الدكتور سيار الجميل في الإحتفال به
لقد صاحب التكريم حفل عشاء على أنغام الموسيقى ، وانفض الاحتفال على الساعة الثانية عشرة عند منتصف الليل .
ترجمة كلمة الدكتور سيار الجميل التي القاها في حفل التكريم الدولي
لمنحه لقب ( سفير السلام العالمي )
السيدات والسادة
نحن هنا لأننا نؤمن بالسلام والحرية والتمدن . نحن هنا كي نظهر لجيل المستقبل نمطنا المختلف للحياة ، وطريقتنا الفريدة في التفكير. إنني دوما ما تذهب تصورّاتي إلى أن هذا العالم سوف يصبح ساحرا منسجما واقفا مثل جنائن بابل المعلقة ، وقد امتلئ بالسلام والحب والجمال ، وان يغيب عّنا كل من العنف والقتل والاضطهاد. عالم تحكمه العدالة والمحبة والشراكة ، ونحن علينا العمل على الصعيد الدولي من اجل بناء الرحمة لا الكراهية والسلام لا الحرب والعدالة لا الظلم. إن أصدقائي من المثقفين العراقيين الأحرار وأنا معهم ، نود أن نشكركم ، ونزجي التهاني لكم على الخدمة الرائعة في اليو بي اف ( منظمة السلام العالمي ) والأمم المتحدة .. إننا نقدر تقديرا عاليا كل ما تبذلونه من جهود وتفان والتزام في هذا العالم . فالواضح ان من الصعب على فرق العمل مثلكم أن تتمكن من بناء السعادة والوئام والانسجام في جميع أنحاء العالم الفسيح . وعليه ، فإننا أصحاب مهام صعبة من اجل تدشين عصر جديد في مجابهة التحديات .
أنا من أرض بلاد وادي الرافدين Mesopotamia ( أو : بلاد ما بين النهرين القديمة) ، أو كما تعرف اليوم ، بالعراق الحديث . هذه البلاد ، كانت تدعى في كثير من الأحيان بـ “مهد الحضارات” The Cradle of Civilizations ، وهي تقع بين النهرين الأزليين العظيمين ؛ دجلة والفرات. دعوني أقول لكم شيئا عن العراق وشعبه الذي يتسم بالحيوية والصبر والاستقلالية والانفتاح .ان العراق يعاني منذ خمسين عاما من أعمال العنف والاضطرابات والصراعات والأزمات والحروب والدكتاتورية. ولم يزل الشعب العراقي مستمر في معاناته من تداعيات الحروب والدكتاتورية حتى اليوم، انه بحاجة الى ان يخرج نهائيا من آثار الانقسامات الطائفية والنزاعات العرقية وانعدام الأمن ، فضلا عن حاجته الى اهم الخدمات والبنية التحتية المتطورة .
إن موسوعة الثقافات البشرية الحديثة التي أصدرتها اليونسكو عام 1999 ( وكنت احد محرريها منذ العام 1990 ) جاء فيها : ان كل الشعب العراقي عاش طوال أحقاب التاريخ ، معا في سلام ومحبة ، وواجه التحديات من خلال التعاون والشراكة والتضامن من دون أي عنف ولا أي انقسام . كان جميع العراقيين يعيشون في وئام وانسجام دون اية كراهية أو انعزالية ، سواء كانوا من : المسلمين والمسيحيين واليهود واليزيدية والصبّة المندائيين وكاكائيين ، عربا وأكرادا وتركمان وفيليين وشبكا واثوريين وكلدان وأرمن وسريان آراميين وغيرهم كانوا يديرون حياتهم بسلوكيات متحضرة وذهن منفتح وأيادي منتجة ، وأساليب حياة مدنية متحضرة . إن قيمهم وتراثهم التربوي وتقاليدهم هي قديمة جدا ، وستستمر في الوجود عبر الأجيال القادمة .
العراق هو الأرض الكلاسيكية القديمة التي ما زالت تعمل جاهدة للتعريف عن نفسها وعن اسمها ورسمها في قلب العالم . ان العراقيين الأوائل هم أول من اكتشف الزراعة قبل عدة آلاف من السنين ، وكانوا أصحاب أول تجارب المستوطنات والتجمعات الاجتماعية بولادة أول قرية في التاريخ وأظهرت لنا أنها القرية الأولى التي عرفت أول مجتمع في التاريخ والذي تطور شيئا فشيئا الى المجتمعات البشرية الأولى التي كانت هي الأخرى في العراق. ومنذ ذلك الحين ، عرفت اول فلسفة انسانية للسلام العالمي . ان العراقيين هم الذين فهموا السلام على أساس هذه الخصائص ، فكانوا ان بنوا أول مدينة وجدت في التاريخ ودعيت مدينة اور ابان العصر السومري ( وهو اقدم العصور التاريخية في التاريخ البشري ) .
ان هذه البلاد ، كما وصفها هيرودوت هي مركز العالم ، في حين وصفت الآنسة غيرترود بيل العراق عام 1921 انه “الأب الشرعي للإنسانية”. اما العالم الاسلامي فدعا بغداد “مدينة السلام” ، وسماها ياقوت بـ ” سيدة البلاد ” وكان ذلك قبل اكثر من الف سنة مضت ، عندما أصبحت بغداد مركزا للحضارة العربية الإسلامية ، والمعرفة الإنسانية. لقد امتلك العراقيون اول المعرفة لأن الكتابة كانت من مكتشفاتهم وقد تضمنت تسجيلاتهم الفنون والأساطير ، والتي اخصبت أفكارهم حتى اليوم. وكان القانون قد تشّكل على ايديهم لأول مرة ، ممثلا في قانون حمورابي. واشتهر العراقيون ، وعرفوا جيدا كأول شعب في التاريخ يعيشون في البحث عن الخلود من خلال ملحمة جلجامش كأول ملحمة في التاريخ. فإن خلود العراق منذ سبعة الاف عام ، وهو لم يزل على قيد الحياة في ثقافته ، وكتابة النصوص الإبداعية ، في شعره ، في خطوطه ، وفي رسوماته ، وفي اساليب الطبخ ، وأكثر من ذلك بكثير مما نتصور . بلاد كانت أول من يوجد الموسيقى ويخترع القيثارة / الغيتار والفلوت والكمنجة وكلها معروضة في المتحف العراقي. يمكننا أن نرى ما تبقى من الطين في مكتبة آشور بانيبال في عاصمته العظيمة نينوى .. ولقد عرفت كونها اقدم مكتبة في التاريخ البشري .
الدكتور سيار الجميل يلقي كلمته بالمناسبة
شكرا جزيلا لكم ايها الأصدقاء الأعزاء ، ويشرفني أن احمل هذا اللقب العالمي ، سفير السلام العالمي ، باسم كل العراقيين وإنني سعيد جدا لقبوله ويعتريني شعور عميق من الفخر والتواضع معا . واسمحوا لي ان أقول بأن هذا القبول سيمنحني المسؤولية والواجب من اجل خدمة الإنسانية كلها وأود أن أؤكد لكم وأعدكم أنني سوف أعمل ما يقرب من وجهات النظر المتباينة نحو الأفضل دوما في كل الامم ، وان احمل غصن الزيتون في كل المناطق الساخنة في العالم للحفاظ على الانسان والبيئة والتربية والصحة والثقافة والاجيال القادمة .. وان احترم تقاليد المنظمة ليس بإبقائها على قيد الحياة فقط ، بل لتطويرها كي تنتقل من جيل إلى جيل ، وهذا ما يخدم مهمة منظمتنا ، والاتحاد العالمي للسلام تحت راية الأمم المتحدة .
وأكرر تقديري وشكري لكم جميعا.
وليبارك الله أعمالكم وأعمالنا جميعا
نقلا عن موقع الساحة ، تورنتو ، كندا في 5 ابريل 2009
http://www.assaha.ca/activity14.html
ويعاد نشرها على موقع الدكتور سيار الجميل
www.sayyaraljamil.com