الرئيسية / الشأن العراقي / كارثة العراق : الصراع الاهلي .. الاقليمي .. والدولي !!

كارثة العراق : الصراع الاهلي .. الاقليمي .. والدولي !!

تمنيت على نائب الرئيس الامريكي ديك تشيني الاعلان عن اوراق جديدة في ما اطلقه من التصريحات الاخيرة في عدم تخلّيه عن العراق الذي يوّفر على حد قوله ” ملاذا للارهابيين “ ومحذرا من أن الهزيمة في العراق ستؤدي الى انتشار العنف في الشرق الاوسط. وكأن العنف سيبقى ضمن حدود العراق الحمراء ، وانتقد كل من يدير ظهره ، ويقصد بذلك اعلان بريطانيا انها ستسحب نحو ربع قواتها وكان رئيس الوزراء البريطاني توني بلير قد اعلن بأن الوضع الأمني في جنوب العراق يبدو ‘قاتما’ .. وأوضح أنه لن ‘يعتذر’ عن الوضع الأمني ‘الرهيب’ في العراق واصفا اياه انه من صنع ‘المتطرفين’ ! معنى ذلك قتامة مرحلة تاريخية يعيشها العراقيون وهم يواجهون كارثة حقيقية يصنعها متطرفون ولكن تحركهم بلدان ومنظمات ودول عديدة .. ان الرهان غدا صعبا جدا على العراق والعراقيين الذين لا يمكنهم ان يكونوا أبدا وقودا لصراع دولي واقليمي طويل الامد !!
كيف يمكننا قبول قول بلير بأن قرار اجتياح العراق لا علاقة له بما وصل إليه الوضع هناك ! وأسأل : من كان وراء صنع هذا الوضع المأساوي ؟ ألم تتفقوا على خطة مشتركة لغزو العراق ؟.. انني اضم صوتي الى مطالبة دوجلاس هيرد وزير الخارجية البريطاني السابق بإجراء تحقيق رسمي في أخطاء التخطيط للغزو وما أعقبه من تداعيات لا يمكن تخيلها ابدا ! بل ونريد التعّرف على تلك الخطة ، فالامر لا يمكن ان ينتقل من مبررات غير مقنعة الى تسويغات مقبولة · هل ينكر أحد بأن ما يحصل في العراق يمّثل درجة فاضحة من الصراع الدولي والاقليمي . وان الولايات المتحدة دشّنت فرض سيطرتها على الشرق الاوسط ومستقبله .. واعتقد انها ستفرض ارادتها في التحكم باحتياطيات البترول ، مما يجعلها صانعة لمصير العالم لمئة سنة قادمة! كيف ؟
قالت وزيرة الخارجية الامريكية السابقة مادلين اولبرايت إن التاريخ سيسجل حرب العراق على أنها أسوأ كارثة في السياسة الخارجية الامريكية. واستطردت تقول إن الرئيس جورج بوش بدد قوة السلطة الاخلاقية التي أرساها كارتر خلال فترة رئاسته حين اتبع سياسة خارجية تضع حقوق الانسان كهدف رئيسي. وأضافت “أعتقد ان العراق سيسجل في التاريخ على أنه أكبر كارثة في السياسة الخارجية الامريكية لاننا فقدنا عنصر الخير في القوة الامريكية وفقدنا قوة السلطة الاخلاقية التي تمتعنا بها.” واضافت تقول بأن “مهمة الرئيس القادم هي استعادة الجانب الخير في القوة الامريكية.” وتتابع ان “ادارة بوش أضاعت حقا سنوات كثيرة (في الشرق الاوسط) لانهم أرادوا ان يبعدوا انفسهم عن العمل” الذي انجزه كلينتون.
انني اسأل السيدة اولبرايت : هل هناك اي عنصر للخير في استخدام اي نوع من القوة ؟ ولماذا يأتي مثل هذا الكلام اليوم بعد كل الاخطاء الشنيعة التي ارتكبت في العراق ؟ انني لا اصدق ابدا ان الولايات المتحدة قد صنعت كارثة العراق من دون استراتيجية بعيدة المدى .. أو انها اقتحمت الحرب من دون الاعتماد على خطة مدروسة لا يمكن انكارها او تغييب روادها . لقد اطاحت الولايات المتحدة بالنظام السابق في العراق ليس للاسباب التي اعلنتها ، بل لتمنع تعامل اي قوة في العالم مع العراق والمنطقة الا من خلالها ، كما انها كانت ولم تزل تطمح الى تغيير الشرق الاوسط وفق مقاساتها ، وكلا الامرين ثمة صعوبات في تحقيقهما . ان روسيا وفرنسا والصين مثلا قوى عظمى لها مصالحها التي افتقدتها اليوم في العراق .. فلا يمكن لها ان تخرج صفر اليدين من المعادلة .. واعتقد ان لها ادوار خفية اليوم في صنع الكارثة العراقية بتغذية الصراع ضد الولايات المتحدة من خلال قنوات اقليمية معروفة .
أما الرئيس الامريكي السابق كارتر ، فقد قال : إن الحرب في العراق وسياسة الحرب الوقائية التي تتبعها إدارة بوش أشاعت في شتى انحاء العالم مشاعر عدائية ومخاوف من الولايات المتحدة. واستطرد “لقد شهدوا غزونا غير المبرر للعراق والقصف. لا نعرف كم عشرات الالاف من العراقيين الابرياء قتلوا.” واستطرد “والان مع انسحاب غالبية حلفائنا وزيادة قواتنا اعتقد ان كل هذا يحدث قدرا كبيرا من الخوف من ان الولايات المتحدة تلجأ اولا الى القوة العسكرية وتضع التفاوض في المرتبة الثانية.”
اعتقد ان كارتر لم يقل الحقيقة كاملة ، فالحرب استباقية لا وقائية ، بعد فشل سياسات الاحتواء المزدوج الامريكية ، وان المشاعر العدائية ضد الولايات المتحدة خلقتها وبلورتها سياسات متعددة لرؤساء سابقين ، فالرئيس كارتر كان مهندسا لاتفاقية كامب ديفيد الا انه استخدم القوة العسكرية في ازمة الرهائن وفشل ، ليأتي الرئيس ريغان من بعده كي يحل الازمة بواسطة التفاوض ! وأسأل ثانية : لماذا تتحدثون اليوم عن عشرات الالاف من القتلى العراقيين بعد هذا الزمن الطويل ؟ وسؤال يحيرّني دوما يقول : اذا كنتم تريدون تحرير بلد محتل او تريدون تغيير نظام سياسي ، فلماذا سحقتم مؤسسات العراق وبنيته التحتية سحقا ظالما في 1991 ، و 1998 و 2003 ؟؟ واذا كنتم ترغبون في اشاعة الديمقراطية ، فلماذا اتبعتم نظام المحاصصة الطائفية والعرقية ؟ اذا كنتم تعلمون ان للعراق جملة مشكلات اقليمية ، فلماذا سكتم سكوتا غير مبرر على ان يغدو العراق بؤرة للارهاب ؟ وجعلتموه مسرحا للصراعات الاقليمية ؟ بل وجعلتم منه مجزرة حرب اهلية ؟ اسئلة تمنيت على كل الرئيس كارتر وعلى الموظفة التي كانت تشتغل بمعيته واسمها السيدة اولبرايت ان يجيبا عليها .. علما بأنهما يعلمان بأن الولايات المتحدة قد اصدرت قانونا اسمه ” تحرير العراق ” .. فهل يعني ذلك التحرير : التغيير والتقدم نحو الافضل ام الاجهاز على العراق بسحقه سحقا ؟؟

البيان 28 فبراير 2007

شاهد أيضاً

نقطة نظام ضد الفساد والمفسدين والفاسدين

ملاحظة : طلب مني عدد من الاصدقاء العراقيين ان اعيد نشر هذا ” المقال ” …