الرئيسية / قراءات اخترتها لكم / نَمْ الآنَ، بلدُكَ في انتظار المطر … الشاعر عبد القادر الجنابي

نَمْ الآنَ، بلدُكَ في انتظار المطر … الشاعر عبد القادر الجنابي

احملْ ذاكرتك إلى العراء
واترك الدم الفائر في الأعماق
يسيل في مشهد الظلام

فلا هذا
ولا ذاك
بشاهدٍ.

اِنطَفئْ لكي تشتعل غدا
في حقل الكلمات،
ما وراء المنظر
حيث السباحة ضد التيّار

حيث ما من فاصلة
بين الأفق والمسافة…

وهناك
فقط هناك،
افتح تاريخك
وذر الطيور الآتية من بعيد
تبني أعشاشَها فيه.

فالأفق هنا
يريدك أن تسهر على الموتى،
وأن يتطاير فكرُك
بين القذيفة والجناح…
أنْ تصمتَ وهم يتكلمون
أن تصغي وأنت تتكلم…
ربما تعرفُ مَنْ تحتك
لكنك لا تعرف مَنْ فوقك!

ماذا أعطوك حين جئت إلى العالم
لا شيء
سوى غرائز،
عيون
وأقدام تقطع بها الأرض…

كم من فجر بارد تركوك فيه ملبّدا بالضباب
فيما السماء كانت تتشظّى فوقهم نجوما.

لا تبحث عن الحقيقة
خذها من فم الحصان
لا تدوّن حياتَكَ على الورق
اكتبْها…
لا تتوهّج إلاّ في ظلمتِكَ
لا تلتفت لظل يريد أن يحميك
فكلُّ شيء دبَّ فيه نومٌ فاسد:
الملعب، الطريق وسكك الضوء التي تمشي فوقها.

في غموض هذا الفيضان الأزرق
متهاد هو مصيرك،
حيث القصفُ أنْ يوقظَ الجرحَ
أنْ يولدَ فيك عالمٌ: نافذتُكَ
لكي تفتحها للغريب…

لكي تجعل هذا الهاجعَ فيكَ
يتكلّم
يضجُّ مثل مدينة.

أنِلْه خريطتهُ، حدودهُ
ومبانيه،
شوارعه ومقاهيه…

أنِلْه شمسَهُ الضائعة,

وروحُكَ ستطفو
في ينابيع الشّعاع.

2003/ سبق أن نشرت في ملحق النهار الثقافي

شاهد أيضاً

حمّى رفع الشعارات: السياسي والأصولي والمثقف وصاحب المال

أطنب القدامى في الحديث عن علاقة المثقف بالسلطة في مختلف العصور وكشفوا النقاب عن الإكراهات …