وتمضي سنة اخرى من حياتي 

وتمضي سنة اخرى اليوم من حياتي التي ابصرت فيها النور يوم 21 كانون الثاني / يناير 1952.. سنة مليئة بامنيات منها المتحقق ومنها في طور الا نتظار .. سنة فيها الحسرة والالم وفيها شدو للحلم او اغنية الامل .. سنة انجزت خلالها ما استطيع انجازه ، وفيها ما لم ينجز حتى اليوم .. سنة تعرّفت او التقيت فيها بأروع الناس والاصدقاء القدماء ، وتركت مسامحا فيها بعض الخصوم الى حيث اللاعودة ابدا .. سنة تعلمت من تجاربها الكثير ، وتجاوزت فيها عن اخطاء الاخرين ، وراجعت نفسي ان اخطأت او اسأت الى أحد لا سمح الله .. سنة اقتربت من خلال قراءاتي الجديدة فيها من فهم هذي الحياة ، وزاد احساسي فيها بقيمة الزمن الذي تحرقه مجتمعاتنا حرقا ، اذ يمثّل الادوار كل المسؤولين البائسين ، ويزداد عدد الطفيليين ، وتتأخر الحياة بتفاهات العاطلين .. سنة كاملة كانت كالبحر الصاخب المزبد ، وهو يلقي بامواجه العنيفة على الرمال الناعمة ، وانا اراقب صداها عند شواطئ ارخبيل اخضر .. سنة صدر لي فيها كل من كتاب “المزامنات الثانية ” وكتاب ” تحولات الازمنة ” وهما من اهم ما كتبت مع صدور عشرات المقالات وبعض الدراسات والكتب التي قدمتها ، كما نشرت مذكرات تحسين قدري صحفيا وستنشر في كتاب عما قريب .. وتمضي سنة اخرى من حياتي خرجت منها سالما بعد وعكات مرضية وعملية جراحية اثر اتعاب .. سنة تنقلت خلالها بين جامعة ايروزونا ستيت في الولايات المتحدة ومشاركا في مؤتمرين عقدهما المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات اولاهما مؤتمر التاريخ ببيروت وثانيهما مؤتمر مرور خمسين سنة على حرب حزيران 1967 في الدوحة ، فضلا عن محاضرتي ” مستقبل الشرق الاوسط بين البعيد والمنظور ” في هيئة علماء المستقبل الدولية وجامعة ميغيل في مونتريال بكندا ، التي تكلمت فيها عن مأساة الموصل التاريخية وانسحاقها وسبل اعادة بنائها .. وزرت لاغراض علمية لندن في بريطانيا ، وبروكسل في بلجيكا ، وهيوستن في تكساس ، ولوس انجلوس في كاليفورنيا ولاس فيغاس في نيفادا وكنت ضيفا دوليا على منظمة حقوق الانسان في تورنتو بكندا مؤخرا ..
تمنياتي الخالصة ان تكون السنة القادمة من حياتي مريحة ومنتجة ومفعمة بالخير والابداع والجمال ، وان تنشر فيها بعض كتبي والنصوص الجديدة – وهي قيد النشر – ، وان تتحقق الامال العريضة لكل الاصدقاء في هذا العالم ، وان تعود مجتمعاتنا الى وعيها وعقلانيتها وهديها باختيار افضل الحكام والمسؤولين .. وان تستقر اوطاننا وتنعم بالاستقرار والرخاء .. وامنياتي للاجيال الجديدة ان تتعلم من الدروس الصعبة وان يمنحني الله الصحة لاراها في اعالي الذرى ..

لوس انجلوس  – الولايات المتحدة  الامريكية

ليلة  21 كانون الثاني / يناير  2018