الرئيسية / الشأن العراقي / نداء من اجل حماية ذاكرة العراق !

نداء من اجل حماية ذاكرة العراق !

تعد المكتبة الوطنية العراقية من اهم صروح العراق التي لم تزل تضم كنوزا نادرة . تأسستْ ببغداد في 16/4/1920 . باسم مكتبة السلام باشراف الاب العلامة انستاس ماري الكرملي . واصبح اسمها “المكتبة العامة” عام 1929 . وغدت المكتبة الرسمية للبلاد بأمر الملك فيصل الاول . وكان قد صدر قانون المكتبة الوطنية رقم (51) لسنة 1961 الذي نصّ على جمع وحفظ الكتب والمخطوطات والمطبوعات والدوريات وغيرها. وصدرت قوانين تخصها في عامي (1964) (1970) ، اذ اعتبرت مركزا للابداع والنتاج الفكري ، وفي عام (1987) سميّت بـ (دار الكتب والوثائق) بعد ضم المركز الوطني للوثائق اليها.
انها ذاكرة العراق الحقيقية لانها تمثل تأريخ وتراث وحضارة وثقافة العراق ماضيا وحاضراً ومستقبلا لما تحويه من كتب ومصادر ومراجع ومخطوطات ودوريات من جرائد ومجلات نادرة منذ العهد العثماني ، اضافة الى ملايين الكتب العراقية والعربية والاجنبية والاطروحات في مختلف فروع المعرفة. وفي ابريل 2003 تعرضت للتدمير والتخريب والسرقة .. بايدي العابثين والسراق . وفقدت المكتبة مجاميع مهمة من الكتب النادرة والقديمة والمخطوطات والكتب العبرية والصحف القديمة اضافة الى الوثائق المهمة والنادرة التي لا يمكن تعويضها أبدا .
لقد كانت قبل الحرب الاخيرة، تضم نحو مليون قطعة؛ من بينها كتب عمرها قرون ووثائق نادرة تعد جزءاً من تراث بغداد حاضرة الخلافة العباسية. وخلال الفوضى التي عمّت بغداد مع دخول القوات الاميركية المدينة عام 2003. فقدت المكتبة نسبة كبيرة من كتبها النادرة . كما اختفت نصوص ادبية ودينية للجالية اليهودية الكبيرة التي عاشت في العراق في فترة ما ومدونات للحقبة العثمانية ونظام الحكم الملكي .
لقد قام بعض الاوفياء للعراق باعادة الحياة للمكتبة الوطنية من جديد ، وتم تجديد وترميم البناية وتجهيزها بالاجهزة والاثاث.. واعادة ترتيب وتنظيم ما بقي من موجوداتها من كتب وصحف ومجلات ووثائق .. ويؤكد مديرها الاخ سعد اسكندر بقوله : ” مهما عبث العابثون وما احرقه المحتلون تبقى المكتبة الوطنية منارة شامخة واشعاعا ساطعا يضيء الطريق للاجيال ورمزاً وطنيا خالدا ونابضا في قلب بغداد ” .
ولكن نقلت وكالة رويترز قبل اشهر عن مديرها نفسه انه اخلى المكتبة بعد ان تعّرضت الى تحليق مقاتلات امريكية عليها خلال معارك ضارية ضد مسلحين ، وقتل خمسة من العاملين فيها واختطف اكثر من 12 عاملا !! واتهم اسكندر لصوصاً محترفين يعملون لحساب هواة جمع مواد تاريخية بأنهم وراء فقد كتب نادرة؛ من بينها رسالة كتبها قبل ألف عام العلامة الفيلسوف ابن سينا. وتم تجديد مبنى المكتبة . ان اعمال النهب كانت كارثة ليس فقط للمحفوظات الخاصة بتاريخ العراق ولكن ايضا لمستقبل البلاد التي تشهد صراعا طائفيا مقيتا من قبل اناس جهلة تدفعهم جهات مختلفة لا تريد للعراق ابدا اي ذاكرة تاريخية ، ولا للعراقيين اي هوية حضارية ولا للاجيال اي وحدة ثقافية !!
قبل ايام نقلت صحيفة الغارديان عن أن آلاف الكتب والمخطوطات النادرة التي تضمها المكتبة الوطنية العراقية معرضة الآن للخطر بعد احتلال قوات الأمن العراقية لسطح المكتبة. وتنقل الصحيفة عن مديرها نفسه إن 20 جنديا عراقيا قد أقاموا لهم موقعا على السطح مما يجعل المكتبة هدفا لهجمات المسلحين. وتشير الصحيفة إلى إن المكتبة التي تضم الأرشيف الوطني العراقي قد تتعرض للنهب من قبل الجنود الذين حطموا بعض الأبواب والنوافذ في المكتبة كما قاموا بإزالة البوابة الرئيسية لها . ويردد مديرها : “إننا مثل أغلبية المواطنين العاديين عالقين بين نيران المسلحين والإرهابيين من طرف والجيش وقوات الأمن العراقية والأمريكية”.
لقد فقدت المكتبة 25 المائة من مجوداتها بينما ضاع 66 بالمائة من الأرشيف الوطني العراقي. وتنقل الصحيفة بأن ادراة المكتبة تقاوم الضغوط الطائفية والسياسية ومنعها من التدخل في شؤون عمل المكتبة . حذّر مصدر عراقي من أن آلاف الكتب والمخطوطات النادرة في المكتبة الوطنية العراقية معرضة للخطر بعد قيام قوات الأمن العراقية بإحتلال مبنى المكتبة. وابلغ سعد إسكندر المؤرّخ الكردي الذي يدير المكتبة منذ العام 2003 صحيفة الغارديان الصادرة اليوم الجمعة “أن 20 جندياً عراقياً استولوا على مبنى المكتبة الوطنية بقوة السلاح وهددوا موظفيها وحراسها وحولوا أرشيفها الوطني إلى هدف عسكري سيقوم المتطرفون اليوم أو غداً بمهاجمته”. وقال إسكندر إن الجنود العراقيين الذين زعموا أنهم احتلوا مبنى المكتبة الوطنية بذريعة حماية الزوار الشيعة أثناء توجههم إلى مرقد الكاظمية على بعد 15 ميلاً، اقاموا مواقع لهم على سطح المكتبة وفكوا بوابتها الرئيسية وحطموا الأبواب والنوافذ داخل المبنى الرئيسي للمكتبة الوطنية. واضاف “هذه العملية الطائشة من قبل القوات العراقية والجيش الأمريكي الذي تغاضى عنها ستعرض موظفي المكتبة ومقتنياتها النادرة لخطر حقيقي” دون أن يستبعد إحتمال أن يقوم الجنود بسرقة محتويات المبنى وحتى الإقدام على إحراقه.
ان من العجب ان تهتم صحيفة الغارديان لمخاطر ذاكرة العراق ، وصحفنا لا تلتفت للامر !؟ اننا مع ادارة المكتبة نحمّل القوات الأمريكية والقوات العراقية مسؤولية أي خسائر وإصابات تلحق بالمكتبة الوطنية العراقية وبما تبّقى من الارشيف العراقي ، ان امين المكتبة ومعاونيه لا يحظون بأي دعم ولا اي حماية من أي جهة في العراق، بل يناصبونهم العداء لاسباب عدة سياسية وتاريخية وطائفية واسباب جهالة او عوامل خطيرة اخرى من داخل العراق او خارجه .. انني انادي كل المسؤولين العراقيين اليوم بأن يحموا هذا الصرح وغيره من صروح العراق ، فهي اهم بكثير من حماية انفسهم .. ان ذاكرة العراق اهم منهم جميعا .. واناشد كل المثقفين في العالم ان يرفعوا اصواتهم عاليا لحماية ذاكرة العراق المكتنزة من كل القتلة الجدد ومن كل الاعداء الحاقدين .. فهل لنا من مجيب ؟

www.sayyaraljamil.com
البيان الاماراتية ، 15 آب / اغسطس 2007

شاهد أيضاً

نقطة نظام ضد الفساد والمفسدين والفاسدين

ملاحظة : طلب مني عدد من الاصدقاء العراقيين ان اعيد نشر هذا ” المقال ” …