الرئيسية / كتب / الجامعة العربية.. اشتراطات التغيير في القرن الحادي والعشرين

الجامعة العربية.. اشتراطات التغيير في القرن الحادي والعشرين

سّيار الجميل

جامعة الدول العربية
أشتراطات التغيير في القرن الواحد والعشرين

جامعة الدول العربية
معلومات تاريخية

1. نشأة الجامعـــة:
لقد ظهرت فكرة تحقيق الوحدة العربية منذ العصر العثماني في بداية القرن العشرين . ولقد تطورت هذه الفكرة على أيدي النخب السياسية والفكرية .. واول من طرح مشروع الاتحادية العربية هو سياسي عراقي مخضرم اسمه نوري السعيد الذي شغل مناصب عليا في الدولة العراقية وكان له تاريخ قومي ايام الحركة العربية ، واستمرت المفاوضات بين العراق ومصر ثم شاركت فيها السعودية ولبنان والاردن وسوريا .. وكان هناك سعي بريطاني خلال الحرب العالمية الثانية لاستمالة العرب إلى جانبها بإعلانهاعطفها وتأييدها لأمانيهم في تحقيق اتحاد .. وبعد ان قّدمت مذكرة العراق إلى بريطانيا بشأن مشروع الهلال الخصيب . ولقد نجح العرب في ترتيب المشاورات العربية بشأن المشروع الاتحادي الذي تّحول من مشروع اتحادي كونفدرالي الى مشروع مؤسسي كمنظمة اقترح تسميتها بـ ” جامعة الدول العربية ” ، وكان من نتيجة المشاورات دعوة مصر لمؤتمر عام وإصدار ( بروتوكول الاسكندرية في اكتوبر1944. اعداد ميثاق الجامعة الذي صدرفي مارس 1945 ). فتم انشاء الجامعة على ان يكون مقّرها في مصر باعتبارها اكبر البلدان العربية .
2. الملاحظات على الميثاق :
1-تأكيده على مبدأ السيادة الفردية للأعضاء: ولقد أضاف الميثاق عبارة: على أساس استقلال الدول العربية وسيادتها الى نص البروتوكول الذي دعا الى توثيق روابط الدول العربية وتمتينها. وبذلك سجل الميثاق تراجعا عن مضمون البروتوكول.
2- الدول العربية التى وقعت الميثاق ، واعتبرت دول التأسيس ، هي : مصر والعراق والسعودية والاردن ولبنان وسوريا واليمن .
3. أهداف الجامعة العربيـــــة
أولا- أهداف مذكورة صراحة في الميثاق
يمكن حصر هذه الاهداف بالبنود التالية :
1/ توثيق الصلات بين الأعضاء والتنسيق في المجالات السياسية والفنية
2/ تتعاون الدول العربية بقوة في:
أ) الشؤون المالية والاقتصادية( بمافيها الجمارك العملةوالزراعة والصناعة والتبادل التجاري)- شؤون المواصلات( بما فيها السكك الحديديةالبريةوالبحرية والجوية والبريد والبرق).
ب) – الشؤون الثقافية .
ت) – الشؤون الصحية.
3-عدم اللجوء للقوة في فض النزاعات الدولية
اذا حدثت نزاعات عربية – عربية ، فلابد ان يلجأ المتنازعون إلى مجلس الجامعة لفض الخلاف وتصدر قرارات التحكيم بالأغلبية. لقد تبين لكل الدارسين والمراقبين الملاحظات التالية :
1/ اقتصر الميثاق على فرض التزام سلبي لفض الخلافات هو عدم اللجوءللقوة (مقارنة مع ميثاق الأمم المتحدة)
2/ سمح الميثاق للدول العربية بالتدخل لحل النزاعات سلميا عن طريق: إما أن يكون حكما أو وسيطا ولكن بطلب من الدولة المعنية ويجب ألا يكون النزاع متعلقا باستقلال وسلامة وسيادة أراضيها.
4. ما الذي نلاحظه في تأسيس الجامعة بين مبادئها واهدافها ؟
1/ أن تحرير فلسطين ظل الهدف الرئيس للجامعة منذ قيامها .
2/ استبعاد كل ما يمس بمبدأعدم التدخل مثل (عدم جواز أن تنتهج دولة عربية سياسة تخالف سياسة الجامعة) .
3/ لم تكن الوحدة من الأهداف التي تضمنها الميثاق صراحة .
4/ إن التصويت في الجامعة جعل القاعدة في اتخاذ القرارات هي الاجماع وأن القرار الذي لا يحقق الإجماع لا يلزم إلا من صوت له وفي الحقيقة قامــت الجامعة على مبدأين رئيسين:
1) مبدأ المساواة في السيادة بين الأعضاء
2) مبد أعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء.

5. البنـاء التنظيمي للجامعة العربية
يتألف بناء الجامعة من: مجلس الجامعة واللجان الفنية الدائمة والأمانة العامة .
اولا : مجلس الجامعة:
1/ التكوين : هو أعلى سلطة ويتألف من ممثلي الدول المشتركة ولكل منها صوت واحد .أما الفلسطينيون فقد تولىمجلس الجامعة اختيار ممثل لهم إلى حين حصول فلسطين على استقلالها .
2/ مستوى التمثيل: لم يحدده الميثاق لذا اعتبرت مؤتمرات القمة للملوك والرؤساء دورات المجلس على هذا المستوى.
3/ فترات الانعقاد: ينعقد مرتين سنويا (في الأحوال العادية)وبطلب من دولتين عضوين أو دولة معتدى عليها(في الأحوال الاستثنائية) ، ويصبح الانعقاد قانونيا عند توفر الأغلبية.
4/ طبيعة اجتماعاته: سرية إلا إذا قرر المجلس علنيتها بالأغلبية.
5/ التصويت: يتم بالإجماع(في الأصل) ، ثم تقررأن يقتصر الإجماع على ما يتعلق بسيادة الدولة ويكتفى بالأغلبية بالنسبة لغيره سواء كانت الأغلبية بسيطة أو أغلبية الثلثين ( مثال )إقرار الميزانية ،اقرار النظام الداخلي.
6/ اختصاصات مجلس الجامعة: من اختصاصات المجلس :
1) توثيق الصلة بين الأعضاء سياسيا فنيا.
2) حل النزاعات سلما.
3) تحديد وسائل التعاون مع الهيئات الدولية.
4) تعيين الأمين العام.
5) أية ختصاصات أخرى ، مثل : الموافقة على الميزانية أو تحديد نصيب كل دولة .

ثانيا : اللجان الفنية الدائمة:
لقد اتبعت جامعة الدول العربية ما كانت قد اتبعته هيئة الامم المتحدة بتشكيل لجان فنية دائمة ، ومهمتها وضع أسس التعاون في : الاقتصاد – المال- الصحة –الاقتصادية فتم إلغاؤهاعام 1953عقب إنشاء المجلس الاقتصادي.
اللجنة الاقتصادية:
نعم ، تم الغاؤها عام 1953 عقب انشاء المجلس الاقتصادي . وقد تمّ تأليف اللجان الخاصة به ، ويسمى رؤساء اللجان من قبل المجلس. ومدة كل لجنة سنتين قابلتين للتمديد. والقرارات تصدر بالأغلبية .
ثالثا : الأمانة العامة: تتألف من أمين عام –أمناء مساعدين وعدد كاف من الموظفين والمساعدين . ويتم تعيين الأمين العام:يتم بقرار من المجلس وبأغلبية الثلثين. ومدة ولايته خمس سنوات قابلة للتجديد.
اختصاصات الأمين العام :
1) حق حضور الجلسات .
2) توجيه نظر المجلس لأية مسألة تسىء للعلاقات بين الأعضاء والدول الأخرى .
3) تنفيذ قرارات المجلس وكذلك النفقات ضمن حدود الميزانية.
4) القيام بالمهام الموكلة إليه.
5) مسؤول عن أعمال الأمانـة العامة
6) إعداد الميزانية.
7) إعداد تقرير عن أعمـال الأمانة العامة فى المدة ما بين فترتي الانعقاد .
8) اتخاذ الاجراءات لانعقاد هيئات الجامعة.
9) التنسيق بين أعمال الجامعة وأعمال الهيئات الأخرى العربية والدولية.
10) الاختصاصات الإعلامية والدعوة للتضامن العربي.

رابعا : مجلس الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي عام1950
تمّ تأليف مجلس الدفاع المشترك(من وزراء الخارجية والدفاع العرب ) أو من ينوب عنهم. وتكون قراراته ملزمة بأغلبية الثلثين. ويعتبر كل اعتداء مسلح علي إحدى دول لجامعةاعتداء عليهاوتلتزم جميعهابمساعدة المعتدى عليه.
1/ تشكيل قيادة موحدة للدفاع المشترك:
تم تشكيلها في العام 1964 على أن تؤمن الدول العربية نفقاتها . وتتألف هذه القيادة من ممثلي هيئة أركان حرب الجيوش العربية
2/ المجلس الاقتصادى : يتألف من وزراء الاقتصاد العرب أو من يمثلهم في دول الجامعة. وفى العام 1951 ، تقرر أن يكون للمجلس كيان ذاتي لتكون له فعاليـة أكبـر مما جعل منـه بمثابة اتفاقية للوحدة الاقتصادية . وقد نصت ” الاتفاقية ” على ما يلي:
1)حرية العمل وممارسة النشاط الاقتصادي وانتقال الأموال والبضائع الوطنية ووسائل الترانزيت واستعمال المرافئ والمطارات .
2) حرية التملك والإرث.

3/ ولادة مجلس الوحدة الاقتصادية 1977
انبثق هذا المجلس عن المجلس الاقتصادي ومقره القاهرة وتؤخذ قراراته بأغلبيةالثلثين.
4/ السوق العربية المشتركة: قررمجلس الوحدة الاقتصادية إنشاء السوق العربية المشتركة لضمان تنفيذ ما ورد في الاتفاقية الاقتصادية . ولكنها لم تجد لها اي وجود حتى اليوم لاسباب عديدة سياسية واقتصادية .
عوامل انكماش التفاعل الاقتصادي العربي :
1) لم تتقدم الحكومات العربية بأي مشروع. ومعظم ماطرح في مجال التقدم الاقتصادي إنما قدم من الأمانة العامة والمنظمات المتخصصة التابعة لها.
2) إن المذكرات والخطط المتكاملة والدراسات التي تصدرها الأمانة العامة لا تدرس من قبل الدول العربية إطلاقا ، أولا تدرس بشكل كاف.
3) إن الدول العربية تبدي موقف الرفض بالنسبة لتخصيص اعتمادات لموازنة الأمانة العامة بشأن إعداد دراسات أو إنشاء أجهزة معلومات عن الوطن العربي.
4) إن عددا كبيرا من الدول العربية يرسل وزراء أو سفراءاو مندوبين غير مؤهلين أو غير مفوضين لقرارات هامة.
5) فشل الاتفاق على الحد الادنى من التضامن العربي سبب فشلا لمعاهدة الدفاع المشترك.
6) كان من الممكن أن تكون هذه الجامعة فعالة لحماية الاستقلال الجماعي للأعضاء لولا الحرب الباردة الدعائية والسياسية والاعلامية التي اشتعلت بين الدول العربية في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين . ولقد أثرّت تلك النزاعات السياسية العربية على التضامن العربي ، ووقفت ضد الاهداف والمبادىء والتطبيقات معا

6. الجامعة العربية وإسرائيل
ظلت الجامعة العربية هي الإطار الوحيد لبلورة أي عمل مشترك لمواجهة إسرائيل وكان أول عمل جماعي بعد هدنة 1949 هو ان التعامل مع إسرائيل هو قضية عربية لايحق لأي دولة عربية أن تنفرد بالتصرف بها دون الرجوع إلى الجامعة . لقد اتخذ هـذا الموقف بعد أن لوحظ أن اتصالات سرية تتم بين الأردن وإسرائيل لإعلان صلح منفرد بينهما. وتزعمت مصر حملة ضد الأردن واتخذ المجلس عام 1950 قرارا بعدم جواز التفاوض أوعقد صلح منفرد أو اتفاق سياسي أو عسكري من قبل أي دولة من دول الجامعة ، ولكن من المفارقات أن مصر التي كانت وراء القرارالمتشدد كانت أول من خرقه فقامت الدول العربية بتطبيقه عليها بالتوقيع على معاهدة كامب ديفيد مع اسرائيل ، ونقل مقر الجامعة إلى تونس ، وكان ذلك عقب زيارة أنور السادات الرئيس المصري السابق إلى اسرائيل في نوفمبر1977 ثم عقد صلح منفرد معها مارس 1979 ، دعي بمعاهدة كامب ديفيد.
7. المنظمات العربية المتخصصة
يبلغ عدد المنظمات العربية المتخصصة ثماني عشرة منظمة هي :
1- اتحاد إذاعات الدول العربية :
تأسس عام 1955 ، وباشر العمل عام 1969 ومقره تونس ويهدف إلى تعزيز روح الإخاء العربي ، والالتزام بالقضايا القومية خاصة القضية الفلسطينية ، وبلورة الشخصية الثقافية العربية من خلال الإذاعات المختلفة للدول والتنسيق في استخداماتها مع تنمية التعاون بين هيئاته الأعضاء وتمثيلها والدفاع عن مصالحها في مجالات التفاوض
2- مجلس الوحدة الاقتصادية العربية :
تأسس عام 1957 وباشر العمل عام 1964 ، ومقره القاهرة ، ويهدف إلى تحقيق وحدة اقتصادية تضمن للدول الأعضاء حرية انتقال الأشخاص ورؤوس الأموال وحرية تبادل البضائع وحرية النشاط الاقتصادي وحرية النقل “والترانزيت ” .
3- المنظمة العربية للتنمية الإدارية :
تأسست عام 1961 وباشرت العمل عام 1969 ، ومقرها القاهرة حاليا، ويتمثل الهدف الأساسي للمنظمة في الإسهام في تحقيق التنمية الإدارية في الوطن العربي بما يخدم قضايا التنمية الشاملة تحقيقا لهدفها الأساسي .
4- المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ( الاليسكو ):
تأسست عام 1964 وباشرت العمل عام 1970 ، ومقرها حاليا تونس وينص دستورها على أن هدفها هو التمكين للوحدة الفكرية بين أجزاء الوطن العربي عن طريق التربية والثقافة والعلوم وهي قائمة على غرار منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة ويتبع المنظمة معهد الدراسات العربية ومعهد المخطوطات العربية ومقرهما القاهرة .
5- منظمة العمل العربية :
تأسست عام1965وباشرت العمل عام 1972 ، ومقرها القاهرة ومن أهدافها الرئيسية تنسيق الجهود في ميدان العمل والعمال على المستويين العربي والدولي وتجدر الإشارة إلى أن هذه المنظمة تنفرد عن غيرها من منظمات الجامعة العربية في أنها تجمع بين التمثيل الرسمي والتمثيل الشعبي ، إذ تضم بجانب ممثلي الحكومات ممثلين لأصحاب الأعمال والعمال في الدول العربية ، أي أنها تقوم على التمثيل الثلاثي تماما كالوضع في منظمة العمل الدولية ومن أهدافها تنسيق الجهود في ميدان العمل والعمال على المستويين العربي والدولي وتنمية وصيانة الحقوق والحريات النقابية ، هذا بالإضافة إلى تحسين ظروف وشروط العمل في الدول الأعضاء .
6 – المؤسسة العربية لضمان الإستثمار :
تأسست عام 1966 ، و باشرت العمل عام 1975 ، و مقرها الكويت ، و تهدف إلى تأمين المستثمر العربى بتعويض مناسب عن ما قد يتكبده من خسائر ناجمة عن المخاطر غير التجارية ، و كذلك تشجيع الاستثمارات بين الدول العربية المتعاقدة .
7- الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي :
تأسس عام 1968 وباشر العمل عام 1971 ، ومقره الكويت، وهدفه وفقا لاتفاقية إنشائه الإسهام في تمويل مشروعات الإنماء الاقتصادي والاجتماعي في الدول العربية .
8- منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (= الاوابك) :
تأسست عام 1968 ، ومقرها الكويت، وهدفها الرئيسي هو التعاون بين الدول الأعضاء في مختلف أوجه النشاط الاقتصادي في صناعة البترول وتحقيق أوثق العلاقات فيما بينها في هذا المجال وكذلك توحيد الجهود لتأمين وصول البترول إلى أسواق الاستهلاك بشروط عادلة ومعقولة . وجدير بالذكر أن هناك عدة شركات منبثقة عن تلك المنظمة وهى : الشركة العربية البحرية لنقل البترول والشركة العربية للاستثمارات البترولية والشركة العربية للخدمات البترولية والشركة العربية للاستثمارات الهندسية ومعهد النفط العربي للتدريب .
9- المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة :
تأسس عام 1968 وباشر العمل عام 1971 ومقره سوريا، وأنشئ لإجراء البحوث والدراسات والتدريب في مجالات الموارد الطبيعية الزراعية في الوطن العربي العربي المياه وأراضي المراعي المتدهورة .
10- المنظمة العربية للتنمية الزراعية :
تأسست عام 1970 وباشرت العمل عام 1972 ، ومقرها السودان، وتهدف إلى مساعدة الدول العربية في تنمية وتطوير اداء القطاع الزراعي إضافة إلى مساهمة في تحقيق التكامل والتنسيق الزراعي في المجالات الانتاجية والتسويقية وتوفير مستلزمات الانتاج.
11- الاكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا :
تأسست وباشرت العمل عام 1972 ومقرها الاسكندرية، وتقوم بالعمل على تحقيق أهدافها ورسالتها العلمية والتعليمية ، والمتمثلة في دعم وتطوير قطاع النقل البحري في الدول الأعضاء .
12- المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا :
تأسس عام 1973 وباشر العمل عام 1975 ، ومقره السودان وهدفه دعم التعاون الاقتصادي والمالي والفني بين الدول الافريقية والدول العربية.
13- المؤسسةالعربية للاتصالات الفضائية :
تأسست عام 1974 ، وباشرت العمل عام 1976 ومقرها الرياض، وتهدف بصفة عامة إلى تأمين الخدمات العامة والمتخصصة في مجالات الاتصالات الفضائية لجميع الأعضاء وللمستعملين الآخرين وفقا للمعايير والأساليب الفنية الملائمة.
14- صندوق النقد العربي :
تأسس عام 1975 وباشر العمل عام 1977 ، ومقره دولة الأمارات ومن اهدافه الرئيسية تصحيح الاختلال في موازين مدفوعات الدول الأعضاء ، بالإضافة إلى تنمية وتطوير عالم التجارة والمال في العالم العربي بصفة عامة.
15- الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي :
تأسست عام 1976 وباشرت العمل عام 1978 ومقرها السودان ، ومن أهدافها الرئيسية الاستثمار في كافة صور الإنتاج الزراعي ، والأعمال المرتبطة به والمتفرعة عنه وتسويق وتصدير وتصنيع جميع منتجات الهيئة من الإنتاج الزراعي وكذلك القيام بإجراء البحوث والدراسات الخاصة بمشروعات الهيئة ، هذا بالإضافة إلى التعاون مع المنظمات والمؤسسات العالمية والإقليمية الوطنية .
16- الهيئة العربية للطاقة الذرية :
تأسست عام 1982 وباشرت العمل عام 1989 ، ومقرها تونس ، وتهدف إلى المساهمة في تنمية المجتمع العربي ورفع مستواه الاقتصادي والاجتماعي والعلمي وخلق المناخ العلمي المتناسق بين أقطار الوطن العربي ومسايرة التقدم العلمي والتقني العالمي .
17- المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين :
تأسست عام 1988 وباشرت العمل عام 1990 ومقرها المغرب، وتهدف إلى التنسيق والتكامل الصناعي العربي والإسهام في تنمية وتطوير الصناعة في الوطن العري وتعضيد قدراته في مجالات الصناعة والطاقة والمواصفات والمقاييس.
18- الهيئة العامة للطيران المدني(تحت التأسيس) :
تأسست عام 1993 بهدف تزويد سلطات الطيران المدني في الدول الأعضاء بإطار للعمل المشترك من أجل وضع تخطيط عام للطيران المدني في الدول العربية ، والنهوض بالتعاون والتنسيق الواجب بين الدول والعمل على تنمية وتطوير الطيران المدني .
19- معهد البحوث والدراسات العربية
أنشئ معهد البحوث والدراسات العربية بقرار من مجلس جامعة الدول العربية في 23/9/1952، وبدأ العمل فيه فعلاََ في 1/11/1953. وبقيام المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم عام 1970، كإحدى المنظمات العربية المتخصصة في نطاق جامعة الدول العربية ، أصبح المعهد تابعاً للمنظمة مع غيره من الأجهزة الثقافية بالجامعة بناءً على قرار من الأمين العام للجامعة بتاريخ 10/9/1970 وقد قبلت عضوية المعهد في اتحاد الجامعات العربية اعتبارا ََمن عام 1994 .




احتضار جامعة الدول العربية !!
البديل : مشروع بناء منظومة حيوية جديدة متكافئة

نشرت مجلة ” المجلة ” الصادرة في لندن في عددها الأخير ريبورتاجا مهما عن جامعة الدول العربية منطلقة من تساؤلات ثلاثة : هل أنها محتضرة في طريقها للزوال ؟ أم أن الحاجة تقضي بعلاج أوضاعها واصلاحها ؟ أم أنها على ما يرام وهي تمضي في سبيلها كما كانت عليه منذ أن نشأت قبل اكثر من نصف قرن ؟؟؟ لقد كان هذا الموضوع يشغلني كثيرا منذ زمن طويل ، وكم اشتركت مع زملاء لي من أساتذة ومفكرين في التطرق إليه عندما أشرفنا وناقشنا بعض الاطروحات الجامعية عن موضوعات تخص جامعة الدول العربية في بعض أروقة الكليات والأقسام العلمية .. كما تنبؤنا وبشكل واضح تلك الأدوار الفنية التي أدتها هذه المنظمة العربية في ظل أوضاع وعهود وتحولات سياسية متنوعة . ولما كانت قد وصلت إلى درجة من الضعف والهزال عند نهاية القرن العشرين ، اشترك الجميع في إدانة امينها العام السابق السيد عصمت عبد المجيد كونه حجر عثرة في سبيل دورها وفاعليتها ، وقد كتبت ونشرت مرات عدة في اكثر من مكان بأن المشكلة ليست إلا في هذه المنظمة الكسيحة نفسها والتي لم يكن لها في تاريخها الطويل إلا تنظيم مؤتمرات القمة العربية ومؤتمرات وزراء الخارجية وليس لها إلا إلقاء الكلمات الافتتاحية واعلان الشعارات وتدبيج الخطابات واستقبال الوفود وتوديع الوفود والتمثيل الصامت في حوارات الطرشان !!
إن جامعة الدول العربية ، والأمر معروف للجميع ومن دون أية اتهامات ، لم تقدّم على امتداد تاريخها الطويل أية حلول جذرية للمشكلات العربية الصعبة والسهلة . كما وأنها لم تكن إلا مكانا يجتمع فيه القادة والزعماء العرب ويتصافحون في اليوم الأول ثم يتنابذون في اليوم الثاني ثم يتفرقون في اليوم الثالث !! وأنها كانت ولما تزل ضائعة وسط تيه السياسات العربية وتموجاتها ، ولم تنجح في أداء أو تقديم أي مشروعات كبرى : سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو فكرية أو تربوية .. الخ سواء على مستوى المصالح المشتركة العليا أو حتى على مستوى المصالح المنفردة الدنيا . إنها كانت ولم تزل عالة على من يمولها عبر هذا التاريخ الطويل ومن يقارن عمرها الذي تجاوز اكثر من نصف قرن وما حققته من أهداف ومكتسبات سيصل حتما إلى نفس النتائج التي وصلنا إليها ويا للأسف الشديد .
المنطلقات الأولى : مشروع أماتوه منذ البداية !
لم يكن ذاك الرجل الذي فكّر في تأسيسها وناضل من اجل بنائها إلا أن تكون : منظمة عربية اتحادية لها قوتها وفاعليتها ليس بين الدول العربية ، بل في العالم اجمع . وبالرغم من عدة الشائعات التي شاعت عنها أنها من صنع الإنكليز إلا أن موضوع بقاءها الطويل المتزامن مع عمر وتاريخ هيئة الأمم المتحدة ينفي عنها ما راج عنها اثر الحرب العالمية الثانية . لقد أرادها الزعيم العراقي نوري السعيد – رحمه الله – مشروعا لهيئة عربية عليا تؤسس على مهل نظاما Order عربيا اتحاديا لا مركزيا أي اقرب إلى السمة الفيدرالية ينبثق من نسق Organic مشترك لبناء مصالح حيوية لنظام عربي بين العرب والعالم كله ضمن أي توجه يختاره العرب وفي إطار ما يسود في المجتمع الدولي وقت ذاك . ولكن تخبرنا الوثائق التاريخية أن هناك من اعترض اعتراضا أساسيا على ذلك التفكير العملي إذ أرادها جامعة للدول العربية لها من الشعارات والأجهزة والنفقات ولكن لا تأثير أو فعل لها في السياسات العربية المتنافرة ! وبدل أن تكون تلك المنظمة التي أسموها بـ ” الجامعة ” عاملا مؤثرا في التوصل إلى كلمة سواء ، حدث العكس تماما إذ تخبرنا صفحاتها التاريخية أنها كانت من الناحية السياسية عاملا في التفرقة وأنها ألعوبة بيد هذا أو ذاك ، ولم يكن لأمينها العام في يوم من الأيام تأثيره القوى في رسم أية سياسات مشتركة أو حل أي منازعات خفية ومعلنة ، ولا أي دور مؤثر في أبعاد الصراع العربي – الصهيوني ، ناهيكم عن عجزها في تقديم أية مشروعات حيوية للمجتمع العربي اللهم باستثناء ما قامت به بعض أجهزتها الثقافية المرتبطة بها رسميا ..
الجامعة : لعبة مصالح ضيقة !
وربما طلب مني بعض الاخوة القراء مثلا صارخا اضربه لهم عن لعبة المصالح السياسية العربية في توجهات جامعة الدول العربية. واعتقد أن كل من عمل في أروقتها ومكاتبها من شخصيات سياسية عربية مرموقة أبدت انطباعات ومواقف وذكريات سيئة للغاية عن هذه الهيئة التي دوما ما تكون واقعة تحت ضغوط عربية من نوع ما لهذا أو ذاك .. كما أن العلاقات بين موظفيها لم تكن إلا انعكاسا لتوجهات بلدانهم وتشنجاتها ، أو حتى لأولئك الذين يجتمعون فيها لأمر ما فقد كتبوا المزيد من السلبيات باستثناء عواطف المحبة الساخنة ومشاعر الاخوة الشقيقة التي سرعان ما تتبخر في الهواء ، وتبدأ تكال الشتائم والسباب المقذعة.. اذكر مناقشات بائسة ومجادلات ومشاحنات وشتائم وسباب دارت كلها في قضية حساسة وحمل وفد عربي أقذع أنواع المهاترات ووقفت الجامعة ضده في مطلع الستينيات وعادت لتقف ضد نفس ذاك البلد في مطلع التسعينيات ودارت مشاحنات سيئة بين الوفود التي لم يكن إحساس أي وفد عربي في يوم من الأيام انه يجلس تحت قبة واحدة مشتركة ، بل عدت هذه المنظمة من قبل أصحابها العرب مجرد سوق هرج ومرج تقوم فيه دكاكينهم وكل دكان يعرض بضاعته على طريقته الخاصة من دون أي وازع بالمسؤولية المشتركة التي يقرها النظام الداخلي لتلك السوق التي كانت ولما تزل يعتبرها الجميع سوحا لتصفية الحسابات ، وأيضا كل على طريقته الخاصة ولم يستطع أي عقلاء ونشطاء أحرار من ممارسة الدور الحقيقي في أروقة المنظمة !
اذكر أنني شاركت في واحد من المؤتمرات الفكرية والسياسية العربية التي عقدت في عاصمة عربية شهيرة قبل سنوات ، كيلت الاتهامات جزافا والشتائم علنا ضد د. عصمت عبد المجيد كونه المسبب الحقيقي لضعف جامعة الدول العربية ، فانفردت أتحدث وقلت : يا عباد الله إن المشكلة ليست في الرجل بقدر ما تكمن في المؤسسة نفسها التي لا حول ولا قوة ولا سيطرة على نظام عربي مفكك ومهلهل هذا يأخذه بالطول والآخر يجرّه بالعرض وهناك من يمشي به ذات اليمين وذاك ضربه صوب الشمال ! وعندما رشح د. عمرو موسى واصبح أمينا عاما جديدا ، هلل الجميع وفرح القاصي والداني وكأن الرجل سيحقق المعجزات ولم يجد سلفه المسكين في الصحافة العربية إلا الشماتة والتنكر والتجريحات المؤلمة . قلت لأصدقائي : انتظروا قليلا فسترجع حليمة كما كانت على عادتها القديمة ! وفعلا ، بدأ امينها العام الجديد خطابه الذي تأمل الجميع انه المنقذ للامة العربية ، ولم تمض عدة اشهر حتى أسيء للجامعة من جديد واتهم امينها العام بشتى التهم لا لشيء إلا لأنه عد عمله تدخلا سافرا في ما لا يعنيه ، كما واتهم مرات عدة بالانحياز وعدم الحيادية لا لنقص فيه ولا مثلبة لمن اتهمه بل لأن المنظمة هي كسيحة أساسا لا تقوى على حل مشكلاتها نفسها ، فكيف نطلب منها أن تحل مشكلات عربية أصبحت مدولنة ويشارك في تعقيداتها العالم كله من خلال تدخلات سافرة .. اضافة الى ان جامعته العربية لا تهتم بما تعانيه الشعوب من قهر وجور واذلال . ان هذه ” المؤسسة ” ما زالت تلعب بها الانظمة السياسية العربية من دون ان تسمع لالآم العرب وما يعانوه من الفجائع في دواخل بلدانهم ..
هل من تأسيس نظام متكافئ عربي جديد ؟
نعم هذا هو السؤال الحقيقي الذي يفرض علينا نفسه اليوم . وثمة أسئلة أخرى لابد من إثارتها حاليا والمنطقة تعيش في أحرج ظروفها وهي على أبواب متغيرات تاريخية قوية وثقيلة : متى يتعلم العرب العبر والدروس ؟ ومتى يمكنهم أن يمتلكوا الرؤية بعيدة النظر وكأنهم لم يدخلوا مع كل هذا العالم القرن الواحد والعشرين ؟ هل باستطاعتهم اليوم وبعد كل ما يجدونه في واقعهم المضني أن يعيدوا التفكير في مخلفات القرن الماضي وجامعة الدول العربية في مقدمة تلك المخلفات ؟ هل باستطاعتهم أن يكونوا شجعانا كآبائهم الصيد من اجل أن يغلبوا مصالحهم المشتركة العليا على منافعهم المجتزئة الدنيا ؟ هل باستطاعتهم أن يكفوا عن تقديس المركزية والأبوية والنرجسية التي خربت بيوتهم ومن ثم يعملون على إلغاء منظمات الماضي وأحزابه وأفكاره .. من اجل البدء حقيقة بنظام تاريخي جديد وأصيل ونزيه يوفر البدائل البراغماتية واللامركزية والكتلوية والحيوية والسريعة والمتجانسة والمنفتحة من اجل خلق منظومة جيو استراتيجية جديدة في المنطقة مؤهلة للتعامل مع منطلقات هذا العالم والاستجابة لكل تحدياته المتنوعة التي تصعقنا سياسيا واقتصاديا وإعلاميا ؟؟ هل يمكننا أن نشّيع جامعة الدول العربية إلى مثواها الأخير معززة مكرمة كي تنبثق منظومة هيئة جديدة بكل أبعادها ومواثيقها الجديدة لتفرض نفسها ضمن أساليب تضامنية جديدة لا تمت بصلة إلى المشروع القديم الذي عفا عليه الزمن ؟؟ إن المخلفات القديمة في طريقها للزوال شئنا أم أبينا على أيدي أبناء الجيل الجديد الذي سيتولى ميادين الحياة بعد انتهاء العقد الأول من هذا القرن وستمضي مع تلك المخلفات كل تلك الأجناس المتخلفة من البشر الذين ضيعوا أمتهم في أسواق المؤدلجات والشعارات والسياسات الفضفاضة وستموت أصواتهم المجعجعة والمجلجلة عاجلا أم آجلا كي يبدأ عالمنا يعيد التفكير من جديد في ضوء وعي جديد تلزمه إياه صعقات من التحديات وصدمات من التجارب والدروس المريرة واثقال من الحاجات الكبرى !
إن الحاجة التاريخية باتت ماسة اليوم إلى أن يبدأ التفكير في واحدة من أهم المنظمات العربية التي أوجدها العرب اثر الحرب العالمية الثانية وكانوا يعيشون تحديات من نوع آخر ، ولما غدت مجموعة الدراسات والمعلومات واستطلاعات الرأي تعلمنا بأن جامعة الدول العربية باتت كسيحة لا نفع لميثاقها وهي عاجزة منذ زمن طويل عن حل المشكلات العربية ، بل وأنها غدت في كثير من الظروف سببا في المزيد من الاخفاقات في أيجاد علاجات مهمة وفي ضوء أزمة دولنة مشكلاتنا الصعبة في العالم اليوم .. كما وبدأ بعض الأعضاء يفكرون بالانسحاب منها ، فالأسلم لها ولأصحابها أن يعيدوا التفكير في مصيرها المحتوم .
وأخيرا ماذا يمكنني أن أقول ؟
أقول مختزلا بعض أفكاري بهذا الصدد ، أن يبدأ بعض الزعماء العرب وخصوصا من جيل الشباب أن يعتمدوا على النخب الجديدة من المثقفين والمفكرين في البلاد العربية للبدء في وضع مشروعات بديلة يمكن أن يتم الاصلح والأنفع الذي يحل بديلا كتلويا ومستقبليا . ومن اجل أن ينظم حياة النظام العربي المستحدث ولا ريب مع بدايات القرن الواحد والعشرين . ومن اجل أن يعمل ضمن انساق وسياقات لا علاقة لها البتة بما هو سائد اليوم في جامعة الدول العربية ، وان تغدو للنظام الجديد حيويته ولا مركزيته وتخصصاته ضمن ميثاق جديد يتعامل علميا مع قضايانا الداخلية بمختلف تفاصيلها ، ومؤهلا للتعامل بمنتهى الذكاء مع القضايا العالمية التي سيفرضها النظام العالمي الجديد . إن أية خطوات في هذا السبيل هي اختزال للزمن وسبق في التقدم ستنفعنا حتما بدل إبقاء القديم على قدمه وبدل موجات الهياج والصياح والنواح ورفع الشعارات التي لم تعد تجدي نفعا أبدا .. فهل ستتحقق أمانينا من اجل بناء مستقبلنا القادم بهذه السرعة ؟ إنني اشك في ذلك !
( الزمان ، 1394 في 23 ديسمبر 2002 . ونشرت في النهار البيروتية في 14 يناير 2003 )
جامعة الدول العربية أزاء العراق والعراقيين
تساؤلات عراقية نقدية مشروعة عن مهمة وفد الامانة العامة !

د. سّيار الجميل

تابعت مؤخرا بين يوم وآخر جولة وفد جامعة الدول العربية الى العراق وقد مثّله بعض الشخصيات من الموظفين الذين يعملون في الامانة العامة للجامعة .. ولا ادري ما فائدة زيارة هذا الوفد للعراق ؟ سمعت انه جاء كي يتقّصى الحقائق ؟ واي حقائق ؟ لا ادري ! وكأن بيده مقاليد الشرق الاوسط ! وسمعت بأنه جاء يلتقي اعضاء مجلس الحكم الانتقالي في العراق رسميا وانطلق كي يلتقي الاحزاب والجماعات والقوى السياسية ! وسمعت بأن مهمته ليست سياسية ولا تحمل معها اي مشروع او افكار .. وسمعت وقرأت غيرها من الاسباب الساذجة وحاولت بعض اجهزة الاعلام العربية وبعض الفضائيات الداعرة ان تلعب لعبتها ايضا بخلق فجوة او جفوة بين الوفد ومجلس الحكم الانتقالي ، فلم تفلح اذ رد رئيس الوفد بقوله : انه قد منح والوفد المرافق له حرية التنقل في ارجاء العراق والالتقاء بمن يريدون ! ولكن ؟
ماذا يريدون من العراق والعراقيين ؟
أكد السيد أحمد بن حلي نائب الامين العام لجامعة الدول العربية رئيس وفدها الى العراق ان الزيارة الحالية الي العراق تندرج في اطار تضامن الجامعة الكامل مع الشعب العراقي في أزمته الحالية، معترفاً بتأخر الجامعة العربية في الاضطلاع بدور فاعل في العراق ! واوضح في حديث خاص للصحف العربية : ان الجامعة العربية تقف الي جانب الشعب العراقي في اطار المشاركة في العملية السياسية لنقل السلطة الي العراقيين مشدداً علي ضرورة توخي مصلحة الشعب العراقي في هذا الاتجاه وما يراه مناسباً. مذكراً بالقرار الصادر في التاسع من ايلول (سبتمبر) الماضي الذي طالبت فيه الجامعة العربية بوضع جدول زمني لنقل السلطة وإنهاء الاحتلال. ورأي بن حلي ان اربعة محاور اساسية تعمل الجامعة علي تحقيقها حالياً اولها عمل الجامعة لتمكين العراقيين من استعادة السلطة والثاني انهاء وسحب قوات الاحتلال وفق جدول زمني محدد والثالث المساهمة في اعادة اعمار العراق في شتى مجالات الحياة اما الرابع فهو المحافظة علي وحدة العراق وسلامته الاقليمية وهويته العربية. واشار الي ان جولة الوفد تأتي في خضم التداعيات الحالية في الساحة العراقية وبقصد كشف النقاب عن كثير من القضايا العالقة في اذهان العراقيين، قائلاً ان الوفد يعتزم الاستماع عن كثب لطروحات تمثل جميع اطياف الشعب العراقي من شماله الي جنوبه كي يتسني للوفد اجمالها بتقرير موحد لوضعه علي طاولة القمة العربية المقبلة. ورداً علي سؤال بشأن عدم اعتراف الجامعة العربية بمجلس الحكم الانتقالي ثم عادت الي الاعتراف به بعد حين وصف بن حلي الامر بحاجته الي المزيد من المداولة والنقاش ومن ثم اتخاذ القرار المناسب بشأنه بعد ان تبلورت آراء اثنين وعشرين دولة عربية بهذا الاتجاه. مشيراً الى دور الجامعة في فتح الطريق امام مجلس الحكم الانتقالي بالمشاركة في مؤتمر الدول الاسلامية والامم المتحدة. وفيما يخص محاكمة صدام حسين شدد بن حلي علي ان رأي الجامعة يتوافق مع رأي الشعب العراقي في محاكمة صدام حسين سواء كانت محكمة عراقية او دولية مؤكداً ان القرار يخص الشعب العراقي.
مناقشة النص لاكتشاف مدى مصداقيته
انني اسأل الاخ بن حلي : هل انتم من القوة والمقدرة السياسية على ان تثبتوا للعالم انكم اهلا للعراق والعراقيين بعد كل الذي فعلتموه باسم الجامعة العربية بتأييدكم المبطن او خشيتكم او تذبذبكم ازاء صدام حسين وكان العراقيون يواجهون الحرب مع اعتى جيوش العالم ؟ جئتم متأخرين يا اخي بن حّلي .. ولكنكم اضعف من ان تنقلوا السلطة الى العراقيين ، اذ اعتقد انكم اضعف بكثير من العراقيين بالتحدث الى الامريكان في شأن يخص العراقيين اصلا ! وسواء اصدرتم قراركم في سبتمبر الماضي ام لم تصدروه حول سيادة العراق ، فثمة اجندة متفق عليها سوف لا يقّدم قراركم ولا يؤخر من ذاك الذي رسمه المحتلون ، فجدولكم الزمني لا يرجى منه اي فائدة بانهاء الاحتلال وجامعتكم صفر على الشمال ! لقد اضحكتني جدا محاوركم الاربعة التي استوحيتها كما يظهر من الاخ عمرو موسى ودعني اعلق على كل واحد منها ما دامت جامعتكم العتيدة تعمل على تحقيقها حاليا : اولا ، ما هي الياتكم في تمكين العراقيين من استعادة السلطة اذا ما بدأ العراقيون اساليبهم الجديدة في حياتهم السياسية في ضوء الدستور والانتخابات ؟ هل تريدونها سلطة عسكر او سلطة عائلة ام سلطة حزب واحد ام سلطة دكتاتور .. الخ ثانيا اسألكم بالله يا اقطاب الجامعة العربية هل باستطاعتكم انهاء وسحب قوات الاحتلال وفق جدول زمني محدد ؟ فدول العالم كلها واقعة في خضم العصر الامريكي الا اذا كنتم اقوى من ذلك العصر ! لماذا كنتم وما زلتم تقولون عكس ما تفعلون ، فانتم اضعف من ان تتنفسون في ضباب هذه المرحلة الصعبة ! فلماذا خداع الجماهير العربية والعراقيين في مقدمتهم ؟ ثالثا : كيف يكون باستطاعة الجامعة العربية ان تعمل في اعادة اعمار العراق في شتى مجالات الحياة وانتم اوهى من فعل عشر معشار ذلك ، فمليارات عراقية لم تزل في بنوك دول عربية لم تستطع جامعة الدول العربية حتى في تقديم مساهمة من نوع ما وتصريح لصالح العراقيين من اجل ارجاع ثرواتهم المنهوبة الى اليهم ، فكيف تعيدون اعمار العراق ؟ رابعا : لا ادري اي السبل التي ستتبعها الجامعة في المحافظة على وحدة العراق وسلامته الاقليمية وهويته العربية .. اذا كانت جيوش دول عربية لم تستطع ان تحافظ على وحدتها وعلى سلامتها الاقليمية .. فهل نصّدق اكاذيب جامعة الدول العربية ؟
الحقيقة ، انكم جئتم لتستطلعوا الاوضاع وتكتبوا تقريركم الانشائي ( الذي نحرص نحن العراقيين ان نتفحص معلوماته كاملة ) لكي تضعونه على طاولة القمة العربية المقبلة .. وليكن ، لماذا لا ؟ ضعوه ولكن ما فائدته اذا كنتم سابقا قد اسهمتم عن قصد وسبق اصرار في منع ادراج مبادرة سمو الشيخ زايد في مؤتمر شرم الشيخ في محاولة لسحب البساط من حافات الحرب ؟؟
ما نفع هذه الزيارة البائسة ؟
انني أسأل هذه الجامعة العربية وامانتها العامة قبل كل شيىء : ما نفع مجيىء وزيارة هذا الوفد بمن مثّله من رئيس واعضاء الى العراق اليوم ؟ جاء الوفد وانتقل من مكان الى آخر ليلتقي هؤلاء ويجتمع باولئك واستمع واصغى وهز اعضاؤه رؤوسهم ولكن لم اجد بيد اي عضو من اعضاء الوفد قصاصة ورق يسجل عليها ملاحظاته أو أي معلومات وافكار ومقترحات .. جاء من اجلها لكي يسمعها من العراقيين في دارهم .. لم اجد الا رئيس الوفد علي بن حلّي وهو مساعد الامين العام يبتسم لهذا وذاك ويستمع الى مجموعات لا تعد ولا تحصى من قوى سياسية ودينية عراقية ظهرت للوجود بعد التاسع من ابريل 2003 ! ومن المؤكد ان الوفد العربي جاء في زيارة لدولة عربية لم تكن اصلا عضوا مؤسسا في منظمة كهذه الجامعة فحسب ، بل جاء للعراق الذي انبثقت منه فكرة الجامعة نفسها في العام 1945 على ايدي رجالاته الاوائل وما كان المؤسسون العراقيون الاوائل من التفاهة والسذاجة والبلاهة والبلادة حتى يتخيلون يوما بأن وفدا من هذه المنظمة جاء ليؤدي مهمة دعائية وكأنها اسقاط فرض لا نفع فيها ابدا للعراق المحتل !
وأسأل بدوري ايضا : هل جاء الوفد كي يطمئن على ان في العراق حكومة انتقالية نصبها الامريكيون لمرحلة معينة حتى يتم انتخاب الشعب لحكومته الجديدة ؟ وهل استطاع هذا الوفد المبّجل ان يسجل امنيات العراقيين بمختلف اطيافهم وامالهم السياسية لينقلها الى ردهات الجامعة وصالة المؤتمرات وغرف العمليات فيها من اجل ان تتفانى هذه الجامعة العربية بكل جوارحها في ايجاد حلول عملية لمشكلات لا تعد ومعضلات لا تحصى في حياة العراق والعراقيين ؟ وهل جاء الوفد وبيده مقترحات ومشروعات ليعرضها ويناقشها ان كان قد حمل عشر معشار ما يمكننا تصوّره ؟ فالمعروف ان هناك قوى تحالف دولية تهيمن على مقاليد الامور في العراق ولا يمكن لا لهذه الجامعة ولا لغيرها ان تقدم حتى مجرد مقترحات تافهة لن يسمعها أحد !
اين كنتم من تفعيل مبادرة الشيخ زايد ؟
وأسأل جامعتنا العربية بعد خراب البصرة : لماذا بقيت مواقف الامانة العامة رجراجة تافهة ومسطحة ازاء العراق والعراقيين في مواجهتهم للحرب ، وهي تدرك انها حرب ليست اقليمية او حدودية كبقية الحروب ؟؟ لماذا لم تبادر الجامعة بتقديم اي مقترح او تفعيل اي مبادرة من اجل ان تكون صاحبة قرار ملزم من قبلها وهي التي تضم كل الدول العربية لايجاد مدخل لأي حل عملي او محاولة ايجاد حل عملي بازاحة صدام حسين وحكومته عن السلطة او منفذ لخلق اي سلطة مؤقتة بديلة ( حتى لو جاءت الجامعة العربية نفسها بديلا ) ؟؟ اسئلة عدة لابد ان نواجه بها هذه الجامعة الماكرة وخصوصا عندما تغاضت عمدا عن مشروع دولة الامارات العربية المتحدة لتجنب الحرب ! فالكل يسأل الجامعة العربية اليوم : لماذا نجحت في تغييب مبادرة الشيخ زايد الشهيرة في قمة شرم الشيخ الأخيرة التي سبقت الحرب الأميركية على العراق، إذ قدم الاخوة الإماراتيون من خلال تلك القمة العربية مبادرة الشيخ زايد الوحيدة لحل الأزمة العراقية. وكانت المبادرة تقضي بأن يتخلى الرئيس العراقي صدام حسين عن القيادة هو وأركان حكومته ، مقابل توفير ضمانات شخصية، أمنية ومالية وقضائية لهم، ونقلهم للعيش في مكان آمن، واقتراح بدائل عملية عربية وضمانات سياسية دولية للعراق من اجل تجّنب الحرب.. لكن المبادرة لم تدرج من قبل الامين العام في جدول أعمال القمة للنقاش، فأعتبر ذلك موقفاً سلبياً تجاه دولة الامارات من قبل الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى بالذات . ولعل السيد الامين العام قد صادف من المشكلات بينه وبين عدة دول عربية بسبب مواقفه وتصريحاته السياسية ما جعله يختلف بذلك عن غيره من الامناء العامين السابقين الذين سبقوه في هذا المنصب الذي يستلزم ان يكون مستقل الارادة والقرارات استقلالا كاملا . فهل سيضطر عمرو موسى لأن يتنقل بين عاصمة عربية وأخرى، حتى يصلح من المشكلات التي يوقع الجامعة فيها بتصريحاته الكثيرة غير الحيادية ، ومواقفه التي تتجاوز دور الأمين العام للجامعة.
احتضار جامعة الدول العربية !
بقي العراق ابان النظام السابق وخلال عقد التسعينيات على وجه الخصوص يناشد هذا وذاك في ان يزوره الامين العام السابق للجامعة الدكتور عصمت عبد المجيد .. وكان الاخير يزور الكويت دوما ولا يزور العراق وبدوره لم يستطع ان يحل او يربط اي شيىء .. وكنت اسمع حتى في بعض مؤتمرات بيروت من كان يطالب علنا بتلك الزيارة للعراق ولا مجيب ابدا .. وكنت ادرك بأن النظام السابق كان يطمع بالتعاطف العربي لتوظيف ذلك اعلاميا ليس الا .. وحسنا فعل عصمت عبد المجيد .. وعندما تسّلم عمرو موسى مسؤولياته ( الضخمة ) للجامعة والتي عّول فيها الناس من مسؤولين وساسة واعلاميين ومثقفين عرب على الرجل في احداث تبديل جذري فيها .. كتبت في جريدة النهار وقت ذاك مقالة عنونتها بـ ” احتضار جامعة الدول العربية ” ، فقامت قيامة البعض وهاجمني البعض الاخر باعتبار ان الجامعة نشيطة وممتازة وتمارس قوتها الفعلية ، وكانت قناعتي معاكسة ، فمنذ اربعين سنة فقدت الجامعة مصداقيتها عربيا ودوليا ..
ومرت الايام وبرغم ما بذله الاخ عمرو موسى الا ان آماله خابت لأنه ببساطة لم يكن حياديا في معالجة الوضع العراقي ابدا ، وثمة قناعة لابد ان يعتمدها الناس متخلصين من اوهامهم بأن هذه الجامعة برغم سمو اهدافها ونبل غاياتها ، الا انها لا تستطيع ان تبلغ الحد الادنى من ذلك كله . وان قضايا ومشكلات ومعضلات عربية مزمنة وعتيقة بحاجة الى جامعة الدول العربية.. ولكن لا يمكن لمثل هذه الجامعة الميؤوس منها ان تفعل شيئا غير اطلاق تصريحات ساخنة واطلاق بيانات لف ودوران وانشطة دعائية لا تصلح الا كاريكاتيرات صحف سياسية ! بدليل ان واقع هذه الجامعة لم يعد السكوت عليه ابدا ، فهي جزء لا يتجزأ من واقع عربي تعيس في جوانبه السياسية وليس له اليوم اي مكانة معتبرة ولو بسيطة في كل ارجاء العالم على الاطلاق !
وعليه ، فلقد سمعت مؤخرا بأن ندوة اقيمت في بيروت قبل ايام من اجل اصلاح جامعة الدول العربية .. ولكن هيهات ان يصلح العرب ما افسده الدهر ، وليس امام العرب الا تشييع هذه المنظمة الكسيحة الى مثواها الاخير بعد ان اثبت الواقع عجزها عن الاداء والفعالية والحيادية والشفافية .. وان يقوم العرب مباشرة بترتيب شؤونهم من جديد من اجل تأسيس منظمة مستحدثة لها دور من نوع آخر تمثلها الحكومات والشعوب معا .. فلقد كانت جامعة الدول العربية تمثلها الاجهزة الرسمية العربية وتعكس عليها كل تبايناتها .. ووصل الامر اليوم الى ان العرب الرسميين لم يعد يعلقوا اي امل على هذه المنظمة ، فثمة ما يخيف العرب اليوم ومنذ الحادي عشر من سبتمبر 2001 ! وعليه ، اعيد واكرر ما كنت قد نشرته سابقا بأن جامعة الدول العربية في حالة احتضار ، ولم يعد لها اي فاعلية سياسية او فنية على المستوى المؤسسي او المستوى القومي !
ما الذي يمكنني قوله للعراقيين ؟
حسنا فعلتم اخوتي العراقيين ، وحسنا تصّرف مجلس الحكم الانتقالي باتاحة الفرصة للوفد ان يملأ رحلته بالزيارات والمقابلات وعقد اللقاءات بكل القوى السياسية والوان الطيف العراقي .. وشكرا للعراقيين الذين قاموا باداء واجب الضيافة للاخوة العرب من اعضاء الوفد الذين استعجلوا الوصول الى ارض بلاد الرافدين ليحسموا الامور المعّلقة والتي كانت تنتظرهم بالفعل .. ولم يغادروا حتى عاد العراق حرا طليقا بكل سيادته ومكانته بين الامم .. ذلك ان مكانته لم تزل مهزوزة في اروقة الجامعة العربية ! وكان على العراقيين ان يشكروا الوفد الذي تجشم عناء السفر ليقف على حقائق عراقية .. وانا واثق كامل الثقة بأن المساكين من اعضاء الوفد الذين اخذوهم يمينا وشمالا ما زالوا لا يميزون بين المقاومة والارهاب ! كما وانهم لم يفرزوا مشكلات المثلث السني او المربع الكردي او المستطيل الشيعي .. وهم يتعاملون ليس مع مصطلحات بل مع حقائق متشابكة ومختلطة ومعقدة لم يفهمومها اصلا ، فكيف باستطاعتهم ايجاد حلول لها !
واعود اليكم ايها العراقيون الذين ما زال منكم من هو ساذج سياسيا حتى اليوم ويا للاسف الشديد : هل تعتقدون بأن احاديثكم الجادة ولقاءاتكم المكثفة واهتماماتكم التي فاقت التصور بهذا الوفد الذي يقوده بن حّلي .. انه قد فهم شيئا يذكر من اختلاط الاوراق العراقية بالشكل الذي هي عليه الان ؟ وهل تعتقدون بأن جامعة الدول العربية لها من القوة والشجاعة السياسية على المستوى العربي والاقليمي والدولي ان تبارك اعمال ( المقاومة ) ضد الولايات المتحدة الامريكية وقوى التحالف معها ؟ وهل تعتقدون – كما يعتقد الساذجون السياسيون – من شتى اصناف التيارات المتنوعة في هذا العالم العربي ان باستطاعة الجامعة تقديم حلول ومشروعات سياسية متكاملة يمكن ان تعد اجندة عمل للعراقيين في تشكيل العراق الجديد ؟؟ ايها العراقيون : ثقوا بأن اعضاء الوفد قد نسوا وهم يغادرون حدودكم كل ما سمعوه من طنينكم وتذمركم .. بل وربما قالوا : ما لنا وهذا الوضع ؟ او تضاحكوا في ما بينهم كالعادة السمجة التي يشتهر بها العرب ازاء نكباتهم في ما بينهم .
كونوا اذكياء كما عهدكم تاريخكم ايها العراقيون ، فأنتم الوحيدون الذين ستحققون امنياتكم .. وانتم فقط الذين يمكنكم العمل السياسي او غيره من اجل نيل سيادتكم واستقلالكم .. وانتم وحدكم فقط الذين ستعملون على حل مشكلاتكم .. ان جامعة الدول العربية ممثلة بوفدها المحترم سوف لن تفعل شيئا ما عدا اللهم كتابة تقرير انشائي مليىء بالاخطاء ووجهات النظر لا المعلومالت الحقيقية .. ناهيكم عن اخبار صحفية وسحب صور تذكارية او اذاعة اخبار تلفزيونية ملونة كما جرت العادة العربية .. وما كانت لتصنع شيئا ذي بال حتى لو تشّرف الامين العام نفسه السيد عمرو موسى بترأس الوفد واعتقد بأن هذا هو جزء من واجبه ازاء الامة العربية وقضاياها المصيرية ، ولكن فاقد الشيء لا يعطيه ابدا مع العذر .. وهنا لابد من اسداء الشكر والتقدير على الجهود التي بذلتها جامعة الدول العربية وعلى مواقفها من الشعب العراقي في مسيرته المنكوبة على امتداد اربعين سنة ومواقفها من شعوب اخرى .. ووصيتي للاخوة العراقيين ان يترفعوا جدا في التعامل مع من لم يقف معهم في محنتهم ، بل ومع من لم يتجرد ليدرج مبادرة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان التي تعتبر الوحيدة والشجاعة العربية وسط صمت رحاب تلك الجامعة التي لا تمثلها الا الاصنام المتحجرة والمتخشبة ! وكذلك اناشد العراقيين ان كانوا بحاجة لأمر ما من العرب وجامعتهم فليسألوا من دون ان يكلفوا انفسهم طرق الابواب العربية .. ليسألوا اصحاب الشأن الامريكان ، فهم الوحيدون الذين باستطاعتهم املاء الشروط على تلك الجامعة وممثليها .. وان التاريخ سيسجل باحرف داكنة سوداء مواقف جامعة الدول العربية منذ تأسيسها حتى اليوم من شعب العراق وقضاياه .. فالشعب هو صاحب المصالح الحقيقية والمصيرية مع تبدل السلطات والانظمة السياسية .. وهذه المعادلة لم تدركها حتى يومنا هذا تلك الجامعة الهزيلة التي عاشت حياتها كلها في ظل الوصاية عليها .
واخيرا : ماذا اقول ؟
وآخر ما يمكنني قوله للعراقيين والاخوة العرب : انكم لابد ان تكونوا بانتظار نتائج زيارة هذا الوفد الى العراق ، وهل باستطاعة هذا الوفد ان يوصي منظمته بما سمعه وشهده من العراقيين الذين صحيح كونهم يرزحون اليوم تحت الاحتلال ، ولكنهم كانوا يعيشون الى امد قريب في ظل حكم جائر رحل بعد ان ترك تركة ثقيلة لا يمكن تخيلها وتخيل اوضارها ، متمنين ان تتحقق امنيات العراقيين باعادة بناء العراق واستعادة دوره الحيوي في المنطقة والعالم باسره وخلق الاستحقاقات الموعودة وتكوين النظام السياسي الدستوري الجديد .. والوقوف الى جانب الشعب العراقي في الخلاص من كل آثام الحروب المأساوية والانتصار على كل التحديات وصيغ الاحتلال من خلال الاستقلال والسيادة والدستور وتحقيق فرص الديمقراطية والاعمار وتجديد كل المؤسسات في المجتمع المدني .. فهل سيتحقق ذلك من قبل جامعة الدول العربية ؟ انني اشك في ذلك !

( نشرت في ايلاف يوم الاربعاء 24 ديسمبر 2003 ) .

وثيقة السيد عمرو موسى :
الامة العربية ليست بحاجة الى عهود وبلاغات
انها بحاجة الى تبدلات حقيقية

لقد طال احتضار جامعة الدول العربية !
لقد كتبت قبل اندلاع الحرب الامريكية واقتلاع نظام الحكم السابق في العراق مقالة عنوانها ( احتضار جامعة الدول العربية : البديل : مشروع بناء منظومة حيوية جديدة متكافئة ) ونشرتها في جريدة النهار البيروتية يوم 14 يناير 2003 .. اوضحت فيها فشل هذه المنظمة فشلا ذريعا في ترتيب البيت العربي واخفاقها في المساهمة بحل مشكلاته والعمل على تحقيق الاهداف المرجوة التي نادى بها المؤسسون العرب الاوائل وطلبت في مقالتي تلك تشييع هذه ” الجامعة ” الى مثواها الاخير وخلق بديل حقيقي لها بتأسيس او بناء منظومة حيوية عربية جديدة ومتكافئة بين الاعضاء تعتمد الاساليب الجديدة والعناصر الاساسية للمصالح العربية العليا وقلت بالحرف الواحد : ” هل من تأسيس نظام متكافئ عربي جديد ؟
واستطردت قائلا :
” نعم هذا هو السؤال الحقيقي الذي يفرض علينا نفسه اليوم . وثمة أسئلة أخرى لابد من إثارتها حاليا والمنطقة تعيش في أحرج ظروفها وهي على أبواب متغيرات تاريخية قوية وثقيلة : متى يتعلم العرب العبر والدروس ؟ ومتى يمكنهم أن يمتلكوا الرؤية بعيدة النظر وكأنهم لم يدخلوا مع كل هذا العالم القرن الواحد والعشرين ؟ هل باستطاعتهم اليوم وبعد كل ما يجدونه في واقعهم المضني أن يعيدوا التفكير في مخلفات القرن الماضي وجامعة الدول العربية في مقدمة تلك المخلفات ؟ هل باستطاعتهم أن يكونوا شجعانا كآبائهم الصيد من اجل أن يغلبوا مصالحهم المشتركة العليا على منافعهم المجتزئة الدنيا ؟ هل باستطاعتهم أن يكفوا عن تقديس المركزية والأبوية والنرجسية التي خربت بيوتهم ومن ثم يعملون على إلغاء منظمات الماضي وأحزابه وأفكاره .. من اجل البدء حقيقة بنظام تاريخي جديد وأصيل ونزيه يوفر البدائل البراغماتية واللامركزية والكتلوية والحيوية والسريعة والمتجانسة والمنفتحة من اجل خلق منظومة جيو استراتيجية اقتصادية جديدة في المنطقة مؤهلة للتعامل مع منطلقات هذا العالم والاستجابة لكل تحدياته المتنوعة التي تصعقنا سياسيا واقتصاديا وإعلاميا ؟؟ ”
واختتمت مقالتي بالقول : ” هل يمكننا أن نشّيع جامعة الدول العربية إلى مثواها الأخير معززة مكرمة كي تنبثق منظومة هيئة جديدة بكل أبعادها ومواثيقها الجديدة لتفرض نفسها ضمن أساليب تضامنية جديدة لا تمت بصلة إلى المشروع القديم الذي عفا عليه الزمن ؟؟ إن المخلفات القديمة في طريقها للزوال شئنا أم أبينا على أيدي أبناء الجيل الجديد الذي سيتولى ميادين الحياة بعد انتهاء العقد الأول من هذا القرن وستمضي مع تلك المخلفات كل تلك الأجناس المتخلفة من البشر الذين ضيعوا أمتهم في أسواق المؤدلجات والشعارات والسياسات الفضفاضة وستموت أصواتهم المجعجعة والمجلجلة عاجلا أم آجلا كي يبدأ عالمنا يعيد التفكير من جديد في ضوء وعي جديد تلزمه إياه صعقات من التحديات وصدمات من التجارب والدروس المريرة واثقال من الحاجات الكبرى !
إن الحاجة التاريخية باتت ماسة اليوم إلى أن يبدأ التفكير في واحدة من أهم المنظمات العربية التي أوجدها العرب اثر الحرب العالمية الثانية وكانوا يعيشون تحديات من نوع آخر ، ولما غدت مجموعة الدراسات والمعلومات واستطلاعات الرأي تعلمنا بأن جامعة الدول العربية باتت كسيحة لا نفع لميثاقها وهي عاجزة منذ زمن طويل عن حل المشكلات العربية ، بل وأنها غدت في كثير من الظروف سببا في المزيد من الاخفاقات في أيجاد علاجات مهمة وفي ضوء أزمة دولنة مشكلاتنا الصعبة في العالم اليوم .. كما وبدأ بعض الأعضاء يفكرون بالانسحاب منها ، فالأسلم لها ولأصحابها أن يعيدوا التفكير في مصيرها المحتوم . ” ( النهار في 14 يناير 2003 )
لقد انبرى ضدي وقت ذاك سعادة سفير المملكة العربية السعودية في لبنان لينشر رده علي في جريدة النهار مدافعا عن الجامعة العربية بكل ما لها وما عليها .. ومرت الاحداث التاريخية الصعبة وسقط النظام العراقي الجائر الذي وقفت الجامعة معه حتى النهاية من دون مراعاة تطلعات وامنيات الشعب العراقي واقحامه في حرب غير متكافئة ابدا ، وكان يمكن تفاديها لو توفرت ارادة جماعية عربية ضد النظام السابق .. ولكن هذا لم يحدث ابدا ! وعندما احتلت الولايات المتحدة الامريكية وصنعت واقعا جديدا في المنطقة بدأت تتحدث عن تغيير المنطقة وكان آخر ما طرحته مشروع الشرق الاوسط الكبير بعد ان وجدت ان التدخل في المصائر العربية من السهولة بمكان .. وما دام العرب لا يسمعون اي كلام وليس لديهم الا الشعارات والاكاذيب بالتغيير وما يسمونه بـ ” الاصلاح ” .
العرب ازاء مشروع الشرق الاوسط الكبير
اليوم وعند مطلع 2004 ، طرحت الولايات المتحدة الامريكية مشروع الشرق الاوسط الكبير الذي تناولته الاقلام العربية كالعادة من دون ان يكون بمقدورها فعل اي شيىء ابدا كما هي العادة من دون ان يلتفت العرب الى ما يمكن فعله مع زعمائهم من اجل اجراء تغيير حقيقي كنا وما زلنا ننادي به ونطالب به قبل ان تأتي الولايات المتحدة الامريكية لتفرض مشروعها علينا من الخارج ! لقد انبرى بعض الزعماء العرب ليعلنوا رفضهم للمشروع الامريكي واعتقد ان ليس باستطاعتهم ايقافها عن تأسيس ما تريد امريكا تحقيقه لأنهم اضعف من ان يصدوها عن سبيلها !
وثيقة عمرو موسى : عهد وبلاغ للامة العربية
المهم ان التحرك الذي طالعتنا به الاعلاميات العربية بشأن مشروع وثيقة اسميت بـ ” عهد وبلاغ للامة العربية ” اعدها السيد عمرو موسى الامين العام لجامعة الدول العربية وطرحها على الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب الذي التأم في جلسة افتتاحية مغلقة بمقر الجامعة العربية بالقاهرة .. وسط تحفظات خليجية على ادائه اصلا ! فهل لنا ان نقف قليلا عند هذه ” الوثيقة ” لنفككها ونحللها ونتفحص مدى قدرتها وصلاحها من اجل تغيير الشرق الاوسط عربيا صغيرا ازاء مشروع صارم بتغيير الشرق الاوسط امريكيا كبيرا ؟؟
الاقتراحات :
تقترح ” الوثيقة ” إضافة عدد من الملاحق إلى ميثاق الجامعة العربية ، وهي:
اولا ـ انشاء البرلمان العربي.
ثانيا ـ انشاء مجلس الامن العربي.
ثالثا ـ تعزيز العمل الاقتصادي العربي المشترك.
رابعا ـ تطوير المجلس الاقتصادي والاجتماعي.
خامسا ـ انشاء المصرف العربي للاستثمار والتنمية.
سادسا ـ النظام الاساسي لمحكمة العدل العربية.
سابعا ـ انشاء هيئة متابعة تنفيذ القرارات.
ثامنا ـ نظام اعتماد القرارات في جامعة الدول العربية.
تاسعا ـ اقامة المجلس الاعلى للثقافة العربية.
ومن المقرر أن يجري بحث مقترحات عمرو موسى خلال اجتماع الدورة الاستثنائية لمجلس وزراء الخارجية العرب الي يلتئم اليوم برئاسة وزير الخارجية المصري أحمد ماهر ومشاركة وزراء خارجية كافة الدول العربية، إضافة إلى عمرو موسى، وهو الاجتماع الذي خصص لاعادة هيكلة وتطوير منظومة وآليات العمل العربي المشترك، وذلك بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة وعلى مدى يومين. هذا ما اورده الاخ نبيل شرف الدين في تقريره عن الوثيقة التي يود عمرو موسى ان يطرحها على مؤتمر وزراء الخارجية العرب من اجل الموافقة على بنودها من قبل الزعماء العرب الذين سيجتمعون في مؤتمرهم اقادم في تونس !
دعوني ارد على وثيقة عمرو موسى
دعوني اقول بأن هذه ” الوثيقة ” سوف لن تقدم ابدا حياتنا العربية ، بل ستهمل حالها حال كل المشروعات التي اهملت وزادت من تأخر هذه الامة المنكودة باناس لا يعوون حقيقة الاوضاع ولا يهوون الا الكلام المنمق والانشائيات الضحلة وصناعة المفذلكات الخطابية التي اعتدنا عليها منذ نصف قرن ..
اولا : برلمان عربي : اضحوكة جديدة
وانا اسأل بدوري المتواضع السيد عمرو موسى : هل هناك برلمانات عربية حقيقية في الدول التي تتكلم باسمها حتى تقترح انشاء برلمان عربي ؟ وباسم من ؟ وما هي آليات هذا البرلمان ؟ وما هي اساليب وجوده ؟ واذا وافق العرب على تشكيله .. فكيف سيتم انتخاب اعضاؤه ؟ هل ستنتخبهم الشعوب ان استطاعت ذلك وان لم تستطع هي نفسها حتى اليوم كيف تنتخب ممثليها في بلدانها ؟ ام ان الدول ستعّين اعضاء البرلمان العربي ؟ وعند ذاك ، هل يمكن تسميته ببرلمان ؟ لابد ان نحترم انفسنا كعرب يا عمرو موسى قبل ان نهّرج بشعارات كالتي الفناها على مدى خمسين سنة ! لنكن عقلاء ونحترم عقلية النخب والفئات والجماهير العربية ..
ثانيا : مجلس امن عربي : تكريس الوصاية
وتقترح ثانيا انشاء مجلس امن عربي .. وتريد من الدول العربية التي هي متساوية في عضويتها بمجلس الجامعة العربية الموافقة على ذلك ؟ هل يمكن ان تقنع عربيا واحدا بأن اي دولة عربية احسن من الاخرى حتى تقترح هكذا اقتراح سقيم ؟ اتريد ان تفرض وصاية دول بعينها على حياتنا العربية ؟ الا يكفي ما فعلته وصاية دول بعينها على دول اخرى على امتداد خمسين سنة ؟ الا يكفي ما مارسته دول بعينها من دعارات اعلامية باسم القومية العربية وباسم الثورة العربية وباسم الامة العربية ضد الدول الرجعية والدول العميلة ؟ هل تريد القول ان مشكلاتنا العربية الصعبة سيحلها مجلس الامن العربي ؟ لو نجحت هكذا فكرة لكان سرقها العرب من الذين جعلوا من انفسهم اوصياء على الامة العربية وتكلموا باسمها وتصرفوا نيابة عنها .. نعم لكانوا سرقوها منذ زمن طويل واوجدوا هكذا مجلس اوصياء على غرار مجلس الامن الدولي .. ولكنهم كما يبدو كانوا برغم جنونهم اعقل من العرب اليوم بكثير برغم كل تصرفاتهم وتدخلاتهم !!
ثالثا : وماذا تقترح ايضا من اجل التصويت عليه ؟
نعم ، تعزيز العمل الاقتصادي العربي المشترك.. جيد جدا ، ولكن استخدام شعار قديم عمره خمسين سنة بأي آليات يا اميننا العام ؟ وبأي اساليب ؟ انه ليس شعارا نرفعه من اجل ان نخدع شعوبنا قبل ان نخدع العالم اننا من الحرص بمكان على اصلاح البيت العربي ! البيت العربي يا اخي عمرو موسى متهرىء بحاجة الى تغيير حقيقي وليس بحاجة الى ترديد شعارات من دون نفع .. وقلت بتطوير المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي كان قد لازمه امر آخر منذ خمسين سنة هو الدفاع العربي المشترك الذي اهملته ولم تشر اليه ! واعتقد ان العرب لو عرفوا تاريخ هذا المجلس وعرفوا ما جرى فيه على امتداد عقود من السنين .. ولو عرف العرب بأن المبادىء التي نادت بها جامعة الدول العربية من خلال هذا المجلس واتفاقية الدفاع العربي المشترك لم توظّف ابدا في اي يوم من الايام فسيقولون لعمرو موسى واضرابه اننا لا نريد هكذا مجلس ولا نريد تطويره ابدا !! لو علم العرب ما جرى باسم هذا المجلس وباسم تعزيز العمل الاقتصادي العربي المشترك لقالوا : هاتوا لنا صيغة اخرى من الشراكة العربية لنتعامل مع بعضنا البعض من دون هكذا مجلس له تاريخ مليىء بالاثام !
رابعا : التنمية العربية ليست بحاجة الى جامعة الدول العربية
اما بصدد الاستثمار والتنمية فلا ارى ان هناك ثمة حاجة لانشاء مصرف في اطار اصلاح الجامعة العربية ! ابدا ابدا .. ليزدهر الاستثمار والتنمية العربية بخلق مصارف وبنوك وحركة انتقالات مالية وخلق استثمارات عربية بعيدا عن القيود التي الفناها في الجامعة العربية التي لم تلتزم مشروعا الا وتفشله ..
خامسا : محكمة العدل العربية : اضحوكة اخرى
اما الطلب على مقترح النظام الاساسي لمحكمة العدل العربية ، فهو امر مضحك حقا ! هل يريد الاخ عمرو موسى ان يفهمنا ان باستطاعة جامعة الدول العربية تأسيس محكمة عدل عربية تنبثق منها لحل مشكلات عربية .. وهو يدرك تماما ان مشكلات حدودية وبحرية عربية عربية لا تحل الا من خلال محكمة العدل الدولية .. فكيف اذا كانت هناك مشكلات اقليمية ودولية ؟ هل يريد ان يفهمنا ان المرض في دولنا وشعوبنا لا في منظمته التي اسمها جامعة الدول العربية ؟ هل يريد ان يعلمنا بأن منظمته هذه تشابه وعلى قدم المساواة مع هيئة الامم المتحدة ؟ هل يريد ان يخلق من قبل دول عربية معينة محكمة عدل عربية ليحاكم دول اخرى ؟
سادسا : جامعة الدول العربية منظمة وليست دولة
ان العرب ليسوا بحاجة الى هيئات للمتابعة والتنفيذ وكأن جامعة الدول العربية لها سلطات تشريعية وتنفيذية .. وليست بحاجة الى نظام اعتماد القرارات .. على العرب ان يدركوا ان ثمة اولويات لابد من الاتفاق عليها فان لم يتفقوا عليها ، فكل ما يقترحونه ويصفقون له ويدعون العمل به هو من قبل الاكاذيب .. عليهم ان يتفقوا على ثوابت اساسية واهداف جديدة ! عليهم ان يراجعوا ببساطة ما كان العرب القدماء قد اقروه قبل اكثر من خمسين سنة .. هل ما زال العرب حتى اليوم يؤمنون بنفس الاهداف والمبادىء ؟ واذا آمنوا بها فهل عندهم القدرة على تحقيقها بعد ان فشل العرب على مدى نصف قرن في تحقيق عشر معشارها ان لم يكونوا قد تراجعوا بالامة مئات السنين الى الوراء ؟ هل يريد العرب البقاء اسرى شعارات واوهام مع احترامي للثوابت الاساسية التي اؤمن بها ، ام هل لديهم القدرة على الاعتراف انهم ابناء واقع جديد فرضته عليهم المتغيرات الجديدة التي تريد فرض اجندتها عليهم شاؤوا ام ابوا ؟
سابعا : الثقافة العربية ليست بحاجة الى مجالس وتكايا وزوايا
وماذا سيفعل مجلس اعلى للثقافة العربية غير تبديد الاموال وعقد المؤتمرات التافهة التي يرددون فيها كليشيهات وشعارات وانشائيات وبلاغيات ومواعظ ؟؟ ماذا سيفعل مثل هكذا مجلس مع وجود اتحادات ومنظمات ومؤسسات ثقافية وفكرية عربية لا ترفع ولا تحط من شأن الثقافة العربية ؟ انني مع اي خلق جديد يخدم الحياة المعاصرة لهذه الامة .. ولكن ليس باثواب قديمة مرقعة .. انني اطمح الى تأسيس دائرة عربية بسيطة للمعلومات تخلق حركة اتصالات بين المؤسسات الثقافية والفكرية العربية وستكون اجدى بكثير من مجلس اعلى ! لقد انبثقت عن جامعة لدول العربية عدة منظمات ثقافية وصدرت مجلات وعقدت مؤتمرات وطبعت مشروعات للثقافة العربية بمجلدات .. اسأل من باب تحصيل حاصل : ما الذي جنته الامة العربية من وراء كل ذلك ؟ هل استفادت النخب المثقفة العربية منها ؟ ام لم تكن جميعا غير بلع اموال ونهب منظم لها ليس اّلا ؟ اسألك يا اخي عمرو موسى : مشروع واحد لتأليف كتاب في تاريخ الامة العربية لم يصدر حتى الان بعد ان انفقت عليه جامعة الدول العربية الملايين منذ سنوات وكان لي شرف المساهمة به ولم يزل يراوح باجتماعات تلو اخرى .. وما زال وسيبقى مشروعا كسيحا يتبدل المسؤولون عنه بين زمن واخر ونفقاته جارية ؟ وتريد تأسيس مجلس اعلى للثقافة العربية من اجل مشروعات كسيحة ليس لها غير رصد الاموال ؟؟
مسافات بعيدة بينكم وبين الواقع
ان الاخ عمرو موسى يغرد بعيدا خارج سرب هذه الامة التي اعتقد انها لا تريد وصفات بدائية او مشوهة او منقولة ان لم نقل مسروقة عن منظمات اخرى في العالم .. انها لا تريد اضفاء ملاحق على النظام الاساسي لجامعة الدول العربية .. انني اعتقد بأن هذه الامة بحاجة ماسة اليوم الى الغاء النظام الاساسي القديم لهذه المنظمة .. وتأسيس نظام اساسي جديد يتماشى مع روح هذا العصر ، يخلق شراكة حقيقية وحيوية بين اجزاء هذه الامة .. يلزم الامة بمبادىء جديدة لا تخرج عن ثوابتها الاساسية ولكنها تعمل على خلق بدائل من اجل تأسيس واقع جديد ! ان الامة العربية بحاجة الى بيروسترويكا اصلاحية متجذرة لاقتلاع كل العفونات وكل ما تعارف عليه العرب من اساليب رديئة وبدائية .. وخلق حركة غلاسنوست من الشفافية السياسية لتعزيز فرص المجموعات والفوريومات النخبوية العربية .. ان مسافات بعيدة تفصل بينكم وبين الواقع فالامة ومشكلاتها اليوم لا يمكنها ان تعالج بهكذا اساليب قديمة لا يلتفت اليها العرب انفسهم فكيف يلتفت العالم اليها .. واذا ما اقتنع بها الزعماء العرب ، فان خدعة كبيرة تمارس معهم لتمرير مشروعات بليدة من خلالهم باسم الاصلاح والبلاغ والعهود .. وما شابه ذلك من التوصيفات .
وماذا تريد ” الوثيقة ” ايضا ؟
اولا : وتتضمن وثيقة موسى المعنونة باسم (عهد وبلاغ إلى الامة العربية) “تأكيد قادة الدول العربية بمقتضى هذا العهد على انقاذ الاجيال المقبلة من ويلات الفرقة والتناحر والذي جلب على امتنا العربية والاسلامية الكوارث والمحن، والعمل متضامنين ومتحدين لتحقيق السلام العادل والشامل في منطقتنا، سلام يقوم على مبادئ الحق والشرعية الدولية وتحرير الارض العربية المحتلة”، على حد ما ورد في الوثيقة.
يتبع الجزء الثاني

روابط الأجزاء المكملة
الجامعة العربية .. اشتراطات التغيير في القرن العشرين 2 
الجامعة العربية… اشتراطات التغيير في القرن الجادي والعشرين 3 
الجامعة العربية.. اشتراطات التغيير في القرن الحادي والعشرين 4

شاهد أيضاً

الجامعة العربية