عقد قبل قليل اجتماع عاجل ضمّ دولة رئيس الوزراء وأصحاب المعالي الوزراء ، من أجل ان يطلّع كلّ العالم على حالة الرقي الذي وصلت اليه البلاد . وبدأ الاجتماع سريعاً وبكلمات سريعة وملعثمة وحركات سريعة من دولة الرئيس ، قائلاً :
كنا قد وعدنا العالم اننا سنقضي على الفاساد والفاسدين بعد أن انتصرت أنا على الرهاب والارهابيين ، وتجدون اليوم بلادنا تنعم بالاستقرار والامان وتزخر بالثروات وقد جعلتها جنة من الجنان ، وكل هذا بفضلي لأني صاحب النصر المبين وانني كما تلقيت الخزينة خاوية عند تسلمي السلطة من قبل القائد الضرورة اللاعب بخشمه دوما ، فسوف أتركها والشعب يعيش في جنات النعيم ، ومع كل ذلك يسمونني بالفاشوشي ، وأدعو أصحاب المعالي يتكلمون عن تجربتهم الفذة . تفضلوا يا اصحاب المعالي :
معالي وزير الخارجية : عذراً كنت نائماً حالماً ولم اسمعكم .. نعم انني كنت المارد الذي خرجَ من القمقم ، وانتصرنا في معركة الموت ضدّ الحياة ذلك لأن الاخرة هي الابقى .. المهم أن المارد بعد أن كان رادوداّ غدا مهرّجاً على الطريقة الكونفوشيوسية .. وجعلتُ القمقم يحترمه العالم كلّه ، وخصوصاً بعد ان خرج المارد الذي كان مسجوناً ولا يأكل الا شوربة عدس ، وتالي الليل تأتيك أصوات المدافع وكأنها تغريدات البلابل !
معالي وزير الدفاع : اذا كانَ المارد تيساً يهذي ، فأنا جعلته فأرة بسبب عظمة جيشنا الباسل وطواقمه الدمج من ذوي رتب ونياشين سوق مريدي .. انه جيش يحارب على جبهات داخلية وخارجية ، وانا لست الوحيد المختبئ في القمقم ، فقد حطمتنا العصابات ورؤسائها التافهين من الشقاوات التي أخاف منها خوف الدبّ !
معالي وزير الداخلية : نعم ، المارد دبّا ، وانا من أنصاره .. ولكن باتجاه آخر ، اذ لا يمكنني الا ان اتسلّم أوامري من الدبّ المارد المرقط .. ابلغك ما يأمرني به ليل نهار يا دولة الرئيس الفاشوش .. القمقم الان قد خرج منه الدبّ الشرقي المتوحش ، وسحق قهوة عزاوي وسواها بيه سلمان !
معالي وزير المالية : دعك منهم يا دولة الرئيس من القمقم ومارده .. ما ادري وين صارت مليارات البلد التي تأتينا من بيع النفط .. نبيع اربع ملايين برميل يومياً ونركض والعشا خبّاز ! وقتي لا يكفي لعدّ المليارات من الدولارات ، ولكن مهمّتي فقط أن أجيز الصرف للمصارف وكل شلة الحرامية والديون التي غرق بها القمقم .. انزل الى المقاصة فلا أجد الا الفئران والجرذان تعبث بالمال العام ونشاركهم في الوليمة جميعاً !
معالي وزير العدل : اللهم لي المشتكى على من فتح القمقم ، فالمارد اخرج الشقاوات معه والذين يهدّدوننا يومياً في كل مكان ، فالبيت امتلأ بالذئاب المتوّحشة والقطط المفترسة ! وقد أمسى القضاء عندنا مثل زرائب مليئة بقطعان الغنم التي ترجفها الصواعق ! فالمارد سحق القمقم !
معالي وزير النقل وهو يلبس نظاراته الشمسية : لقد انتصرنا ببناء جسور كبرى على السواقي الناشفة ، وسنحفر من تحت القمقم أنفاقاً تحت الارض توصلنا باوروبا ، وسنبني مطاراً في كل قرية للمركبات الفضائية حتى نصدر المارد ليعبث بباقي الكواكب ! وستكون البلاد كلها جسورا معلقة وقطارات معلقة ومدنا معلقة ..
سمعت قهقهة عالية في صدر القاعة !
معالي وزيرة الصحة : سودة علية .. أنا جبت لوزارتي مفتش عام لو واوي عتيق ؟؟ لقد كشف عن قضايا بسيطة هو سماها ” فساد ” ، وقد ظلمني وهو يقوم بالتعرية قطعة قطعة على شاشات التلفزيون .. والله لو ادري سيكون مارداً عليّ لما وافقت على تنصيبه كي يتهمني بسرقة الملايين من الدولارات والناس تموت في ردهات المستشفيات الكئيبة .. بس انا الكسبانة .. يا الله وين كنت احلم اصير معالي وزيرة . اشلون مارد نذل !
معالي وزير الصناعة : سوف نقيم المصانع .. سوف ننشر المعامل ..سوف تقوم الاف الشركات بالاستثمارات .. الشعب كله سيعمل واصبحنا قوى انتاجية مبدعة ونقوم بتصدير صناعاتنا الثقيلة والدقيقة الى كل العالم ، وخصوصا الى اليابان ..
معالي وزير الكهرباء : يابا ما تروح .. اطلب من معاليك ان تسكت وتخرس ، فانا لا ازودك بالطاقة ، فكيف تصبح قوة صناعية جبارة ؟
دولة الرئيس مقاطعا : لا عليك بزميلك تكلم عن انجازاتك ، فانا أيضا اخرط واكذب في كلّ الاحيان ، فالشعب جعلناه ينام نومة اهل الكهف ..
معالي وزير الكهرباء : انجازاتي تكللت بالانتصار لولا سحبك يدي ، ولكن لم اعترض لأنني لم امارس دوري ، فالكهرباء لم تعد تأتينا من ايران جراء العقوبات عليها ويشتكي الشعب على الجميع وليس ضدي وحدي .. فالكل يكذب على الشعب ، فلماذا سحبت يدي ارجعها الى مكانها الطبيعي كي اعرف كيف استخدم اصابعي !
معالي وزير الزراعة : لقد انتصرنا في معركة الارض ، واصبحنا ننتج كل الفواكه والاثمار وكل الخضراوات ولنا ثروة حيوانية هائلة .. نجحنا في جعل البلاد سلة غذاء هذا العالم العربي كما وصفنا الرئيس المصري السابق حسني مبارك ! وأسأل معالي وزير التجارة عن حجم صادراتنا الى العالم !
معالي وزير الري : كافي تخرط ، ولك من اين لك الماء حتى تزرع .. اذا انا بنفسي خرجت للناس اعلمهم بشحة المياه ونضوبها في كل مكان من القمقم ، واقترحت عليهم ان يحفر كل شخص بئرا ، ويكون في كل بيت خزان ماء وشعلت ابو الناس شعل .. ولكن ما عليكم والله وبحق المارد سوف اسوي البلاد في الدورة الوزارية القادمة .. تجري من تحتها الانهار !
سمع صوت غريب ينبعث من بعيد مع رائحة كريهة وهواء فاسد ..
جاءنا الان فقط ما يلي : ان الاجتماع لم يزل مستمرا حتى الان ، وسنوافيكم بتكملة تفاصيله في الحلقة القادمة كي نسمع منجزات بقية اصحاب المعالي ، فكل منهم سيدلي برأيه في هذا الاجتماع امام الرئيس الفاشوشي ، وستعدّ وليمة غداء فاخرة لدولة الرئيس واصحاب المعالي ..
انتظروا الحلقة القادمة
تنشر بتاريخ 14 آب / اغسطس 2018 على موقع الدكتور سيار الجميل
https://sayyaraljamil.com/wp/