الرئيسية / افكار / خطايا المثقفين … هل من سجايا وتقاليد جديدة ؟؟

خطايا المثقفين … هل من سجايا وتقاليد جديدة ؟؟

قل ما بدا لك من زور ومن كذب حلمي أصّم وأذني غير صمّـــاء
شاعر عربي


صورة ” مثقف ” مخيف
الثقافة ليست صندوق عظام ميت ولا قطع فسيخ حيوان مقّدد.. الثقافة ليست قوالب ثلج مائعة ولا سخام فحم اسود .. الثقافة ليست حقنة مورفين مؤقتة ولا حبوب تنويم عاجلة .. الثقافة ليست حكاية عنترية مهترئة ولا احاديث قهاوي مبتذلة .. الثقافة ليست نهج اختلاس افكار او سرقة آراء او استلاب معلومات او تداول اقنعة مخيفة .. الثقافة ليست كأي تعصّب بليد ولا كأي تكلسّ احجار قديمة ولا صورة احتقان مياه آسنة .. الثقاقة ليست ميدان استعراضات للتبجح والتطاول وعروض للنرجسيات والعقد النفسية .. الثقافة ليست احتكار رأي ولا هيمنة على المعاني والأشياء.. الثقافة ليست اجترار كلمات أو احجيات وحكايا مملة وتفاهات سمجة .. الثقافة ليست فرض انوية ولا تكريس شخصنة .. الثقافة ليست تغييب جهود الاخرين مهما اختلفوا عنك في الهوية والطائفة والانتماء والتفكير .. الثقافة لا التخلّي عن المواقف ولا التجّرد عن الاخطاء .. الثقافة ليست استلابات فاضحة وعلى شاشات التلفزيون لجهود الاخرين واعمالهم وافكارهم واتعابهم .. الثقافة لا التحيّز ولا التعصّب ولا التخندق ولا بث روح الافتراقات مهما بلغت بالمجتمع من تناقضات بسبب تعددياته وتنوعاته وتباينات اعراقه واجناسه واديانه وطوائفه !! فمن يا ترى يؤمن بمثل هذا المزيج المخيف من التكوينات ازاء الاخرين ؟
صورة مثقف متميز
الثقافة : اسلوب ونهج ورؤية للاشياء والمعاني والظواهر .. الثقافة : علم وفن وتعامل واخلاق .. الثقافة : اسلوب حياة للتعامل مع كل الممكنات الحية والناضجة .. الثقافة : تعبير عن مدنية الحياة ومعاصرتها وتجديد كل مضامين التاريخ لا الانزواء بين اشواكه وادغاله .. الثقافة : تعبير راق عن واقع اجتماعي معين بعيدا عن اهواء السياسة وادرانها .. الثقافة : نهج اخلاق وسلوك في التعامل مع الموضوعات واصحاب تلك الموضوعات .. الثقافة : مرونة وانفتاح على كل منتجات البشرية .. الثقافة : تعبير عالي المستوى عن واقع افراد او جماعات او مجتمعات تتسامى عن الصغائر ولا تهتم الا بالمتّسعات من الحياة .. المثقف الحقيقي من يعّبر تعبيرا صادقا عن مجتمعه بكل تنوعاته وعن تكويناته بكل اطيافها والوانها .. وان يكون ملتزما بحقائقه ويعطي لكل ذي حق حقّه .. لا يسرق افكار الاخرين ولا مقالاتهم ، ولا يقلّل من أهمية الآخرين ، ولا يغّيب منتجات الآخرين .. ولا يستخف بأسمائهم ولا بأعمالهم وهو خالي الوفاض مهما اختلف الآخرون عنه حتى في العقيدة والمنهج والرؤية والتفكير !!
المثقفون النرجسيون
لدّي صديق فيلسوف ومثقف ثقافة عالية ودوما ما نتبادل الرسائل الفلسفية عميقة المعاني ومنذ زمن ليس بالقصير اذ كان حدسنا نحن الاثنين بأن شقاء الوعي عند النادر من الناس قد جرّنا الى انسحاق نفوسنا وسط بحر من اناس متكلسين ماتت ضمائرهم وتقلبت اهواءهم وكرّسوا كل امراضهم بعد ان جعلوا من انفسهم اشباه قديسين مزيفين او انبياء مطهرين .. فكانوا ان خدعوا الناس زمنا طويلا .. ولعل من افجع ما ابتليت به الثقافة العربية انتشار اعداد كبيرة من النرجسيين الذين سجنوا انفسهم في قيود انويتهم التي لا يرون غيرها وكأنهم يخلقون منها ضرورة تحرّك لوحدها التاريخ بقّضه وقضيضه .. فضلا عن اولئك الذين تجدهم يقتاتون على افكار غيرهم واستيلادهم مواقفهم الجريئة وحصيلة جهودهم واتعابهم التي صرفوا اعمارهم في سبيلها ، وغدت لهم ثقافتهم العالية ..
” الامة ” مقهورة بمثقفيها المبتذلين
ان ” الامة ” ليست مقهورة بزعمائها فقط كما يؤمن الناس بذلك .. بل ان ” الامة ” مبتلية بسرطانات اناس يسمون انفسهم بمثقفين ونخب مثقفة وكـّتاب سياسيين يجلسون في الابراج العالية .. والناس لا تعرف كيف وصلوا الى ان يخدعوا العالم زمنا طويلا خدعا كاذبة .. وبرغم ما فعلوه من كوارث في القرن العشرين وتمرير اكذوباتهم على العالم بمفبركاتهم ودجلهم ومماحكاتهم وخصوصا عندما يحومون حول زعمائهم فيصوروا لهم الحقائق تصويرا خادعا ويجعلون من انفسهم ابطالا الى جانب الزعامات .. ، بل ووصل الامر بأحدهم ان يطلع على الناس كل اسبوع ليحكي لهم هندسته للثورة في بلاده وكأنه أحد ضباطها الاحرار .. انهم اجتازوا الزمن لكي نراهم في هذا القرن الجديد وهم يستحوذون على وسائل النشر والاعلام لترويج اكاذيبهم ودجلهم وممارساتهم لكل الموبقات في اجواء لم يعد يدقق احد في ما يقوله هؤلاء السدنة . ومن أمثال هذا ينتشر العديد من اولئك الذين يريدون اليوم ان يمسحوا كل تواريخهم السالبة على حساب استحواذ عواطف الجيل الجديد بعد ان ضحكوا طويلا على الجيل السابق !
ابتلاء المثقف بالطائفية المقيتة !!
اما ما نجده في العراق اليوم ، فلا يمكن للمرء ان يتخّيل بناء مجتمع مدني حر وجديد اذا ما ازداد غرس الاليات الطائفية لدى بعض المثقفين وفي اعماق المجتمع بمثل هذه الاعلانات البغيضة التي يتبرع بها نفر لا يعرف غير ترتيب الكلمات التي حفظها من هذا وذاك ويبدأ باشعال الموضوعات بما في صدره من ادران من دون ان يراعي او يحترم ولو الحد الادنى من مشاعر المجتمع بتنوعاته !! لقد وصل الأمر ليس الى تغييب اسماء معروفة عمدا وقصدا بابراز مثقف له انتماؤه الى طائفة على حساب مثقف آخر له انتماؤه الى طائفة آخرى .. او التقليل من شأن هذا على حساب ذاك ، لأن ” الذاك ” من طائفته !! بل وصل الامر الى استلاب افكار الاول وتسويقها من دون حتى ذكر اسمه .. ان الافتراقات الطائفية لدى المثقفين العراقيين تلعب لعبتها القذرة اليوم الى جانب الساسة العراقيين الذين رضوا بالحصص والتخندقات التي هم عليها وليذهب العراق الى الجحيم !
رسالتي الى صديقي الفيلسوف
قلت لصديقي الفيلسوف في رسالتي اليه اذ كنت وراء رجعته الى الكتابة ، هو وغيره من الكتاب والكاتبات الذين اعتكفوا عن الكتابة وعزفوا عنها لاستيائهم من المثقفين المنافقين الباطنيين المخادعين ، قلت : ” فرحت جدا لعودتك .. سررت جدا لأن اقرأ شيئا ذي بال واهمية بعد هذا الغثاء الذي يطغى في كل مكان ! كنت اسخر من هشاشة الساسة العراقيين وتفاهته وبّت انعي الثقافة العراقية وركامات الكّتاب والاعلاميين البلهاء من العراقيين الذين لا يدركون الف باء العراق .. انه كما وصفته الفكر المتوحش الذي كان يسود تحت الارض وقد تفجّر قيحه اليوم بحيث لا يمكنني ان القى من له القدرة على ان يفّكر قبل ان يصدر كلماته الكبيرة ! اما سرقة الافكار والتعابير فحدّث ولا حرج ! ان ما يؤلم حقا ان اجد من يلوك تعابيري وافكاري بكل بلاهة على شاشات التلفزيون من دون ان يدرك معاني ما يقول .. كان آخرهم هذا ( السيد ) حيث يسّوق ما كنت قد نشرته عن الثقافة العراقية وتصنيفاتها الجغرافية ضمن عبقرية المكان ولا يدري المسكين كيف يمكن تطبيق ما يقول !
امراض المثقفين
رّد عليّ صاحبي ليفصح لي عن حقائق كانت مغيّبة عني وهي تحكي تاريخ من جعل من نفسه سادن لتاريخ العراق وثقافته : ماذا احدثّكم عن لصوص الكلمات والافكار من الذين يسمون انفسهم بالمثقفين ؟ وماذا احدّثكم عن لصوص المواقف والادوار الذين يسمون انفسهم بالسياسيين ؟ انهم – كما وصفهم صديقي الفيلسوف ـ بسراق الاقنعة ومنتحلي كل الادوار الرائجة . ماذا احدثّكم عن ذاك الصناجة الراقصة الذي خرج على شاشة التلفزيون وهو يعرض بكل وقاحة سرقاته افكاري على الناس باسمه ! لم اندهش ابدا وانا اتابع تصنيفاته للثقافة العراقية وللجغرافية الثقافية .. تلك وهذي التي عالجتها في محاضراتي المنشورة هنا وهناك . وهل ينتهي الامر عند هذا الحد ؟ لا ابدا ، انه يمتد الى مثقف آخر اعتز به كاتبا وصديقا لينشر بعض اعمالي في كتاب له نشر حديثا من دون تكليف نفسه ان يستأذن مني ذلك ، وما كنت لارفض طلبه وانا اهاتفه من حين لآخر .. ولكن لم يفعلها ابدا ، ولم يسألني استلابه من مقالاتي لينشرها في كتابه .. فماذا نسّمي مثل هذه الحالة ؟ ومع كل هذا وذاك فلم اتنازل لأسأله عمّا فعله ، عّله يهاتفني يوما كي اجد سببا مقنعا لهذا الاسلوب .
واذا كان هذا الصديق المثقف قد ساق مقالاتي ذاكرا اسمي ، فان آخرين لا يفعلون ذلك ، انه من ابشع ما يتصف بعض الكتاب النرجسيين العرب ان يأخذ منك من دون ان يذكرك .. نادرا ما اقف على من يعطي لكل ذي حق حقه .. وهي صفة ليست ابنة هذه الايام ، بل انها تلك التي صنّفها ابن الاثير في كتابه : ” المثل السائر ” قائلا بأن هناك من ينسخ عن هذا وبمن يسلخ عن ذاك وبمن يمسخ عن الاثنين ! لقد طفح الكيل اليوم بالنسخ والمسخ والسلخ .. لقد زادت امراض المثقفين العرب هذه الايام ، بحيث لا يمكن ان يجد من يحاسب السراق والمنتحلين .. وربما يسقط واحدهم ، ولكن حين يسقط شرف الكلمات يبقى الكلام محكوما بالحقيقة الضائعة ! ناهيكم عن تلك المزاجية المازوشية والنرجسية القاتلة .. تجد هذا منفوخا وتجد ذاك متعجرفا وتلك تؤله ذاتها .. والاخر مزاجي لا يمكن ان تتعامل معه .. وانت في وسط غابة تعّج بالعلاقات الموبوءة والاحقاد الدفينة والكراهية التي تبدو على سيماهم واضحة جلية .. انهم يأكلون الحقيقة بقوة اللفظ لا بقوة الدلالة والوقائع والسلوك والاعمال والاخلاقيات العالية ، وهؤلاء عاشوا على قوة اللفظ ولم يعيشوا ماثرة او ايثار العرفان الفكري في الكلمة، المعرفة بلا عرفان كالهواء في الغربال … انهم اضعف الناس في المواجهة ، ففاقد الشئ لا يعطيه ، اذ تجدهم يهربون من المواجهة .. انهم يعدوّن من افضل المشوهين في الهامش السياسي والحوافي الفكرية ، ولعل ما نشهده من سيئات مؤدلجي بعض مثقفي الجيل الراحل اكبر بكثير مما نلحظه لدى ابناء الجيل الجديد ، وخصوصا في اسوء من هوامشه وذيوله وملاحقه ، فكيف نتصور اشباه الصناجة الراقصة يقررون مصير بلاد القيثارة والشمس وفجر التاريخ ؟؟
زبد المثقفين العراقيين وما يمكث في الأرض
دعوني اكون صريحا لأقول بأن العراقيين من اكثر الناس تنّكرا لمعروف ابناء جلدتهم وليعذرني كل العراقيين ان اطلقت هكذا صفة بشكل عام ، ذلك ان العراقيين لا يقدرّون حقوق رجالهم ونسائهم خصوصا اذا اختلفوا عنهم في المذهب والتيار والتفكير.. ان البعض من العراقيين لا تعرفهم الا من خلال استعراض عضلاتهم !! وان الكثير من العراقيين لا يعترفون باخطائهم وخطاياهم .. ويا ويلك ان اختلفت في الرأي معهم ! انهم من اكثر الناس ايغالا في الجحود وهم ينافقون ويهربون من المواجهة .. ونادرا ما اجد من يقف مخلصا للاخر او وفيا لمن يشاركه اغلى الاشياء !! العراقيون لا يستوي صالحهم ازاء طالحهم ! فاخيارهم من اجمل الناس واروعهم واشرارهم من اسوأ خلق الله ! لقد تمّرس البعض من العراقيين على ان يكرهوا كل الوجود ، بل غدوا يكرهون بعضهم بعضا بشكل لا يصدّق !! وليس أسوأ من يصم مؤسسات معينة باشنع الصفات لاسباب علاقات شخصية ليس الا ، ويمكن ان نختلف سياسيا وفكريا مع احترام المؤسسات الفاعلة والحيوية ، اما ان نقلب الطاولة باستخدام كل المبتذلات ضدها ، فان الثقافة العراقية في ازمة حقيقية .
وانظر ، انهم يذبحون البشر بالسنتهم واقلامهم قبل ان يستخدموا تصفياتهم لاجساد الاخرين .. لا اعتقد ان هناك من شعب يسيئ لنفسه وتاريخه مثل هذا الذي يفعله العراقيون !! ويتوّضح هذا التشّوه في الشتات ، فغير العراقيين تجده يساعد بعضه بعضا الا العراقيين الذين يريد احدهم افتراس الاخر ، بل ويحاربه حتى في رزقه !! وأسأل : هل لأنهم غير متجانسين ؟ هل لأنهم غير متوازنين ؟ ام انهم غير مثقفين حقيقيين ؟ هل لأنهم يمتلكون بقايا كمّ هائل من بشائع التاريخ ؟ هل تجدهم أسوياء في تصرفاتهم ؟ لماذا لم يستمعوا لاصوات العقلاء وضرورات المستقبل ؟ وهل خلا العراق من عقلاء الى هذا الحد ؟ لا اعتقد ابدا ، فليس هناك اذكى من هذا الانسان الرافديني عبر التاريخ ، ولكن قوة التشوّهات التي صنعوها لأنفسهم قد جعلتهم بمثل هذا الحال وهذه الاحوال ..
دعونا من جنايات التاريخ
اذا كان السابقون الاولون قد ارتكبوا جنايات دموية فاضحة أحدهم بحق الاخر ، فما ذنبي انا ادفع ثمن صراع قد حدث في التاريخ على السلطة قبل مئات السنين ؟ ان حلمي قد تبدد في العراق والعراقيين ، اذ كنت اعتقد بأن وطنهم سينهض على ايديهم بعد شقاء التاريخ .. ولكن انقلبت الدنيا رأسا على عقب وضيعنا حقيقتنا التي لا اعتقد انها ستتحقق ابدا في غضون الثلاثين سنة القادمة وان عاد اهل العراق الى رشدهم يكون الزمن قد فاتهم او ان جغرافيتهم قد تبدلت وبدأوا تاريخا انقساميا سيأخذهم على امتداد القرن الواحد والعشرين .. ربما اكون مخطئا ولكن لم تخطئ تقديراتي الا في التفاصيل .. اكملت رسالتي الى صديقي الفيلسوف واقفلت كلماتها بقولي : ” انني سعيد جدا بعودتك كي اتأمل في ما تكتبه وافكر معك تفكيرا عالي المستوى .. دمت لي مع تمنياتي لك بزمن سعيد وصحة عالية مع محبتي وتقديري ” . لقد اردت من رسالتي ان اضع لمسات عابرة عن صناعة هذي التي تسّمي نفسها نخبا وهي تزيد من اشعال تناقضات المجتمع لتحيل العراق الى جحيم مستعر من دون ان تدرك حجم الكارثة .. انها تحّول الانشطارات والصراع الى المقاصف والشوارع والبيوت !! ان المثقفين العراقيين اليوم امام مفترق طرق صعبة للغاية .. انهم امام محنة تاريخية لا يحسدون عليها !
ماذا أجابني صديقي الفيلسوف ؟
أجابني صديقي الفيلسوف في رسالته قائلا ( وانقل نص ردّه عليّ ) الى كل الناس علما بأننا نحن الاثنين قد جعلنا عراقيتنا فوق كل ما يقال من افتراقنا الطائفي الذي لا نؤمن به ابدا ( على عناد كل الطائفيين ) وجعلنا فكرنا الحديث فوق أي انتماءات وتخندقات وولاءات اجتماعية كسيحة لم يزل يؤمن بها الموغلون في خراب البيوت .. فصديقي الفيلسوف من قلب جنوب العراق الشهي وانا من رأس شماله الجميل .. كتب الي يقول :
“ابدا بالشكر لك على الفضل والمعروف الذي قدمته لي حيث انتشلتني من الموت والضمور لعقلي واعدتني من منفى شعوري كنت اعيشه، وانا اعرض عقلي لبنج طويل ما كان ليتوقف لولا مقالكم الاثير عني ، بعدها تحركت خلايا ذهني لتكتب لكم مطولا ، حتى الاسفاف لكني لم انشر ما كتبت لانه جولة طويلة جدا تزيد صفحاتها على العشرة او اكثر على ما اتصور . كانت شبه مجادلة بالافكار والقيم المعرفية الخامدة في عالمنا ، كذلك كتبت غيرها الكثير الا انني اضعت بعضها بسبب الوهن القاتل في الذاكرة اليومية والفوضى الادارية التي تفعم حياتي ، حيث تنتهي دائما خسارتي بكوميديا نسياني الدائم الا ان الرسالة لم تذهب فلقد حفطتها بمكان اخر، وهذا لاني استخدم التقنيات احيانا بعقل البداوة !! . في كل الاحوال اتابع ما تكتب واستشعر المرارة المتوارية خلف سطورك . ومع اني اشعر ان ثمة طرش فكري يصيب عالمنا وعدم مبالاة الا انني اثق بالتراكم الذي نحدثه نحن ثلة المتاخين على الالم والمرارة والحيف امام مجموعات ذمية وامية وامام جهل الاكثريات التي تقرر مصائرنا في سياق رعونة التاريخ وهو يسجل ماضي الماضي في حاضر يحدد ادواته التحديث وهذا ما يجعل الماضي مستفيدا من نعمة التحديث لمصلحته ، اي ان روح العدوان الهمجي العتيق وجدت ادواتها التكنولوجية في القتل ، وهي ادوات حديثة متطورة ولكن لمصلحة علاقات الماضي فاستبدلت الخنجر والسيف بسيارة مفخخة ولعلها تستخدم لاحقا اسلحة الدمار الشامل بدلا من المنجنيق ، وهنا يصاب نظام التكافل الطبيعي بالتشويش والفوضى والخلخلة المربكة ، لان التطور يجلب انضباطه ونظامه الاخلاقي والردعي معه ولا يتمكن من اعطاء علاقات الماضي والسلف نظامه الانضباطي الحديث .. فالانترنيت لاجل خدمة علاقات الرعي الهمجي وقطع الرؤوس القديم ، هذا التلبس افقدنا هندسة الزمن وجغرافيته المتسقة مع شروط موازية اخرى . اشعر ان هناك حفريات كبيرة يجب احداثها في عقل ووسائط الحاضر / علاقاته متبنياته ، وهذا يتطلب افعالا خارقة تعوض المشاكل الخارقة ايضا .. في كل الاحوال اردت القاء التحية عليك كما اردت ان استطلع تصوراتك للخروج من هذا الاعصار المفزع الذي تعيشه يوميات وعاديات العراق .. كل المحبة والاحترام لك .

صديقك

لن أجيب صديقي الفيلسوف بعد ، ولكن للحديث تكملة في رسم تصورات للخروج من هذا الاعصار .. الاعصار حقا !

ايلاف 21 مارس 2006

شاهد أيضاً

مطلوب لائحة اخلاق عربية

تعيش مجتمعاتنا العربية في حالة يرثى لها، لما أصابها من تفكك سياسي جعلها تتمزق اجتماعيا، …