيرا عاش مخضرما بين القرنين التاسع عشر والعشرين، وهو من اسرة عربية قديمة عرفت بالتجارة والثقافة. وكان علي الجميل شاعرا وكاتبا وصحافيا معروفا، ورغم رحيله المبكر، الا انه خدم الثقافة العربية الحديثة، كما خدم القضية العربية في كل من اسطنبول وبلاد الشام والعراق برفقة العديد من المثقفين العرب الاحرار. تخرج في مدارس الموصل، ودرس على يد اشهر علمائها، وذهب في مطلع شبابه الى الاستانة بعد انقلاب الاتحاديين في العام 1908، وانخرط في الكلية الشاهانية هناك وكان رفيقه فيها رستم حيدر الذي غادر اسطنبول في العام 1909 الى فرنسا، وبقي الجميل فيها ليؤسس مع كل من الشهيد عبد الكريم الخليل واحمد عزت الاعظمي وبقية الشباب العربي جمعية المنتدى الادبي التي اشتهرت بدورها الثقافي والسياسي العربي، وقد حرر علي الجميل في مجلتها «المنتدى الادبي» بعض مقالاته واشعاره القومية، كما حرر في مجلة «لسان العرب».
انتقد علي الجميل سياسة الاتحاديين وعارض خططهم في التتريك، وقد لوحق طويلا. وفي العراق، نشر كتاباته في جرائد «النجاح» و«الموصل» و«العراق» و«اللسان» وغيرها. في العام 1915، كانت له ذكرياته في حلب برفقة زكي الخطيب، الوزير السوري لاحقا والشهيد عبد الكريم الخليل (اعدمه جمال باشا السفاح في 6 آذار/ مارس 1916 ) وكانوا من الذين خططوا للثورة العربية ضد حكم الاتحاديين قبل اندلاع ثورة الشريف الحسين بن علي، كما تعلمنا بذلك جملة المراسلات. ولقد عثر على مراسلات بين علي الجميل وعبد الكريم الخليل فيها معلومات خطيرة في الاعداد للثورة اثناء وجود علي الجميل في بلاد الشام، وكانت قد أجريت له عملية جراحية في حلب الشهباء في العام 1333 هـ / 1915 م.
اثر الاحتلال البريطاني للعراق، سعى علي الجميل الى تأسيس النادي العلمي في الموصل في العام 1919 على غرار المنتدى الادبي الذي تأسس قبل عشر سنوات ( 1909 م)، ونجح في ذلك، وقد انضم اليه كل رجالات الموصل ومثقفوها، وكانت للنادي انشطته ومحاضراته واصدر مجلة باسمه ترأس تحريرها علي الجميل وصدر منها اعداد عدة ثم اغلق البريطانيون النادي لنزعته الوطنية. واتهم النادي بشتى التهم الجاهزة من قبل بعض الكتّاب العراقيين. ولعب علي الجميل ادوارا سياسية في الحزب الوطني العراقي ودافع عن ولاية الموصل دفاعا مستميتا من خلال جمعية الدفاع الوطني ضد مطالبة الاتراك بها في العام 1925. وفي العام 1927 اصدر جريدة «صدى الجمهور» التي ترأس تحريرها بالاشتراك مع مديرها المسؤول المحامي عبد الله فائق، وقد عبّر علي الجميل فيها عن آرائه وفلسفته في الحكم ونقده الاجتماعي كما كانت له افكاره الاقتصادية والاصلاحية.
ترجم سيرته صديقه روفائيل بطي في مجلة «لغة العرب» في العام 1929، وقال ان علي الجميل طفق يكتب وهو ابن خمس سنين، حسب رواية امه، وبدأ يكتب الشعر وهو ابن تسع سنين. شعره جميل وفيه عذوبة وغنائية، واسلوبه النثري واضح العبارة وجميل الديباجة. مارس فنون الادب كالشعر والمقالة، ونجده للمرة الاولى مرة يكتب القصة القصيرة وينشرها، فضلا عن كتابته الرواية، ومنها رواية اسمها «فريسة الاغنياء». وهو أول من كتب هذا الفن في العراق. شعره متنوع ومن أجمل ما قاله في تشطير قصيدة الشاعر كاظم الازري. وقد غّنى هذا التشطير المطرب الحلبي الشهير صباح فخري، قال:

قالوا حبيبك محموم فقلت لهم اني امرؤ صادق لا اعرف الكذبا
استغفر الله عن ذنب شقيت به انا الذي كنت في حمائه ســـببا
قبلته ولهيب النار في كبـدي علي أداوي بي الشوق الذي غلبا
ولم اكن في الهوى أبغي أذيته فأثرت فيه تلك النار فالتهبـــــا

كانت مبادئ علي الجميل الاولى، كما يبدو من آثاره وادواره، قومية، وانه اول من اطلق مصطلح الامة العربية باللغة العربية بعد نجيب عازوري بالفرنسية. ووقف الجميل ضد احتلال ايطاليا لطرابلس الغرب وألف كتابا عن ذلك بطلب من القادة السنوسيين. بعد تأسيس الحكم الملكي في العراق، استخدم الجميل مصطلح الامة العراقية، واهتم بالنقد السياسي والاصلاح الاجتماعي، وكان يتطلع الى بناء بلاد عراقية متطورة.
هذا الرجل غبن حقه وكان صريحا وجريئا، لذلك كثر خصومه حتى بعد رحيله. وكان رائدا من رواد الصحافة العراقية، اذ تخرج على يديه العديد من الصحفيين العراقيين. وكان لمقالاته تأثيرها ووقعها في الحياة العراقية على عهد الملك فيصل الاول. كان له مجلسه الادبي كل أسبوع. كما احتفظ العديد من اصدقائه العراقيين والعرب بذكراه الرائعة في خواطرهم. ولقد سجّل صديقه القاضي الشهير ابراهيم الواعظ اجمل ذكرياته عنه.
توفي علي الجميل في 1 تشرين الاول (اكتوبر) 1928 في مدينة حلب التي قصدها للاستشفاء، واجريت له فيها عملية جراحية في الكلى توفي على اثرها وهو في ريعان الشباب، ونقل جثمانه الى الموصل حيث دفن فيها يوم 3 تشرين الاول (اكتوبر) 1928.
اليوم يسعى حفيده الدكتور سيار الجميل ومن خلال موقعه الالكتروني ومدونته الشخصية (ايقونة آثار آل الجميل) الى نشر آثار جدّه علي القلمية وشعره وادبه ومقالاته الفكرية ومراسلاته وذكرياته السياسية المهمة وبعض كتبه التي منها: «التحفة السنية في المشايخ السنوسية»، وكتاب «حديث الليل»، وكتاب «نوابنا في الميزان»، وديوان شعره، فضلا عن آثار اخرى.

Check Also

يا نجوماً

(نظمها بالفرنسية ) ثم ترجمها الى العربية   صورة  للقصيدة بخط يد الشاعر يا نجوماً قد …