الرئيسية / مشروعات / مشروع تحديث سياسي.. نداء الى الليبراليين العرب : هل من ميثاق عمل فكري وتجمع دولي ؟؟

مشروع تحديث سياسي.. نداء الى الليبراليين العرب : هل من ميثاق عمل فكري وتجمع دولي ؟؟

ايها الاصدقاء .. أيها الاحرار الاعزاء في كل مكان
تحية طيبة وبعد
ها قد حان الوقت للعمل معا من أجل ميثاق عمل فكري وتجّمع دولي يسّد فراغا هائلا يتطلبه واقعنا العربي المعاصر ومحيطه الكبير .. ها قد حان الوقت بعد ان افتقدنا زمنا ثمينا من تاريخنا السياسي ومشروعنا النهضوي والحضاري على يد من كان سببا في تأخرنا وتشرذمنا وهزائمنا .. ها قد دخلنا مرحلة تاريخية جديدة تنادينا بعد ان تفككت القومية الشوفينية وتحلّل غطرستها ، وتشرذمت القوى الاصولية التكفيرية بعد دمويتها وارهابها ، وتراجعت القوى الشيوعية والراديكالية بعد فشل تجاربها .. ولم يبق مؤهلا في الميدان من اجل الاصلاح والتحديث وبناء التاريخ الا نخب الاحرار الذين لهم شرعيتهم العربية في تاريخنا قبل وصمهم واتهامهم بتهم شتى .. ها انني أجد بأن أغلب النخب السياسية والمثقفة وبرفقتها الفئات والاصناف والجماهير باتت تنتظر من يملأ هذا الفراغ السياسي والثقافي العربي الهائل الذي خلفّه وسيخلفه البدائيون والمتخلفون والشوفينيون والاصوليون والعسكريون من الانقلابيين ..
نني بندائي هذا لا اقترح عليكم دكانا سياسيا ولا بناء ماديا ولا حزبا تقليديا .. انه مقترح يقضي بولادة ميثاق فكر يتجمع حوله كل الاحرار العرب من كل مكان ليكون منطلقا حقيقيا يوّضح حاجة منطقتنا وعالمنا وكل محيطنا سواء للعرب او من يشاركهم وجودهم وعيشهم ومواطنتهم ومصيرهم الى عقد فكري وسياسي واجتماعي يؤّمن المستلزمات الاساسية لبناء المستقبل . وبهذه المناسبة ، اود القول بأن اي ميثاق فكري لابد ان يتضّمن توضيحا للمبادىء الحرة من اجل الوعي بها وتفنيد بعض ما يشاع .. ان ميثاقا كهذا لابد ان يّوضح بأن الليبرالية ليست مسؤولة عن اي فراغ أمني او سياسي وليست مسؤولة عن اي احتلال اجنبي او حالة فوضى كالذي تعاني منه اي تجارب عربية في تغيير الاوضاع .. ان اي ميثاق حقيقي سيؤمن مجال الاستقرار في اي فراغ قد يحدث ، اي سيكون مرجعا أساسيا لجملة من المسائل الحيوية التي منها : عملية انتقال السلطة ومجال الحركة في التعايش والشراكة الوطنية وتأمين الحريات الاساسية وانضاج المسألة الدستورية وتكافؤ الفرص بين القوى السياسية وتوفير مستلزمات اي عمليات انتخابية بلدية او ادارية او سياسية برلمانية عامة .. الخ

انكم في خضم التحديات : الحصون مهددة من دواخلها
انكم ايها الاصدقاء كثيرا ما تتهّمون بجملة هائلة من التهم التي لا اساس لها من الصحة ، وكثيرا ما يسوء الاخرون لكم لاسباب سياسية وايديولوجية واهية من دون ان يدرك هذا العالم كلّه فحوى ما يريده الليبراليون العرب الاحرار ، بل وتزداد الحرب ضدكم اعلاميا وسياسيا وفكريا بكل شراسة وبشاعة من دون ان يدرك كل هذا العالم العربي ما هي مقاصدكم الحقيقية ؟ وما هي تطلعاتكم واولياتكم ؟ وما يمكن ان تقدّموه والمتعاونون معكم الى الحياة العربية اليوم من اجل انتشالها ومن اجل تصويب تاريخها ومن اجل اصلاح بنيوياتها السياسية ومن اجل تقويم عطب بعض ساستها ومؤدلجيها ومن سذاجة بعض كتابها وتفاهةبعض اعلامييها وتبلد بعض مفكريها .. بل ومن اجل ازالة الغشاوة التي تطغى على عقول الناس وخصوصا اجيال تربّت وتكّونت في القرن العشرين .. وبعد ان أساءت كل المراحل التي اعقبت الحرب العالمية الثانية الى الليبرالية ومشروعاتها الاولية فكرا وممارسة وتطبيقات .. وعلى ايدي الراديكاليين والانقلابيين الثوريين من القوميين الشوفينيين الذين زرعوا اساءات بالغة ضد مرحلة وطنية كانت قد ولدت فيها تجارب واحزاب ليبرالية عربية حرة ..
انهم لم يقتصروا على نحر الفكر العربي الحر ويقوموا بتجميد الاحزاب السياسية والغاء الحياة الدستورية وقمع الاصوات العالية وخصوصا في مصر والعراق وسوريا والجزائر وتونس .. بل كانوا وما زالوا يشوّهون المبادىء الليبرالية التي لا خلاص لكل هذا العالم العربي ومحيطه سياسيا الا من خلالها كاداة عملية هي الوحيدة التي تسمح لكل الاطياف السياسية ان تعمل في اجواء سياسية حرة كما وانها تفتح رئة كل مجتمع من مجتمعاتنا فتحا واسعا مبينا كي يجدد هواءه وصحته بعد ان اصيب بالتقّيح والعفونة والضعف . ورب قائل من خارج منظومتنا وتفكيرنا يقول : بأن الليبرالية ستقود بالضرورة الى ابواب مغلقة ، فأقول بأن مجتمعاتنا العربية ليست كالمجتمعات الاخرى التي عرفت الليبرالية فضاءاتها منذ ازمان ، اذ لابد لها من مراحل تنضج فيها الارادة الوطنية في كل بلد عربي ، وتستقر الحياة الدستورية في اي دولة ، وينسجم الوعي السياسي في كل مجتمع ، ويشعر الناس بطعم الحريات .. اذ انهم قد حرموا منها دهرا طويلا . وهذا أمر لابد منه لأن دولنا متباينة في طبائعها وتقاليدها السياسية ، وان مجتمعاتنا هي الاخرى متباينة ايضا في تراكيبها وعناصرها وتكويناتها الفكرية والتاريخية .
انني اعتقد ان الاصلاح لا يمكن ان يؤسس عربيا ولا يمكنه ان يبقى ويتطور الا في اجواء سياسية عربية حرة يستطيع الانسان من خلال نوافذه المتنوعة وقنواته المتعددة ان يبدي رأيه ضمن سيادة القانون واطر ما يسمح له في التعبير عن رأيه حتى وان اختلف مع كل الاتجاهات السائدة . كما لابد لي من القول ، بأن تكريس الجهود من اجل ميثاق فكري بهذا الاتجاه سيحدد ملامح ما يمكن تطبيقه في عالمنا العربي ومحيطنا الاسلامي وما لا يمكن ممارسته ، اذ لا يمكن الركون الى اتهامات خطيرة تقضي وتشيع وتقول بأن الليبرالية سلعة مستوردة لا تصلح لبلداننا ومجتمعاتنا من دون اي بديل لها .. ان العالم المتقدم كله قد اختار هذا السبيل من اجل بناء مستقبله ، وليس في مثل هذا الاتجاه ما يناقض الثوابت الاساسية ليس للعرب والمسلمين وحدهم ، بل لكل الشعوب والمجتمعات . انني اعتقد ان لا سبيل امام كل من يعارض التفكير الحر ويخاصم الليبرالية الا الاقتناع باساليبها في الديمقراطية وتكوين المجتمع المدني وبناء دول المؤسسات .. وانني اعتقد بأن اي قناعة لمثل هذه المبادىء سيغدو بابا للانفراج لكل الاتجاهات والتيارات السياسية العربية كما حدث للشيوعيين ( في كل هذا العالم ) الذين اقتنعوا بأن لا سبيل امامهم الا العمل بهذه المبادىء .

ايها الليبراليون العرب : انتم لستم بطارئين على التاريخ
انكم تدركون بأن لنا نحن العرب منذ نهايات القرن التاسع عشر تجارب ليبرالية سياسية ودستورية وقد تركت نتائج قوية في تواريخنا الحديثة والمعاصرة .. وانها نشأت في ظل الافكار والممارسات الغربية وخصوصا الاوربية البريطانية والفرنسية اسوة ببقية بلدان العالم فكرا وممارسات ، واذا كان الهدف في بدايات التجارب الليبرالية يتمثّل بالحركات الدستورية وقد اسميت بالانقلاب الدستوري ضد الحكومات القديمة ذات السلطات المطلقة . فقد كانت انطلاقاتها في كل من تجارب : تونس الحسينية ومصر الخديوية وتركيا العثمانية وايران القاجارية .. ثم كانت للعراق ولبنان وسوريا تجاربهم الدستورية ايضا . وعليه ، فلقد ولدت الحياة النيابية العربية في النصف الاول من القرن العشرين وبرغم كل مثالبها وسلبياتها ، الا ان الانقلابات العسكرية والحركات الثورية الراديكالية هي التي نحرتها نحرا وشوّهت سمعتها ، وافتقد العرب نصف قرن من الحريات والليبرالية في ظل خطاب سقيم عقيم من الشعارات والشوفينية والمزايدات والهزائم والدكتاتوريات وحرب الاذاعات وتوحّش الفضائيات .. واذا كان الشاه محمد رضا بهلوي في ايران قد نحر الليبرالية الايرانية لتغدو ايران دولة دينية مضادة للحريات وحقوق الانسان ، فان المؤسسة العسكرية التركية هي التي حمت تجربة الليبرالية التركية في مخاض من سلسلة الانقلابات العسكرية على امتداد النصف الثاني من القرن العشرين ، اي انها ليبرالية تحت سطوة العسكريتاريا التركية التي اغتالت دوما حقوق الانسان .. وفي حين نجحت تجارب الهند وماليزيا الليبرالية واخفقت تجربتي اندونيسيا والباكستان !! فان شعوب العالمين العربي والاسلامي مؤهلة – كما يبدو – لتجارب ليبرالية اكثر تقدما وتطورا من اجل صناعة مستقبل نظيف من كل الشوائب الداخلية .
لا اريد ان اقّدم لكم اهمية ما تؤمنون به من اجل صناعة مستقبل واعد لعالمنا العربي كلّه ( او : حتى لاجزاء من العالم الاسلامي ) .. ولكنني وددت ان اقدم لكل عربي فكرة مبسطة عن توفير قدر من التفكير السياسي في الليبرالية التي يحاربها اليوم كل من القوميين الشوفينيين والاسلامويين الاصوليين الذين يعتبرونها من ألد أعدائهم وخصومهم لأنها تخالفهم في كل دعاويهم وشعاراتهم ومضامينهم ، بل ويعتبرونها من اعتى الاسباب في زوال فاشيتهم وانسياح فكرهم المميت . انهم يعلمون علم اليقين بأن الحياة تمشي الان على عكس ما يريدون ، وان الاجيال القادمة ستعمل ضمن آليات براغماتية ووسائل ليبرالية حرة طال الزمن ام قصر ولم يجدوا مستقبلا اي فرص للحياة يواصلون فيها ضحكهم على الذقون باطلاق السنتهم ، وستموت خطبهم ومواعظهم ودعاياتهم وشعاراتهم الطوباوية اذ لم ينجحوا ابدا بتوفير اي برنامج سياسي محترم حتى اليوم ، وسوف لن يوفّر لهم المستقبل اي فرص استثنائية او صدف غير متوقعة كي يخدعوا ابناء عالمنا الواسع الذي كان ولم يزل مخدوعا بشعاراتهم وبنصوصهم وغلوهم وفرض قداستهم المصطنعة ، كما ان دعاياتهم ضد اي فكر حر وضد اغلب مؤسسات المجتمع المدني وضد التفكير المدني برمّته قد اساء لكل الاحرار العرب الذين يجدون طريقهم بالوسائل الحضارية والمدنية التي اوصلت كل الشعوب الى اهدافها وتحقيق تطلعاتها . لقد خسرت شعوبنا نصف قرن من زمنها الثمين في دعاوى المؤدلجات واكذوبات الشعارات وبؤس الكتابات وغرابة الماضويات ورنين الموعظات وشراسة الملاحقات وبشاعة الممنوعات والمحرمّات .. ولابد لها ان تنطلق اليوم من اطواقها ومن شرانقها نحو فضاءات جديدة من قدرات التفكير الحر وصنع الارادات الخيرة كي يتخّلص العرب ومن يحيطهم من آفات الديماغوجية وشراسة الجامدين وغباء الماضويين الذين تتلاعب بهم التناقضات ولا نجد عند الجميع اي برامج عمل براغماتية تعمل لخلاص الدول والمجتمعات من بلادة النصف الثاني من القرن العشرين .

ايها الاحرار في كل مكان : من اجل عقد اجتماعي سياسي
ان الحاجة باتت ماسة جدا اليوم ونحن في العقد الاول من القرن الواحد والعشرين الى ميثاق عمل يجتمع عليه الليبراليون العرب ومن يوافقهم الرؤى والتفكير والبرامج والاساليب من نخب تمّثل شعوب العالم الاسلامي للانطلاق وفق تجمع ربما يكون فكريا في بداية الامر قبل ان يغدو عقدا سياسيا بينه وبين التكوينات السياسية الاخرى من اجل الاصلاح والتقدم ويؤدي دوره بكفاءة كهيئة مراقبة وضغط لها ثقلها دوليا في متابعة المتغيرات وعلى سيرورة الاصلاح وخصوصا ما يتعلق بالمناهج الاصلاحية السياسية او البرلمانية او النقابية او التربوية او المؤسسية او التعليمية او الاعلامية والثقافية .. الخ وبالتأكيد ، سيغدو الليبراليون العرب في مقدمة من يؤلفوا عقدا اجتماعيا حقيقيا لتطور المجتمع العربي ومحيطه نحو الافضل ..
انني اذ اطرح هذه ” الفكرة ” التي اتمنى ان تكون غرسا طيبا وان يعالجها التفكير العربي قبل ان ينبثق اي تجّمع يلتف حوله كل الاحرار العرب وفي مقدمتهم المفكرون والمثقفون العرب الاحرار ، لينطلق على ايديهم من اجل التجسير بينهم وبين السياسيين العرب الذين يمكنهم ان ينطلقوا في كل البيئات العربية وخصوصا البلدان العربية التي عانت من الانقسامات والانشقاقات السياسية والحكومات الانقلابية العسكرية ومن الاحزاب القومية الفاشية والاصولية الدينية ، فهي البلدان المؤهلة اليوم لتجارب الاصلاح قبل غيرها من بلدان لم تعان اساسا من اي مشكلات سياسية عويصة .. فهل من ميثاق عمل مشترك يعمل عليه كل الليبراليين العرب ؟ انني اود ان يعرف الناس ، كل الناس ، بأن الليبراليين العرب ليست لهم أي مؤسسة معينة وليس لهم اي حزب ولا أي تجمع ولا أي رابطة ولا اي وسيلة اتصال مباشرة وهم متهمون زورا وبهتانا بشتى التهم .. انهم تيار يمشي على هداه لوحده بفضل الشراكة الفكرية والفلسفية والتعاطفات السياسية وتجانس التعايشات التي وحدتها فيهم الاحداث وقسوة ما تعرض له الليبراليون العرب وكل الاحرار العرب على امتداد النصف الثاني من القرن العشرين .

ايها الاصدقاء من المفكرين الليبراليين العرب
ان ظاهرة التشّظي السياسي الذي تتعّرض لها البلدان العربية الهشّة وهي بلدان مثقلة جغرافيا وتاريخيا وسكانيا .. لقد أضّرت بها سياسات انظمة الحكم التي اوجدت نفسها فيها وشكّلت فيها الاحاديات الحزبية والشوفينية والتعصّبات السياسية والدينية والمذهبية والطائفية مرتعا خصبا للانقسامات وللارهاب وكل منتجات التخلف والرداءة ، وانها بحاجة ماسة الى التغيير كي تغدو مناطق حيوية لا يمكن ان تحدث فيها فراغات سياسية ، فلابد من تأهيلها ليبراليا والوقوف امام محاولات من يريد ابقاء القديم على قدمه .. لقد كان سقوط صدام حسين السريع نهاية حقيقية لمرحلة تاريخية صعبة وان سقوطه شّكل بداية حقيقية للانطلاق من اجل تفتت البنيات الصلدة التي امتهنت تاريخنا واعتقلت حرياتنا وسجنت ارادتنا وشرنقت مفكرينا وابعدت مثقفينا .. ان الحاجة باتت ماسة اليوم من اجل الانتصار لحركات تحرر جديدة تنتصر فيها ارادة الشعوب على قوى غاشمة ليست حكومية او سلطوية حسب ، بل حزبية ودينية وفاشية .. اذ يكفي مثل هذه القوى أن تعبث بمقدراتنا وان تفتت في حياتنا وتسمح للقوى الكبرى في العالم ان تتدخّل في شؤوننا وتحديد مصائرنا ..
ان فكرة تأسيس تجمع ليبرالي عربي سوف يطرح نفسه بديلا فكريا في فضاء عربي حر من دون يكون صورة مستسخة لاحزاب سلطوية او كبقية الاحزاب الشوفينية والدينية .. انه يمّثل رمزا معنويا يترجم نفسه بروح جماعية من اجل دفع العمل الليبرالي في الحياة العربية الجديدة . واعتقد ان اغلب المفكرين الليبراليين العرب يشاركوني القول بأن مشروعا كهذا لا يريده اصحابه وسيلة للوصول الى السلطة ، فهم لا يريدون السلطة ولا الوصول اليها أبدا ، بل انه مشروع يؤهل المجتمع لانجاب الاحرار ، ويخصب الحياة بالافكار المدنية بغرس حقائق تنمية المجتمع المدني وحقوق الانسان ، ويؤهل قوى السياسيين الليبراليين ( وغير الليبراليين ) العرب من اجل أخذ مواقعهم الحقيقية في المجتمع والدولة معا .. انه يترجم المبادىء الديمقراطية ضمن اصول مدنية نحو الجماعية العربية والتخلص من امراض ما ابتلي العرب به من بقايا وترسبات تاريخية وعادات وتقاليد سقيمة اذا تفاعلت سياسيا ، ومنها : القبلية والعشائرية والتعصّبات والاعراق والطائفية والاقلياتية والمذاهب .. الخ فلا خلاص للعرب في مجتمعاتهم المثقلة بهذه الامراض والترسبّات الا التجارب الليبرالية التي تعطي لكل ذي حق حقّه بعيدا عن كل الممكنات البالية !

واخيرا ماذا اقول ؟ من ذا الذي يزحف علينا ؟
هذا ليس مجرد بلاغ ادبي او بيان سياسي او نص خطابي او موعظة اخلاقية .. انه نداء تاريخي ابعثه اليكم في كل مكان من هذا العالم ، فان وجدت اهتماما به ، فان التفكير بمشروع حياتنا السياسية سيأخذ لها منطلقات من نوع جديد من خلال ما سنعده من برامج عمل تشترك في صياغتها مجموعة مقترحة من ابرز المفكرين العرب الليبراليين لتغدو دليل عمل فكري وسياسي لتيار سياسي متمدن هائل ينمو سريعا في حياتنا وتفكيرنا ولدى الاجيال التي ربما ستجده ملاذا لها بعد ان لاقت وتلاقي من الصدمات ما يكفيها .. تيار برغم شراسة الهجمة عليه من قبل كل خصومه ، فهو ضرورة مدنية للاصلاح والحريات والتحديث . ان مشروع تأسيس ميثاق عمل تجتمع عليه نخبة من ابرز الدعاة والمفكرين والسياسيين الليبراليين العرب في العالم سيلجم اولئك الذين يقفون امام تسارع التقدم التاريخي ، كما وسيعمل على سد اية فراغات قد تحدث وفي اي بيئة عربية من بيئاتنا الكسيحة بهذه المنطقة الحيوية من العالم ، والتي كانت وستبقى تشغل اهميتها العالم كله .
كما ان هذا ” المشروع ” سيتيح الفرص السانحة لكل شعب من شعوبنا ( المنكودة ) في ان تختار طريقها نحو السلامة في المستقبل من دون اي اجندة ايديولوجية او املاءات داخلية او خارجية .. وان مجتمعاتنا لا تصلح لها اي سياسات شوفينية او تعصّبات دينية او تشرذمات طائفية .. لقد تعايشت في شراكة رائعة على امتداد التاريخ فلابد ان تجد فرصتها الحقيقية في المكاشفة والصراحة والشفافية وتكافؤ الفرص وحقوق الانسان كي نبّدل بانفسنا صورة الاخر عنّا ونعلمه بأننا شعوب قابلة للتقدم السريع وان لها اساليبها المتحضرة في التعامل في ما بينها او بينها والعالم كله . ان الليبرالية ستتيح لها جملة من الخيارات من اجل فك ارتباطها بالماضي الصعب ، والانطلاق نحو المستقبل . اما ان لم أجد اي توافق مع ما اقول من قبل الليبراليين العرب انفسهم ، فان اشواطا بعيدة لابد ان نجتازها ، وان مسافات واسعة تفصلنا عن الوعي بمصيرنا وحياتنا القادمة . أتمنى ان اكون قد ابلغت ندائي للجميع ، وساكون سعيدا للعمل ضمن اي فريق او طاقم عمل للخروج على العالم ببلورة جديدة لتفكيرنا السياسي المشترك الذي سيحتاجه ابناؤنا في المستقبل .
هذا ما اردت ان اناديكم به ايها الاصدقاء الاعزاء .. فهل من مستجيب من اجل مشروع جديد تحتاجه كل منطقتنا ويتطلبه كل عالمنا ؟؟ وهل ننجح باستباق الاخر من فرض اجندته واملاءاته علينا ، فالانتظار لا ينفع ، وكل مبادرات الاصلاح العربية التي طرحت الى حد اليوم ما هي مجرد حبر على ورق ، وكما قلت لكم : لا الدول قابلة بالتغيرات ولا جامعة الدول العربية قابلة بالتغيير .. وسوف لن ينفع اي كسل ولا اي تراخي ولا اي تخوفات في ظل هذا الماراثون العجيب في العالم من المتغيرات .. ولا يمكن الانتظار ابدا ونحن نرى بلداننا الجميلة تزحف بارادتها الوجلة وباساليبها المتخلفة وبدائيتها البليدة نحو الجحيم ، فخوفي عليها ان لا يأكلها الارهاب الداخلي الذي يزحف من مكان الى آخر قبل ان تزحف عليها القوى الكبرى الخارجية !! وعند ذاك لا ينفع الندم .

( ايلاف ، الجمعة 22 ابريل 2005 ) .






شاهد أيضاً

ممكنات التقدّم : من اجل مشروع في الاصلاح والتغيير (الحلقة الثانية)

كنت قد حللت قبل سنوات وثيقة الاسكندرية للاصلاح ، والتي تعتبر واحدة من اهم الوثائق …