الرئيسية / الرئيسية / رموز وأشباح الحلقة 43 : أسئلة حائرة عن 14 تموز/ يوليو 1958 معلومات لم ترفع السّرية عنها بعد !

رموز وأشباح الحلقة 43 : أسئلة حائرة عن 14 تموز/ يوليو 1958 معلومات لم ترفع السّرية عنها بعد !

رموز وأشباح
الحلقة 43 : أسئلة حائرة عن 14 تموز/ يوليو 1958
معلومات لم ترفع السّرية عنها بعد !
أ.د. سيّار الجميل

بدا الامريكان ازاء ما حدث في العراق فجر 14 تموز / يوليو 1958 ، وكأنهم لم يعلموا شيئا عما جرى في بغداد ، وكأنهم فوجئوا باندلاع هذا الحدث التاريخي الذي هزّ العالم ، ولكن من جانب آخر ، يتوضّح جليا ان الامريكيين كانوا على علم مسبّق بالحدث ، وقد استعدّوا له ، ولكن هل بالصورة التي تشكلت ؟ او بالهيئة التي تبلورت؟ او بالتداعيات التي افرزت لاحقا ؟ ثمة اسئلة حائرة تثيرها قراءة الوثيقة المرفقة في ادناه :

أولا : هل اعتمدت الادارة الاميركية ووزارة خارجيتها في معلوماتها على ما كان يصلها من شفرات وبرقيات بواسطة سفارتها أم انها كانت تعتمد على وكالات الانباء ؟ بالتأكيد ان السفارة الاميركية ببغداد كانت ترسل حتى ما يذاع في اذاعة بغداد الى اميركا ساعة بساعة .

ثانيا : ان ما يحيّر فعلا في بعض الوثائق ، ان السلطات الاميركية قد حذفت او انها لم تعلن عن عبارات تتضمن معلومات وتعلن بأنها لم ترفع السريّة عنها ! – كما يتوضح في الوثيقة في ادناه – وعليه ، فان ثمة اسرار لدى المصادر الاميريكية لا تريد البوح عنها .. اين وجدنا ذلك ؟ في التقرير ادناه : اعتماد التقارير على شفرات من سفارتنا ، وبعدها عبارات لم ترفع السرية عنها [lines of source text not declassified] !

ثالثا : وايضا نتساءل : لماذا خضعت السفارة الاميركية ببغداد الى حراسة مشددة ليلة الحدث ، اذ جرت الحركة فجرا، اذ يذكر التقرير في ادناه ” حراسة من قبل الجيش والدبابات ” ؟ متى جرى ذلك والتقرير كتب في اليوم الاول للحركة ؟ بمعنى ان الانقلابيين قد خشوا من هجوم الغوغاء على السفارة الاميركية بالذات ، لأن ما حدث للسفارة البريطانية امر مخالف اذ تعرضت للهجوم وحرق بعض الاجزاء منها ، وقتل احد العاملين.. فمن أمّن لهم الحماية من العراقيين يا ترى ؟ ولماذا الامريكيين بالذات ؟

رابعا : وسيرى القارئ الكريم ان عبارة كاملة بعد ذلك لم ترفع عنها السرية ! ما معنى ذلك ؟ ما كنه ذلك ؟ واذا كان السفير البريطاني قد بات ليلة 14 تموز / يوليو 1958 في فندق بغداد مع زوجته وهو يراقب التحركات ، فمن أعلمه يا ترى ؟ ولماذا بقي السفير الامريكي مع زوجته في بيتهما ببغداد ولم يغادراه الى أي مكان آخر ؟

خامسا : ولماذا ركزّ ” التقرير ” على البعثيين وازلام عبد الناصر من دون اي ذكر للشيوعيين واليساريين الراديكاليين في وصف تلك الساعات الحرجة ؟ وهل كان ثقل البعثيين ( بالذات ) اكبر من الشيوعيين العراقيين وقت ذاك ؟

سادسا : وهل كان هناك ثمة تواطئ بين نجيب الربيعي وجمال عبد الناصر كما اشتبه عن ذلك منذ فترة طويلة ؟

سابعا : وما معنى تعاون رفيق عارف مع الملك حسين في الاردن ؟ وهنا نقطة مثيرة للتساؤلات وقد قرأتها في كتاب للملك حسين ” مهنتي كملك ” انه كيف اطمئن لرفيق عارف حتى يبوح له بما سمعه عن الاعداد لحركة تطيح بنظام سياسي كامل مشارك له في اتحاد هاشمي عربي ؟ وباعتباره نائبا للملك فيصل الثاني ، اليس من الاجدى ان يقود طائرته بنفسه سريعا الى بغداد وينبه ابن عمه بما سمع به من اخبار خطيرة وجها لوجه ويعلمه مصدرها ؟

ثامنا : وبالمناسبة ان رفيق عارف بقي طوال حياته صامتا لا يبوح بما لديه من اسرار ومعلومات ، ولم يدافع عن التهم التي وجهّت اليه كونه عراب تلك الحركة القاتلة . فضلا عن كونه المسؤول الاول والاخير عن تحرك قطعات الجيش .

تاسعا : وثمة عبارات واسطر لم ترفع السرية عنها وبالاخص بصدد الهجوم على كل من قصر الرحاب وبيت نوري السعيد . واذا كانت الوثيقة في ادناه قد وصفت امير اللواء غازي الداغستاني انه صديق عظيم للغرب ، فكيف غفل طويلا عن دور كل من عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف وقد كان الاثنان تحت امرته ؟؟

عاشرا : ان تساؤلاتي هذه تاريخية بحتة من اجل الكشف المزيد من الحقائق . وهي بعيدة جدا عن فكر ” المؤامرة ” ، ولكن لابد ان نشكك في الاراء السائدة منذ اكثر من ستين سنة ونؤشكل كل ما يصلنا من معلومات من اجل نشر وعي تاريخي بعيدا عن الانحيازات والتعصب لهذا النظام او ذاك .

امامنا الان وثيقة عن هذا ” الموضوع ” :
الوثيقة ( التقرير )
العلاقات الخارجية للولايات المتحدة ، 1958-1960 ، منطقة الشرق الأدنى ؛ العراق؛ إيران ؛ شبه الجزيرة العربية ، المجلد الثاني عشر
110. مذكرات إحاطة من مدير المخابرات المركزية دالاس .
واشنطن ، 14 يوليو 1958

العراق والشرق الأوسط
أطيح بحكومة العراق الموالية للغرب بقيادة رئيس الوزراء نوري ( السعيد ) في فجر اليوم ، بتوقيت بغداد ، من خلال انقلاب عسكري مدعوم من عناصر مدنية مؤيدة لجمال عبد الناصر. كما يقال ، ولكن لم يتم تأكيد ذلك ، أن رئيس الوزراء نوري (السعيد ) وولي العهد ( عبد الاله ) قد قتلا . وذكر أحد تقارير إذاعة بغداد أن ولي العهد تمزق من أطرافه وتم سحله عبر الشوارع. وأفاد مراقب أمريكي أن قصر الملك يتعرض للنيران. مصير الملك فيصل غير معروف ، ولكن هناك “تقرير ” يفيد بأنه سمح له بالفرار من البلاد.
تعتمد تقاريرنا حتى الآن على شفرات من سفارتنا ، [أقل من سطر واحد من النص المصدر لم يتم رفع السرية عنه] المرفقات والبث الإذاعي. وبما أن السفارة نفسها تخضع لحراسة مشددة من قبل الجيش والدبابات التي تحد من الدخول والخروج ، فإن القدرة على الإبلاغ المستقل مقيدة. [2-1 / 2 أسطر من النص المصدر لم يتم رفع السرية عنها] اتخذ الانقلاب عناصر مؤيدة لجمال عبد الناصر بقيادة ضباط الجيش الشباب وبدعم من الغوغاء. تم تشكيل حكومة “جمهورية” في العراق […………..] مع مجلس وزراء يضم في الغالب صغار ضباط الجيش والمدنيين اليساريين. إن أعضاء ما يسمى بحزب البعث ، الذين قادوا المنطقة المؤيدة لعبد الناصر ، وخاصة في سوريا ، يسيطرون على المجموعة المدنية. وتم تشكيل لجنة من ثلاثة رجال للإشراف على شؤون الجمهورية في مكان الملك. أحد هؤلاء ، الجنرال ربيعي ( الفريق نجيب الربيعي ) ، يشتبه منذ فترة طويلة في تواطئه مع المصريين ويخضع لمراقبة دقيقة لبعض الوقت. وبحسب ما ورد ، تقاعد حوالي 50 ضابطًا في الجيش ، بمن فيهم رئيس الأركان رفيق عارف ، الذي كان في عمان مؤخراً يتعاون مع الملك حسين ، والجنرال ( غازي ) الداغستاني ، الصديق العظيم للغرب.

مدينة بغداد
وبحسب ما ورد ، فُرض حظر التجول في المدينة ، وانتشرت الدبابات. المطار مغلق. لافتات جمال عبد الناصر كثيرة الأدلة و…….. يهتف عبد الناصر.
يشيد راديو القاهرة ودمشق وبغداد بهذه التطورات.
تقارير [أقل من سطر واحد من النص المصدر لم يتم رفع السرية عنها] تفيد بتوجيه المدافع الرشاشة وقذائف الهاون إلى القصر ؛ أن أربع دبابات كبيرة وغوغاء من المدنيين كانوا يقتربون من منزل نوري السعيد . موقف الجيش خارج بغداد لم يعرف بعد. على وجه الخصوص لواء من حوالي 3000 جندي متمركزين في شمال الأردن ولواء آخر في الصحراء بالقرب من الحدود الأردنية.

التأثير على البلدان الأخرى
استدعى الرئيس اللبناني الموالي للغرب ( كميل ) شمعون سفيرنا روبرت مكلينتوك صباح اليوم بعد تلقيه معلومات عن التطورات في بغداد. وذكر أن التطورات هناك أثبتت صحة تقديره للتهديد على الشرق الأوسط. الشيء الوحيد الذي فاجأه هو أن ( جمال ) عبد الناصر لم ينتظر حتى لبنان قد التهم ، لكنه بدأ ضد العراق مع الأردن بعد ذلك. في هذه الظروف ، قال إنه يريد التدخل العسكري الأمريكي في لبنان في غضون 48 ساعة. كان يفسر نوايانا بأفعالنا. أراد الأسطول السادس هنا في غضون 48 ساعة ، وإلا فإنه سيعرف أخيرًا أين وقف حتى الآن فيما يتعلق بضمانات من الغرب. وفيما يتعلق به ، كان مصمماً على خوض القتال. وأشار إلى أنه تم تقديم طلبات مماثلة إلى الممثلين البريطانيين والفرنسيين. ورداً على استفسار السفير عما إذا كان الجنرال ( فؤاد ) شهاب قد أُبلغ بهذه الطعون وإذا كان متوافقاً ، فقد ذكر أنه تم إبلاغه وما إذا كان يوافق أم لا “سينفذ أوامر حكومية أو غير ذلك”.
انتهت

المصدر: وزارة الخارجية ، الملفات المركزية ، 787.00 / 7-1458. مدرجة في ملحق الميكروفيش) وانظر ايضا : Cf. https://history.state.gov/historicaldo…/frus1958-60

تنشر يوم 14 تموز / يوليو 2020 على الموقع الرسمي للدكتور سيار الجميل
https://sayyaraljamil.com/wp/

شاهد أيضاً

رموز وأشباح الحلقة 41 : ثورة العشرين وتناقضات الذاكرة التاريخية العراقية

رموز وأشباح الحلقة 41 : ثورة العشرين وتناقضات الذاكرة التاريخية العراقية أ.د. سيّار الجميل 1/ …