الرئيسية / الرئيسية / مصير العراق في خطر (2)

مصير العراق في خطر (2)

(2) ساحة دموية في الحرب او اللا حرب

أ.د. سيّار الجميل

اغبي عملية  ادماج  لم تتحقق !

من ناحية أخرى،ينظر العراق الرسمي بشكوك كبيرة إلى الوجود الأمريكي في التنف على الحدود العراقية السورية ويتهّم الولايات المتحدة بإغلاق أعينها على وجود داعش وانتشارها المحتمل. هناك أسباب مهمة لهذا التصور: انعدام الثقة الامريكية بالعراقيين منذ  2014  وما قبلها ، ويتهم  أحدهما الآخر  بصناعة داعش على الاراضي  العراقية والسورية معاً ، والنمو على طول نهر الفرات لمدة عام ، وأنّ القوات الأمريكية لا تغادر الحدود العراقية السورية من اجل حفظ التوازن، وتحافظ على محيط أمان يتهمه كلّ من العراق وسوريا بتوفير ممر آمن لداعش في المنطقة حسب العراقيين،او ممر آمن للايرانيين حسب الامريكيين ! ان افتقار الثقة بين الطرفين يشل رئيس وزراء العراق ويمنعه من نزع سلاح الميليشيات سواء كانت من الحشد  الشعبي ، او التي ليست منه، وكان رئيس  الوزراء  العراقي قد ضمّه قبل ايام للقوات المسلحة في أغبى عملية ضارباً في ذلك كلّ  قواعد  المهنية العسكرية وتقاليدها الصارمة ..

أصدرت الإدارة الأمريكية تحذيرًا وأمرًا بالإجلاء الجزئي لموظفيها الدبلوماسيين في بغداد وقنصليتها في اربيل. وفقًا لمصادر مطلّعة في بغداد، فانّ شركاء إيران وذيولها وعملائها في العراق يرسلون رسائل يهددّون بمهاجمة القوات الأمريكية والقواعد الدبلوماسية في العراق. ويدرك ضباط الحرس الثوري الإيراني وشركاؤهم من العراقيين تمامًا قدرات الولايات المتحدة على اعتراض اتصالاتهم ويستخدمون هذه المعرفة لإرسال رسائل إلى الولايات المتحدة وتخويفهم. فلا يمكن تجاهل هذه الاتصالات فضلاً عن معلومات مؤكدة تحصل عليها المخابرات الأمريكية والإدارة التي يجب أن تعمل من أجل سلامة رعاياها. من ناحية أخرى ، فإنّ الإجراءات الأمريكية تخدم الأغراض الإيرانية من خلال زيادة وعي الولايات المتحدة بما يمكن أن يتوقعوه وما هي الجبهات التي يحتاجون إلى أخذها في الاعتبار في حالة الحرب غريبة الاطوار .

العراق  مسرحا  دمويا  لا سمح الله

ليس من الاخلاق ، تفضيل إيران القتال بواسطة شركائها بدلاً من استخدام جيشها وحرسها الثوري الإيراني (IRGC) وهي تدرك إن العراق غير مستقر وغير آمن ، وهو لا يخدم أهدافها  في مواجهة العقوبات الأمريكية. فان زجّ شيعة العراق في الحرب ، فسوف ينقسم العراق بالضرورة  الى  قسمين وربما يتعرّض الى  حربٍ أهلية داخلية ، ما لم تتعرض إيران لهجوم عسكري مباشر وتتطور الحرب (المحتملة) في هذه الحالة ، وسيجر العراقيون غيرهم في سوريا  ولبنان وشركاء الإيرانيين في الشرق الأوسط الى اتون الحرب . وسيدفع العراق  الثمن باهضاً  بسبب  وجود قوات وقواعد اميركية  على أراضيه ، وسيكون مسرحاً  دموياً  ومنصّة  حربية في الصراع الذي  يجهل العالم  طبيعته الجديدة والمتطورة .   أما ان بقي  في حالة من اللاحرب ، فسيبقى  عليلا  بهيمنة  الايرانيين  عليه  وسيبقى  فاقدا  لارادته  واستقلاله  وبناء  نفسه . وعليه  ففي كلتا الحالتين ، فان العراق  سيتعّرض  للمزيد  من  التفكك  والتمزق .   

حكومة العراق عاجزة وستبقى صامتة  ولا تدري  ما الذي  تفعله ، وستبقى حدوده مفتوحة أمام تدفق البضائع الإيرانية ، وسوف تستنزف ايران العراق مالياً  ولوجستياً ..  وكالعادة  لا  يمكن لأحد أن يدرك النوايا الامريكية ازاء الشرق الاوسط ، بما في ذلك القيادات فيه  . وهم يراقبون عملية  الشدّ  والارخاء الامريكية مع ايران  ، وليس باستطاعتهم أخذ  حق ولا باطل من الرئيس ترامب وانعدام اهتمامه بحلفائه الأوروبيين والشرق أوسطيين باستثناء  اسرائيل  . وأخيرا ، فإن تقريرا  يشير  الى ان وجود القوات الأمريكية على الحدود السورية العراقية هو أحد الأسباب الرئيسية لقلق العراقيين الشيعة وعدم الثقة تجاه النوايا الأمريكية . ويشير  التقرير  نفسه عن الرأي العام السني العراقي تأييده لازالة النظام في ايران بأي  ثمن  حتى لو كان الثمن انقسام العراق الى ثلاثة أو اربعة أقسام !

المشروع الوطني  ودولة  المواطنة  ازاء انقسام العراق  

وعليه  ادراك ان الكرد والسنة في العراق لا يريدون ابدا اية هيمنة ايرانية عليهم  في  حين  ان  اغلب  الاحزاب الشيعية العراقية مرحبة او منسجمة او  راضخة  للنفوذ الايراني  ، ويدرك الشيعة عموما مدى ايذاء ايران لهم،وان السنّة في العراق قد سحقوا ودمرت  مدنهم  وشردوا  وقتلت اولادهم وعوملوا  شر  معاملة باستئصالهم استئصالا ممنهجا  باختفاء  الاف المفقودين على ايدي المليشيات الشيعية الموالية لايران ،فلا مانع لدى السنة اليوم قبول ايّ حل من اجل معرفة مصير  اولادهم وارجاع حقوقهم المضاعة واسترداد كرامتهم المهدورة ..  اما  الكرد ، فستكون  فرصتهم التاريخية للانفصال عن العراق واعلان دولتهم التي يحلمون بها ، وسيشمتون بقاسم سليماني   .. 

وعليه ،  فانني اناشد الاخوة الشيعة والسنة والكرد  وكل  الوان الطيف في العراق بهذه المناشدات المتواضعة التالية واغلبهم حريص على العراق ووجوده واستقراره واحترام  كل اهله مهما  كانت اديانهم واعراقهم ومذاهبهم  وانتماءاتهم وبيئاتهم  وثقافاتهم :

 اولا : بان  يعملوا  على  انهاء  المليشيات  والحشود الشعبية  نهائيا ، وتصفية وجودها  في العراق من اجل اعادة التعايش وروح المواطنة والثقة  بين مختلف العناصر السكانية وخصوصا  الشيعة  والسنة في العراق .

 ثانيا: ان تكون العلاقات العراقية الايرانية علاقات دبلوماسية  طبيعية  باحترام كل دولة  جارة سيادة الاخرى على اراضيها من دون اية تدخلات او  هيمنة ، وان لا  يتدخل  الايرانيون بشؤون العراق ابدا  ، وان لا يكون العراق  معبرا  لايران  نحو  دول  اخرى  . 

ثالثا: اعادة هيبة الدولة العراقية من خلال احترام الفصل بين السلطات واشتراك كل الطيف العراقي في صنع القرار ،وان  يكون القضاء  فاعلا  ومستقلا  للفصل في  الجرائم  والجنايات التي  جرت على  امتداد  هذا العهد  . 

رابعا : قبل هذا وذاك ، فان  اي  مشروع  وطني  يساوي  بين  الناس  ويحقق الحد الادنى من العدالة  والشعور  بان العراق  وطن الجميع  دون اسئتثار  اي  طيف  فيه  في الحكم  او  الادارة  او  احتكار  اي  طرف  لذلك  ” المشروع ”  سيبقيه  فاسدا  ومعلولا  ومعرضا في  وجوده  .  

انه من دون  تحقيق هذه ” الخطوات ”  الاستراتيجية  ،  فان  مصير  العراق  سيكون  معلّقا  ومهدّدا وسيعّرض  نفسه  للمهالك  وسيسلك  دروبا  مدمرّة  له  ولوجوده   .. أي  أن العراق سيأخذ  له  طريقا  من نوع  آخر  ان بقي في  مجال الهيمنة الايرانية ومصالحها  التي  لا  تتلاقى  ابدا مع مصالح العراقيين  ..  علما بأن تجارب  العراق التاريخية ازاء ايران  تقضي  بأن لايران صراع استراتيجي قوي في العراق وضده ، ويبدو ان  هيمنة ايران  على العراق في القرن  الحادي والعشرين  هي الاخطر   ..  والخشية  ان لا ينقسم العراق ويتشّظى  فمصيره في خطر  ابان العشرينيات  القادمة من هذا القرن .  

نشرت بتاريخ  30  آب / اغسطس  2019  على  الموقع الرسمي  للدكتور سيار الجميل 
https://sayyaraljamil.com/wp/

شاهد أيضاً

رموز وأشباح الحلقة 42 : برقيات وشفرات أميركية أرسلت من بغداد طوال يومي 14-15 تموز / يوليو 1958 لماذا لم يتمّ رفع السرّية عنها بعد مرور اكثر من ستين سنة على الحدث ؟

رموز واشباح الحلقة 42 : برقيات وشفرات أميركية أرسلت من بغداد طوال يومي 14-15 تموز …