الرئيسية / النقد السياسي والتاريخي / من الانكشارية إلى السلاجقة !! معالجة عراقية على نار هادئة

من الانكشارية إلى السلاجقة !! معالجة عراقية على نار هادئة

في الرد على رده يوم 13 آب / اغسطس 2010
كم تمنيت على الأخ الطبيب الدكتور عبد الخالق حسين أن يبتعد قليلا عن موقفه ، وان لا يرد ، وان ردّ ، فليس أفضل من الاعتراف بحدوث خطأ ، أو سوء فهم ، والاعتراف بذلك ليس عيبا ، بل فضيلة من الفضائل ! تمنيت أن لا يرد ، خوفا عليه من انزلاقات أخرى له ، فالرجل ربما يجيد في الكتابة السياسية ، ولكنه لا يجيد قراءة المجتمع العراقي ، وليس لديه أي منهج محترف في الكتابة .. وكم تمنيت عليه أن لا يستخدم تعابير وأوصاف لا نستحقها في رده سامحه الله ! وكم تمنيت عليه أن يختزل كلامه ولا يستطرد ، إذ انه اضرّ نفسه كثيرا ، وأضرّ بنا وبوقتنا الثمين ، وسوف لا انزل إلى أي مستنقع طائفي أو سياسي في ردي عليه ، ولا انزل إلى أي مستوى من التعابير الهابطة أو أن اخرج عن صلب الموضوع كما خرج وطاف كما يريد على هواه .. ولا ادري والناس شهود كيف حكم على مقالي انه انفعالي وعاطفي وتحريضي وتأليبي وكيدي وقد أسأت فهمه ، وكأنه لم يدرك في كتابته رده وهو يستقبل مقالتي من دون روح رياضية كالتي طالبني بها . إن الروح الرياضية يمكن استخدامها في الكتابات السياسية الفضفاضة لتمرير وجهات نظر عادية ، ولكن لا يمكن استخدامها في نقد معلومات او تبادل اتهامات باطلة .. ثم أن اختلافا يحكم بيني وبينه ، فهو طبيب متقاعد لم يعد يزاول مهنته ، وانكب على هوايته في كتابة المقالات وبارك الله فيه ، وأنا مختص بشؤون تاريخ المنطقة وأستاذ أكاديمي ، ومحترف كتابة منذ أربعين سنة .
اكتب مقالاتي النقدية ضد نصوص وليس ضد اشخاص ، فما اهدف اليه اكبر من اشخاص معينينن يكتبون بدراية ، ام يشطحون من دون دراية .. وعندما انتقد كتابا كبارا امثال محمد حسنين هيكل ونزولا الى كتاب عاديين ، لم اقصد الا تصويب مفاهيم ، وتصحيح معلومات ، ودرء اتهامات وتعرية تشويهات .. هكذا ، وجدت نفسي أخالف الدكتور عبد الخالق في بعض آرائه ووجهات نظره ، ولكنني لا اعترض عليها ، لأنها ربما كانت تحليلات أو مقترحات سياسية لا تعني شيئا بالنسبة لي ، وربما تعني أشياء لآخرين من ساسة ومثقفين آخرين .. ولكنني اهتم نقديا بأي مقال فيه معلومات تاريخية او اجتماعية او اقتصادية خاطئة كما يثبت لي ذلك من خلال المصادر التي خبرت العمل بها بحكم اختصاصي المتواضع.. ولما كنت اشتغل منذ أربعين سنة بدراسة علم التاريخ والعلوم الاجتماعية وتدريسها في عدة جامعات سواء في دراسات أولية أو عليا ، وقد أشرفت على عشرات الاطروحات وكنت عضوا في لجان مناقشة العشرات الاخرى حول تاريخ العراق الحديث والمعاصر .. فربما كنت قد اطلعت اكثر بكثير مما اطلع عليه كاتبنا الفاضل ، وقد عرفنا من خلال كتاباته الاخيرة كيف يدون المعلومات ، ويأخذها من مرجع عادي او مرجعين منحازين وهو يتحدث في موضوعات خطيرة جدا .. ومع كل هذا وذاك ، فانني لم اتعجّب ابدا من رده على انتقاداتي له ، وقد خرج به عن الاصول المعتمدة في النقد ، واراد ان يدخلني في نهاية رده الى متاهة سياسية ، او مستنقع طائفي ، وهو يعلم علم اليقين من اكون وما مواقفي الفكرية والسياسية تجاه كل الانظمة السياسية التي حكمت العراق منذ العام 1921 وحتى اليوم .. لقد سررت جدا بمثل هذا ” الرد ” ، فالرد عليك يا كاتبنا الفاضل ، متعة اذ ساعالجه من دون أي انفعال ، وعلى نار هادئة ، ارجو منك ان تتحملها ، من دون ان اطلق الاوصاف السيئة على مقالك كما فعلت في ردك ، واعتقد ان الروح الاكاديمية التي احملها لا تجعلني اطالب الآخرين بحملها ، او ان اتهكم على من يحملها ان لم اكن حاملا لها ! ومقبولة منك ، كل الاساءات التي ربما اتت وانت في ذروة الانفعال والغضب .. مقبولة منك وحتى من الاقلام التي ناصرتك ، لأسباب معروفة ، ونحن نعيش هذا المناخ الفكري والسياسي بكل احتقاناته . انني اعترف بأنني لم اخطأ ابدا في كتابة نقداتي على مقالتك ، ولكنني اعترف بأنني اخطأت انني كتبت مقالتي في زمن شنيع من الانقسامات والكراهية والأحقاد والتأجيج الطائفي .

ما معنى الفزعة اليعربية ؟
عندما استخدمتَ يا سيدي كلمات مثل المماليك والانكشارية والاتراك .. وكتبت انتقدك على استخدام هذا الاسلوب الذي نلت به من معظم اعضاء النخبة السياسية على عهد فيصل الاول ، واتيت لك باسماء كل تلك النخبة ، اذ اعرف سيرهم واحدا واحدا ، فيحق لي ان اسألك : ما معنى ان تأتينا في ردك بعبارة ” الفزعة اليعربية ” وبمانشيت عريض ؟ لقد حاكمتك على نص نشرته وقمت بنقده علميا ومنهجيا ، ولم اكن ادرك انك تريد تحويل الرد الى شتيمة ، وتصفه بفزاعة اسميتها باليعربية ! ما هذا التفكير المضاد الذي لا يرى الاشياء الا من خلال التنكيل اللغوي بهذا او بذاك ؟ ما دخل الفزعة اليعربية بموضوعنا ؟ لقد كتبت مقالة نقدية على ” نص ” معين مستل من مقالتك ، وعالجت المسألة عراقيا ، فما دخل يعرب ويعربية وفزعة .. وكأننا في مجلس عشائري ؟ عندما انتقدتك على ما اوردته ، فهذا ليس تهمة باطلة كما تصفها قد وجهت اليك ، وانك ملزم بالدفاع عنها . إنها انتقادات يمكن أن تدافع عن استخدامك لذلك ، او تعترف بأنها مجرد خطأ عابر .. فما دور الفزعة واليعربية ؟ متى نبطل هذا التفكير العشائري المؤمن بالفزعة وقد وصفتها باليعربية دليلا على سخريتك من العرب ، وكأن العرب كلهم رجس من عمل الشيطان فاجتنبوهم ! مقال نقدي كان ينبغي معرفة الرد عليه بالحسنى ، وتنتقد الأخطاء التي وقعت بها ، وان تعرف كيف ترد عليّه ردا هادئا فيه منطق وحكمة ، ولكن جاء ردك يتضمن بعض هنات سأحاسبك عليها أيضا ، ولكن لا يمكنني ان اصف ردك بأوصاف غير لائقة !

انها تهمة وليست مفردات عادية
كما قلت في مقالتي النقدية الاولى ، انا غير معني بمقالتك وحلولك السياسية وما تسطره لهذا او ذاك .. لقد توقفت عند فقرة معينة في مقالتك ، وفسرتها كونها هي نفسها خارجة عن سياق الموضوع . أنت تتكلم عن تشكيل الوزارة الحالية ، فما دخل فيصل الأول ونخبة فيصل الأول بالموضوع ؟ وطبعا رحت أوّضح للعالم ذلك بالأسماء ، كيلا اتهم بمهاجمتك واغلب الناس لا تعرف من يكون أعضاء تلك النخبة! ولكي أعلمك ما لم تعلمه يا سيدي الطبيب ، وهي أمور لها علاقة بنخبة فيصل الأول وطبعا لم تخطر ببالك ، ولم تتحرى عنها أصلا ، ولم تكلف نفسك بالبحث عنها أيضا ! فلقد رددت ما يقوله هذا وذاك . انني لم استغل ورود بعض المفردات . انك اتهمت نخبة عراقية حكمت العراق ردحا من السنين فلماذا هي مجرد مفردات .. ؟ ومن ذا الذي اتهم وقدم اتهامات . طبعا انت ليس متهما ، بل أنت أسأت عن قصد أو من غير قصد إلى نخبة نختلف او نتفق مع سياساتها ، ولكن لا شأن لنا اذا كان اعضاؤها اولاد انكشارية وأحفاد مماليك .

اضحوكة تصفية حسابات !
رحت تعتقد انها تصفية حسابات سامحك الله ، ولماذا ؟ كلانا لا نتنافس سياسيا .. لا على منصب ولا على جاه ولا على سلطة ولا على كيس دراهم . فما معنى تصفية حسابات ؟ قلت : ” وكأنه كان ينتظر هذه الفرصة على أحر من الجمر لتصفية حسابات مكبوتة، أو لغاية في نفس يعقوب، ولحد علمي لم تكن بيننا حسابات، إذ كنا أصدقاء، وإن اختلفنا في آرائنا السياسية حول ما يجري في العراق من مصائب بعد سقوط الفاشية البعثية، وما رافقه من مضاعفات وتبعات، وكان المفترض في هذه الحالة، العمل بمبدأ: “الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية”، ولكن مع الأسف الشديد، لم يراعِ الصديق ذلك، لسبب لا أعرفه، فما عدا مما بدا؟ ” ( نص كلامك ) .
انت مخطئ ايضا يا سيدي .. ليست خلافاتنا يا اخ عبد الخالق سياسية ، بل ابعد من ذلك بكثير ، فهي فكرية ومبدئية .. فأنت قبلت بوجود المحتل الأميركي وما صنعه بالعراق ، وأنا ضد المحتل الأميركي وتطبيقاته ، وأنت لك مواقفك المؤيدة للنظام السياسي الحالي ، وانا رافض لاجراءاته ، ولكنني ضد الإرهاب وقتل الشعب العراقي .. ولم اروّج يوما لأي سياسي عراقي ؟ ولم اروّج لأي طائفة من طوائف العراق ؟ ولم اصفق لأي اسم من الأسماء ؟ كنت اعتقد انك ستبقى واقفا ضد الدستور ، اذ تذكر أننا خرجنا على شاشة التلفزيون عام 2005 انت من بريطانيا ، والاخ النائب عباس البياتي من بغداد ، وانا من تورنتو ، وكنت في حوارنا على الهواء قد اتفقت معي في الوقوف ضد بعض بنود هذا الدستور ، ففي حين بقيت على موقفي حتى هذه اللحظة وحتى تغيير وإصلاح الدستور وما جرّ من فجائع على البلاد والعباد .. رحت تتفق مع كل العملية السياسية المستوحاة من الدستور ! فالخلاف بيننا مبدئي إذن ! وهل تتخيّل أنني لا شغل ولا مشغلة عندي الا ان انتظرك على احر من الجمر ، لأقرا ما تنشره حتى أصّفي حساباتي معك ؟! إذ تقع بعض المرات مقالاتك بيدي واطلع عليها كما اطلع على عشرات غيرها ، وكنت قد قرأت ما كتبته عن الطائفية في عدة مقالات وهي تتضمن بعض المعلومات الخاطئة كونك اعتمدت على مراجع ثانوية .. ولديّ قناعة إن أي إثارة لموضوع الطائفية في العراق اليوم يسئ أكثر مما يخدم ، الا يكفي ما حصل ويحصل منذ حدوث الافتراقات في المجتمع العراقي على أساس طائفي ؟ علما بأنني لا انكر ابدا ، ان التمييز الطائفي كان موجودا منذ احقاب طوال . وعليه ، فأنني لم اكتب ضد موضوعك ذاك واضعه تحت المشرحة ، كي لا نزيد من اضطرام المجتمع طائفيا ، كما يريد الغلاة وجملة المتعصبين من السنة والشيعة معا . إنني ضد إثارتك للانقسام والجهر بالانتقام ، وهذا ما يريح فئات عريضة في المجتمع تنتظر مثل هذه المقالات لترويجها .. ومن السهل ان يغدو المرء محرضا على الطائفية في العراق ؟ كون البيئة ملائمة لذلك ، وعليه ، فالناس تعرف من هو الذي يستخدم معوله لنسف المجتمع العراقي ؟ ولا اتخيّل انك منهم .. ابدا ، وثمة من يدعو إلى وحدة البلاد الوطنية . وعليه ، اخالفك الرأي ، ولكن لا اهتم لذلك ، فالرأي قد يؤخذ به وقد يتبخّر ، ولكن ثمة فرقا بين الرأي والمعلومة .. اذا تجاوزت واخطأت في المعلومات فسأتصدى لك سواء كنت صديقا لي او خصما وعدوا ضدي !

داخل السياق وليس خارج السياق
لا يمكن للمرء ان يتنصل عما كتبه ، ولا يمكن له ان يتلاعب بالنص ليقول بين داخل السياق او خارجه .. تقول : ” الظاهر أن الدكتور الجميل فسر مقالي خارج سياقه جملة وتفصيلاً، وراح يسهب ويطنب في أمور لم تخطر على بالي، وليس لها أي ذكر في مقالي المشار إليه، مستغلاً ورود بعض المفردات مثل: (التركية والانكشارية والمماليك)، ليبني عليها اتهامات ما أنزل الله بها من سلطان .. ” ( النص ) .
بالله عليك ، هل هذا جواب فيه رؤية عميقة للأمور ، وكأن الجميع أغبياء ولا يفهموا ما ينشره أو ما يكتبه او ما يريد التوصل إليه أيّأ منّا . كيف خارج السياق ؟ انك قلت ذلك وأنا اتيت بنصك نفسه ووضعته بين مزدوجين ، وانتقدته مطولا من داخل السياق .. وأين الإسهاب وأين الإطناب ؟ فكل ما هناك 12 نقطة منها ما يتعلق باعضاء تلك النخبة ومصطلح الانكشارية ومصطلح المماليك .. حتى نوضّح ما تقصده .. إن الكاتب ينبغي عليه أن يدرك تأثير المفردات التي يستخدمها ، وان يخاطب الجميع كونهم أذكياء وليسوا أغبياء .. ولم اتهمك بشيء من الأشياء .. أنت كتبت نصا ، وأنا انتقدته ، والعالم كله قرأ ما قلته أنت وما قلته انا .. فدع الحكم للناس ، وللعراقيين بالذات .

حاشا للعراقيين ان يكونوا مرضى نفسيا !
تقول يا سيدي الدكتور : ” خلاصة القضية، أني طرحتُ في مقالي المذكور حول أزمة تشكيل الحكومة الجديدة، فرضية مفادها: أن العراقيين أكثر شعوب العالم اختلافاً فيما بينهم، وإن مقولة (اتفقوا على أن لا يتفقوا) تنطبق عليهم أكثر من أي شعب آخر، وإذا ما اتفقوا على شيء فلأنه فرض عليهم بالقوة من جهة ما!! وأتحدى أياً كان أن يفند لي هذه الفرضية!! وفي الحقيقة، هذا المرض هو ليس الوحيد المتفشي في العراق، بل هناك أمراض عضال أخرى مثل، جنون العظمة، والذات المضمخة، والنرجسية المفرطة ” ( انتهى النص ) ” .
واجيبك في الذي قلته ، انك تتحدى ايا كان ان يفند فرضيتك ، وفرضيتك ( اتفق العراقيون على ان لا يتفقوا ) ما دخلها بموضوعنا ؟ وجعلتها مرضا وانه ليس مرض وحيد متفش في العراق ، بل هناك امراض عضال اخرى مثل : جنون العظمة كما تقول والذات المتضخمة كما تقول والنرجسية المفرطة كما تقول . فانا اسألك : ما دخل كل هذا بموضوعنا ؟ من هو الذي يسهب ويطنب ؟ واخشى ان تقصدني بهذه الامراض ، بدلالة اياك اعني اذ لم تستطع ان تصّرح بها بشكل مباشر ، والا ما معنى تقولك هذا في ردك عليّ يا سيدي ؟ وهنا اطالبك وانت معروف بشجاعتك وتعلمنا هل تقصدني بذلك ام تقصد آخرين ؟ اذا كنتُ اتصف بهذه الصفات ، فلماذا لم يعلمني منذ اربعين سنة طلبتي وطالباتي وكل الذين تعاملت معهم من اصدقاء وخصوم في هذا العالم ؟ واتمنى على كل اصدقائي في هذا العالم من الذين يعرفونني حق المعرفة : هل اصابني جنون عظمة ؟ وعليك ان تفّرق يا حضرة الدكتور بين النرجسية وبين حب الذات ، فكل انسان يحب ذاته ، ولا عيب في ذلك مطلقا ، ولكن لا ان يكون نرجسيا بحيث لا عمل له الا تعداد محاسنه وفضائله وتعظيم ذاته وتقديس افكاره وحاشا لله ان تكون انت كذلك .. وأنت لم تلتق بي إلا مرة واحدة في زيورخ بسويسرا ، ولا اعتقد أن وقتي يساعدني كي أجالس الآخرين لتعظيم ذاتي او تمجيد نفسي ، وحاشا لي أن انقص من قدر الآخرين او ان اتهم العراقيين بالأمراض النفسية !!
اتمنى ان تبقى في اطار الموضوع ، وقد ردّدت في ردك كلمة ( صديقي ) عني عشرات المرات ،. لقد توقعت كيف سيكون ردك شخصيا أكثر منه موضوعيا ، ومن دون ان تجيب عن الأسئلة التي طرحتها عليك في توضيحاتي إليك ، علما بأنني لم أسيئ إليك شخصيا أبدا .. ولا في هذا الرد ولن استخدم تعابيرك واوزع مثل هذه الاحكام ، واذا كنت قد كررت كلمة ( الصديق ) عني عشرات المرات ، فانا لا احتاج الى صداقتك ابدا بعد الان ، وأنت تصم صديقك بنعوت سيئة غير لائقة أمام العالم .. كيف يمكنني أن أصادقك وأنت تتهم صديقك وهو من العراقيين بالنرجسية وجنون العظمة والأمراض الأخرى ؟! ، وسوف لن أكون سعيدا طبعا لو انضممت إلى قائمة خصومي ، وهم كثر ، ولكن ليس أكثر من أصدقائي الرائعين في هذا العالم .. كنت أتمنى عليك ان تكون متماسكا يا عزيزي وتجيب بتواضع وتبقى في إطار الموضوع كي لا تخسر الجولة ، وقد فتحت انت بنفسك عليك موضوعات أخرى سأقف عليها علميا ، ولا افعل ابدا كما فعلت انت بالتعّرض الشخصي والقذف المبطّن .. وسواء تعاطف البعض معك او تعاطف الاخرون معي ، فان ما يهمني تصويب معلومات خاطئة ، او رد اتهامات باطلة ، او تفكيك نصوص ، او نقد اخطاء .. سواء أتت من كاتب أسمه محمد حسنين هيكل او اتت من دكتور عبد الخالق حسين!

علينا ان لا نهرب من الحقائق
راح الدكتور يقول : ” ولإثبات فرضيتي (عدم اتفاق العراقيين إلا بضغوط أو قوة) هذه ذكرت على سبيل المثال لا الحصر، بعض المحطات في تاريخ العراق، وتفادياً للإطالة ركزت على تاريخ الدولة العراقية الحديثة منذ تأسيسها عام 1921. وفي هذه الحالة كان لا بد لي من ذكر الملك فيصل الأول والآباء المؤسسين الأوائل. لا اعتقد أن الصديق الدكتور سيار يختلف معي في هذه الفرضية، أو يستطيع تفنيدها إن اختلف، ولذلك اختار بعض المفردات وفسرها في غير سياقها، وبنى عليها اتهامات ما كنت أتوقع أن تصدر من أحد ضدي ناهيك عن صديق، خاصة إذا كان هذا الصديق أكاديمي المفترض به أن يلتزم بالموضوعية وعدم التهييج والإثارة ضد الآخر ” ( نص الكاتب ) .
لماذا كحلتّها ثم اعميتها يا عزيزي ؟! ما الذي يفهم من النص اعلاه ؟
اية فرضية هذه التي لا تجد اثباتها في العراق كله الا عند فيصل الاول والنخبة العراقية على عهده .. تسميهم بـ الاباء المؤسسين الاوائل ” .. واسمح لي انني لا استطيع ان اتفق مع فرضيتك التي تقول بأن اتفاق العراقيين لا يأتي الا بالقوة او بالضغوط ، اذ لم يكن العراقيون هكذا على امتداد التاريخ ، فلقد اتفق العراقيون في صنع احداث تاريخية هائلة ، ومن دون ان يقعوا تحت ضغوط خارجية او قوة الاخرين ! انني اختلف معك يا سيدي ، فلا ثورة العشرين كانت حصيلة مؤامرة خارجية ، ولا انقلاب بكر صدقي ، ولا ثورة 14 تموز ولا ولا .. كانت احداثا كبرى ومصيرية من صنع العراقيين واتفاقهم في ما بينهم عندما يكونوا منسجمين بلا طائفية او بلا انقسامات او صراعات وعندما يكون المناخ ملائما يصنعه عراقيون لا يبعدهم عن بعضهم أي تمايز او اختلاف .. نعم ، كانت الاحداث الكبرى التي صنعوها ، معبرة عن انسجام العراقيين لصناعة تاريخ معين !هنا أسألك : ما المفردات التي اخترتها وفسرتها في غير سياقها ؟ وما الاتهامات التي بنيتها عليها ؟ نص مقحم على مقال سياسي عالجناه واختلفنا معك فيه ، فاين الاتهامات ؟ ولماذا تمنع بمن تسميه صديقك ان لا يختلف معك ويصحح اشياء ، وجدتها لا تعقل أن تأتي على لسانك ؟ ولعلمك ، فان الاكاديمي ان كان ملتزما بالموضوعية ، فلا يمكنه ان يمرر مثل هذه البضاعة على الناس ؟ تقصد بعدم التهييج وعدم الاثارة ضد الاخر .. أي عليه ان يسكت ! ما هذه العبارات الخشنة ؟ هل تريد ان تعلمني يا دكتور عبد الخالق طبيعة عملي ؟ انني ادرك ان الكلام معك لا يجدي نفعا وانت مؤمن ببعض الاشياء ، ولا يمكنك ان تتقبّل اشياء اخرى ابدا . ولكن دعني اورد ما الذي قلته انت بنفسك بحق هؤلاء الذين اصبحوا الان عندك آباء مؤسسين اوائل . لقد كتبت في مقال نشرته قبل اشهر ، وهو نص قلته في مؤتمر بغداد ـ الذي ساشرح موقفي منه بعد قليل ـ قلت عن هؤلاء الذين اصبحوا اليوم في ردك عليّ ” آباء مؤسسين اوائل ” ما نصه : ” فالتمييز الطائفي والعرقي البغيض كان لغماً خطيراً وُضِع مع حجر الأساس في بناء الدولة العراقية الحديثة عام 1921، حيث أصر الآباء المؤسسون العراقيون، وبدعم وتخطيط من بريطانيا، في الاستمرار على سياسة الإمبراطورية العثمانية في التفرقة الطائفية والعرقية خلال أربعة قرون من حكمها الجائر للعراق ضد مكونات الشعب العراقي، واستئثار مكونة واحدة بالسلطة والقوات العسكرية المسلح (بهيئة ضباطها)، وبالنفوذ والامتيازات. ولتنفيذ هذه السياسة والحفاظ على سلطتها، لا بد وأن تلجأ الفئة الحاكمة المتمذهبة إلى ممارسة الظلم والإكراه لإخضاع المكونات الأخرى لإرادتها بالقوة الغاشمة. وكما تقول الحكمة: “الظلم لو دام دمَّر، يحرق اليابس والأخضر”. لذلك أعتقد أن جميع المشاكل الأخرى التي عانى منها الشعب العراقي هي ناجمة عن هذا السبب، ألا وهو التمييز الطائفي والعرقي، والذي أدى بالتالي إلى انهيار الدولة العراقية عام 2003. ” ( هذا نص من نصوصك ).
هؤلاء الذين يحملهم عبد الخالق حسين كل هذه الجنايات .. يجعلهم في مقالته التي انتقدته عليها ” نخبة من عراقيين، مدنيين وعسكريين، معظمهم من أصول تركية وأحفاد المماليك والجيش الانكشاري، وخريجي المدارس العسكرية في الدولة العثمانية ” ، ولكن يعود ليقول في رده الأخير عليّ ما نصه : ” يرى القارئ أن المعلومات المذكورة في هذه الفقرة المستلة من مقالي ، هي حقائق تاريخية، ولو راجع المقال فلم يجد أني انتقد أو أبدي أية معارضة ضد رجال العهد الملكي، لأني مؤمن بأن في تلك الظروف “ما كان بالإمكان أفضل مما كان” !!
بالله عليك وبضميرك الحي .. من اتهمهم ؟ من قلل من قيمتهم ؟ من جعلهم مماليك وانكشارية ؟ من عاد الان ليدعي انه لم يبد أي معارضة ضد رجال العهد الملكي ؟ هل انا الذي اتهمته اتهامات باطلة ؟ ام انت الذي ناقضت نفسك .. وصدقت خيالاتك ووزعت اتهاماتك وعدت تتنكر منها كلها ؟ انني لم انتقدك ابدا عندما قلت بالتمييز الطائفي فهذه وجهة نظرك ، وربما شاركتك فيها ، وما كان عليه الحال طوال عهود ، ولكنني انتقدتك عندما قلت ان معظمهم انكشارية واحفاد مماليك مدللا على رفضك وطنيتهم ! والا ما معنى وصفهم بذلك ؟ انه ليس امرا سهلا يتجاوزه الانسان بسهولة ، لنمسك يا سيدي أي عراقي ، ونطلق عليه انكشاري او مملوكي او صفوي او سلجوقي او عجمي .. فسوف يزعل زعلا شديدا ، رافضا هكذا تهمة بليدة ! وكل العراقيين يدركون ويعرفون ما ردود فعل أي عراقي يرمي بهكذا تهم ! وعليه ، ماذا نستخلص من كل هذه التناقضات ؟ نستخلص ان ردك وكتابتك المشحونة ضدي بكل السيئات مردودة ولا اقبلها ابدا . ولم اقل اكثر من ذلك !

اين الحقائق التاريخية في النص الذي انتقدناه ؟
لقد انتقدناك على سوء تعبيرك او الخطأ بوصف ان معظم النخبة العراقية من اصول تركية واحفاد مماليك وجيش انكشاري .. وقد بقينا في اطار هذا ” الموضوع ” ، ووضحنا بالاسماء ان اغلب ابناء النخبة هم من العراقيين مهما اختلفت اصولهم وفصولهم واعراقهم .. وكان لزاما عليّ ان امرّ على كل اعضاء تلك النخبة اسما اسما من اعضاء السلطة التشريعية الى اعضاء السلطة التنفيذية ، وهم الذين اشتركوا مع الملك فيصل الاول في التأسيس ، ولم اذكر اعضاء البرلمان باسمائهم كلهم ، وسواء كانوا من اصول تركية ام هندية ام فارسية ام جركسية ام عربية .. فهم عراقيون اولا واخيرا . وحسنا اثرت هذه ” الاشكالية ” لأن غايتي ان تتخلص الذاكرة العراقية لدى البعض من العراقيين من هذه التصنيفات المضادة لبعضها الاخر ؟ انني اقول : متى ما تخلص السلوك عند البعض من سبّة ان اصل هذا عجمي وان اصل ذاك سلجوقي ؟ سيرتاح العراق وثقافة العراقيين .

وفيصل الاول مستوردا مرة وضرورة مرة اخرى
ويقول في مقالته التي انتقدته عليها ما نصه : ” وقد فرضت عليهم بريطانياً ملِكاً عربياً استوردته من الحجاز – هو الأمير فيصل بن الحسين- ورضي به العراقيون وخاصة قادة ثورة العشرين .. ” ، ولكنه يعود ليقول في رده : ” كما ولم أنتقد اختيار الأمير فيصل بن الحسين ملكاً على العراق .. ” . والحق يقال ان الدكتور عبد الخالق لم يكن بمنتقد سياسة فيصل الاول في كتاباته ابدا ، ولكن اعتراضي استخدامه كلمة ( استيراد ) ودفاعه انه لم ينتقد اختيار فيصل .. فكيف يكون الانتقاد اذن وانت قد جعلت ملك البلاد ومؤسس العراق الحديث مجرد بضاعة او سلعة مستوردة ؟
تقول : ولم انتقد اختيار الامير فيصل بن الحسين ملكا على العراق ! اولا هذا اختلاف وافتراء .. انت قلت : ” ملكا عربيا استوردته من الحجاز .. ” وانت تقر بأنه فرض على العراقيين ،1/ وكأن كل العراقيين لم يرغبوا في فيصل .. 2/ استيراد ملك وفرضه بالقوة اعتبرته بمثابة سبّة تاريخية ، وجيء به من الحجاز . 3/ لمعلوماتك انه لم يكن أميرا ، بل كان يدعي بصاحب الجلالة الملك فيصل ، كونه توّج ملكا على سوريا من قبل ، فهو ليس بأمير ! هذا تصويب معلومات عن ملك جعلته مستوردا بالرغم من اعجابك الشخصي به وبحكمه في مكان آخر. انني لا انتقد تصويرك هذا الملك المستورد .. كل ما كنت اريده منك ، القول بان ذلك مجرد زلة لسان ، باستخدام كلمة ( استيراده ) ؟ وهي كلمة شائعة بين بعض العراقيين الذين يكرهون فيصل الاول ، وما الفتك بكاره له ، بل دوما تعتبره المؤسس الحقيقي للعراق دولة ومجتمعا .. واقول لاولئك الذين ينالون من الرجل كونه غير عراقي متسائلا : اهو مجرد بضاعة استوردتها بريطانيا للعراقيين ؟ وحتى ان جاء من الحجاز وهو غير عراقي ، وكأنهم نسوا ان العراق حكمه زعماء اتوا اليه من اصقاع متعددة ، وشهدت عهودهم ازدهارا كبيرا ! وكأنهم نسوا ان الامام علي ( ع ) قد قدم من مكة والحجاز، وجعل من الكوفة عاصمة للخلافة .. وكما احتضن تراب العراق الامام علي واولاده واحفاده الميامين ، كذلك دفن فيصل الاول وابنه وحفيده في تراب العراق .

خلط غير مفهوم !
اتمنى على القراء الكرام ان يفسروا معنى الفقرة التالية التي كتبها كاتبنا الفاضل ، وهو يقول : ” فما الجديد مما يجري الآن حيث يتهمني الدكتور سيار الجميل بأني أكتب التاريخ بروح عدائية للعهد الملكي. فالآن، وبدلاً من تدبير انتفاضات عشائرية مسلحة ضد الحكومة، يلجأ منافسو رئيس الوزراء الحالي بإثارة الجماهير، مستغلين مشاكل نقص الخدمات والتي تقع مسؤوليتها على الجميع وليس على شخص واحد، مثل “انتفاضة الكهرباء” وغيرها. بل راح البعض منهم يهدد بتصعيد الإرهاب والحرب الطائفية إذا لم يكن هو على رأس الحكومة. لذا أقول: ما أشبه اليوم بالبارحة!! ” ( نص الكاتب ) .
نعم ، ان من يصنف العراقيين على اساس غير عراقيتهم ، فهو يكتب تاريخ العراق المعاصر بروح عدائية ، فليس هناك من تفسير عند البعض ممن يشعر بالكراهية والاحقاد ضد الاخرين من العراقيين ، الا ان يتهمهم بالطائفية ، ومرة اخرى تتهمهم في اصولهم التركية والانكشارية والمملوكية ، وأجد على الصوب الاخر من يلقي باتهاماته الموازية على الشيعة العراقيين ليتهمهم بالصفوية والعجم والروافض .. الخ ولا ادري ما الخلط الذي وقعت فيه في هذه الفقرة اعلاه ، فما دخل الموضوع بتدبير الانتفاضات العشائرية المسلحة .. وما علاقتي بمثل هذه المواضيع ؟

من هو الذي يطنب ويسهب ؟
وتعيد وتكرر قائلا : ” طبعاً لطاقم الملك دور إيجابي مهم في بناء الدولة، ومهما تعددت أصولهم، عراقية أو تركية، أو إنكشارية أو مماليك، ولم يكن قصدي التقليل من دورهم، وإنما لأثبت فرضيتي أن العراقيين لن يتفقوا على أمر إلا إذا فرض عليهم من جهة قوية، مثل الاحتلال البريطاني، أو قادة عسكريين يستلمون السلطة عن طريق الانقلابات، وأن الساسة العراقيين لأول مرة في التاريخ بعد سقوط النظام البعثي يتمتعون بحرية اختيار حكامهم في الوقت الحاضر، ولذلك لم يتفقوا على رأي موحد ” ( نص الكاتب ) .
لا ادري هل هي زلة لسان اخرى ؟ هل هو انعدام دقة ؟ وانت هنا تعيد الخطأ بخطأ اكبر .. تعيد اصولهم وتصّر على التركية والانكشارية والمملوكية !! والفجيعة انك تفصل هذه الاصول عن العراقية وكأنهم غير عراقيين ! ماذا تقول في هذا الطرح ؟ انني انتقدتك مخلصا ان لا تذكر اصول الناس واعراقهم ، فهم عراقيون ، وتأتي هنا للمرة الثانية ، وتفصل العراقيين عمن هو تركي وانكشاري ومماليكي ؟ اذا لم يكن قصدك التقليل من ادوارهم ، فلماذا الا الضرب على هذا الوتر الحساس ؟؟ واعتقد اعتقادا جازما مما اقرأه واطلّع عليه من كتابات بعض العراقيين ، انهم يؤمنون ايمانا حقيقيا بأنهم فقط العراقيون ، وكل من لا يتفق معهم ولا يتضامن معهم ، فهو غير عراقي كونه انكشاري او تركي او صفوي او عجمي ! فرضيتك لم تكتب لنا فيها مقدمة توضح نهجك ، فالامور مختلطة عليك ، ومن المفجع انك تستدعي التاريخ ، وانت غير مسيطر عليه ، وثمة تفاصيل عراقية تاريخية لا تعرف عنها شيئا ، وهذا ليس عيبا ، ولكنك تستسلم لمرجع واحد او اثنين لم يكتبه او يكتبهما احد من المؤرخين العراقيين المختصين ، وهذا ما فعلته ايضا في كتابة مقالاتك عن الطائفية التي كانت نصوصها تتضمن اخطاء لا حصر لها ، وان اخضعتها للنقد ، فسنرى كم حجم جناية بعض المؤلفين الذين اعتمدت عليهم على المجتمع العراقي ! ومن المؤكد ان فئة من الناس ستتفق معك ، كون كلامك يشفي غليلها ، فلقد اصبح كل من ينال من طائفة معينة ، بطلا عند الطائفة الاخرى في ظل مناخ انقسامي سبب كل هذه الجروح والقروح والالام . ان من يقرأ كتاباتك عن الطائفية وما تقدمة من مقالات لا تعبر ابدا عما تقوله في ردك على مقالتي .. اذ تقول : ” كما وأؤكد أني آخر من ينظر إلى العراقيين على أساس انتماءاتهم العرقية أو الدينية، إذ كما تفيد الحكمة: “كلنا من آدم وآدم من تراب”، ولأني أؤمن إيماناً مطلقاً بدولة المواطنة التي أدعو إليها، وأن العراقيين سواسية في الحقوق والواجبات وتكافؤ الفرص بغض النظر عن أحسابهم وأنسابهم .. ” ( النص ) .
ولا ادري كيف افسر هذا الذي تقوله وتدعّيه ، وانت قبل قليل تصّر على الاصول العراقية والانكشارية والتركية والمماليكية ؟! اذ يتوضح لنا جليا فصلك بين هذه العناصر الثلاثة وكأن العراقيين شيئ وثمة من يقطن معهم من انكشارية ومملوكية واتراك اشياء اخرى ؟ كيف باستطاعة أي انسان له منطق بسيط ان يقبل هذا التناقض ؟ ان العراقيين اذكياء جدا .. ويعرفون انني انتقدتك على ذكرك هذه الاصول التركية والمملوكية والانكشارية .. وفندّت دعواك ضمن نطاق الموضوع.

وماذا عن السلاجقة ؟
تستطرد في ردّك وتقول : ” كذلك ياسين الهاشمي، كان لقبه (حلمي) في العهد العثماني واسمه الكامل (ياسين حلمي) ويعتقد أنه من أصل تركي (سلجوقي)، ولكن بعد أن استقر في العراق في العهد الملكي ادعى أنه سيد، وتبنى لقب الهاشمي. (راجع كتاب بطاطو، النسخة الإنكليزية، ص 184). فليس كل من ادعى الانتساب للأشراف (السادة) صحيح، فصدام حسين أيضاً ادعى أنه ينتسب إلى الإمام جعفر الصادق. فهذه الادعاءات باتت معروفة ولغايات اجتماعية وسياسية في العراق. ونحن لا نريد أن ننبش في أصول هؤلاء الرجال، لولا تحدي الأخ سيار، وإنكاره لهذه الحقائق .. ” ( النص ) .
اسألك يا سيدي : من ذا الذي يريد ان يداوي الجروح ويلئم القروح ؟ ومن ذا الذي يخلق له ولنا مشكلة جديدة !؟ هذه المرة مع ياسين باشا الهاشمي الذي تتهمه صراحة كونه من اصل تركي وسلجوقي ، وليس له من عراقية بسبب اسمه ، اذ كان لقبه ( حلمي ) في العهد العثماني وان اسمه الكامل ياسين حلمي ـ كما تقول ـ ! بالله عليك هل هذا تعريف بحق شخصية عراقية وطنية لها خدماتها للعراق ولبلاد الشام سواء اختلفنا معه او اتفقنا ؟ هل قرأ الدكتور عبد الخالق تاريخ هذا الرجل الذي كان من افضل القياديين العراقيين العسكريين والاداريين؟ ماذا تفسرون تسّرع الكاتب في إلصاق تهمة السلجوقية بأصل ياسين الهاشمي ؟ لقد كان العراقيون من ابناء المدن في نهايات القرن التاسع عشر يطلقون اسماء مركبة على أبنائهم وحتى على بناتهم ، فكان هناك علي جودت وياسين حلمي ومحمود شوكت ومحمد علي .. وغيرهم ، فهي ليست خطيئة اذن حتى يأتي اليوم من ليس له معرفة بالعراق والعراقيين كي ينتقدها .. المهم ، ان نعرف ما الذي قدمه قائد وزعيم مثل ياسين الهاشمي للعراق .. ومن ثم نحكم عليه ! هذا الفهم يبدو لي مبتورا في تفكير الدكتور عبد الخالق الذي يصرّ على انه آخر من ينظر الى العراقيين .. على احسابهم وانسابهم ، ونرى كيف عالج مثلا بسيطا هو ياسين الهاشمي ليجعله سلجوقيا ، وليقرنه بصدام حسين ، وشتان بين هذا وذاك .. ان ابا ياسين هو سيد سلمان كان يقطن بمنطقة البارودية في قلب بغداد ، ولا اعرف كيف يطلق البعض الاحكام على الناس بسهولة ! انه ليس امرا هينّا ان يخوض هذا البعض بانساب الخلق .. ولو يعلم كاتبنا الفاضل كم كان ياسين باشا الهاشمي قد تقّلد من نياشين واوسمة جراء اعماله وانتصاراته الكبيرة قبل وصوله الى العراق ؟ كيف نال الباشوية قبل تأسيس العراق ؟ كيف كان عضوا نشيطا في الحكومة الفيصلية بدمشق ؟ كيف كان نضاله في بلاد الشام وهروبه من المحتلين المستعمرين ؟ كم لاقى من عنت العراقيين ومؤامراتهم ؟ كيف هرب بعد انقلاب بكر صدقي ليموت في سوريا ويدفن هناك ؟ كم تمنيت عليك ان تقرأ اطروحة عراقية ممتازة كتبت عن تاريخه قبل ان تأتينا بهامش يتيم اصبح الكل يعولون عليه للمؤرخ الاميركي حنا بطاطو ؟ اقترح عليك الرجوع الى اطروحة الزميل الدكتور سامي عبد الحافظ القيسي الموسومة ( ياسين الهاشمي ودوره في السياسة العراقية ) ـ من مجلدين ـ لتتعلم اشياء كثيرة منها ، واتمنى على الاخرين وانت في مقدمتهم ان تنصحوني بقراءة كتب ومقالات لم اصل اليها ! انك يا كاتبنا لم تقرأ تاريخ العراق من مراجعه الاساسية التي نشرت موثقة ، وقد تملكتك افكار واستقرت عندك قناعات ، ولا تريد ان تتزحزح عنها ازاء زعماء عراقيين هم اكبر بكثير مما يتصورهم هؤلاء الذين يتطفلون على التاريخ العراقي ليكونوا قادة وزعماء ، ولكن هيهات اجد شبها بين زعماء عراقيين عاشوا بين زمنين اثنين ! وان ما لاحظته عند بعضهم انه يعتمد على مؤرخ اجنبي لا يعرف شيئا عن العراق ولا يعتمد على مؤرخ عراقي يعرف الكثير عن العراق .. بل ووصل الامر ان يعتمد البعض على اسم كاتب او مؤلف معين يتفق مع مزاجه وطائفته ، ولا يعتمد على علان كونه لا يمثل طائفته وتفكيره !
اننا نريد من الدكتور عبد الخالق حسين ان يجيبنا ما الذي يعنيه باطلاق صفة ( سلجوقي ) على ياسين الهاشمي ؟ وسواء اطلق الرجل على نفسه هذا اللقب ام انه هاشمي في الاصل .. فما معنى ذلك امام تاريخه الحافل وخدماته وتاريخه المثقل بالمنجزات ؟ انني اعرف بأنه عراقي وكفى ! ولماذا قرنته بصدام حسين ، وشتان بين الاثنين ، شتان بين الثرى بالثريا ، وكأن قادة العراق وزعمائه كلهم عندك سواسية حتى العام 2003 ، اذ تجد نفسك اليوم امام قادة عراقيين رائعين وممتازين ومن ذوي اصول عراقية وان بعضهم مقدسين من شيوخ وملالي وسادة من سادات اهل البيت ! انني لا ادافع الا عن حقائق الاشياء ، ولا يهمني الا ان يعطى لكل ذي حق حقه ، وان لا نستهين بتاريخنا ، وان ندرك ان ليس هناك مثالية في حكم العراق ولا يمكن ان تبنى جمهورية افلاطون في العراق ولا غير العراق .. وان تكون حياديا في تناولك القادة والزعماء .

ضعف القراءة وانعدام المنهجية : مشكلة اخرى
لا يكتفي كاتبنا بكل هذا ، بل يزيد من تجاوزه عليّ عندما يقوّلني ما لم اقل .. ومشكلته منهجية ، لا يعرف كيف يربط بين الفقرات ، ولا يدرك كيف يخاطب القراء باسلوب علمي كونه غير محترف للكتابة ، وغير دارس للمنهج ، وغير مضطلع باصول الكتابة التاريخية .. بل ولم يعرف قراءة التاريخ ولا مدارسه . لنقرأ ما سجله قائلا : ” فالعراق، وكما ذكر الأخ سيار، وبحكم موقعه الجغرافي اجتذب إليه مختلف الأقوام والأعراق، على شكل فاتحين، أو غزاة، أو هجرة، أو أسرى حروب، أو أطفال تم اختطافهم بطرق إجرامية في العهد العثماني من أقطار مسيحية مثل جورجيا وغيرها، وتربوا في مدارس داخلية، وكوِّنوا منهم رجال أشداء كفوئين للمناصب العسكرية والمدنية، وأطلقوا عليهم اسم المماليك…الخ، وقد حكموا العراق لثمانين سنة، آخرهم داود باشا، ثم قتلوا معظمهم في بغداد على يد الوالي علي رضا باشا، على طريقة محمد على باشا بتدبير مذبحة رهيبة ضدهم في مصر، ونفس الطريقة اتبعت في اسطنبول ” ( انتهى النص ) .
دعونا نقرأ النص في اعلاه بطريقة نقدية ، لنقف على جملة من الاخطاء التي لا يمكن لأي مؤرخ مختص ان يغفرها لعبد الخالق حسين ، وكم كنت اوّد ان لا يتطرق الرجل الى مسائل لا تعنيه ، ولكن ما الذي يمكننا فعله غير تنبيهه الى مواطن الصواب واماكن الخطأ ، عسى يعترف هذه المرة باخطائه ، كونها اخطاء في المعلومات وليس في وجهات النظر ، وحتى ننتهي من اسلوب المناورة للالتفاف عليها ! وبداية اقول بأنني لم اقل النص اعلاه ، بل قلت بأن الموقع الجغرافي للعراق سّهل ان يكون مجمعا لمختلف الاقوام والاعراق .. الخ لكنه الرجل لم يوضح ذلك للقارئ الذي يظن انني قلت بقية الكلام الذي لا أساس له من الصحة أبدا . كيف ؟

ما الفرق بين الانكشارية والمماليك ؟
لقد خلط كاتبنا بين الانكشارية والمماليك في العراق ، فالانكشارية نظام عسكري عثماني قديم يعود تأسيسه الى القرن الرابع عشر الميلادي وانتهت بنيته وتفككت في بدايات القرن التاسع عشر عندما قضى عليه السلطان محمود الثاني عام 1826. ان المماليك لم يكونوا اطفالا تم اختطافهم بطرق إجرامية في العهد العثماني من أقطار مسيحية مثل جورجيا وغيرها .. ولكن الانكشارية في القرون 14 و 15 و 16 ميلادية كانوا حصيلة نظامين طبقا في اوربا الشرقية وخصوصا من ولاجيا ومولدافيا وهنغاريا وبلغاريا ورومانيا والبانيا .. ليؤخذوا اطفالا ويربوهم تربية خاصة منعزلة عن الدنيا ويجعلونهم مسلمين ويعتبرون السلطان الاب الروحي لهم ، ويخصونهم كيلا يتوالدوا ، واغلبهم يذهب للجيش ، والاذكياء منهم للادارة ، ولا علاقة لجورجيا بهم . او يؤخذوا شبابا ضمن نظام الدفشرمة ومن مجتمعات اوروبا الشرقية فقط .. وعليه ، فان القطعات الانكشارية لا علاقة لها بالمماليك في العراق .
اما المماليك في العراق ، فهم الذين أتى بهم كل من الوالي الوزير حسن باشا 1704- 1723 وولده الوالي الوزير الخطير احمد باشا 1723- 1750 الى قصريهما بعد شرائهم من تفليس عاصمة جورجيا في ترانس قوقازيا ، وكانوا مسلمين وليسوا بمسيحيين ، وتربوا مساعدين وحاشية واعوان على امتداد النصف الاول من القرن الثامن عشر ، وشهدوا كل صراعات بغداد .. ولما توفي الوزير احمد باشا ، لم يعقب احدا من الاولاد ، فتزوج احد المماليك وهو سليمان باشا ابو ليلة من ابنة احمد باشا لتؤسس سلالة حاكمة كان البغداديون يطلقون عليها اسم الكوله مند ، ودام حكمهم حتى العام 1831 .. ومن اشهر ولاتهم علي باشا وعمر باشا وسليمان باشا الكبير وداوود باشا ن ومن ثم تضاءل نفوذهم واندحروا امام جيوش علي رضا باشا اللاز بعد حكم الباشوات المماليك ، وكان المماليك من العراقيين في صراع صعب مع بقايا اورطات الانكشاريين .

عبثية تاريخية اخرى
يواصل كاتبنا كتابته وهو يرد بثقة عمياء ، وبدا وكأنه يعلمني ـ وانا مستعد ان اتعلّم اشياء ربما لا اعرفها في الطب او التشريح ـ درسا في تاريخ العراق ، يقول : ” ألا يعني هذا أن الأخ سيار يتفق معي أن بعض حكام العهد الملكي كانوا من أحفاد المماليك، ولا ضير في ذلك؟ إذنْ، فلماذا هذه الثورة؟ وهل ذكرتُ ذلك من باب التنقيص؟ كلا، معاذ الله! ” ( نص ) واجيبك يا سيدي : لا لن اتفق معك ، لأنني واغلب الزملاء من المؤرخين العراقيين ، وحتى بعض المتتبعين البغداديين يعرفون اصل وفصل كل حكام العراق وقيادييه ، وخصوصا البغداديون منهم ، فمن هو من غير بغداد لا علاقة له بالمماليك ! الان تقول ولا ضير في ذلك ، لكنك قبل قليل اعتبرت من هو سلجوقي مثلبة ومنقصة وانه غير اسمه وانه انتسب للهاشميين ! ما سر هذا التناقض يا ترى ؟ ليس هناك ثورة ولا انتفاضة ولا أي حركة يا سيدي ، فكل ما في الامر انني سجلت عليك بعض المآخذ ، كنت آمل ان تتقبلها بروح رياضية كالتي تطالبني بها ! وبطبيعة الحال انك ذكرت ذلك من باب التنقيص والتسقيط ، كونك في مقالك او في مقالات اخرى تهجمت على قادة وزعماء عراقيين وطعنت في اصولهم التي اختلقتها من عندك واطلقتها على معظمهم !

شخصية العراق الحديث
يستطرد الدكتور عبد الخالق ليقول عنّي منتقدا : ” ولكني في نفس الوقت أختلف معه في قوله: “فلقد كان لأولئك الحكام المماليك دورهم الناصع في الدفاع عن العراق ضد هجومات إيران التوسعية في العراق…”. فمن يقرأ هذه الفقرة يعتقد أن المماليك كانوا يدافعون عن استقلال العراق وحرية شعبه “ضد هجومات إيران التوسعية”. بينما في الحقيقة أن المماليك كانوا يدافعون عن دولتهم الجائرة التي كانت ضمن الإمبراطورية العثمانية المحتلة التي أوصلت العراق إلى أحط درك في التخلف والإبادة، ففي منتصف القرن التاسع عشر بلغ سكان العراق إلى نحو نصف مليون نسمة أو أكثر بقليل بعد أن كان نحو 30 مليون في عهد الدولة العباسية كما تذكر كتب التاريخ. وهذا يعني أن الشعب العراقي كان على وشك الانقراض. فالاحتلال الاستعماري، وخاصة الاستيطاني منه، بغيض في جميع الأحوال، سواء كان تركياً عثمانياً، أو إيرانياً، فهاتان الدولتان اتخذتا من العراق ساحة لحروبهما الطاحنة، وعانى الشعب العراقي منهما المصائب إلى حد أن راح العراقيون يرددون القول: (بين العجم والروم بلوى ابتلينا). والمقصود بالروم الأتراك. فعن أي تاريخ ناصع تتحدث يا صديقي؟ ” ( انتهى نص الكاتب ) .
اتحدث يا صديقي عن تاريخ رجال عراقيين حقيقيين عاشوا في العراق منذ بدايات القرن الثامن عشر ، سواء كانوا باشوات وبكوات واغوات مماليك كوله مند او جليليين وعمريين وسادات حسنيين وحسينيين وافندية وموظفين وعلماء وادباء ومفتشين اداريين ودفاترة ومحاسبين وضباط وتتار ( = مراسلين ) .. كلهم من العراقيين بعد استقرارهم في العراق وانصهروا مع المجتمع ، ودافعوا دفاعا مستميتا عن العراق والعراقيين . انني اتكلم عن قرابة 150 سنة ، اختلط هؤلاء الغرباء بالمجتمع العراقي وغدوا عراقيين .. ربما انت لا تعرف هذا ” التاريخ ” لأنك لم تتوغل فيه ولم تطلع عليه .. ان المماليك عبيد بيض ، لقد دام حكمهم للعراق 81 سنة أي بين 1750 – 1831 م . وكان الوزير حسن باشا والي بغداد ( 1704 -1723 ) بشراء المماليك من اسواق تفليس الزاخره بالرقيق الابيض ، فجلبهم شبابا واطفالا ، واودعهم مدارس خاصة ، وتعلموا وتدربوا وتخرجوا ضباطا وموظفين حكوميين . وتم تأسيس دائره خاصه في بغداد تعرف بأسم ( أيج دائره سي ) اي الدائره الداخليه ومهمتها الاشراف على شراء المماليك وتدريبهم . تولى باشوية بغداد ( 11 ) احد عشر مملوكا .. فما هو دورهم الناصع ؟
كنت اتمنى عليك ان تقرأ عن حصار بغداد في عامي 1732-1733 الذي دام ستة اشهر من قبل الايرانيين حتى اكلت الناس القطط ، وناضل البغداديون بجيشهم المحلي بقيادة الوزير احمد باشا بن حسن باشا ، لا العثماني القادم من العاصمة ضد حملة نادرقولي خان ، وان تقرأ كيف ناضلت الموصل بقيادة الباشوات الجليليون واهلها ضد حصار نادرشاه لها عام 1743 م بجيشه العرمرم ، وانتصروا عليه بقيادة عراقية وجيش من اهالي المدينة .. كنت اتمنى عليك ان تقرأ عن افراسياب في البصرة وعن معارك العراقيين التي قادها باشواتهم العراقيون .. كنت اتمنى ان تقرأ شراكة الاغوات الاكراد مع باشوات الموصل وبغداد في الدفاع عن حدود العراق ! لقد دافع هؤلاء الحكام المحليون العراقيون عن العراق ضد هجمات الايرانيين والوهابيين وصدوا زحف الوهابيين المتواصل .. وعلى مدى سنوات طوال .. وينبغي ان اقول بأن بعض الولاة المحليين في كل من بغداد والموصل والبصرة قد كانوا سيئين ، وتصارعوا على الحكم ، واشعلوا بعض الفتن ، وكانوا قساة في كل من الارياف والمدن .. على عكس آخرين .
لقد تبلورت شخصية العراق من شماله حتى جنوبه على ايدي اولئك الحكام ، وقد غدوا عراقيين ، وبالرغم من الاخطاء التي حدثت كما هو حال أي حكم ، الا ان ما قام به المماليك في بغداد والجليليلون في الموصل اكبر من ان يقدر باثمان لا يعرفها اليوم هؤلاء الذين ليس لديهم الا توزيع الاتهامات .. ولا تعرف ما الذي يريدونه .. فالرجل انتقده مع الحيثيات ، ولكنه يغالطني من دون معرفة ، ويصر على الغلط ، بل ويتهمني لأنني قلت بالدور الناصع ، وانا مسؤول عن كل كلمة اقولها وهذا ما نجده اليوم وقد اكتسحت الثقافة العراقية اوبئة المتطفلين الذين يعرفهم جيدا الدكتور عبد الخالق . وهنا ، اتمنى ان يرجع الدكتور عبد الخالق الى اعمال نخبة ممتازة من المؤرخين الاكاديميين العراقيين المختصين بتاريخ العراق الحديث ، ومنهم زملائي الاعزاء من الاساتذة والدكاترة : يوسف عز الدين وكمال مظهر وعماد عبد السلام رؤوف وعلاء موسى كاظم نورس وطارق الحمداني وعماد الجواهري وخليل علي مراد وابراهيم خليل احمد العلاف وهالة فتاح وعلي شاكر علي وغيرهم ، فضلا عن تخصص المؤرخ المصري عبد العزيز نوار بتاريخ العراق الحديث . كما اتمنى عليك ان تقرأ للمؤرخين العراقيين غير الاكاديميين ، ومنهم : سليمان فائق ورسول حاوي الكركوكلي وسليمان صايغ وعباس العزاوي المحامي ومحمد بهجة الاثري وجعفر خياط وسعيد الديوه جي واحمد الصوفي وعبد الرزاق الهلالي وصديق الدملوجي وصفاء خلوصي وغيرهم . ومن المؤرخين الاجانب لونكريك واولسن وبرسي كيمب ودينا خوري وسارة شيلدز وغيرهم .

شهادة الدكتور ابراهيم الحيدري
وردا على استخفاف كاتبنا بعهد المماليك في العراق ، انقل اليه ما نشره الاخ الدكتور ابراهيم الحيدري ، وهو يكتب عن موضوع ممتاز عنوانه ” بدايات التحديث في العراق ” في ايلاف الالكترونية ( الاثنين 26 يناير 2009 ) يقول عن عهد المماليك في العراق : ” عصر المماليك عصر القوة والنزوع نحو الاستقلال واحدث في ذات الوقت، تغيرات كبيرة في ادارة الولاية بدأت بعد تولي حسن باشا وبدايات تنحية الانكشاريين عن السلطة، مما احدث فوضى وصراعات دامية بينهم انتهت بتنصيب سليمان باشا الكبير واليا على بغداد عام 1780، الذي حكم ثلاثة عقود ونصف في بغداد واعتبره لونكرك ” افضل نموذج لباشا تركي ” لكونه شجاعا وظريفا وتعهد بمساعدة الطبقات الفقيرة من الشعب بالرعاية وشجع التجارة ووفر لها الحماية، وكانت لحكومته “هيبة كبيرة”. وهو ما ساعد على استمرار حكم المماليك لمدة نصف قرن آخر. وكان في مقدمة اهتمام المماليك هو حماية العراق من الايرانيين والوهابيين وتحاشي الحروب مع دول الجوار. وتعود اصول المماليك “الكرج” الى قوقاسيا الذين أسسوا في تركيا اول سلطة عسكرية وراثية غير تركية، … غير ان الاضطرابات والصراعات الدموية بين المماليك والانكشاريين لم تنتهي الا بمجيء داود باشا عام 1817 الذي تميز عهده ببعض الاصلاحات التي كان لها تأثير فكري واجتماعي في العراق… ” ( انتهى النص ) .

اين التقصير بحقك ؟
يقول الدكتور عبد الخالق : ” لم يكن في مقالي ما يثير غضب الصديق لو قرأه بتركيز، وإذا كان هناك مبرر للرد، فكنت أتمنى عليه لو تناول الموضوع بروح من الموضوعية والأكاديمية، بعيداً عن الانفعالات الجياشة الغاضبة، وكيل الاتهامات الباطلة وروح التحريض ” ( انتهى النص ) .
بالله عليكم وخصوصا للذين قرأوا مقالتي في الرد عليه : هل خرجت عن الموضوعية والاكاديمية ؟ لقد بقيت في طور الموضوع وعالجته تفصيليا .. اين الانفعالات الجياشة الغاضبة ؟ اين كيل الاتهامات الباطلة ؟ بماذا اتهمتك الا بما تستحق ؟ اين روح التحريض ؟ اذا كنت لا تعلم كيف تكتب ، ولا تعلم كيف تعالج الموضوع ، ولا تعلم كيف تصف النخبة ، ولا تعلم كيف تحترم المختصين في شؤون المجتمع العراقي ؟ ولا تعلم تفاصيل التاريخ العراقي الحديث على امتداد خمسة قرون ، وتأتي لتنّظر فيه ، فما ذنب نقادك ؟ من هو المنفعل بربك قارن بين الذي كتبته محددا موضوعي بنقاط واضحة مع ردك هذا المشحون بالعصبية والتعدّي والشخصنة والاساءات والاوصاف النابية وما عرفتك هكذا ابدا ..

امر غريب من رجل طبيب !
وتكتب بعد ان ازددت حدة ونرفزة تقول : ” كما وراح الأخ سيار يخلط الحابل بالنابل، وبأسلوب لا يخلو من مداهنة وتزلف للآخرين، فذكر عشرات الأسماء من الشخصيات الوطنية العراقية من كل أنحاء العراق، ومن مختلف الأعراق والأقوام والمذاهب، وبأسلوب تأليبي وتحريض كيدي، وكأنه يريد أن يقول لأبناء هؤلاء أن عبدالخالق يقول عنكم أنتم أولاد المماليك والانكشارية!!! فهبّوا ودافعوا عن أنفسكم ضد من يحمل روح العداء لكم وللعهد الملكي… وامعتصماه!! ”
بالله عليكم هل هذا رد عاقل يتصف بالحكمة والمعرفة ؟ اين الحابل بالنابل في مقالتي يا سيد العارفين ؟ اين المداهنة والتزلّف ؟ من الذي اداهنه واتزلف اليه ، وكلهم قد رحلوا الى دار البقاء ؟ وكيف لا اذكر أعضاء النخبة التي عملت للعراق برفقة فيصل الاول وقد اتهمتها في اعز ما تملك ؟ وكنت قد اطلقت عليها النار كما في مقالتك القديمة عن الطائفية .. لقد اتهمتها في عراقيتها وكنت وما زلت تسمّي هذا بالتركي وذاك بالسلجوقي ! اين الاسلوب التأليبي والتحريضي والكيدي ؟ اتريد القول انني احّرض عليك واكيد لك .. والناس تعرف ما الذي قلته ، وما الذي تعمل من اجله ، وما الذي تبتغيه من وراء تصنيفهم عرقيا وطائفيا .. من المعيب ان أرمي عجزي وفضيحتي على الاخرين ، كي أتصور انني خرجت من الميدان منتصرا ، والعالم كله يدري ما الذي يقوله كل واحد منّا . من هذا الذي يهب ليدافع عن نفسه من جيل العهد الملكي منذ العام 1958 سواء في العراق ام في خارج العراق ؟ لقد انتهوا وتفرقوا في هذا الشتات .. ولم يسألوا حتى عن حقوقهم واملاكهم .. فانت ليس في بالهم حتى ننادي : وامعتصماه ! انني لا اداهن احدا ، ولا اتملق احدا ، ولا امتدح احدا .. انني اعتز بمن يعتّز بي من الناس اجمعين ، ولكنني لا اجادل الا بالكشف عن حقائق الامور .

نعم .. هكذا تساق الابل !
يستطرد عبد الخالق بقوله منتقدا الذات لا الموضوع ، ومصرا على فعلته من دون ان يقول كلمة بسيطة تزيل اللبس الحاصل ، فكل انسان يخطئ والاعتراف بالخطأ فضيلة ، وليس كل من نقد الاخر اصبح لا يعرف كيف تساق الابل ، ولا يعرف سوق الابل الا الدكتور عبد الخالق لا غيره .. يكتب قائلا مسجلا اسوأ انواع الاهانات : ” لا يا أخي سيار، ما هكذا تساق الإبل، وما هكذا تؤكل الكتف، وما هكذا يتحاور الأصدقاء، خاصة إذا كان هؤلاء الأصدقاء محسوبين على شريحة المثقفين، فماذا نقول عن المساكين المحرومين من الثقافة؟ لقد استلمت العديد من الرسائل من الذين قرأوا مقالك فقالوا أنه كُتِبَ بروح تحريضية وكيدية، ويسألون: هل كان بينكما عداء سابق؟ فأجبتهم بالنفي طبعاً ” . اذن علمّنا يا صديقي كيف تساق الابل .. اذا سكتنا عن اخطاء بعضنا الاخر ، فاننا نخدع بعضنا الاخر .. اذا مرّرنا مثل الذي قلته ، فليس بيننا الا المجاملات المزيفة والكاذبة .. وسواء كنت صديقي او خصمي فالحقيقة لابد ان تقال ، وان أكون عونا لك كي تتجنب فعلتها ثانية سواء قصدتها ام لم تقصدها .. وهذا ديدن المثقفين الحقيقيين في ان يقولوا كلمة الحق حتى لو كانت على انفسهم .. وكما استلمت انت رسائل تصفني بهكذا اوصاف من اناس اعرفهم ، فانني تسلمت رسائل من اناس تعرفهم تسفه فيها فعلتك وتصفك مثيرا للانقسامات .. الحقائق عند كشفها لا يفسرها العقلاء انها كيدية او تحريضية .. انك ان وزعت اتهاماتك لهذا او ذاك ليس فيها أي خطأ كما تظن .. وانك لو قلت بأن كل العراقيين مرضى ليس في ذلك خطأ كما تعتقد ، وعندما انتقدك بعدم المس باصول العراقيين ، اكون محرضا وكيديا سامحك الله .

اضحوكة اخرى
ويستطرد كاتبنا قائلا : ” ولم يكتفِ الدكتور سيار بكل ذلك التحريض، بل يطالبني بإلحاح بذكر أسماء أحفاد الانكشارية والمماليك، ففي مكان آخر يقول: “وهنا أسألك: من كان من أحفاد المماليك أو كان من أولاد الانكشارية؟ حددّهم بالاسم”. وهذا الطلب المستحيل يذكرني بنكتة تناقلت عبر الرسائل الإلكترونية، مفادها أن مدير شركة أعلن عن الحاجة لتعيين سكرتيرة له، فتقدمت سيدتان للوظيفة، إحداهما جميلة والثانية دميمة. وعند المقابلة، قال المدير لهما: نحن في هذه الشركة لا نهتم بالمظاهر وإنما بالكفاءة فقط! ثم وجه السؤل الأول إلى المرأة الجميلة: “ما اسم البلد العربي الذي يقع في شمال أفريقيا ودفع شعبه مليون شهيد في حربه ضد الاستعمار الفرنسي؟” فأجابت: الجزائر. فأثنى عليها وعلى ذكائها، ثم توجه إلى الدميمة قائلاً: اذكري لنا أسماء المليون شهيد!!! نعم، عزيز القارئ، شر البلية ما يضحك!! ” ( النص ) .
انظروا بماذا يقرن كاتبنا سؤالي اليه ويتمثله ، انه يقرنه بشر البلية ما يضحك .. عيب والله يا استاذ عبد الخالق هذا الكلام ، وسوف لن استخدم اسلوبك ابدا ، وسأبقى هادئا ليعرف الناس من هو المتجّني ولكن اسأل الناس : هل ان اعداد نخبة فيصل الاول في عراق العشرينيات تقدر بمليون شخص حتى لا نعرفهم واحدا واحدا ؟ ام اننا نعرفهم واحدا واحدا نحن المؤرخين وحتى يعرفهم مهتمون عراقيون من غير المؤرخين ؟ فما علاقة هذا المثل بموضوع السؤال ؟ ما علاقة المليون شهيد جزائري بعدد البناة العراقيين الاوائل على عهد فيصل الاول ؟ ما هذه المماثلة ؟ ما وجه المقارنة ؟ والمشكلة ان من يكتب ، يتوهم ان الناس تصدق ما يقول ولا تضحك عليه ! والمشكلة الاخرى اننا نحفظ بعض الامثال والاشعار لنجرب استخدامها هنا او هناك ! اذا كنت فعلا تعرفهم واحدا واحدا وتعرف سيرهم الشخصية وسنوات مسؤولياتهم واصولهم ودراساتهم وكفاءاتهم كما اعرفهم واحدا واحدا .. فكان من السهل ان تجيب على السؤال من دون ان تتهرب لتختم قولك بشر البلية ما يضحك .. اصبحنا ايها السادة الكرام شر بلية في مثل هذا الزمن .. شكرا لك يا دكتور عبد الخالق .. يا من تلح على تكرارك كلمة ( الصديق ) وانت لا تعرف كيف تتكلم معي ابدا .

بيت القصيد : ادانتي لكل المتطرفين سنة وشيعة
يستطرد كاتبنا وهو يخرج عن الموضوع متقصدا وهو يقول : ” على أي حال، كنت أتمنى على الدكتور سيار الذي تأثر كثيراً بمجرد إشارة عابرة وردت في مقالي عن المماليك والإنكشارية، والتي أثارت عنده كل هذا الغضب، وراح يدافع عنهم بهذا الحماس متهماً إياي بالطعن بهذه الشخصيات الوطنية، وأني أكتب التاريخ “بروح عدائية”، أقول كنت أتمنى عليه لو كان قد انبرى ولو مرة واحدة في الرد على البعثيين الذين طعنوا بوطنية وعراقية نحو 60% من الشعب العراقي ولأسباب طائفية بحتة، حيث نعتوهم بالعجمة، و”الفرس المجوس”، و”الشيعة الصفوية”، و”أحفاد العلقمي”، بل وأنكروا عليهم حتى انتسابهم إلى عشائرهم العربية، فادعوا أن سكان الجنوب ليسوا عراقيين، بل جلبهم محمد القاسم مع الجواميس من الهند!! فهل هناك محاولة للحط من كرامة العراقيين أكثر من ذلك؟؟ راجع سلسلة مقالات جريدة الثورة بعنوان (لماذا حصل ما حصل) وغيرها من المقالات العدائية التي تنفث السم الزعاف لتسميم عقول الجيل الحالي والأجيال القادمة، ولحد هذه اللحظة ينشرها بعثيون ملثمون بأسماء مستعارة. أقول كنت أتمنى على الصديق ولو مرة واحدة حاول الرد على تخرصات هؤلاء، ولكنه ثار وهاج وماج من مقال لمجرد جاء فيه ذكر المماليك والانكشارية بشكل عابر ودون أي قصد سلبي، وهو صحيح “( النص ) .
لينظر القارئ الكريم الى اسلوب عبد الخالق حسين في حواره ، واستخدامه تعابير غير لائقة ابدا ، فمن الذي ثار وهاج وماج ؟ وبعد هذا وذاك ما علاقة ما تطرحه هنا بموضوع محدد انتقدتك عليه ؟ ويبدو انك لا تدري ما نشرته بنفسي ضد سياسات النظام السابق على مدى سنوات مضت سواء قبل سقوطه او ما بعد السقوط ، حتى تأتي الان وتحاول ان تلعب لعبة غير موفقة مع الاسف ، كي يساء الظن بي انني مع البعثيين ! انه نفس الاسلوب الذي يتبعه الساسة الجدد لكل من يختلف عنهم ، اتهموه بهذه التهمة البليدة .. ان ايا من هذا القبيل الذي ذكرته ادينه ولم اخش احدا ، ولكن ربما لم تقع بيدي سلسلة المقالات البعثية في جريدة الثورة التي تذكرها ، واطلب منك هنا امام العالم كله ان تزودني بنصوص موثقة بالكامل عن تلك المقالات واعداد الجريدة وتواريخها حتى ادين مضامينها على الملأ ان صح ما تقول امام كل العالم ، فانا امتلك من الجرأة ما يكفيني لاقول كلمة الحق ، وانا الممنون ، فلا تحاول الهروب من أي زاوية انت فيها ! ولا تحاول ان تلصق بي تهمة جديدة كما يفعل بعض الكتاب والساسة الجدد اليوم لكل من يخالفهم الرأي !

حول مؤتمر المصالحة الوطنية
يا ايها الاستاذ الفاضل ، لم المز ولم اغمز بترديد خرافة ـ كما اتهمتني ـ ، بل تمنيت عليك ان تدافع بالفم الملآن عن مأساة العراقيين بدل الدفاع عن اشخاص معينيين .. وهذا ما لمسه الاخرون فيك انك رجعت من بغداد وانت تشرح لنا الولائم والمقابلات مع علان وفلتان من اصحاب السماحة والفخامة والدولة .. ، وكما قلت لك بأن امرك معهم لا يعنيني ، وان مقالاتك السياسية لا تعنيني ! ولم توفّق ايضا في عرض مشاركتك في مؤتمر المصالحة الوطنية ببغداد ( اكتوبر 2009 ) ، وطبعا فرحتَ جدا انك افشيتَ سرا ، فكل الاصدقاء في تجمع المثقفين وغيره يعرفون بأمر الدعوة التي وجهت لي من قبل السيد اكرم الحكيم قبل سنوات للمشاركة في مؤتمر الحوار من اجل المصالحة الوطنية ، وكنت اعتقد ان هناك مشروع مصالحة حقيقي ، فكتبت مقترحاتي ، وقد طلبوا اعداد بحوث ، فرفضت وقلت لهم : أن أي مؤتمر سياسي لا يمكن ان تلقى فيه بحوث ودراسات فهو ليس مؤتمرا بحثيا اكاديميا ، ولكن تعالج ورقة عمل او اكثر ، ويعتمد الحوار السياسي لمناقشة القضايا والمشكلات بدل حصرها في ابحاث تافهة .. وكان من المقرر ان يشارك معي في المؤتمر الاخ الدكتور غسان العطية ، وطال عقد المؤتمر ، ولما وجدت ان المؤتمر برمته بلا مشروع وبلا اية اهداف ولا أي منهاج وسيلحق به الفشل حتما كونه صفقة اعلامية وسياسية ، اعتذرت عن المشاركة كما اعتذر الاخ العطية .. وبعد ايام عرفت انك قد شاركت ببحث عن الطائفية في العراق ، وقد اعلمتني برسالة ايميل لم ازل احتفظ بها حتى اليوم ، قائلا انك وجدت اسمي ضيفا على المؤتمر فقررت المشاركة ، فشكرتك على ذلك .. واليوم اطمئنك بأنني حتى لو شاركت في هكذا مؤتمر ، فكنت ساعود بنفس المبادئ التي ذهبت بها اليه .. فلماذا تتمنى حضوري في المؤتمر حتى تنتفي سبة مشاركتك ؟ فمن المعلوم ان كل من الاخوين الدكتور فاروق رضاعه والدكتور ابراهيم الحيدري قد اشتركا في المؤتمر معك ، ولكنهما بقيا على ثوابتهما !

وأخيرا : ماذا اقول ؟
لا تحاول يا عزيزي ان تجرني الى موضوعات لا علاقة لها بالموضوع الذي انتقدتك عليه ! واذا كنت تعتقد بأن التدين لا يتناقض مع العلمانية والديمقراطية ، فانك واهم على اشد ما يكون الوهم ، بدليل النار المشتعلة اليوم في العراق . انني اعتقد ان الاحزاب الدينية التي تعمل في السياسة لا تتفق مع العلمانية والديمقراطية بأي صورة من الصور ، ويضحك على نفسه من يبرر ذلك ديماغوجيا ! ان العراق بكل ثقله من المصاعب والمشاكل لا يخدمه مثل هذا الفهم والايديولوجية المزدوجة بين الدين السياسي والدنيا المدنية ، وربما كنت مخطئا . ان كل ما كتبته في نهاية ردك لا يعنيني بأي شيئ من الاشياء ، مع احترامي لنص الصديق الاستاذ ابراهيم الزبيدي والذي اتفق معه فيه ، وتمنيت عليك ان تقف ضد الطائفية والسياسات الطائفية اليوم ، بدل ان تقول ” أن وضع العراق لا يتحمل المزيد من الديماغوجية والغوغائية، والمطالبات الطوباوية، والتمنيات غير الواقعية .. ” لكن بنفس الوقت ينبغي ان يقف كل عراقي حقيقي ازاء هذا ” الواقع ” المعتم ليسعى الى تغييره ، بدل الانصياع له ، وان يكون ضد اية احزاب طائفية ، او سياسات طائفية ، او ممارسات طائفية ، او اعلاميات طائفية ، وان توجّه نقداتك وافكارك الى صناع القرار ، فانا ليس لي الا ما احمله من معرفة متواضعة ، وقلم اكتب به ، وفلسفة اؤمن بها واصدقاء ومتابعين اعتز بهم .. انني لست سياسيا او حزبيا ، او مشاركا في الحكم ، ولا من طلاب السلطة ، ولن اقف لاهرج مع هذا او ذاك .. وجّه كلامك يا عزيزي للقادة والسياسيين الكرام الذين يتصارعون اليوم من اجل حكم العراق ، ولا تجعل ردك لي ، يحمل كلاما سياسيا ، فانا بعيد عن كل المستنقعات السياسية والطائفية ، ولن اروّج لأحد ، ولن انتمي الى أي طائفة ، او مذهب ، او جهة ، انني لا انتمي الا الى العراق .. ولن احمل راية الدفاع لا عن أي مذهب ، ولا عن أي دكتاتور ، ولا انتقص من اية نخبة عراقية ، ولا من أي حزب سياسي بالاسم ، مدافعا عن كل العراقيين مهما كان دينهم او مذهبهم او انتماؤهم او جهتهم ولا اذكي روح الطائفية ابدا ، ووقفت منتقدا المحتل الغاشم وما حل من فجائع على يديه .. ولم تتملكني يوما نزعة الصراع الطبقي، وما انتجته من احقاد وكراهية تلازم صاحبها حتى مماته ! انني مع كل العراقيين ، واعترف بأن الطائفية موجودة ومزروعة في قلوب كل الغلاة العراقيين منذ تاريخ طويل .. ونحن اليوم في امس الحاجة للعمل على الابقاء على وحدة العراق والحفاظ على تماسك العراقيين ، وان نرفع اصواتنا ضد كل المخطئين والمغالين والمهرجين وكل من يحمل هوية غير العراق .. اعتذر من القراء الكرام عن الإطالة التي فرضها علينا الكاتب الدكتور عبد الخالق بسبب تشعباته واسهابه وتفرعاته وأمثاله وأشعاره وتوصيفاته لنا .. وكلها لا علاقة لها بالموضوع الأساسي . لقد تعلمنا اشياء جديدة من مقاله الذي ردّ فيه علّي : ان العراقيين مرضى نفسيين ، وان في العراق سلاجقة .. وأشياء أخرى ومصطلحات عدة ! اعتذر جدا مرة أخرى من القراء الأعزاء عن الإطالة ، وان نكون عراقيين دوما أصدقاء او خصوم في خدمة العراق والعراقيين .

ينشر يوم 15 آب / اغسطس 2010 على موقع الدكتور سيار الجميل
www.sayyaraljamil.com

شاهد أيضاً

على المشرحة.. لا مواربة سياسيّة في الحوار العلمي (الحلقتان الثالثة والرابعة)

ثالثا : الاحرار العرب : مستنيرون لا خونة ! 1/ اخطاء تاريخية وتحريف للتاريخ ويستكمل …