الرئيسية / الرئيسية / رموز وأشباح الحلقة 4 : بدء الصراعات السياسية على عهد غازي الاول 1933 – 1939

رموز وأشباح الحلقة 4 : بدء الصراعات السياسية على عهد غازي الاول 1933 – 1939

مقدمة  لفهم  التباعد السياسي 

يبدو ان الانقسام السياسي في العراق قد ولد بين تيارين اثنين على عهد غازي ، تيار اليسار الذي يؤكد على العراقية الصرفة ، وتيار اليمين ، وهو مضاد يؤكد على العروبة ، وقد مثلت كل من التيارين جمعيات واحزاب وقوى سياسية :
فالاتجاه الاول تمثلته بالاتجاه الراديكالي – الاشتراكي الذي بدأ طوباوياً ، وتطور فئوياً من خلال جماعة الأهالي ثم الحزب الوطني الديمقراطي – فيما بعد- وتجسد ماركسياً عند احزاب وجماعات شيوعية لينينية وماوية ، ويقف على رأسها الحزب الشيوعي العراقي. نجح هذا الاتجاه الراديكالي في انبثاق تجمع تحت اسم “الهيئة العامة لجمعية السعي لمكافحة ا لأمية” في عام 1933، انضم إليه العشرات من الشباب الوطني، كما نجح في تأسيس نادي بغداد لمخاطبة الشباب وتعميق وعيهم بالقضايا المختلفة في عام 1933م. وبعد عشر سنوات، أي في عام 1943م تتأسس جمعية الرابطة الثقافية، ثم تتكلل أبرز انجازات هذا الاتجاه بتأسيس الحزب الوطني الديمقراطي وهو من اليسار ، كما انبثق الحزب الشيوعي العراقي وهو في اقصى اليسار .
أما الاتجاه الثاني فقد تمثلته الفئات القومية من تقليدية أبوية الى جمعيات اصلاحية وكان من أبرزها الجمعيات والمنتديات القومية، مثل : جمعية الجوال العربي، ونادي المثنى بن حارثة الشيباني، وجمعية الدفاع عن فلسطين في بغداد، فضلاً عن جمعية النهضة القومية ولجنة الشباب القومي ومن بعدهما نادي الجزيرة في الموصل.. وغيرها ، ثم تطورت الحزبية فيه ممثلة لاحقا بحزب الاستقلال وتطور الاتجاه ليغدو ثوريا من بعد بانبثاق حزب البعث العربي الاشتراكي وحركة القوميين العرب والحركة الناصرية والجماعات القومية المتنوعة .

الانقلابات العسكرية : لماذا دموية ؟ 
الجذر التاريخي : أول انقلاب عسكري ضحيته فيلد مارشال عراقي 


تعتقد الغالبية ان اول انقلاب عسكري في الشرق الاوسط قد حدث عام 1936 بقيادة بكر صدقي في العراق عام 1936 ، والحقيقة ان اول انقلاب عسكري حدث في المنطقة مطلع القرن العشرين هو الانقلاب العثماني عام 1908 ضد حكم السلطان عبد الحميد الثاني من قبل القادة الاتحاديين الاتراك : أنور باشا وطلعت باشا وجمال باشا ومعهم نيازي بك ، وقد كانت هناك محاولة للائتلافيين في انقلاب مضاد لصالح السلطان ، ولكن فشل على يد قوات عسكرية قادها الفيلد مارشال المشير اركان حرب محمود شوكت باشا (1856 – 1913 ، وهو عراقي لصالح الاتحاديين . لقد اعلن تأييده للنظام الانقلابي ، وعند أعلان الدستور (المشروطية) في السلطنة العثمانية عام 1908م، زحف من سلانيك نحو العاصمة استانبول تأييداً للدستور الجديد وأحتل القصر وأجبر السلطان عبد الحميد الثاني على التنازل عن العرش. وأصبح وزيراً للحربية 1910م، في وزارة حقي باشا، كما قضى على تمرد الائتلافيين فتمّ تنصيبه صدراً أعظم للدولة العثمانية (أي رئيساً للوزراء) في 23 يناير 1913م. اذ قام بنفي السلطان عبد الحميد الثاني ، ولكن خلال اشهر قليلة اردي صريعا باغتياله بخمس رصاصات في 13 حزيران 1913م في العاصمة . وهو دم عراقي يراق لأول مرة من خلال اول اغتيال سياسي ، وقد قمت بتحليل عوامل ذلك في دراستي التاريخية عنه التي القيتها في المعهد العربي بباريس 4 و5 يونيو/ حزيران 2013 ، الندوة العلمية لمناسبة مرور 100 سنة على المؤتمر العربي الاول بباريس 1913 . .

انقلاب بكر صدقي وضحيته مؤسس الجيش العراقي 


ومرت الايام على عهد غازي الاول ( حكم 1933- 1939 ) ، قتل خلالها مؤسس الجيش العراقي جعفر باشا العسكري( 1886 – 1936) بايدي ضباط جيشه العراقيين ( عام 1936 ) وقتل وهو اعزل اثناء انقلاب عسكري قاده الفريق بكر صدقي رفقة قائد القوة الجوية محمد علي جواد ، وهرب رئيس الوزراء ياسين الهاشمي من العراق ليموت في دمشق شريدا بعد شهرين 1937 ،

ويحتفي بعزائه الدمشقيون ليكون ضريحه الى جانب ضريح صلاح الدين الايوبي ، ولكن اعدم الانقلابي بكر صدقي ورفيقه بايدي العسكريين العراقيين ( 1937 ) اثناء مرورهما بمطار الموصل في طريقهما الى تركيا ..

واسمحوا لي ان أعلق على برنامج تلفزيوني هزيل في تاريخ العراق المعاصر ، تحدّث فيه بعضهم عن هذا ” الانقلاب ” ، وقد سمعت وشاهدت تفسيرات عجيبة غريبة من بعض الاشباه الجدد الذين تسمّوا بمؤرخين ! وهنا الفت نظر الناس بأن لا يصدقّوا كل ما يسمعونه ويشاهدونه في الاعلام عن تاريخنا كم تزداد تشوهاته على ايدي ابنائه ويا للاسف الشديد .

مصرع الملك غازي
وفي العام 1939 ، ينتشر خبر مصرع الملك غازي الاول في كل الاوساط جراء حادث تصادم سيارته وضربها باحد الاعمدة التي سقطت عليه ، فمات في الحال بعد ان شقّت جمجمته . وبكاه العراقيون ، خصوصا وانهم وجدوا فيه شابا حيويا ووطنيا وطيارا شجاعا بالرغم من قلة خبرته السياسية .. وحامت الشكوك في طبيعة مصرعه ، فكان ان سارت مظاهرة طلابية وعمالية هائجة في الموصل منطلقة من الثانوية المركزية نحو القنصلية البريطانية ، فكان ان قتل القنصل البريطاني مونك ميسن اذ اتهم العراقيون بعض البريطانيين بمصرع غازي .. وطويت صفحة سياسية اخرى ، يتبين منها بشكل واضح وعلى مدى ست سنوات أثر غياب فيصل الاول عن المسرح السياسي في العراق ، وكيف آل الحال في العراق ليس بسبب غازي ، بل بسبب المتغيرات العالمية ابان الثلاثينيات وخصوصا في اوروبا ، ودور الراديو ( اي المذياع ) ، ودور المثقفين العرب في العراق وتفاقم الانقسام في المنظومة الفكرية العراقية بين اليسار واليمين ، او بالاحرى بين الاتجاهين الوطني والقومي ..
انتظروا الحلقة الخامسة
تنشر على موقع الدكتور سيّار الجميل بتاريخ 25 سبتمبر / ايلول 2018
https://sayyaraljamil.com/wp/

 

شاهد أيضاً

رموز وأشباح الحلقة 42 : برقيات وشفرات أميركية أرسلت من بغداد طوال يومي 14-15 تموز / يوليو 1958 لماذا لم يتمّ رفع السرّية عنها بعد مرور اكثر من ستين سنة على الحدث ؟

رموز واشباح الحلقة 42 : برقيات وشفرات أميركية أرسلت من بغداد طوال يومي 14-15 تموز …